بين "الجرافيتى" واستهداف قوس النصر.. كيف أصبح التشويه وسيلة "نشطاء" الفوضى لتخريب فرنسا وطمس تاريخها ؟.. عملاء الداخل سلاح القوى الدولية لتحقيق أجنداتهم.. وماكرون لا يحتاج التراجع عن قراراته لاحتواء الأوضاع

بين "الجرافيتى" واستهداف قوس النصر.. التشويه وسيلة "نشطاء" الفوضى لتخريب فرنسا
بين "الجرافيتى" واستهداف قوس النصر.. التشويه وسيلة "نشطاء" الفوضى لتخريب فرنسا
كتب بيشوى رمزى

لم يقتصر المشهد الاحتجاجى غير المسبوق فى العصر الحديث، والذى تشهده العاصمة الفرنسية باريس على مجرد الهتاف أو رفع الشعارات المناوئة للحكومة الفرنسية بسبب سياساتها وقرارتها الاقتصادية، وإنما امتدت إلى حالة من العنف غير المسبوق، ليس فقط تجاه رجال الشرطة الفرنسيين الذين كانوا يقومون بدورهم الأمنى، وإنما استهدف المشهد الجمالى للعاصمة الفرنسية، والتى تعد أحد أجمل عواصم العالم، فى انعكاس صريح للأهداف التى يتبناها القائمون على تلك الاحتجاجات، والتى تتجاوز مجرد التعبير عن الغضب، لتصبح استهداف فرنسا ومستقبلها.

 

حملة التشويه التى تبناها المتظاهرون الفرنسيون تجاوزت الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون وحكومته، التى تتبنى خططا إصلاحية، لتمتد إلى جدران العاصمة وشوارعها، بل والأكثر من ذلك معالمها، فى انعكاس صريح لرغبة المتظاهرين فى طمس التاريخ، وهو الأمر الذى بدا واضحا فى استهداف قوس النصر فى قلب العاصمة الفرنسية، والذى يعد أحد أبرز معالمها، والذى بناه القائد التاريخى نابليون بونابرت لتخليد انتصارات الجيش الفرنسى، حيث بلغت تكلفة الأضرار الجسيمة التى لحقت به أكثر من مليون يورو، بحسب ما ذكر مركز الأثار الفرنسية.

 

الكتابة على الحوائط
الكتابة على الحوائط

 

مشهد متكرر.. التشويه سلاح النشطاء لاستهداف فرنسا

وهنا يبدو المشهد الفرنسى تكرارا لمشاهد أخرى شهدتها دول أخرى فى العالم، خاصة فى منطقة الشرق الأوسط، خلال السنوات الماضية، ففى الوقت الذى يرفع فيه "نشطاء" الفوضى شعارات الحرية والعدالة والإصلاح لحشد آلاف المواطنين فى الشوارع والميادين، يتحركون نحو تحقيق أجندات أخرى تهدف فى حقيقتها ليس فقط إلى إضعاف الدولة وتقويض أجهزتها الأمنية، وإنما أيضا إلى تشويه تاريخها إلى جانب تدمير حاضرها ومستقبلها.

 

محاولات لتنظيف الحوائط بعد تشويهها بالكتابة عليها
محاولات لتنظيف الحوائط بعد تشويهها بالجرافيتى

 

ولم يتوقف التشابه بين سلوك النشطاء الفرنسيين، ونظرائهم فى دول ما يسمى بـ"الربيع العربى"، على استهداف المعالم التاريخية، وإنما امتد إلى تشويه الشوارع، عبر كتابة الشعارات المناوئة للحكومة على جدران الشوارع، ورسم صور "الجرافيتى"، بالإضافة إلى التظاهر أمام الجمعية الوطنية الفرنسية "البرلمان الفرنسى"، وهو ما يعكس خطورة الوضع الراهن فى باريس، والذى قد يمتد إلى عواصم أخرى فى أوروبا، خاصة إذا ما نظرنا إلى التطور المتدرج الذى تشهده الأحداث، والتى انطلقت بالدعوة إلى التظاهر السلمى، لتتحول بعد ذلك إلى اشتباكات مع الشرطة، وتمتد بعد ذلك إلى استهداف البنوك والمحال التجارية وسيارات المواطنين، فى مشهد يعكس حالة من الفوضى غير المسبوقة فى مدينة النور.

 

نظرية المؤامرة.. عملاء الداخل سلاح القوى الدولية لتحقيق أجنداتها

ولعل الحديث عن أجندات دعاة التظاهر فى باريس لا يختلف كثيرا عن نظرائهم فى مناطق أخرى من العالم، وهو تحقيق الفوضى، وإضعاف الدولة واستهداف أجهزتها الأمنية، بالإضافة إلى دحض تاريخها، وهو الأمر الذى لا يمكن تحقيقه بعيدا عن وجود قوى داعمة لهم، سواء فى الداخل أو الخارج، لتحقيق أهداف سياسية، ربما يعجزون عن تحقيقها عبر الطرق السياسية المتبعة، بالتالى لا يجدون طريقا أخر سوى الفوضى وإثارة الانقسام داخل المجتمعات عبر حفنة من العملاء الذين يجدون فى دعواتهم ما يمكننا تسميته بـ"السبوبة" المربحة.

 

قوس النصر عانى من الاستهداف من قبل المتظاهرين
قوس النصر عانى من الاستهداف من قبل المتظاهرين

 

وتعد نظرية المؤامرة ليست بعيدة عن الأوضاع الراهنة فى فرنسا إلى حد كبير، ففى الوقت الذى تواجه فيه الحكومة الفرنسية تحديات كبيرة فى ظل الصراع السياسى مع اليمين المتطرف، فهناك تحديات دولية غير مسبوقة، فى ظل الموقف الأمريكى الجديد، والذى يتسم بمناوئته للنهج الفرنسى الذى يتبناه ماكرون، فى ضوء الدعم الكبير الذى يقدمه للاتحاد الأوروبى من جانب، وكذلك الخلافات الكبيرة فى المواقف بين فرنسا والولايات المتحدة تجاه العديد من القضايا الدولية، وهو الأمر الذى يثير امتعاض الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.

 

يبدو أن الدعم الأمريكى لليمين المتطرف فى أوروبا، وفى القلب منها فرنسا، ليس بالأمر الجديد تماما، وهو الأمر الذى بدا واضحا فى لقاءات جمعت بين مقربين من الرئيس الأمريكى مع زعماء التيارات اليمينية فى مختلف أنحاء القارة، وبالتالى فيمثل موقف الإدارة الأمريكية الداعم لها والمناوئ للأنظمة الحاكمة، بمثابة فرصة كبيرة للحصول على أكبر قدر من المكاسب السياسية فى المرحلة الراهنة، كما أنه يمثل تكرارا لمحاولات إدارة أوباما من قبل للتنسيق مع تيارات ما يسمى بـ"الإسلام السياسى" فى الشرق الأوسط فى إطار محاولاتها لإبرام صفقات من شأنها مساعدتهم للقفز على السلطة مقابل تنفيذ المخططات الأمريكية فى المنطقة.

 

نشطاء فرنسا يشوهون الحوائط بالكتابة عليها
نشطاء فرنسا يشوهون الحوائط بالكتابة عليها

 

خطورة التحدى.. ماكرون لا يحتاج التراجع لاحتواء الاحتجاجات

وهنا تظهر خطورة التحدى الذى تواجهه فرنسا، حيث أن الأمر ربما لا يرتبط بمجرد إجراءات قد يتخذها الرئيس الفرنسى لاحتواء الغضب فى الداخل، لأن الهدف وراء الاحتجاجات العنيفة ليس مجرد التراجع عن قرارات بعينها أو السير فى مسار مختلف، ولكن يبقى استهداف الدولة ومؤسساتها هو الهدف الرئيسى فى المرحلة الراهنة، بالإضافة إلى الانتقال بالمسار الفوضوى نفسه إلى دول أخرى فى القارة العجوز بنفس الطريقة، وبالتالى فيبقى التعامل الحاسم مع الأوضاع هو السبيل لتحقيق هذا الهدف، وهو الأمر الذى أدركته الحكومة الفرنسية بإعلانها عن نيتها فرض حالة الطوارئ.

 

مظاهرات أمام مقر البرلمان الفرنسى
مظاهرات أمام مقر البرلمان الفرنسى

 

ويمثل الحديث الذى تتبناه حركة "السترات الصفراء"، والتى أكدت عزمها تنظيم احتجاجات مماثلة فى بروكسيل وبرلين ولندن، انعكاسا صريحا لخطة ممتدة لاستهداف الأنظمة القائمة فى أوروبا وإعادة هيكلتها فى المرحلة الراهنة لتتحول القارة بأسرها نحو اليمين، وهو الأمر الذى يحقق مصلحة أمريكية بالأساس، فى ظل رغبة الرئيس ترامب فى استعادة نفوذه داخل القارة وهو الأمر الذى لا يمكن أن يتحقق إلا بالتوجه الأوروبى نحو اليمين.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مصر تعود إلى الواجهة الدولية عبر جناح رسمى فى سوق مهرجان كان السينمائى

الأهلي يتوج بدوري السوبر لكرة السلة سيدات على حساب سبورتنج

زلزال بقوة 4.5 درجة يضرب جزيرة هوكايدو شمال اليابان

ترامب: العلاقات الأمريكية الإماراتية فى أعلى مستوياتها

سموحة يعلن قائمته لمواجهة الاتحاد في ديربى الإسكندري بالدوري.. غدا


جنوب أفريقيا تهزم نيجيريا وتتأهل لنهائي أمم أفريقيا في انتظار الفائز من مصر والمغرب

التحدى الليبي يكرم خالد جلال وجهازه بعد نهاية الموسم

راغب علامة يطرح كليب "ترقيص".. فيديو

بالطبول والهتافات.. شاهد كيف استقبلت الإمارات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب

أرينا شايك تخطف الأنظار على السجادة الحمراء لفيلم Dossier 137 بمهرجان كان


رابطة الأندية تقدم حيثيات قراريها بخصم 3 و6 نقاط للجنة التظلمات

هشام نصر يتابع مع الرمادى استعدادات الزمالك لمواجهة بتروجيت

العثور على نسخة أصلية نادرة من "الماجنا كارتا" فى أرشيف جامعة هارفارد

طارق حامد وسام مرسى وحمزة علاء يقتربون من الزمالك

مستشار رئيس الجمهورية ومحافظ القاهرة يبحثان إعادة تشغيل محل جروبى

كم يبلغ ثمن قلم "مونت بلانك" هدية تميم لترامب؟

ترامب يطرح فكرة السيطرة على غزة مجددا.. ويؤكد: سأحولها لـ "منطقة حرية"

عشان النهارده مميز.. طاقة اليوم تحثك على الصبر والسعى وراء طموحك.. والكون يبعث لك برسائل حسب برجك الفلكى.. الثور عليه بالتحلى بالصبر والجوزاء يعاود التواصل مع أصدقائه القدامى والحوت مكافأة فى انتظاره

ترامب: حصلنا على استثمارات ضخمة تفوق 10 تريليونات دولار فى 3 شهور

حضور نسائى عربى لافت فى السينما المصرية خلال عام 2025

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى