لماذا تبدو العقوبات الأمريكية هي الأقسى؟

 د. سالم الكتبي
د. سالم الكتبي
بقلم د. سالم الكتبي

رغم محاولات كثير من المراقبين والمحللين فى الجانب الأوروبى التشكيك فى فاعلية الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية ضد إيران، تارة بالاستشهاد بتجارب سابقة للعقوبات الأمريكية التي فرضت على الدولة ذاتها لسنوات طويلة خلال إدارات سابقة، أو بالاستناد إلى أن عدم التزام الاتحاد الأوروبي بهذه العقوبات يحد كثيراً من فاعليتها، وأن هناك قوى اقتصادية عالمية كبرى إما ستتضمنها قائمة الاستثناء الأمريكية من تطبيق العقوبات التي تتمركز بالأساس حول حظر شراء النفط الإيراني أو التعامل مع المصارف الإيرانية، أو لأن هذه القوى ليست فى وارد الالتزام بالقرار الأمريكي في هذا الشأن مثل روسيا والصين على وجه التحديد.

 

علينا أن نتذكر أن العقوبات الأمريكية السابقة ضد نظام الملالي لم تكن تتماهى مع إرادة صارمة للتطبيق من جانب البيت الأبيض، فالرئيس السابق باراك أوباما، لم يكن ليتوانى عن منح نظام الملالي الضوء الأخضر للتحايل على العقوبات الأمريكية، حيث كان أوباما يراهن منذ بداية حكمه على توقيع صفقة مع نظام الملالى، فى حين أن الأمر يبدو مختلفاً هذه المرة سواء من حيث طبيعة بنود العقوبات ومحتواها والخسائر التى تنتظر من يخالفها من الدول والشركات والكيانات فى مختلف أرجاء العالم، أو بالنظر إلى صرامة الرئيس ترامب ورهانه الكبير على انهاء المشروع التوسعي الإيرانى فى الشرق الأوسط.

 

أمامنا فى هذا الإطار تجربة واضحة حديثة، هى تجربة النظام الكورى الشمالى، الذي يبدو قريب الشبه من حيث الخصائص والطبيعة الديكتاتورية مع النظام الإيراني، حيث اثبت العقوبات الأمريكية فاعليتها في غضون أشهر قلائل، بل إن تأثير هذه العقوبات قد أزاح تماماً ما يقال تاريخياً عن ضعف تأثير العقوبات كآلية من آليات الضغط الدولي، حيث نجحت العقوبات في تحويل مواقف بيونج يانج في غضون أشهر قلائل من التهديد بالترسانة الصاروخية والنووية إلى الرغبة في الحوار والجلوس على مائدة التفاوض وعقد قمة تاريخية بين كيم جونح اون الزعيم الكوري الشمالي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وبالتالي يبدو من المتوقع ـ إلى حد كبير ـ أن تفلح هذه العقوبات فى تحقيق الهدف المرجو فى لجم الاندفاع والخطر الإيرانى فى الشرق الأوسط.

 

الإشكالية تاريخياً لم تكن في أي نظام للعقوبات، ولكن في شبكات التحايل والالتفاف على قرارات العقوبات الدولية والأمريكية ضد أي دولة، وبالتالي فإنفي ظل غياب التوافق الدولي الكامل حول تطبيق العقوبات الأمريكية الجديدة ضد الملالي، فإن من الضروري أن تتضافر تلك العقوبات وتتوازى مع تدابير دبلوماسية وعسكرية واستخبارية أمريكية مع دول المنطقة في إطار حملة منسقة لاحتواء التهديدات الإيرانية لدول المنطقة الخليجية والعربية.

 

البيت الأبيض يؤمن بأن العقوبات الجديدة "أصعب نظام عقوبات فٌرض على إيران على الاطلاق"، وهي بالفعل كذلك لأنها تستهدف عمليات الشحن وبناء السفن والتمويل والطاقة، أي القطاعات الأساسية للاقتصاد الإيراني، الذي تأثر بها بشكل هائل منذ الإعلان عنها وقبل توقيعها بأشهر، حيث انهارت العملة الإيرانية إلى مستويات قياسية، ما يعكس الأثر النفسي الهائل لهذه العقوبات، التي لو انضم إليها الاتحاد الأوروبي لكان النظام الإيراني قد استسلم في غضون أسابيع إن لم يكن أياماً قلائل.

 

ورغم محاولات نظام الملالي الادعاء بأن الولايات المتحدة تستهدف تغيير النظام، في محاولة لكسب التعاطف الشعبي مع الملالي، فإن الدبلوماسية الأمريكية واضحة في هذه الجزئية حيث اكدت اكثر من مرة على لسان وزير الخارجية مايك بومبيو، إن العقوبات تهدف "إلى تغيير جذري فى سلوك" إيران.

 

التكتيك الذي يتبعه نظام الملالي في مواجهة العقوبات الأمريكية الجديدة، التي بدأ تطبيقها الأسبوع الجاري، قائم على محاولة تحويل الصراع ونقله إلى ساحة الشعب الإيراني، بمعنى الادعاء الدائم بأن العقوبات تستهدف الشعب الإيرانى، وأن الإيرانيين يتسمون بـ "الشجاعة" ولن تخيفهم العقوبات الأمريكية، وهذا تكتيك بائس لسبب بسيط هو أن الإيرانيين أنفسهم يترقبون أي بادرة ضعف من نظام الملالي للانقضاض على قبضته الأمنية الحديدية، فليس هناك أي تعاطف شعبي متوقع من جانب الإيرانيين حيال نظام الملالي، وهذه نقطة قوة أخرى تعزز فاعلية العقوبات الأمريكية لتجعل منها بالفعل "الأقسى" في التاريخ، كونها تتضمن قطاعات مهمة، وتأتى فى توقيت بالغ الحساسية بالنسبة لنظام الملالي الذي يوشك على الانهيار.

 

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

كواليس استبعاد 7 لاعبين من الزمالك أمام المقاولون.. بانزا والجزيري الأبرز

جدول ترتيب الدوري المصري قبل مباراة الزمالك والمقاولون العرب الليلة

وزارة التعليم: حظر تحصيل أية مبالغ مالية من أولياء الأمور

وزارة التعليم: تسجيل غياب الطلاب يوميا بالعام الدراسى الجديد 20 سبتمبر

غلق شارع 26 يوليو لتنفيذ مونوريل وادى النيل -6 أكتوبر.. اعرف تحويلات المرور


الأهلي يقدم شكوى رسمية ضد الحكم محمد معروف خلال ساعات بسبب طرد هاني

أشرف داري يواجه شبح الرحيل عن الأهلي خلال ميركاتو الشتاء

طبيب الأهلى يكشف موعد مشاركة إمام عاشور في المباريات

سفاك الدماء يصعد جرائمه فى لبنان.. غارات الجنوب مستمرة وإصابات فى غارة على الناقورة.. "صحة لبنان": مقتل شخص على "حداثا".. تحليق لطيران الاحتلال فوق بيروت.. رئيس الأركان: اغتلنا 240 بحزب الله منذ وقف إطلاق النار

قانون الإيجار القديم يحدد نسبة زيادة الأجرة للمحال التجارية.. التفاصيل


زى النهارده.. مهرجان اعتزال على أبو جريشة ساحر الإسماعيلى فى مدرجات التتش

30 أغسطس محاكمة المتهمة بالتشهير بفنانة على السوشيال لحضورها من محبسها

غزل المحلة يتسلح بالجماهير أمام سموحة اليوم في الدورى

برشلونة يبدأ حملة الدفاع عن لقب الدوري الإسباني ضد مايوركا

إنبى يواجه وادى دجلة اليوم بحثا عن الفوز الأول في الدورى

1500 فرصة عمل كأفراد أمن بمرتبات تصل لـ9000 جنيه.. اعرف التفاصيل

تفاصيل جلسة محمد يوسف مع أحمد عبد القادر في الأهلي

5 معلومات عن مباراة الزمالك والمقاولون العرب في الدوري

"الليكاب" رمز للضيافة والبقاء فى بيئة حلايب وشلاتين الصحراوية عند قبائل البشارية والعبابدة.. يعرف أحيانا بـ"التخيمة" أو "الليكا" أو "أمبداى قو".. يشيد من جذوع الأشجار الجافة.. ويتم استقبال الضيوف بالحليب.. صور

اتحاد الكرة يناقش العروض الخارجية لاستضافة السوبر المصري

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى