عيد الغطاس.. لماذا نأكل القصب والقلقاس اليوم؟

سامى وهيب
سامى وهيب
بقلم : سامى وهيب
لعلّك سمعت ورأيت ومارست هذه العادة الشهيرة، أن تأكل القلقاس والقصب فى موسم انتشارهما، بعد عيد الميلاد المجيد بأسبوعين تقريبا، وربما تخيلت أن لهذه العادة المسيحية أصلا فى الكتاب المقدس، ولكن الحقيقة أنه لا أصل لها فى الأناجيل والرسائل على تنوعها، ولكن لها معانٍ روحية عديدة وملهمة وتؤكد رسائل الله ويسوع والرسل لجموع البشر.
 
يُعرف عيد الغطاس باسم "عيد الثيوفانا"، أى الظهور الإلهى، وذلك لأن الأقانيم الثلاثة "الآب والابن والروح القدس" ظهرت فيه.
 
وفى هذا العيد يأكل المسيحيون أنواعا معينة من الأطعمة، لعل أشهرها وأوسعها انتشارا القلقاس والقصب والبرتقال.
 
القلقاس مادة سامة ومضرة بالحنجرة فى شكلها الأصلى "المادة الهلامية"، لكن هذه المادة إذا اختلطت بالماء تحولت لمادة نافعة ومغذية، والأمر فى النظرة الدينية لا يختلف عن هذا أيضا، فنحن من خلال الماء "المعمودية" نحوز سرا من أسرار الكنيسة، وبه نتطهر من سموم الخطية كما يتطهر "القلقاس" من مادته السامة.
 
"القلقاس" كنوع من الدرنيات، يُدفن فى الأرض، ثم يصعد ليصير طعاما، وهو بهذا يسبه سر المعمودية، لأنها دفن أو موت، وقيامة مع المسيح، ولهذا يقول معلمنا بولس الرسول: "مدفونين معه فى المعمودية التى فيها أقمتم أيضا معه"، وأيضا "بالمعمودية نخلع ثياب الخطية أو الإنسان العتيق ونلبس ثياب الطهارة والقداسة" (كو 2: 12) (رو 6: 4).
 
لا يؤكل القلقاس إلا بعد خلع القشرة الخارجية، فدون تعريته من تلك القشرة السميكة لا فائدة له، ونحن فى المعمودية نخلع ثياب الخطية لنلبس - بسر المعمودية - ثيابا جديدة الفاخرة، ثياب الطهارة والنقاوة، لنصير "أبناء الله".
 
وفى قصة تاريخية متداولة بالصعيد، ضمن الفولكلور المصرى بالغ الثراء، يُقال أن مسيحيى الصعيد كانوا يأكلون القلقاس عقب قداس عيد الغطاس، ثم يحملون آنيتهم وأطباقهم إلى سطوح منازلهم، تاركينها للندى والمطر الذى كان يهطل كثيرا فى هذه الفترة، ليغسلها من أثر القلقاس، وإذ أمطرت السماء وغسلت الآنية، كان ذلك تأكيدا لغسيل الخطية، وقبول السماء، وبشارة بعام خير ومحبة.
 
هذا عن القلقاس، فماذا عن القصب وارتباطه بعيد الغطاس؟
القصب أبيض القلب "حلو الطعم"، وفى هذه المناسبة الدينية الروحية نستحضره، كنبات ينمو فى الأماكن الحارة ذات الأجواء الجافة، ليذكرنا بأن حرارة الروح تُنضج الإنسان، وتجعله ينمو ويتدرج على رحلة الصعود الروحى، ويرتفع باستقامة كاستقامة هذا النبات "القصب".
 
يتكاثر القصب بطريق "العُقَل الساقية"، إذ تُغرس هذه العُقَل فى التربة، ليخرج منها نبات كامل حى، وهذا رمز آخر للمعمودية، كما ينقسم "القصب" لعقلات، وكل عقلة فضيلة اكتسبها فى كل مرحلة عمرية حتى وصل لهذا العلو، وهو ما يمكن للإنسان أن يتمثّله فى مراحل "عُقلات " حياته .
 
فى عود القصب الممتد فى صلابة ظاهرة، يختبئ ليّن طيّب، وطعم أطيب، وقلب أبيض، هكذا لا يبدو ظاهر الشيء دليلا نهائيا على باطنه، تماما كالإنسان الذى مهما فعلت به الحياة أفاعيلها، أو جار الزمان عليه، سيقف صلبا شامخا، ربما تتعقد ملامحه ولا تنبسط أساريره، ولكنه سيظل من الداخل، وفى عمق الروح، ليّنا وأبيض وذا طعم إنسانى جميل، فجوهر "الحلاوة" والبياض واللين، فى قلوب نقية، تخلص ليسوع، وتتطلع لأمجاده السماوية، وتعتصر نفسها من أجل الآخرين، كما كان المسيح الفادى.
 
ضمن طقوس عيد الغطاس أيضا، يحضر البرتقال واحدا من مفردات وتفاصيل وأطعمة عيد المعمودية أو عيد الخروج الإلهى.
 
إذا كان القلقاس يلين ويتحول من الضرر للفائدة بالماء، فإن البرتقال يختزن الماء فى داخله، فكأنه الطهارة المخبوءة فى قلب المؤمن، ومن هذا اللين الداخلى، الذى ينعكس على الخارج أيضا، تًصنع من قشر البرتقال فوانيس يُوضع فيها شمع على هيئة "صليب" محفور فى جسد البرتقالة، فكأن هذه القشرة خبز التناول، أو لحم يسوع، وكأن ماءها النبيذ أو دم المسيح الفادى، وهكذا يتحول الطعام من مجرد وجبة لسد الجوع، إلى طقس روحانى وإشارات إيمانية، وتجسيد حىّ لتشابه مخلوقات الله فى جوهرها، سواء كانت بشرا، أو نباتا وفاكهة.
وكل سنة وأنتم طيبون.. ومبتهجون بالقلقاس والقصب والبرتقال .

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ترتيب مجموعة تحديد البطل فى دوري nile قبل انطلاق الجولة الأخيرة

ريان رينولدز يقترح على ديزني فيلم "حرب النجوم" للبالغين.. اعرف الحكاية

مواعيد القطارات على خط القاهرة أسوان والإسكندرية أسوان والعكس

"أسابيع فى عش الزوجية".. صراع بين زوج وزوجته بسبب المصوغات تنتهى بطلب الطلاق

ملخص وأهداف مباراة مان يونايتد ضد أستون فيلا 2-0 في الدوري الإنجليزي


ترامب: قد يكون لدينا أخبار سارة مع حركة حماس بشأن قطاع غزة

موعد مباراة الزمالك وفاركو فى الدوري والقناة الناقلة

أخبار 24 ساعة..رفض 48 دعوى ضد قرار وزير التعليم بهيكلة المرحلة الثانوية

تأجيل محاكمة سفاح المعمورة لجلسة الثلاثاء المقبل لاستكمال سماع الشهود

هلال ذى الحجة لعام 1446 هجريا يولد الثلاثاء المقبل.. 7 لجان تستطلعه بالتنسيق مع دار الإفتاء.. المفتى يعلن موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى 2025 بعد غروب شمس يوم الرؤية.. والجمعة 6 يونيو أول أيام العيد فلكيا


فحص الكاميرات والاستماع لأقوال الأسرة حول العثور على جثة حفيد نوال الدجوى

الأردن يسمح لمواطنيه بالسفر برا إلى سوريا دون موافقة مسبقة

لحظة وصول جثمان حفيد نوال الدجوى وأسرته لمشرحة زينهم

وزير العمل يعلن تطورات إيجابية بشأن عامل مصرى عنفه صاحب عمل سعودى

إخلاء سبيل طفل المرور فى واقعة التعدى على طالب بالمقطم بكفالة 20 ألف جنيه

متحدث الوزراء يكشف حقيقة إلغاء شهادات الحلال على اللحوم والألبان

أول صور لحفيد نوال الدجوي بعد العثور على جثته مصابا بطلق ناري

الأهلي ملك البطولات في العالم بعد هدية أبردين الأسكتلندي

مصادر أمنية: العثور على جثة حفيد نوال الدجوي مصابًا بطلق نارى بمسكنه بأكتوبر

الأعلى للإعلام: اعتماد قرار قناة TEN بالإيقاف الفوري لرضا عبدالعال

لا يفوتك


صحوة أوروبية.. هل يتم اغتنامها؟

صحوة أوروبية.. هل يتم اغتنامها؟ الإثنين، 26 مايو 2025 12:57 ص

المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى