خالد صلاح يكتب: تجارة الحرب باسم التاريخ.. كلمة للإنسانية.. الوقائع التاريخية المشوهة يتم استغلالها لإهدار دماء الناس فى حروب وهمية.. ويجب التوقف عن عبادة صراعات الماضى للوصول إلى شاطئ سلام عالمى

الكاتب الصحفى خالد صلاح
الكاتب الصحفى خالد صلاح
جنازة جمال عبد الناصر
 
العالم لم يتأكد بعد كيف مات أدولف هتلر بعد نهاية الحرب العالمية الثانية فى الأربعينيات من القرن الماضى بهزيمة الجيش الألمانى، ما زالت الوثائق تخرج بمعلومات متضاربة عن لحظة النهاية فى حياة الزعيم النازى الذى تسببت قراراته السياسية والعسكرية فى حصد ملايين الأرواح وانهيار ألمانيا لسنوات طويلة، أنت تعرف أن المخابرات الأمريكية زعمت فى وثائق جديدة أن هتلر لم ينتحر فى نهاية الحرب العالمية، وأن الرجل هرب بطرق سرية من أوروبا ورحل إلى كولومبيا التى عاش فيها حتى عام 1954 تقريبا.
 
الوثيقة الاستخباراتية الأمريكية تشكك فى طريقة موت هتلر، وتزعم أن مخبرا سريا لـ«السى آى إيه» أخبر الجهاز بأن الرجل عاش فى مدينة «طونجا» فى «بوياكا» فى كولومبيا، وأنه كان على اتصال مع عميل ألمانى سابق فى الخدمة السرية واسمه فيليب سيتروين، وأن هذا الأخير هو من كشف أسراره بعد ذلك لعميل الاستخبارات الأمريكية. 
 
ليست تلك هى الواقعة الوحيدة فى التاريخ المعاصر التى يختلف عليها المؤرخون، نحن ما زلنا فى حيرة عن طريقة وفاة الرئيس جمال عبدالناصر، والسبب الأساسى وراء موت ياسر عرفات وما إذا كانت إسرائيل قد وضعت له السم أم لا، ولا يتورع الكثيرون من المقربين من الزعيم الفلسطينى السابق فى تأكيد هذا الادعاء، وما زلنا لا نعرف على وجه اليقين حقيقة أحمد عرابى، أو طبيعة علاقات سعد زغلول بالعائلة المالكة، ومن يقف وراء الأسلحة الفاسدة فى حرب 1948، بل لا نعرف ما إذا كانت سعاد حسنى قد انتحرت فعلا، أم أنها تعرضت للاغتيال فى جريمة مكتملة الأركان.
 
مئات الأحداث والوقائع فى التاريخ المعاصر لم تستقر فى دائرة اليقين الإنسانى، رغم أننا نعيشها الآن، أو عاشها جيل سابق علينا مباشرة بالأمس، نحن تقريبا لسنا على يقين من عشرات الأحداث والوقائع التى عايشتها أجيال تحيا بيننا الآن، ورأوها رأى العين، وإذا كنا نجهل ما شهدناه بأنفسنا خلال القرن الماضى، فكيف يمكن أن نتأكد من وقائع تاريخية أخرى فى أزمنة أكثر قدما وكان لتاريخ روايتها، وطبيعة التفاصيل التى نقلها رواة الأخبار عنها، أثر كبير فى تقسيم العالم أو إشعال الحروب أو توسيع دوائر الفتنة بين البشر على سطح الأرض.
 
السنة والشيعة مختلفون باسم التاريخ، وباسم الارتباك فى رواية قصص ما دار فى المدينة المنورة يوم موت الخليفة عثمان بن عفان وما بعد ذلك من أحداث فى الجمل وصفين، اليهود والمسيحيون مختلفون فى بعثة المسيح، والمسيحيون أنفسهم مختلفون حول مكانة العذراء ومستويات تقديسها، وكل فريق يستند إلى وقائع تاريخية وإلى رواة متنوعين، مختلفون نحن فى حقيقة هيكل سليمان، وفى مكانة القدس بين اليهودية والإسلام والمسيحية، مختلفون فى الجذور التاريخية للأديان، كل فريق يخوض حربا واسعة على الأرض بمزاعم تاريخية، نحن قتلى هذا التاريخ، وضحايا رواة الأخبار، وأسرى للماضى الذى لا يمكن لأحد على وجه اليقين أن يدعى امتلاك الحقيقة المطلقة فى أحداثه وتفاصيله الماضوية.
 
أقول لكم باسم الإنسانية.. إذا كنا لا نعرف كيف مات هتلر، أو من وضع السم لعرفات، وهل انتحر المشير عامر، فكيف لنا أن نتأكد كيف رحلت قبيلة جرهم إلى الجزيرة العربية، وكيف كانت حروب الماضى، وصراعات الماضى، وغدر الماضى بأهله، ثم غدر الماضى بنا نحن الآن فى الحاضر.
 
أقول لكم باسم الإنسانية، أن البشرية تحتاج إلى أن تنتبه إلى الدور الذى يلعبه التاريخ «غير الموثوق به وبتفاصيله ووقائعه» فى إشعال حروب الحاضر، ربما تصل الإنسانية إلى شاطئ سلام عالمى إذا تمردت على التاريخ، وتوقفت عن عبادة صراعات الماضى، وتوقف تجار الحروب عن استغلال التاريخ المشوه فى التجارة بدماء الناس فى حروب وهمية.
عيشوا الحاضر.
وتحرروا من تاريخ لا يثق به أحد.
والله أعلى وأعلم.
 الإنسانية كلها من وراء القصد.
 
عرفات
 
هتلر
 
اليوم السابع

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ياسين التهامى يبدأ حفله بمهرجان القلعة وسط استقبال جماهيرى كبير

ياسر جلال وعمرو يوسف وباسم سمرة وبيومى فؤاد فى عزاء تيمور تيمور

محمود سعد: أنغام تعانى من ألم شديد والأكل فى تراجع ومفيش كلام عن موعد خروج

نجاة الفنان شريف خير الله من الغرق ويعلق: كنت هروح فيها

حصاد الرياضة المصرية اليوم الأحد 17 - 8 - 2025


محافظ الجيزة يقود أعمال إزالة 6 أبراج مخالفة بشارع اللبيني فى الهرم.. صور

وزارة الداخلية تضبط راقصة تبث فيديوهات خادشة بحوزتها حشيش

لحظات الفراق والحزن فى جنازة مدير التصوير تيمور تيمور.. الصدمة تسيطر على وجوه النجوم.. والدته: أطيب قلب ادعوا له عريس بيتزف فى الجنة.. زوجته: كان قلبه حاسس طلبها ونالها

سبب استبعاد أونانا من تشكيل مان يونايتد ضد أرسنال

ريبيرو يُعيد الشناوي لحماية عرين الأهلي أمام المحلة وبيراميدز فى الدوري


الداخلية تكشف تفاصيل تعدى شخص على زوجة شقيقه فى الزقازيق بالشرقية

أخبار مصر.. الطقس غدا حار نهارا ونشاط رياح والعظمى بالقاهرة 35 درجة

ضبط مرتكبى مشاجرة أمام كافيه شهير بكورنيش سيدى جابر بالإسكندرية

مسؤول بقطاع الاتصالات: شائعة رسوم 10 قروش على متلقى المكالمة قديمة وغير صحيحة

تحقيقات واقعة "فتيات الواحات".. الضحية الثانية تروى لحظات الرعب قبل التصادم

وفاة المطرب نور محفوظ.. وبسنت النبراوى تنعيه

موعد مباراة مان يونايتد ضد آرسنال فى الدوري الإنجليزي والقناة الناقلة

ريبيرو يستقر على ظهيري الأهلي فى مباراة غزل المحلة بعد غياب محمد هاني

الكوبرى العملاق.. شاهد أعلى كوبرى فى مصر بعد اكتماله.. صور

صلاح أول لاعب فى تاريخ الدوري الإنجليزي يسجل 10 أهداف بالجولة الأولى

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى