سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 4 نوفمبر 1820: الفتاة السودانية «مهيرة بنت عبود» تعطى الإشارة لبدء الحرب ضد جيش محمد على باشا بقيادة ابنه «إسماعيل»

محمد على باشا
محمد على باشا
استكمل محمد على باشا استعداداته العسكرية لتنفيذ هدفه، وهو «فتح السودان» وإخضاعها لسيطرته، فأرسل إلى السلطان العثمانى «محمود الثانى» يستأذنه فى ذلك، وحسب كتاب «التاريخ الحربى لعصر محمد على الكبير»، تأليف الدكتور عبدالرحمن زكى: وافق السلطان على أن يضم «محمد على» ما يشاء من أراضى السودان، شريطة أن يكون ذلك باسم «السلطان».. وفى ضوء هذه الحقائق، فإن ضم السودان لمصر تم بمبدأ «حق الفتح»، وفقا لمحمد فايق فى كتابه «عبدالناصر والثورة الأفريقية»، وهو المبدأ الذى ساد لقرون طويلة، حتى ثارت عليه الشعوب المحتلة بدءا من منتصف القرن العشرين لتنال حريتها واستقلالها.
 
يذكر «زكى»: «فى يونيو عام 1820، تجمعت ثلاثة آلاف سفينة فى بولاق، للاضطلاع بنقل الذخيرة والمؤن والعتاد والرجال إلى الجنوب، وفى إسنا جمعت آلاف الجمال بواسطة قبيلتى العبابدة وأولاد على، وحشد جيش قوامه آلاى بقيادة الأمير إسماعيل بن محمد على، وبصحبته عايدى بك بصفته رئيس هيئة أركان الحرب، والبكباشى الحاج أحمد، والبكباشى عمر أغا، وكان يرافق الحملة بعض الأطباء الجراحين ومنهم دكتور جنتيلى، وقاضى أسيوط الشيخ محمد أفندى، والشيخ سيد أحمد البقلى «الشافعى»، والشيخ سارى المغربى، لإرشاد القوم فى شؤون دينهم وإلقاء المواعظ والخطب».
 
والأمير إسماعيل قائد الحملة، هو عم إسماعيل بن إبراهيم بن محمد على، الذى أصبح الخديوى فيما بعد، ويصف «زكى» الأمير إسماعيل: «كان فى الخامسة والعشرين من عمره يجرى دم الشباب فى عروقه، جريئا مقداما، يتمتع بقدر موفور من الذكاء، وألم بالأحوال الأوروبية من جغرافية وسياسية، مستبدا برأيه أحيانا، لا يستمع لنصائح قادته أحيانا، جندى الطباع يفهم أبجديات مهنته.. عرف أن مهمته الرئيسية هى إخضاع بلاد السودان لتدين بالطاعة، ولذلك لم يلجأ إلا إلى الأصول الحربية، ولم ينظر إلى الأساليب السياسية أو النفسية التى عرفها بعض قادته المحنكين، بالرغم من أن أباه طالما لفت نظره ليتبع الحكمة فى التعامل مع زعماء البلدان المختلفة».
 
كانت أسوان هى قاعدة الحملة التى سارت وبدأ تقدمها مع استهلال موسم الفيضان، وسارت الخيالة تصحبها هيئة أركان الحرب بمحاذاة شاطئ النيل، أما المشاة والمدفعية فحملتهم السفن، وكان مع الحملة خيام كافية يأوون إليها وقت الراحة التماسا للاستجمام، وكانت المدافع محمولة على الجياة أو الجمال، وهى عبارة عن عشرة مدافع ميدان خفيفة ومدفع هاون ثمانى بوصات، و2 أبوسين من عيار صغير.. دخلت الحملة وادى حلفا فى السودان يوم 24 سبتمبر 1820، وحسب زكى، فإن إسماعيل سيطر على بلاد النوبة، ثم سيطر على «أرجو»، وسارت إلى «دنقلة» وأصبح فى مواجهة «الشايقية»، وهى قوة تتكون من ألفى خيال، و8 آلاف من المشاة، وتبادل الأمير إسماعيل مع زعمائهم الرسائل طالبا منهم الاستسلام، وعدم المقاومة، لكنهم رفضوا تسليم السلاح والخيول لأن فى هذا عار عليهم، فلم يكن هناك مفر من القتال وتحكيم السيوف، وجاء ذلك فى معركة «كورتى» الواقعة بين «دنقلة» وبلاد «الشايقية»، ووقعت المعركة يوم 4 نوفمبر «مثل هذا اليوم 182»، وامتدت إلى اليوم التالى.
 
يقول «زكى»: «فى 4 نوفمبر 1820، ظهر أربعون «شايقيا»، قبيل الساعة الثالثة بعد الظهر، وتحيلوا لاستدارج المصريين إليهم، فهب إسماعيل واقفا وسط جنده يحضهم على القتال ويبث فيهم من قوته قوة، وينفث بين جوانحهم من حرارته وقدة، بعد أن أمر باتخاذ التدابير المقتضى إجراؤها، ورسم الخطط الواجب انتهاجها، فلم تمر على ذلك برهة حتى شوهد من ناحية الشرق كأنه سحابة تزحف نحوهم وتعظم كلما دنت منهم، وبعد هنيهة انجلت هذه السحابة عن جيش ضخم من المشاة والخيالة والهجانة المسلحين بالسيوف والرماح، ثم اصطفت مشاتهم صفا والفرسان من ورائهم.. ولاحت فى الميدان فتاة من بينهم على هجينة مطهمة، سرعان ما أعطت الجيش إشارة القتال، وسرعان ما تدفق الهجانة على ميمنة المصريين، بينما كانت الفرسان تحمل بعنف على الميسرة، وحمى وطيس المعارك التى استمرت سجالا بين الفريقين.. وهذه الفتاة تدعى «مهيرة بنت عبود» من إحدى قبائل السوارب.
 
يصف زكى سير المعركة قائلا: «كان القائد عابدى كاشف يقود وحدة احتياطية مؤلفة من مائتين من العربان، فحمل على «الأعداء» ثلاث حملات متتابعة غير مألوفة الشدة، استطاع بها إحداث ثغرة فى صفوف العدو، فوافاه إسماعيل باشا بمدده وضم جنده إليه، وتعرض هو وعابدى بك فى مقدمة رجالهما لصد صدامات العدو.. وعززهما البكباشى «عمر أغا»، فلم يمض على القتال ثلاث ساعات حتى تشتت العدو، وكان فرسان «الشايقية» يبلغون الألف عدا، فلم يفقد منهم سوى خمسين فارسا. يضيف زكى: «إذا كان المصريون لم يتمكنوا من إعمال السيف فى بقيتهم فما ذلك إلا لأن الليل كان قد أرخى سدوله، فاستتروا به للنجاة من الموت، وحملت مشاة العدو الشطر الأكبر من عبء الصدمة، وكانت مؤلفة من خليط الفلاحين الذين لا يحملون سلاحا، وفى مساء ذلك اليوم نقل الأمير إسماعيل معسكره إلى ضفة النهر».. لتتواصل الأحداث إلى اليوم التالى.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الزمالك يكشف تفاصيل الوعكة الصحية للبلجيكى فيريرا

دجلة يستعيد خدمات محمود طلعت أمام بتروجت فى الدورى

عمرو سمير عاطف لـ ميجا إف إم مع همسة إمام: أول قصة كتبتها كان عمرى 7 سنوات

انطلاق دورى المقاهى للألعاب الترفيهية "الطاولة" و"الدومينو" بالإسكندرية لأول مرة.. تأهيل الفائزين لبطولة العالم وجوائز مالية بإجمالى 250 ألف جنيه.. و"السياحة والمصايف": إحياء الموروث الشعبي بروح عصرية.. صور

الداخلية تكشف تفاصيل تعدى شخص على زوجة شقيقه فى الزقازيق بالشرقية


البرغوثي: لولا الموقف المصري الرافض للتهجير لنجحت مخططات نتنياهو

جايين فى سباق نشد سوا.. اعترافات المتهم الثالث بواقعة مطاردة فتيات طريق الواحات

وفاة المطرب نور محفوظ.. وبسنت النبراوى تنعيه

إنتر ميلان يغلق الباب أمام تشيلسي ويتمسك بمدافعه باستوني

عدد شهداء الحرب الإسرائيلية على غزة يقترب من 62 ألف فلسطيني


موعد المولد النبوى الشريف 2025.. ذكرى ميلاد خير البشرية

كويكب صغير يقترب من الأرض يوم الإثنين.. تفاصيل

رد ساخر من البيت الأبيض بعد مزاعم العثور على وثائق حساسة تخص قمة ألاسكا

انهيار والدة وزوجة مدير التصوير تيمور تيمور فى جنازة الراحل

خسائر بالملايين.. توقف حركة القطارات بإسرائيل بسبب حادث في كابلات الكهرباء

محمد هانى يواجه خطر الإيقاف 3 مباريات بسبب تقرير محمد معروف

إسبانيا تطالب بقطع العلاقات التجارية ووقف المعاهدات مع إسرائيل

فلورانت مالودا: محمد صلاح أفضل لاعب فى الدوري الإنجليزي

5 أفلام في طفولة كريم عبد العزيز أمام كبار النجوم منهم عادل إمام ونور الشريف

مواعيد مباريات اليوم.. قمة مان يونايتد ضد أرسنال ونانت أمام سان جيرمان

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى