من سليم الأول إلى أردوغان.. 112 عاما من الجرائم التركية ضد العرب.. الديكتاتور العثمانى يجدد محاولات احتلال سوريا لسحق الأكراد.. أنقرة تتذرع بـ"الحرب على الإرهاب" لتبرير انتهاكاتها.. وتحرك واشنطن يربك الحسابات

من سليم الأول إلى أردوغان
من سليم الأول إلى أردوغان
كتبت - إسراء أحمد فؤاد

أثبتت لنا الوقائع التاريخية أن الجيوش العثمانية اجتاحت الشرق الأوسط وحتى أوروبا، بغرض إخضاع وضم أراضى متخذة من نشر الدين ستار لتوسع النفوذ، ويأخذنا التاريخ إلى مجازر الأرمن على يد العثمانيين بحجة عمالتهم لروسيا ومحاولاتهم اغتيال السلطان عبد الحميد الثانى فى عام 1905، وهو ما تم اتخاذه فى ذلك الحين ذريعة لإبادة عرقية لشباب من الأرمن المسيحيين تلقوا تعليمهم فى الجامعات الأوروبية وجاءوا يطالبون بإصلاحات سياسية وبملكية دستورية، فأصبحوا يؤرقون الباب العالى، وأثاروا غضب السلطان عبد الحميد، فحدث ما حدث لهم من تهجير قسرى ومذابح وقتل متعمد وغير ذلك من الأحداث المأساوية التى يعج بها تاريخ العثمانيين.

 

السلطان سليم الأول
السلطان سليم الأول

 

وفى 25 رجب 922 هجرياً، الذى حل فى عام 1516 ميلادياً، رفض المماليك -الذين كانوا يخضعون لحكمهم منطقة الشام وحلب السورية وشهدت ازدهار فى عهدهم- التعاون مع العثمانيين فى حروبهم ضد الصفويين الشيعة، الذى كان يحكمهم الشاه إسماعيل الصفوى حاكم بلاد فارس (إيران الأن)، وحارب السلطان سليم الأول العثمانى المماليك فى معركة "مرج دابق" بالقرب من حلب، ومنها استطاع الاستيلاء على سوريا، خشية أن يسيطر عليها الصفويين (الشيعة).

 

وبالأسلوب نفسه مارس العثمانيين سلوكهم الدموى فى العصر الحديث حيث استخدمت الدولة التركية التى تحتضن الجماعات الإرهابية، وترتع على أراضيها المئات من عناصر التنظيمات المسلحة، جيوشها النظامية فى السنوات الماضية خارج الحدود، للقيام بعمليات من شأنها بسط النفوذ التركى، واتخذت طابعا مذهبيا فى بعض الأحيان، ففى العراق دارت حرب باردة بينها وبين إيران عندما حاول نشر قواتها فى الشمال لمناصرة السنة وعدم تهجيرهم من قبل الحشد الشعبى الشيعى الموال لإيران، وفى سوريا خرجت جيوش أردوغان على حدود التماس معها، من أجل تحقيق أحلام النظام فى التخلص من بعض الفئات العرقية التى تؤرق صانع القرار التركى، ويرى فيها تهديدا لوحدة أراضيها، تحت ستار محاربة الارهاب، وكانت فى مقدمتها "الأكراد".

 

غلاف مجلس الأوكونوميست
غلاف مجلس الأوكونوميست

 

درع الفرات استهدفت إبادة عرقية لأكراد العراق وسوريا

وفى صيف عام 2016، خرجت الجيوش التركية على الحدود السورية التركية فى مدينة جرابلس شمال سوريا لإطلاق عمليات"درع الفرات" العسكرية، وإيهام العالم، بأن الدولة التركية تطهر تلك المناطق من تنظيم "داعش" الارهابى، الذى أشارت له بأصابع الاتهام فى تفجير عدة مدن فى العام نفسه على الحدود التركية منها مدينة بنى غازى عنتاب وكلس فى جنوب شرق تركيا ذو الأغلبية الكردى، وعليه أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان أن الهدف من العمليات هو وضع حد للهجمات التى تستهدف تركيا من داخل الأراضى السورية، وإزالة المخاطر الناجمة عن تنظيم "داعش" وحزب "الاتحاد الديمقراطى" الكردى فى سوريا.

 

النظام التركى يتخوف من الوجود التركى المتمثل فى حزب الاتحاد الديمقراطى الكردى، والعمال الكردستانى أكثر من داعش التى يمنح لعناصرها ملاذ آمن فى الداخل، ويفتح لهم أراضيه ويسخر بوابات حدوده لتسهيل عبور مقاتلى ومرتزقة التنظيم الإرهابى للقتال فى سوريا، وتتخوف أنقرة من الوجود الكردى، ويمثل الأكراد حوالى 15 أو %20 من سكان تركيا، وعاشوا صراعًا متأصلًا مع الدولة التركية، بعد أن وضع أتاتورك مبادئ عامة جعل فيها القومية التركية القومية السائدة، وعاملت السلطات التركية الأكراد معاملة قاسية، وقاتل الأكراد داخل تركيا لسنوات من أجل الحكم الذاتى، وهو ما أثار مخاوف لدى أردوغان من أن يعلن أكراد سوريا وكردستان العراق قيام كيان أو دولة كردية على الحدود التركية السورية، تهدد وحدة بلاده.

 

واعتبر النظام التركى أن قيام أى كيانات كردية على حدوده خط أحمر، إذ يعترى أردوغان رعب من تحركات العمال الكردستانى فى العراق والاتحاد الديمقراطى لأكراد سوريا، وهو ما يجعله دائم التذرع بتوجيه ضربات إلى المقاتلين الأكراد، واعتبارها منظمات إرهابية، فتارة يعلن عن قصف داعش، وأخرى تطهير الحدود من التنظيمات الإرهابية، لكن فى كل مرة يعلن فيها أردوغان توجيه ضربات إلى داعش يضف إليها شن عمليات عسكرية ضد "الأكراد".

 

 

الدبابات التركية على الحدود السورية
الدبابات التركية على الحدود السورية
 

 

واتخذت أنقرة من الحرب على داعش والمنظمات المتطرفة التى تقاتل فى سوريا المدعومة من نظامه ذريعة لشن غارات على الأكراد، ففى يوليو عام 2015 قام الجيش التركى بشن غارات جوية لضرب مخيمات لناشطين من حزب العمال الكردستانى شمال العراق، وخرق اتفاق الهدنة بين أنقرة ومقاتلى الحزب التى وقعت عام 2013، وكانت بدعوى دك معاقل داعش.

 

وجددت تركيا مواجهتها مع أكراد سوريا، خلال عملية عسكرية جديدة برية وجوية في سوريا شنها الجيش التركي السبت الماضى 20 يناير، تحت مسمى "غصن الزيتون" يستهدف فيها مواقع تابعة لوحدات حماية الشعب الكردية رغم دورها الكبير في الحرب ضد داعش في سوريا، وتلقت دعما كبيرا من الولايات المتحدة، لكن النزام التركى يعتبر أن لها صلات قوية بحزب العمال الكردستانى، في منطقة عفرين التى يسيطر عليها الأكراد وتقع شمال غرب محافظة حلب تحدها تركيا من جهتى الشمال والغرب، وهي على تماس مع منطقة اعزاز الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة من جهة الشرق

 

أردوغان يستبق تشكيل قوة حدودية قوامها الأكراد بسحق الكرد فى سوريا

ولا يمكن فصل سرعة شن العمليات التركية، عن اعلان الولايات المتحدة الأسبوع الماضى، بتقديم مساعدات لتحالف قوات سوريا الديمقراطية في إنشاء "قوة أمنية حدودية" تتضمن الفصائل الكردية لمنع عودة داعش، واستهلها الجيش التركى عمليات "غصن الزيتون" بقصف ليلة الجمعة 19 يناير على مواقع للمقاتلين الأكراد وحشد مئات من جنوده وعشرات من الآليات المصفحة على طول الحدود، حيث تتهم أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية بأنها الفرع السورى لحزب العمال الكردستاني الذى يخوض تمردا فى جنوب شرق تركيا منذ أكثر من 30 عام.

 

 

الحرب التركية فى عفرين السورية
الحرب التركية فى عفرين السورية

وهكذا الانتهاكات التركية المتكررة للحدود السورية تظهر مطامع تركية واضحة لايمكن انكارها ليست فى الأراضى السورية فحسب بل العراقية أيضا، ففى اكتوبر عام 2016، دعا اردوغان بتعديل تلك الاتفاقية لوزان الموقعة عام 1923 والتى تم على إثرها تسوية حدود تركيا الحديثة عقب الحرب العالمية الأولى، فى نفس الوقت الذى قال فيه إن أنقرة ستعلن قريبا عما أسماها "منطقة آمنة" شمال حلب فى سوريا بمساحة 5 آلاف كم، فى تصريح يكشف عن الوجه التركى القبيح لإعادة روح السلطان سليم الأول الذى عرف بغلظة القلب والدموية، من أجل فرض وصايته على الأراضى التى فقدتها الدولة العثمانية فى نهاية الحرب العالمية الأولى وتعافى "رجل أوروبا المريض" اللقب الذى اطلق على الدولة العثمانية بعد انهيارها.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

البرلمان الليبى يكلف خالد حفتر برئاسة الأركان والناظورى مستشارا للأمن القومى

الداخلية تضبط المتهمين بحمل سلاح أبيض وبرفقتهم "كلبين" بالتعدى على آخر بالضرب

دنزل واشنطن يتحدى ثقافة الإلغاء والتجاهل: الجوائز لا تهم.. الإيمان هو ما يبقى

قبل لقاء ترامب.. ماذا سيرتدى زيلينسكى بعد أزمة البدلة الرسمية فى أول مقابلة؟

تأجيل محاكمة المتهمين فى واقعة مطاردة فتيات طريق الواحات لجلسة 1 سبتمبر


جاهزية محمود جهاد للمشاركة مع الزمالك

حلا شيحة تنشر صور جديدة مرفقة بتلاوة من سورة يونس

كل ما تريد معرفته عن بطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عاما بعد إسدال الستار

سيد رجب ورانيا يوسف يبدآن تصوير مسلسل لينك والعرض قريبا

ليبي يطلق أسداً على عامل مصري والسلطات الأمنية تحقق.. فيديو


الطقس غدا.. ارتفاع مؤقت بدرجات الحرارة والعظمى بالقاهرة 37 درجة

بعد أول جولتين.. الأهلي والمصري يتقاسمان لقب "أقوى خط هجوم" فى الدوري

تقليل الاغتراب.. 6 ساعات على غلق موقع التنسيق أمام المرحلتين الأولى والثانية

نيويورك تايمز: احتجاجات تل أبيب كشفت فجوة هائلة بين الإسرائيليين وحكومة نتنياهو

"باني الشرير".. سر احتفال جراديشار ولاعب المصري بعد تسجيل الأهداف

رئيس اتحاد الجودو: دينا علاء لاعبة سابقة وتواصلنا مع سموحة لتقديم العزاء

الزمالك يتصدر قائمة "الكلين شيت" بعد مرور جولتين بالدورى المصري

المبعوث الأمريكي توم باراك: نزع سلاح حزب الله قرار يخص الدولة اللبنانية

فى ذكرى ميلاد إبراهيم نصر.. من جعيدي لزكية زكريا والخال عزمي شخصيات لا تنسى

فيريرا يفتح ملف مودرن سبورت ويبحث عن استعادة نغمة الانتصارات

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى