كيف تصدى أبو حامد الغزالى لـ الإلحاد.. حكايات "المنقذ من الضلال"

الإمام أبو حامد الغزالى
الإمام أبو حامد الغزالى
كتب أحمد إبراهيم الشريف

تمر اليوم، ذكرى رحيل الإمام أبو حامد الغزالى، الذى توفى يوم 19 ديسمبر عام 1111 ميلادية، وكان يمثل مدرسة فى الفكر الإسلامى، ومن أهم كتبه "المنقذ من الضلال".

يقول الإمام أبو حام الغزالى فى مقدمة الكتاب "الحمد لله، الذى يفتتح بحمده كل رسالة ومقالة، والصلاة على محمد المصطفى، صاحب النبوة والرسالة، وعلى آله وأصحابه الهادين من الضلالة.

أما بعد: فقد سألتنى أيها الأخ فى الدين، أن أبث إليك غاية العلوم وأسرارها، وغائلة المذاهب وأغوارها، وأحكى لك ما قاسيته فى استخلاص الحق من بين اضطراب الفرق مع تباين المسالك والطرقِ، وما استجرأت عليه من الارتفاع عن حضيض التقليد، إلى بقاع الاستبصار، وما استفدته، أو لا من علم الكلام، وما اجتويته، ثانيًا من طرق أهل التعليم، القاصرين لدرك الحق على تقليد الإمام وما ازدريته، ثالثًا من طرق التفلسف وما ارتخيته، آخرًا من طريقة التصوف وما انجلى لى فى تضاعيف تفتيشى عن أقاويل الخلق، من لباب الحق، وما صرفنى عن نشر العلم ببغداد مع كثرة الطلبة وما ردنى إلى معاودتى بنيسابور بعد طول المدة، فابتدرت لإجابتك إلى مطلبك، بعد الوقوف على صدق رغبتك، وقلت مستعيناً بالله ومتوكلا عليه، ومستوفقًا منه، وملتجئاً إليه: اعلموا - أحسن الله تعالى إرشادكم، وألان للحق قيادكم - أن اختلاف الخلق فى الأديان والملل، ثم اختلاف الأمة فى المذاهب على كثرة بالفرق، وتباين الطرق، بحر عميق غرق فيه الأكثرون، وما نجا منه إلا الأقلون، وكل فريق يزعم أنه الناجى، "وكل حزب بما لديهم فرحون". وهو الذى وعدنا به سيد المرسلين صلوات الله عليه، وهو الصادق المصدوق حيث قال: " ستفترق أمتى ثلاثًا وسبعين فرقة، الناجية منها واحدة " فقد كان ما وعد أن يكون ولم أزل فى عنفوان شبابى - منذ راهقت البلوغ، قبل بلوغ العشرين إلى الآن، وقد أناف السن على الخمسين - أقتحم لجة هذا البحر العميق، وأخوض غمرته خوض الجسور، لا خوض الجبان الحذور، وأتوغل فى كل مظلمة، وأﺗﻬجّم على كل مشكلة، وأتقحم كل ورطة، وأتفحص عن عقيدة كل فرقة، وأستكشف أسرار مذهب كل طائفة، لأميز بين محق ومبطل، ومتسنن ومبتدع، لا أغادر باطنيًا إلا وأحب أن أطلع على باطنيته، ولا ظاهريًا إلا وأريد أن أعلم حاصل ظاهريته، ولا فلسفيًا إلا وأقصد الوقوف على كنه فلسفته، ولا متكلمًا إلا وأجتهد فى الإطلاع على غاية كلامه ومجادلته ولا صوفيًا إلا وأحرص على العثور على سر صفوته، ولا متعبدًا إلا وأترصد ما يرجع إليه حاصل عبادته، ولا زنديقًا معطلا إلا وأتحسس وراءه للتنبه لأسباب جرأته فى تعطيله وزندقته.

وقد كان التعطش إلى درك حقائق الأمور دأبى ودينى، من أول أمرى، وريعان عمرى، غريزة وفطرة من الله وضعها فى جبلتى لا باختيارى وحيلتى، وحتى انحلت عنى رابطة التقليد، وانكسرت على العقائد الموروثة على قرب عهد سن الصبا، إذ رأيت: صبيان النصارى لا يكون لهم نشوء إلا على التنصُر، وصبيان اليهود لا نشوء لهم إلا على التهود، وصبيان المسلمين لا نشوء لهم إلا على الإسلام. وسمعت الحديث المروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: " كل مولودٍ يولدُ على الفطرةِ فأبواهُ يُهودانهِ، وينُصرانهِ، ويمُجِّسَاِنهِ " فتحرك باطنى إلى طلب حقيقة الفطرة الأصلية، وحقيقة العقائد العارضة بتقليد الوالدين والأستاذين، والتمييز بين هذه التقليدات، وأوائلها تلقينات، وفى تمييز الحق منها عن الباطل اختلافات فقلت فى نفسي: أولا إنما مطلوبى العلم بحقائق الأمور، فلا بد من طلب حقيقة العلم ما هي؟ فظهر لي: أن العلم اليقينى هو الذى ينكشف فيه المعلوم انكشافًا لا يبقى معه ريب، ولا يفارقه إمكان الغلط والوهم، ولا يتسع القلب لتقدير ذلك، بل الأمان من الخطأ ينبغى أنا يكون مقارنًا لليقين، مقارنة لو تحدى بإظهار بطلانه - مثلا - من يقلب الحجر ذهبًا والعصا ثعباناً، لم يروث ذلك شكًا وإنكارًا، فإنى إذا علمت: أن العشرة أكثر من الثلاثة، فلو قال لى قائل: لا بل الثلاثة أكثر، بدليل أنى أقلب هذه العصا ثعباناً، وقلبها، وشاهدت ذلك منه، لم أشك بسببه فى معرفتى، ولم يحصل لى منه إلا التعجب من كيفية قدرته عليه! فأما الشك بسببه فيما علمته فلا ثم علمت أن كل ما لا أعلمه على هذا الوجه ولا أتيقنه هذا النوع من اليقين، فهو علم لا ثقة به ولا أمان معه، وكل علم لا أمان معه فليس بعلم يقينى.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

جبل شايب البنات قمة "إفرست" البحر الأحمر.. تشاهد من أعلاها شبه جزيرة سيناء ووادى قنا جنوبًا.. وتعتبر من أبرز الوجهات السياحة لتسلق الجبال.. يعد ثالث أعلى القمم فى مصر والسودان ويصل ارتفاعه إلى 2187 مترا.. صور

المقاولون العرب يختتم استعداداته لمواجهة الزمالك بالدوري

91 مليون دولار عالميا لفيلم Weapons حول العالم

مواعيد قطارات خط القاهرة أسوان والإسكندرية والعكس اليوم الجمعة 15-8-2025

مشهد مرتبك فى لبنان.. مساع لتوحيد المواقف بشأن حصر السلاح قبل زيارة مبعوث ترامب لبيروت.. مسئول إيرانى يبث رسائل طهران من بيروت.. عون يرد: نرفض التدخل فى شئوننا ولا استثناءات فى حمل السلاح.. وترقب لخطة نزعه


أعظم العسكريين بالتاريخ الفرعونى.. تمثال الملك تحتمس الثالث بمتحف الغردقة

شواطئ مطروح والساحل الشمالى مقصد الباحثين عن المتعة داخل وخارج مصر.. إقبال على الشواطئ والقرى والمنتجعات السياحية.. أفواج مصايف الشركات والأندية والنقابات تزيد زخم المصيف.. وتزايد كبير لرحلات اليوم الواحد.. صور

رادار المرور يلتقط 1131 سيارة تسير بسرعات جنونية خلال 24 ساعة

مواعيد مباريات اليوم الجمعة 15-8-2025 في ملاعب العالم والقنوات الناقلة

مدرب شيكو بانزا السابق: اللاعب إضافة قوية للزمالك وقادر على التألق فى مركز الجناح


محمد صلاح يتصدر تشكيل فانتازى الدورى الإنجليزى للجولة الأولى وغياب مرموش

سنة دون مبرر.. غلق الوحدة السكنية يوجب إخلاءها فى قانون الإيجار القديم

أحمد فؤاد سليم يكشف تأثير معلمه في ابتدائي على مشواره الفني في "معكم"

بيان الفصائل الفلسطينية: نقدر الجهود المصرية الكبيرة بقيادة الرئيس السيسى

بيراميدز يهزم الإسماعيلي ويحصد أول فوز بالدورى فى مباراة البطاقات الحمراء

إعفاء طلاب الثالث الإعدادى بالعامين الدراسيين 2026 و2027 من أعمال السنة

بدء هدم عمارة هندسة السكة الحديد بميدان رمسيس لتوسعة كوبرى أكتوبر.. إنشاء موقف متعدد الطوابق للقضاء على العشوائية وإزالة كافة الأكشاك والمحال المنتشرة بالميدان.. وتجهيز مول تجارى ومكاتب إدارية بديلة.. صور

الرئيس السيسى يصدّق على قانون بعض قواعد وإجراءات التصرف فى أملاك الدولة الخاصة

طقس شديد الحرارة غدا ورطوبة مرتفعة والعظمى بالقاهرة 38 درجة وأسوان 49

ليلى علوى تطمئن الجمهور على حالتها بعد الحادث: أنا بخير وقدر ولطف

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى