خالد صلاح يكتب: رسالة صحيفة الحياة لمحرريها فى بيروت

الكاتب الصحفى خالد صلاح
الكاتب الصحفى خالد صلاح
الحياة اللندنية
 
 
التحولات فى السوق الصحفية عنيفة، لم تعد تشمل هذه التحولات المؤسسات الصحفية الفقيرة، لكنها انتقلت أيضا لمؤسسات «الشمال»، تلك المؤسسات الصحفية العربية التى استقرت لسنوات طويلة فى عواصم أوروبية، ومولتها عواصم عربية مهمة باستثمارات هائلة وميزانيات مفتوحة، التغيير العاصف والتحولات فى سوق الصحافة المطبوعة والصحافة الإلكترونية، لم تترك أخضر أو يابسا فى سوق الصحافة إلا ونالت منه واعتصرت قلبه النابض بالحيوية تحت قهر المال والإعلانات و«التكلفة والعائد».
 
من كان يصدق ما يجرى فى صحيفة الحياة اللندنية التى تعيش برعاية كاملة من استثمارات سعودية قادرة وراسخة وواثقة الخطى يمكن أن تفكر بمنطق «المكسب والخسارة» وأن تطالها أعاصير «خفض النفقات»، والبحث عن طرق جديدة للربح، صحيفة الحياة «وهى بالمناسبة صحيفتى المفضلة، والأقرب إلى قلبى، والمدرسة التى أؤمن بقدراتها الفائقة ومواهب طاقمها التحريرى منذ نعومة أظافرى فى عالم الصحافة»، هذه الصحيفة العملاقة والمؤسسة الأكثر تأثيرا، تدخل الآن مرحلة إعادة الحسابات، فلم يعد يوجد فى سوق الإعلام من يمكنه أن ينفق بلا حساب، أو يحلق بجناحات الاستثمارات الواسعة دون أن يضمن لاستثماراته أن تعود «يوما ما»، أو أن يحقق التوازن المالى الذى يضمن للصحف أن تنفق على نفسها دون انتظار للتمويل والعطايا.
 
لم يكن يخطر على بال هؤلاء الذين بدأوا الإصدار «اللندنى» للحياة، ونعموا بسخاء هائل من ملاك الصحيفة، أنهم سيقرأون على صفحات جريدتهم الرائدة رسالة من المدير العام للدار «رجا راسى» تتحدث عن «مؤسسة تتكبد خسائر سنة بعد سنة وضرورة ابتكار طرق جديدة للعمل للحد من الخسائر»!
 
لماذا كتب المدير العام لصحيفة الحياة «اللندنية» ذات الملكية والاستثمارات السعودية «الرسمية أو شبه الرسمية» رسالته تلك التى تتحدث عن خسائر كبيرة فى الصحيفة، وجرى نقل مكتب بيروت إلى مقر مركزى فى دبى، وسبق ذلك نقل عمليات الصحيفة من مكاتب باريس ولندن والسعودية ونيويورك إلى دبى، ثم سيجرى لاحقا أيضا نقل مكاتب الصحيفة فى مصر والعراق إلى دبى، ليتم دمج جميع عمليات الصحيفة فى العالم العربى إلى مقر مركزى فى دبى لضغط التكلفة والنفقات بعمليات دمج واسعة فى الإدارات، وتوحيد هياكل العمل التحريرى، وخفض الإيجارات وترشيد الإنفاق العام لتتمكن الصحيفة «الأكبر والأغنى فى العالم العربى» من تغطية نفقاتها ذاتيا وتحقيق أرباح أو على الأقل الوصول إلى توازن مالى يضمن لها البقاء ذاتيا.
 
ما يحدث فى الحياة، شهدته صحف لبنانية من قبل، وعانت منه صحف أخرى فى العالم العربى بدأت إجراءات خفض النفقات، وبعضها وصل إلى حد الإغلاق الكامل، لكن «الحياة» تسعى لإنقاذ نفسها بتوحيد ودمج الإدارات والعمل التحريرى، والرسالة التى نفهمها من كل ما يجرى أنه لم تعد هناك قوى فى العالم العربى، أو مؤسسة فى العالم مستعدة لأن تنفق على الصحافة بلا عائد، أو تنفق على الإعلام بلا ربح، أو دون الوصول إلى مرحلة من الاستقرار المالى يتوقف فيها الممول عن دفع النفقات. إن الممول، أى ممول، حتى لو كان يملك حقولا من النفط، لن يبدد أمواله سدى، ولن يصدق أن الصحافة والإعلام والوسائل التقليدية فى الميديا قادرة على أن تحقق أهدافه العليا فى ظروف التطور التكنولوجى المخيف فى العالم.
 
ما يجرى فى الحياة رسالة مهمة لهؤلاء الذين يديرون مؤسسات الميديا فى العالم العربى اليوم، أننا لن نتمكن من الاستمرار أيا كانت التمويلات التى تتدفق على مؤسساتنا، وبدون حسابات دقيقة للربح والخسارة، فإن المصير هو الإغلاق، أو تصفية المقرات ووقف البذخ.
 
كل من التقطوا هذا الدرس مبكرا، سينجون من طوفان «خفض النفقات»، وكل من لم يلتقط هذا الدرس، ستدهسه الخسائر، ولن تشفع له أوهام التأثير السياسى.
درس مهم للجميع.
 
وأقول لزملائى وأساتذتى فى الحياة اللندنية، التى تصبح اليوم «الحياة الصادرة من دبى»: إننى على ثقة بأنكم ستقدمون نموذجا قويا يقفز على كل هذه التفاصيل، وتحافظون على هذا الاسم الغالى فى عالم الصحافة والتنوير، فى صحيفتكم المرموقة والحبيبة «الحياة».
 
 مصر من وراء القصد
 
مطبعة
 

صحيفة-جريدة
 
 
 
الكاتب الصحفى خالد صلاح
 
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

نانت ضد بي اس جي.. مصطفى محمد يبحث عن الفوز الأول ضد عملاق فرنسا

تجديد حبس التيك توكر أم سجدة بتهمة غسيل الأموال

مجلس الوزراء: الجنيه يحقق أفضل أداء له أمام الدولار منذ بداية العام.. تحويلات المصريين بالخارج ترتفع بنسبة 59.6% لتسجل 15.8 مليار دولار في أول 5 أشهر من عام 2025.. والمؤسسات الدولية تشيد بمرونة سعر الصرف

مجلس الوزراء: الجنيه يحقق أفضل أداء له أمام الدولار منذ بداية العام

ميدو: الزمالك أفضل دفاعياً من الأهلي وبيراميدز


26 عاماً على عرض "همام في أمستردام".. كتالوج السينما والدراما للشاب المصري لما يهاجر.. معروف بقوته وجبروته.. كل البنات بتحبه.. دمه خفيف وجدع مع كل أصحابه.. بينتصر على أعدائه.. ومابيستحملش الغربة

وصول جثمان تيمور تيمور لمسجد المشير.. وكريم الشناوي أول الحضور

المقاولون العرب يغلق صفحة الزمالك استعدادا لمواجهة حرس الحدود فى الدوري

الأغذية العالمي: مدينة الفاشر في السودان تعيش مأساة بين الحصار والمجاعة

خسائر بالملايين.. توقف حركة القطارات بإسرائيل بسبب حادث في كابلات الكهرباء


الصحة في غزة تسجل وفاة 7 حالات نتيجة المجاعة خلال 24 ساعة

ثنائي الأهلي يزين التشكيل المثالى للجولة الثانية بالدوري.. وزيزو أفضل لاعب

زعيم المعارضة الإسرائيلية: الشئ الوحيد لإضعاف حماس إسقاط حكومة نتنياهو

وفاة ابن شقيق أروى جودة.. والفنانة تنعيه: اللهم ثبته عند السؤال

تقليل الاغتراب.. غدا آخر موعد للتقديم بموقع التنسيق الإلكترونى

أحمد عبد القادر ينتظر قرار ريبيرو لحسم عودته لتدريبات الأهلي الجماعية

الصحة: حملة "100 يوم صحة" قدّمت 49.3 مليون خدمة طبية مجانية خلال 32 يومًا

تعملها وأنت فى البيت.. تعرف على أبرز 7 خدمات مرورية إلكترونية

ضوابط مد الخدمة للمعلمين بعد التصديق على قانون التعليم

الزمالك يبدأ الاستعداد لمواجهة مودرن سبورت فى الدوري

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى