التسوية فى الميراث.. مبررات وردود (3/3)

د. عباس شومان
د. عباس شومان
بقلم د. عباس شومان
تناولت فى مقالتين سابقتين جملة مبررات ساقها مَن ينادون أو يؤيدون إقرار أحكام أخرى غير التى جاءت بها آيات محكمات فى إطار ما يسمى بالتسوية بين النساء والرجال فى المواريث.
 
ويتبين بما عرضته هناك بُطلان التأصيل الفقهى الذى حاوله مَن يتبنون التسوية بين الرجل والمرأة فى الميراث، فضلًا عن أن التسليم بما ساقوه يحل المشكلة التى ادعوها وروجوا لها فيما يتعلق بالمرأة وأخيها فقط دون بقية النساء، كالأم والجدة والأخوات والزوجات، فبماذا سيبررون لتسويتهن بغيرهن من الرجال، أم تراهم سيتركونهن على حالهن فيأخذن أنصبتهن التى وردت لهن فى كتاب الله، ويكتفون بتسوية المرأة بأخيها فقط؟! إن كانت الأولى فهذا تفريق بلا مفرق، وإنصاف مزعوم لبعض النساء دون بعضهن، فإذا كانت البنت التى أخذت نصف أخيها- وهو ما يعادل ثلث تركة الأب- أنصفها هؤلاء بإعطائها نصف التركة، فماذا عن الأم التى تأخذ ثلث التركة فى أفضل أحوالها، فى حين يأخذ الأب ضعفها متى كانت التركة بينهما؟! وماذا عن الأخت من الأم التى تأخذ سدس التركة، فى حين يأخذ الأخ الشقيق الذى هو أخوها من الأم أيضًا الباقي، وهو يعادل نصيب أخته خمس مرات وليست مرتين فقط؟! هل سيتركونها كذلك أم سينصفونها ويسوون بينها وبين الأخ الشقيق للميت؟! وماذا عن الزوجة التى تأخذ ثمن التركة فقط، فى حين يأخذ ابن الميت سبعة أضعافها؟! هل سيسوون بينهما أم سيتركونها مع هذا التباين الكبير بينها وبين ابن الميت؟! وماذا عن الجدة التى تأخذ سدس التركة، فى حين يأخذ مساويها الجد لأب خمسة أضعافها؟! لم يقل هؤلاء ماذا سيفعلون فى حالات هؤلاء النسوة وغيرها من الحالات الكثيرة جدًّا!
 
إن هذه التسوية بين الرجل والمرأة فى الميراث التى يزعم أصحابها أنهم يقصدون بها الإنصاف، على ما فى هذا اللفظ من تجاوز خطير فى حق الله عز وجل مباشرة يوحى بأنه لم ينصفها- حاشا لله- هذه التسوية بهذا القصد، تكذبها عشرات الحالات التى ترث فيها المرأة أكثر من رجال معها فى نفس التركة، وحالات ترث فيها مثل الرجل تمامًا، وأخرى ترث فيها ولا يرث مساويها من الرجال.
 
فمن الحالات التى ترث فيها المرأة أكثر من الرجل، أنه لو ماتت امرأة وتركت زوجًا وبنتًا، يكون نصيب الزوج ربع التركة لا غير، فى حين تأخذ البنت ثلاثة أضعافه، النصف فرضًا والباقى ردًّا، فما موقفهم من مثل هذه الحالة؟! هل يقبلون إنصاف الرجل هنا ليتساوى مع المرأة، أم أن الإنصاف لا يكون إلا للنساء فقط؟! وإذا مات شخص وترك بنتين وأبًا وأمًّا، فإن نصيب البنتين هو ثلثا المال، فى حين يكون نصيب الأب- وهو رجل- سدس التركة ولا يستفيد شيئًا من التعصيب، ويكون نصيب الأم سدسًا أيضًا، فهل سينصفونه ويسوونه بواحدة من البنتين؟! وهل سينصفون الأم صاحبة السدس وهى امرأة مثل بنات الميت، أم سيتركونها بسدسها، فى حين يكون نصيب كل واحدة من البنتين الثلث؟! وإذا مات رجل وترك جدًّا لأم وجدة لأم، فإن التركة كاملة ستؤول للجدة، فى حين لا شىء لزوجها الذى هو جد للميت مثلها، فهل يرون الجد لأم مظلومًا ويشركونه مع الجدة لأم التى أخذت كامل التركة؟! وهل يرونها ظلمت هنا حين أخذت كامل التركة ولم يأخذ مساويها من الرجال شيئا؟! والأعجب من ذلك أنه لو مات رجل وترك بنتَ ابنٍ وابنَ بنتٍ، فإن التركة كلها تؤول لبنت الابن، ولا يستحق ابن البنت شيئا إلا عن طريق الوصية الواجبة.
 
وهل يعلم هؤلاء أن فرض الثلثين- وهو أكبر فرض يرث به ورثة على الإطلاق- لا ترث به إلا النساء المراد إنصافهن، فهو لا يكون إلا لصاحبات الحالات الأربع التى يرون أن نصيب المرأة فيها يحتاج إلى زيادة لتتساوى مع أخيها، وهن: البنات وبنات الابن والأخوات الشقيقات والأخوات لأب؟! فإذا كانت الواحدة منهن مع وجود أخيها تأخذ نصفه، فإنها إذا وجدت معها أختها ولم يكن لهما أخ أخذتا ثلثى التركة، ولا يكون هذا الفرض لأى عدد من الأبناء أو غيرهم من الرجال، وهل يعلم هؤلاء أن وجود البنات فى بعض المسائل أفضل نصيبًا من وجود الأبناء؟! فلو مات رجل وترك عشرة أبناء أو أكثر وأبًا وأمًّا وزوجة، فإن نصيب الأب السدس، ونصيب الأم السدس، ونصيب الزوجة الربع، والباقى للأبناء، وهو أقل من نصف التركة، فى حين أنه لو كان هناك بنتان فقط مكان الأبناء العشرة لأخذتا ثلثى التركة، ومن ثم يكون نصيب البنتين أفضل من نصيب هذا العدد الكبير من الأبناء الذكور.
 
إن هذا المقام لا يسعفنا للاسترسال فى استقصاء المسائل التى تأخذ فيها المرأة مثل الرجل أو أكثر، أو ترث هى ولا يرث هو، وربما إذا اطلع على هذا أصحاب التسوية بين المرأة والرجل فى الميراث، لعلموا أن المرأة أنصفها نظام المواريث فى الإسلام أيما إنصاف، وأنهم يظلمونها ظلمًا بيِّنًا من حيث يزعمون إنصافها، فليتقوا الله فى النساء، وليبتعدوا عن العبث بكتاب الله وأحكام شرعنا الثابتة، وإن كانوا ممن يريدون إنصاف النساء حقًّا، فليجتهدوا فى تغيير ثقافة المجتمع وإقناع الناس- ولا سيما فى صعيدنا- بإعطاء النساء حقهن الذى أمر به كتاب الله تعالى وحذر من منعهن إياه!
 
 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

يسرا ونجلاء بدر في حفل زفاف أمينة خليل وأحمد زعتر.. صور

لاوتارو مارتينيز: علينا تقديم أداء مثالي أمام باريس للتتويج بدوري الأبطال

ترامب: سنعلن تفاصيل اتفاق غزة اليوم أو غدا

آية سماحة تزور مشيرة إسماعيل لتقديم اعتذارها الشخصي

موعد صلاة عيد الأضحى 2025 فى محافظات مصر


الأهلي يضم كباكا إلى رحلة الفريق فى كأس العالم للأندية بأمريكا

بيراميدز يبحث عن فك عقدة صن داونز فى دورى أبطال أفريقيا بالمواجهة الرابعة

نماذج استرشادية لامتحان اللغة العربية للشهادة الإعدادية بنظام البوكليت

ما ترتيب محمد صلاح؟.. ثنائي إنجلترا يختار أفضل الأجنحة فى تاريخ البريميرليج

موعد تسجيل أحمد سيد زيزو في قائمة الأهلى وسفره إلى أمريكا


موعد مباراة بيراميدز وصن داونز في إياب نهائي أبطال أفريقيا والقناة الناقلة

اكتشاف مذهل.. اليابان تبدأ اختبارات "دم صناعى" مدة صلاحيته تصل لأكثر من عام

الرئيس السيسى يؤكد التزام مصر الكامل بالحفاظ على المكانة الدينية الفريدة لدير سانت كاترين

الرئيس السيسى يتلقى اتصالا هاتفيا من رئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس

مصرع وكيل نيابة إثر اصطدام سيارة ملاكى بسور محور 26 يوليو

مصر تدين قرار الاحتلال الإسرائيلى بإنشاء 22 مستوطنة جديدة فى الضفة الغربية

بعد جدل المحكمة الرياضية.. سألنا الـ"AI" مين بطل الدوري؟ اعرف الإجابة

ميلان يحدد سعر خيالي لبيع رافاييل لياو هذا الصيف

آخر تطورات ملف تجديد عقد عبد الله السعيد مع الزمالك

مُنعوا من دخول المملكة 10 سنوات.. عقوبة 11 شخصا نقلوا 50 مخالفا لأنظمة الحج

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى