سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 30 يناير 1965..ألمانيا الغربية تستدعى سفيرها من القاهرة.. و«عبدالناصر»: تسليحكم لإسرائيل غير مقبول لنا

محمد صادق
محمد صادق
واصل الضابط الألمانى كشف أسرار صفقة سلاح ألمانيا الغربية إلى إسرائيل، بعد حالة السُكر التى تمكنت منه أثناء العشاء الذى دعاه إليه الضابط محمد أحمد صادق، الملحق العسكرى المصرى فى ألمانيا، ووزير الحربية فيما بعد «راجع ذات يوم 29 يناير 2018».
 
يكشف «صادق» فى مذكراته بالأهرام، 10 أغسطس 2010، أنه بدأ يرتب أفكاره فور انصراف الضابط الألمانى، وفى صباح اليوم التالى طلب تحديد موعد عاجل مع مدير المخابرات الألمانية، بسبب معلومات مهمة وصلته من القاهرة، ويؤكد: «استقبلنى الرجل فى مكتبه، فأخبرته بأننى تسلمت رسالة من القاهرة تستفسر عن صفقة الأسلحة الألمانية لإسرائيل، والتى تضم مدافع ودبابات وسيارات وغواصات وزوارق، وصعق مدير المخابرات من هذه المعلومات، وطلب منى محاولة تهدئة الموقف، وحاول شرح أبعاد هذه القضية الطويلة والمعقدة، وفى خطوة تالية طلبت موعدًا مع وزير الدفاع الألمانى، وقلت له إن الرئيس عبدالناصر مستاء للغاية من الموقف الألمانى، وهو يريد توضيحًا، بعد أن نقلت له المعلومات التى قلتها لمدير المخابرات، وأضفت إليها المعلومات التى جاءت فى رده على ما ذكرته أثناء حديثى معه، وأخبرت المسؤول أن مصر ستتخذ موقفًا تجاه ألمانيا».
 
كان لتحركات «صادق» تأثير فى دوائر الحكم الألمانية، حيث يؤكد أنه فى مساء نفس يوم لقائه بمدير المخابرات ووزير الدفاع، أرسل إليه مستشار ألمانيا، لودفيج إيرهارد، زوج أخته، فى محاولة لمساومته على تهدئة الموقف، ومنع مصر من اتخاذ موقف متشدد، ووصل الأمر إلى عرض الرجل دفع 70 مليون مارك ألمانى لمصر، ويضيف: «من مكتبى الذى توجهت إليه فورًا، أرسلت تقريرًا إلى الرئيس عبدالناصر والمشير عبدالحكيم عامر ووزير الخارجية».
 
يؤكد محمد حسنين هيكل فى كتابه «ملفات السويس» أن القاهرة وجدت أنه لا مفر من الدخول فى مواجهة ضد هدايا السلاح الألمانى لإسرائيل، وكان حتمًا أن تكون المواجهة متعددة الجبهات بسبب ملابسات القضية وظروفها، ووجهت دعوة إلى مستشار ألمانيا الشرقية، فالتر أولبرخت، عارفة مقدمًا أنها ستسحب العلاقات بين بون والقاهرة إلى حافة الأزمة، وكان حساب القاهرة أنه عند حافة الأزمة وبموازين متعادلة، هى «بون» وهدايا الأسلحة لإسرائيل، و«القاهرة» والدعوة القائمة لـ«أولبرخت»، يمكن الحديث من أجل الوصول إلى حل متوازن، وحدث ما توقعته «القاهرة» بالفعل من آثار لدعوة «أولبرخت»، وارتبكت حكومة ألمانيا الغربية فيما يمكن أن تفعله.
 
ويقدم «هيكل» تفاصيل هذا الارتباك فى كتابه «عبدالناصر والعالم»، فى فصل «عبدالناصر وإيرهارد.. صدام فى الظلام»، مشيرًا إلى حالة الغضب التى سادت فى بون منذ الإعلان يوم 27 يناير عن زيارة «أولبرخت»، وشمل الغضب اجتماعات واتصالات بالقاهرة يوم 30 يناير «مثل هذا اليوم» عام 1965، وكان من مظاهره استدعاء سفير ألمانيا الغربية فى القاهرة، الدكتور جورج فيدير، الذى قابل «عبدالناصر» قبل مغادرته القاهرة، وحسب محضر هذه المقابلة الموجودة فى ملفات المخابرات العامة، ورئاسة مجلس الوزراء، ووزارة الخارجية، قال السفير: «يا سيادة الرئيس.. نحن لسنا مثلكم، أنتم أمة مستقلة.. أما ألمانيا فليست مستقلة».
 
رد «عبدالناصر»: «مع كل طاقتكم الاقتصادية تأتون إلينا، نحن الأمة النامية، وتقولون إنكم غير مستقلين.. إننا نحاول أن نقترض الأموال منكم، ونحاول الحصول على المهارات الفنية من عندكم، ثم تأتى مع ذلك وتبلغنى أنكم غير مستقلين، هذه حجة لن أقبل ولن أسلم بها»، وطلب السفير أن تقدر مصر والعرب ظروف ألمانيا، خاصة فيما يتعلق باليهود وإسرائيل، فرد «عبدالناصر»: «هذه الصفقة تشجيع صريح لإسرائيل على العدوان، وهو أمر لا تستطيع مصر ولا بقية الدول العربية أن تسكت عليه»، وتساءل السفير: إن بون قد تكون مستعدة لأن تفهم حساسية العرب فى هذا الصدد، لكن السؤال الذى يحرج الجميع هو: لماذا يكون الرد هو دعوة «أولبرخت» لزيارة مصر، فهو أمر غير مقبول على الإطلاق بالنسبة لألمانيا الغربية؟، وعقب «عبدالناصر» قائلًا: «وكذلك تسليح ألمانيا الغربية بالنسبة لنا هو الآخر غير مقبول على الإطلاق».
 
اللافت أن دعوة «أولبرخت» إلى القاهرة دخلت إلى القصة كـ«ورقة جوكر ألقيت على مائدة القمار»، بتعبير «هيكل»، ففى البدء أبلغ «عبدالناصر» فى رسالة ودية جدًا أنه مريض، وأن أطباءه أشاروا عليه بالذهاب إلى بلد دافئ للاستشفاء، واقترح بعض أطبائه أسوان، فوافق «عبدالناصر» لأن الغاية طبية وليست سياسية، ونُشر فى صحف ألمانيا الشرقية خبر صغير عن أن «أولبرخت» سيقضى عطلة فى مصر، فقامت قيامة الألمان الغربيين، ومع تنفيذ صفقة الأسلحة لإسرائيل، رد «عبدالناصر» بتغيير الزيارة من «الاستشفاء» إلى زيارة «رسمية»، وتفاعلت الأزمة فيما بعد حتى انتهت بقطع العلاقات مع ألمانيا الغربية. 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

محمد صلاح ومرموش ينضمان اليوم لمعسكر منتخب مصر استعدادا لأمم أفريقيا

الأهلى يدرس غلق ملف تمديد تعاقد أليو ديانج.. اعرف التفاصيل

الطقس اليوم.. أجواء باردة وأمطار وشبورة والصغرى بالقاهرة 13 درجة

عيد ميلاد إنعام سالوسة ومسيرة 60 عاما.. من الأكورديون إلى ليالى الحلمية

القنوات الناقلة لمباريات كأس أمم أفريقيا 2025 بمشاركة منتخب مصر


استاد المصري يبدأ استضافة المباريات العام المقبل بعد الافتتاح التجريبي

المغرب والإمارات في صدام ناري بنصف نهائي كأس العرب 2025

مواعيد مباريات الجولة الثانية في كأس عاصمة مصر

تعرف على أرقام جروس مع الزمالك فى ذكرى عودته لخوض الولاية الثانية

موعد مباراة الأهلى وسيراميكا فى الجولة الثانية بكأس عاصمة مصر


موعد مباراة الزمالك ضد حرس الحدود فى كأس عاصمة مصر والقناة الناقلة

مشاهد صادمة لفيضانات إقليم آسفى بالمغرب وارتفاع القتلى إلى 21.. فيديو وصور

مواعيد مباريات اليوم الإثنين 15-12-2025 والقنوات الناقلة

العوضى يحتفل بعيد ميلاده بتوزيع 300 ألف جنيه ويعلق: السنة الجاية مع المدام

مواعيد مباريات منتخب مصر فى أمم أفريقيا 2025

حالة الطقس اليوم الإثنين 15 ديسمبر.. انخفاض بالحرارة وأمطار غزيرة بهذه المناطق

موعد بدء تطبيق المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحى الشامل فى 5 محافظات

وزارة التعليم تحدد ممنوعات داخل المدارس بعد وقائع التعدى على الأطفال

ترتيب الدوري الإنجليزي.. آرسنال يتصدر ومانشستر سيتي يلاحق بشراسة

عمر متولى ينعى والدته ويطالب الجمهور بالدعاء لها

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى