تويتر للحبر السرى: عفوا لقد نفد رصيدكم.. 12 تغريدة مشفرة ساعدت وكالة الأمن القومى الأمريكى فى التفاوض مع جهات روسية لشراء وثائق خطيرة سرقها هاكرز.. تبادل الألغاز بين الطرفين على الملأ.. والصفقة بـ100 ألف دولار

انتهى عصر "رأفت الهجان" الذى كان يتم تبادل الرسائل الحساسة فيه عبر الحبر السرى والشفرات المعقدة، وأصبح الأمر أسهل كثيرا، إذ أصبح من الممكن للوكالات الاستخباراتية إعطاء تعليمات لعملائهم أو التواصل والتفاوض مع جهات مختلفة من خلال منشورات علنية مشفرة يراها الجميع ولكن لا يفهمها سوى شخص واحد، وهى طريقة يمكن النظر إليها على أنها تطور لما كان يفعله الجواسيس الأمريكيين والبريطانيين خلال الحرب الباردة الأولى، حيث كانوا يتبادلون الرسائل المشفرة فى الإعلانات المبوبة بالصحف الشهيرة.

 

وكشف تقرير حديث من موقع theintercept الأمريكى، عن أن هناك مصادر مطلعة أكدت على أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية قامت بعملية سرية للغاية عبر موقع التغريدات القصيرة "تويتر" لاستعادة وثائق هامة مسروقة من قبل مجموعة من الهاكرز الروسى، وتشير التقارير إلى أن هناك وثائق أخرى تتعلق بالرئيس الأمريكى "دونالد ترامب" والتدخل الروسى فى الانتخابات الرئاسية عام 2016.

وخلال العام الماضى بدأ مسئولون بالمخابرات الأمريكية اتصالات سرية مع العناصر الروسية التى تسعى إلى بيع تلك الوثائق التى حصلت عليها المخابرات الروسية، ووفقا لما ذكره المصادر المطلعة للموقع، بدأت الاتصالات فى أوائل عام 2017، عندما بدأ الوسطاء الأميركيين والروس فى الاجتماع فى ألمانيا.

 

واستخدمت وكالة الأمن القومى موقع "تويتر "لإرسال ما يقرب من 12 رسالة مشفرة إلى جهة روسية تدعى أن لديها الوثائق التى سرقها هاكرز Shadow Brokers من الوكالة، وتفيد التقارير، أن وكالة الأمن القومى أخبرت الجهة الروسية بانتظار بعض من التغريدات العامة التى سيتم من خلالها التواصل بشكل مشفر، وبالفعل تم ذلك من خلال مجموعة من التغريدات التى تتناول بعض الموضوعات العامة لا يمكن لأحد أن يشك بها.

رسائل مشفرة سرية

أعطى المسئولون الأمريكيون الروس علم مقدما بأنه فى 20 يونيو 2017، فى الساعة 12:30 بعد الظهر، سينشر حساب "تويتر" الرسمى الخاصة بوكالة الأمن القومى تغريدة تقول: "صموئيل مورس حصل على براءة اختراع التلجراف منذ 177 عاما. هل تعلم أنه لا يزال بإمكانك إرسال برقيات؟ أسرع من post & pay فقط إذا تم تسليمها"

"Samuel Morse patented the telegraph 177 years ago. Did you know you can still send telegrams? Faster than post & pay only if it’s delivered"

واستخدمت وكالة الأمن القومى هذه التقنية مرارا وتكرارا على مدى الأشهر التالية، فى كل مرة أراد المسئولون للتواصل مع الروس أو طمأنتهم أن الولايات المتحدة لا تزال تريد الصفقة، فى كل مرة، كان يقال للروس نص التغريدة مقدما والوقت المحدد الذى سيتم نشرها فيه.

 

وفى 17 أغسطس 2017، اتصل المسئولون مع الروس من خلال قيام حساب وكالة الأمن القومى بنشر تغريدة تقول: "أول تبادل اتصال عبر التلجراف وقع بين الملكة فيكتوريا والرئيس بوكانان فى 1858."

وفى شهر أكتوبر 2017 تم نشر تغريدة بأكواد تقول :This week in history, Robert Lamphere began working on the Verona program in 1948".

الصفقة تتم عبر تويتر

انقطعت الاتصالات بين الطرفين عدة مرات، وغالبا بسبب الخلافات بين الولايات المتحدة والروس حول كيفية تبادل الأموال وما هى البيانات التى سيتم استلامها، خاصة أن فى مايو 2017، شعر المسئولون الأمريكيون بالضيق لأن الشريحة الأولى من البيانات التى تلقوها تحتوى على ملفات غير مرغوب فيها.

 

وبحلول الخريف الماضى، بدأت الجهة الروسية فى إرسال المعلومات، بما فى ذلك أسماء أفراد معينين والشركات التى يزعم أنها مرتبطة بالتدخل الروسى فى الانتخابات الأمريكية عام 2016، وتم تحويل المعلومات إلى المخابرات الأمريكية لغرض تحديد المصداقية، وظلت الوكالة الأمريكية فى المطالبة باهتمامها فقط بالوثائق الحساسة المسروقة.

ووفقا لصحيفة nytimes الأمريكية تم التوصل إلى أن وكالة الأمن القومى الأمريكية ستدفع مبلغ قدره 100 ألف دولار على أمل الحصول على الوثائق المسروقة، بالإضافة إلى الوثائق المتعلقة بعلاقة "ترامب" مع روسيا.

شكل جديد من التجسس

ومن غير المعروف مدى شيوع استخدام وكالات الاستخبارات لتويتر أو الشبكات الاجتماعية الأخرى فى إرسال رسائل مشفرة بأكواد خاصة للجهات المختلفة، ومع ذلك، فإنه لن يكون من المستغرب إذا كانت هناك حالات أخرى، إذ تسمح تلك الطريقة لمكاتب الاستخبارات بإجراء الاتصالات السرية مع القليل من الجهد، ولا توجد وسيلة لمعرفة المعنى السرى وراء التغريدات إلا إذا تم الإفصاح عنها من قبل الطرفين.

 

يذكر أن هذه الطريقة المكتشفة حديثا تشير إلى وجود وسائل مختلفة متاحة لتبادل المعلومات السرية علنا دون أن يفك شفرتها أحد، إذ يرى البعض أنها نقلة فى عالم التجسس.