خالد صلاح يكتب: الديمقراطية لم تحرر العبيد ولم توحد الولايات الأمريكية.. لكن الحرب فعلت

الكاتب الصحفى خالد صلاح
الكاتب الصحفى خالد صلاح
 
كان إبراهام لينكولن، الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة، مؤمنا إيمانا راسخا بالديمقراطية، وكان كذلك محاميا حقوقيا من طراز فريد، وعضوا بارز بنقابة المحامين بولاية إلينوى، ثم عضوا فى مجلس النواب الأمريكى عن الحزب الجمهورى، ثم رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، ورغم كل هذه القيم الديمقراطية والحقوقية والنيابية التى عاشها الرجل فإنه حين تولى القيادة فى بلاده لم يجد سبيلا لإنهاء الرق، والحفاظ على وحدة الولايات الأمريكية إلا بالحرب الشاملة وقوة السلاح، واليوم لا يذكر التاريخ له صور الدم والقتل والاعتقالات والمطاردة، والمكر داخل الكونجرس الأمريكى، لكن التاريخ يذكر له أنه الرجل الذى حافظ على الأمة موحدة، وأنه الرئيس الذى حقق أهداف الدستور الأمريكى فى المساواة، ولكن بالقوة والعنف والحرب.
 
هذا الرجل الذى يعد أحد أعظم ثلاثة رؤساء فى الولايات المتحدة الأمريكية عاش فترة شديدة الاضطراب، ومرة أخرى ورغم إيمانه الحريات والحقوق والديمقراطية لم يمنعه إيمانه ذلك من إعدام الثوار الهنود فى ولاية مينيسوتا فى شمال غرب أمريكا، لينكولن نفسه وقع على قرار إعدام ما يقرب من 303 ثائرين من قبيلة (السو)، أعدمهم بالقانون، أعدمهم من أجل القانون، وأعدمهم لأن التساهل هنا واستعمال الحوار مع قبائل انفصالية كان يهدد كل الحلم الأمريكى فى الوحدة ويهدد كل المشروع الأمريكى فى الديمقراطية.
 
لينكولن استخدم القوة، واستخدم الحرب، واستخدم الإعدامات ليحافظ على الولايات المتحدة الأمريكية قوية وحرة، هو بنفسه قال ذلك فى أحد أشهر خطاباته «خطاب جيتسبيرج» عام 1863، اختار لينكولن مكان الخطاب فى مقبرة للجنود الذين شاركوا فى الحرب الأهلية، وقال بقوة: «إن الحرب جهد مكرس لمبادئ الحرية والمساواة للجميع، وتحرير العبيد أصبح جزءا من جهد الحرب الوطنى»، وأضاف مؤسسا لدور الحرب فى الديمقراطية: «وفاة هذا العدد الكبير من الجنود الشجعان لن يذهب سدى، ومستقبل الديمقراطية سيكون مؤكدا بعد هذه الحرب وستكون حكومة الشعب من الشعب وللشعب ولن تفنى هذه الأرض لأن الحرب كان لها هدف عميق وهو ولادة جديدة للحرية فى الأمة».
 
هذا أحد أعظم رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية، وهذه أعظم أمة ديمقراطية على وجه الأرض، كيف وصلت هذه الأمة إلى تلك الديمقراطية، وكيف فازت بنظام ديمقراطى فريد وبحرية مجتمعية غير مسبوقة ؟ لقد تحقق ذلك من خلال رحلة طويلة من الصراع، من المكر، من الحروب، من استخدام القوة، ومن الإعدامات، ووأد أعمال الشغب، والانتفاضات الطائفية أو العرقية، كان لينكولن يحرر العبيد بالحرب، وكان هو نفسه يعدم مجموعات من الهنود الحمر فى مينيسوتا، كل ذلك جرى من أجل استقرار الدولة أولا، لأنه بلا استقرار، وبدون دولة قوية لا يمكن لهذه الحرية أن تستمر، ستجد دائما قوى ماكرة تريد أن تستثمر الحرية لصالحها وليس لصالح الشعوب، لكن لينكولن قدم درسا تاريخيا للجميع، أن الدولة هى الأقوى، وأن استقرار الدولة هو الأساس للحريات، ولذلك قال فى «جيتسنبيرج»، إن دماء الجنود تؤسس لميلاد حرية جديدة.
 
هكذا وصلت الأمم العظمى إلى الديمقراطية، وصلت لأن الدولة كانت قوية أولا، الدولة لا العصابات والجماعات والتيارات والطوائف، هكذا نالت الأمم الكبرى حريتها التى تتمتع بها حتى اليوم، ووصلت لهذا المجد لأن قادتها العظماء فى الماضى لم يترددوا فى قرارات الحرب، ولم ترتعش أيديهم أمام أصحاب المصالح، ولم يراهنوا على مستقبل أمنهم القومى دقيقة واحدة.
 
نعم الديمقراطية ليست «نيسكافيه» سريع التحضير، ولكنها أيضا ليست وجبة سريعة على موائد أهواء الساسة، الديمقراطية تعنى استقرار الدولة أولا.. اقرأوا مسيرة إبراهام لينكولن واقرأوا كيف وصلت الأمم إلى الديمقراطية الحقيقية.
 
والله أعلى وأعلم.
 
 مصر من وراء القصد
 
الكونجرس-الامريكى
 
الهنود الحمر
 
خالد صلاح يكتب الديمقراطية لم تحرر العبيد ولم توحد الولايات الأمريكية.. لكن الحرب فعلت
 

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

رسالة غضب من ترامب إلى نتنياهو بسبب غزة وسوريا.. ماذا قال البيت الأبيض؟

المغرب ضد الإمارات.. أسود الأطلس يتقدم 1-0 فى الشوط الأول "فيديو"

الأرصاد: استمرار سقوط الأمطار حتى غد وتوقعات بشبورة كثيفة نهاية الأسبوع

بعد عام من الغموض.. اتهام زوج ملكة جمال سويسرا بتقطيع جثتها وطحنها فى الخلاط

أحمد السقا: عريس بنتى لو قدر يوصل لبيتنا لازم يكون لابس واقى من الرصاص


أرباح بالمليارات.. شركات أمريكية تتنافس على إعادة أعمار غزة.. ما القصة؟

تشكيل مباراة المغرب ضد الإمارات فى نصف نهائي كأس العرب

الطقس غدا.. أجواء شتوية وأمطار واضطراب بالملاحة والصغرى بالقاهرة 13

زاره رئيس وزراء الولاية.. لماذا خاطر أحمد الأحمد بحياته لنزع سلاح مرتكب هجوم سيدنى؟

الإعلانات تنجح في إنهاء ملف بقاء ديانج مع الأهلي


كل ما تريد معرفته عن المغربي يوسف بلعمري أول صفقات الأهلي الشتوية

الأهلى يعلن التنازل عن مقاضاة مصطفى يونس

الأرصاد تحذر هذه المحافظات من أمطار خلال ساعات وتتوقع وصولها إلى القاهرة

أليو ديانج يرفض طريقة زيزو في الرحيل عن الأهلى

أحكام سجن بالجملة ضد أهالى شبراهور بسبب إيصالات أمانة.. اعرف القصة

موعد مباراة مصر ونيجيريا الودية استعدادا لكأس أمم أفريقيا

الأرصاد تحذر: سحب ممطرة على هذه المحافظات وتوقعات بأمطار غزيرة

باب الالتماسات يعيد الفرصة لطلاب لم يحالفهم الحظ فى القبول بكلية الشرطة

مواعيد مباريات اليوم.. مان يونايتد ضد بورنموث ونصف نهائي كأس العرب 2025

4 يناير بدء امتحان نصف العام فى المواد غير المضافة و10 للمواد للأساسية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى