"أنت مش فاهم حاجة ياعم صلاح".. عبده زكى يكتب: كيف يتوهم الإرهابى امتلاكه للحقيقة الكاملة؟.. الجملة تعبّر عن يقين المجرم بأننا جهلة ومصيرنا للنار.. ونحتاج ثورة دينية وثقافية ورياضية قبل انتشار "أسيوط التسعينات"

عم صلاح
عم صلاح

"أنت مش فاهم حاجة".. جملة قالها وبمنتهى الثقة واليقين الإرهابى الذى استهدف الشرطة والأقباط فى حادث كنيسة مار مينا بحلوان صبيحة يوم الجمعة الماضى للحاج صلاح الموجى، بعدما انقض عليه.. وهى جملة مرت مرور الكرام ربما على آذان غالبية من سمعها من "عم صلاح" وفهمها الجميع على أن الإرهابى استهدف من خلالها الإفلات لمواصلة القتل أو الهروب وهذا غير صحيح ولا يجب فهمها بهذا القدر من السطحية.

والإرهابى عندما قال: "أنت مش فاهم حاجة" كان على يقين بأن "عم صلاح" فعلا لا يفهم شيئا وأنه متخلف وأننا جميعا متخلفون وسطحيون ولا نعرف من الحقيقة شيئا ، فالإرهابى ومن فى زمرته يدركون تماما أن ما دونهم فى النار لا محالة لجهلهم بتعاليم الدين ومعصيتهم لأوامر السماء ورسول الإسلام.. لا فرق لديه بين المسيحيين واليهود والبوذيين والمسلمين.. هو لا يعتبرهم مسلمون بل كفارا كعبدة الأوثان والنار والبقر وهو نادم على سنوات عمره الماضية تلك التى عاشها كالأنعام بل أضل سبيلا.

لكن السؤال المحير: كيف وصل هذا الإرهابى وكل إرهابى إلى هذا المستوى من اليقين؟ وكيف يتحول الإرهابى إلى كاره للحياة ؟ وكيف يستطيع إنهاء حياته مبتسما ؟ بل ما الدافع إلى تنافس الإرهابيون للانتحار الذى يسمونه استشهاد؟

فى تسعينات القرن الماضى نشط الإرهاب فى أسيوط وأذكر أن شبابا وأطفالا بالملايين شعروا بإعجاب تجاه فكر الجماعة الإسلامية المرتكز على السعى نحو تطبيق الشريعة الإسلامية وتكفير الحاكم واستباحة دم الشرطة والأقباط وغير الملتزمين دينيا.

كان شباب الإرهابيون فى المدارس خاصة الثانوية يقيمون ما يطلق عليه حلقات العلم والذكر.. يقف الداعية التلميذ ويصلى ويسلم على رسول الله ويبدأ فى الحديث فيلتف حوله الطلاب يسمعون الدرس.. درس الصباح ودرس الفسحة ودرس آخر اليوم الدراسى.. وترى الإعجاب فى أعين بعض التلاميذ وبمرور الوقت ينضم جدد إلى ما يسمونه الدعوة.. كان الداعية التلميذ يردد يوميا جملة أذكرها جيدا وهى" نعم نحن إرهابيين لأننا نرهب أعداء الله ورسوله" وهو يقصد أن الشرطة والجيش والمطربين والموسيقيين وغيرهم أعداء الله.

وأتصور أن هذا الفكر اخترق قلوب كثيرون من الشباب والأطفال وأصبح كل منهم داعية فى قريته وحارته يدعو فى البداية للصلاة ثم يدعو للصلاة فى مساجد بعينها وبعدها يحرض على مهاجمة وحرق الأضرحة والكنائس ولأن الفكر المتطرف عدوى فقد تقوقع الشباب المسيحيين فى مجتمعاتهم أيضا يقلدون الإرهابيين ويقيمون حلقات الذكر ولولا فضل الله وقتها ونجاح الأجهزة الأمنية لتحولت أسيوط والمحافظات على يمينها ويسارها لكتل نارية من الإرهاب.

يقول أحد الباحثين فى الفكر المتطرف إن قواعد جذب الأبرياء إلى مستنقع الإرهاب تبدأ بالدعوة والترغيب فى الطاعة والبعد عن المعاصى وتنتهى بالوعود بالحور العين.. هذه الحور التى تنتظر المنتحر أو الشهيد عدو أهله من الكفار ولذا شيئا فشيئا يتحول الشخص إلى مكفر وقاتل يغلق أذنه عن كل توجيه فقد تم تنويمه مغناطيسيا وبات توجيهه بـ"الريموت كنترول" فى منتهى السهولة.

لا تحدثنى هنا عن قدر العلم والتعليم فالطبيب والمهندس والمفكر وأستاذ الجامعة والفنان ليس فى مأمن عن الفكر المتطرف الذى يمتلك أساتذته كل أدوات التأثير المعنوى والسيكولوجى والدينى.

والأمر على هذا النحو يتطلب ثورة فكرية دينية ثقافية قوية وسريعة.. ثورة يحل فيها رجال الدين محل الإرهابيون لملء الفراغ الذهنى والعقدى.. وثورة يخرج بمقتضاها المثقفون من صوامعهم إلى أفاق المجتمع ويتخلصون من التعالى والكبرياء الذى يصور لهم بأن لا أحد سيفهمهم وهم هنا تماما كالإرهابيين.. ثورة فى مجال الرياضة تعيد مراكز الشباب بالقرى والمدن والنجوع إلى سابق عهدها يوم كانت ساحة للتنافس الرياضى والمعلوماتى.. وثورة تعيد قصور الثقافة إلى ما كانت عليه مكانا للقراءة والتمثيل والعزف والغناء والرقص.

يا سادة.. أرجوكم انتبهوا وسارعوا لإنقاذ شباب الوطن واعلموا بأننا لا نمتلك رفاهية الوقت.. حصنوا الشباب من التطرف واقطعوا إمدادات التنظيمات الإرهابية بعناصر نحتاجها للارتقاء للوطن قبل استغلالها فى تدميره.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الأهلى ينتظر عودة إمام عاشور من الساحل الشمالى لبدء مفاوضات تعديل العقد

ملفات على طاولة يانيك فيريرا فى الزمالك.. تفاصيل خطة الفريق للموسم الجديد

وزير الخارجية ونظيره العُماني يترأسان أعمال اللجنة المشتركة بالقاهرة

صحة غزة: 116 شهيدا و463 مصابا خلال 24 ساعة جراء العدوان الإسرائيلى

تعرف على الطريقة الفنية لـ يانيك فيريرا المدير الفنى الجديد للزمالك


سقوط أمطار غزيرة على مناطق بالقاهرة والجيزة رغم ارتفاع درجات الحرارة

رئيس التعبئة والإحصاء: اعتبرنا المستأجرين البالغين 60 عاما سكانا أصليين

حبس المتهم بنشر أخبار كاذبة عن تورط عضو نيابة فى قضية سارة خليفة

مجلس النواب يوافق من حيث المبدأ على قانون الايجار القديم

مجلس النواب يستأنف مناقشة الإيجار القديم.. ونائب يطالب باستثناء الجيل الأول للمستأجرين


مصدر بجامعة عين شمس: الطالبة صاحبة واقعة الطعن مفصولة وصاحبة سلوك عدوانى

أفكار لن يخرج عنها الامتحان.. أقوى 50 سؤالا فى الجغرافيا لطلاب الثانوية العامة

شرط جزائى فى عقد يانيك فيريرا مع الزمالك.. اعرف التفاصيل

اختفت 3 أيام فى البحر.. عوامة وأمواج وغفلة الأب تفاصيل غرق الطفلة مريم

جوارديولا: الهلال استحق الصعود أمام مانشستر سيتى.. وبونو وسافيتش الأفضل

20 % أعمال سنة من مجموع طلاب الشهادة الإعدادية بتعديلات قانون التعليم

الزمالك يعرض على المدرب الجديد الصفقات المرشحة لتدعيم الفريق

أسلحة جماعة الإخوان في محاولات السيطرة على الحكم في مصر.. بدأت بتأليب الرأي العام وتهريب المساجين مرورا بتوظيف الدين للسيطرة على العقول.. سلاح العنف والإرهاب بعد ثورة 30 يونيو والفشل أدى لسلاح بث الشائعات

ذكرى رحيل عزت أبو عوف السادسة.. فنان متعدد المواهب ورحلة حافلة

اليوم.. بدء التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي بالمعاهد الأزهرية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
اليوم السابع اليوم السابع هواوى
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى
الرجوع الى أعلى الصفحة
الرجوع الى الصفحه الرئيسة