خالد صلاح يكتب: ثم تأتى المفاوضات فى النهاية

الكاتب الصحفى خالد صلاح
الكاتب الصحفى خالد صلاح
الحرب فى سويا  (1)
 
 
مضت سنوات طويلة من القتل والقتل المضاد فى سوريا، أمة كاملة انتحرت عمدًا فى صراعات السلطة والسياسة والنفوذ والمذاهب، ثم فى النهاية يجلس أمراء الحرب على طاولات التفاوض، مرة فى أستانة ومرة أخرى فى سوتشى ومرات فى جنيف، بخلاف مفاوضات الكواليس بين رجال المخابرات فى كل جانب.
 
لم كان القتل إذن؟
لم كان الدم إذن؟
لم كان تشريد الناس إذن؟
طاولات التفاوض هى نهاية كل حرب، السياسيون يرفعون الشعارات الكبرى عن الحرية وعن العدل، ويخوضون حروبا واسعة من التدمير، ثم تتدخل القوى الكبرى لتسند هذا الطرف حينا، وذلك الطرف حينا آخر، ثم بعد أن تنكسر الدولة بكاملها، وتقضى النزاعات المسلحة على البنية التحتية للأمة، يبدأ التفاوض على السلطة والمال والثروات والنفوذ.
 
لا يزال العقل العربى يدمن هذا السيناريو الدموى، السيف أسبق من الفكر، والحرب أقرب من التفاهم، والقتال أمتع من المفاوضات، ثم بعد مئات الآلاف من الضحايا، وملايين اليتامى والمشردين، نستيقظ على حقيقة أنه لا قيمة للحرب، ولا غاية تحققت لأى من الأطراف المتصارعة، فقط هؤلاء الذين مولوا الحرب من الخارج، أو أشعلوها من الداخل هم الذين يقتسمون الغنائم، العقل العربى لا يعرف الحلول الوسط إلا بعد أن يدفع ثمن العناد المسلح، والشعوب العربية تغريها الكلمات الرنانة فتخسر أوطانها دفاعا عن شعار أجوف، أو تخسر حاضرها ومستقبلها تحت عناوين خبيثة ظاهرها الرحمة وباطنها من قبلها العذاب.
 
العقل الغربى سبقنا بسنوات فى إدراك خطورة هذه الصراعات المسلحة، فرسم المفكرون طرقا لحل المنازعات بعيدا عن الحرب وخارج منظومة الدم والضحايا، لكن الغرب ضبط هذه الحلول على مقاسه الخاص، ووفق ثقافته المتفردة، وترك طوفان الحروب والصراعات يسيطر على بقية أرجاء العالم، فيربح الغرب من تجارة السلاح، وتجارة إعادة الإعمار، وتخسر شعوب العالم، خاصة هنا فى الشرق الأوسط، بنيتها التحتية واقتصادها الأعرج، وشبابها الأعز الذين نقدمهم قربانا فى أتون الحرب، بدلا من أن نقدم لهم دولة قادرة على تحقيق أحلامهم البكر.
 
قل لى أنت على حرب واحدة من تلك الحروب الأهلية والصراعات «العربية - العربية» فى هذا الإقليم لم تنته بالتفاوض، قل لى أنت على حرب، أى حرب، رسمت غدًا أفضل للشعوب المتحاربة، وقل لى أنت على حرب، أى حرب، قرر أطرافها أن يتفاهموا قبل أن يرفعوا السلاح، وأن يتفاوضوا قبل أن يراق الدم الحرام بلا ثمن.
 
العقل العربى يعانى مرض السلطة بالسيف، لا السلطة بالرضا، العقل العربى لا يزال بعيدا عن ثقافة الحلول الوسط، والتفاوض حول بعض المكاسب وبعض الخسائر، لا يرى العرب سوى الانتصار كل الانتصار، ولا يرون سبيلا للانتصار إلا بالحرب كل الحرب، وإذا قرأ العرب فصول التاريخ فسيدركوا أننا قتلنا أنفسنا أكثر مما قتلنا المحتل، وسفكنا دماءنا أكثر مما سفكها العدو، وذبحنا شعوبنا أكثر مما ذبحنا المغول والروم والفرس والإنجليز والفرنسيون وكل المستعمرين عبر التاريخ.
 
نحن أعداء أنفسنا، عقول تدمن الانتحار الذاتى، وقلوب تتحمس للسيف والدم، وتاريخ لا يعرف سوى الهزيمة، عقول العرب هى مرض العروبة.
 
مفاوضات الاستانه
 
الحرب فى سويا  (2)
 
 
الكاتب الصحفى خالد صلاح
الكاتب الصحفى خالد صلاح

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تشييع جثمان الدكتور يحيى عزمى بحضور زملائه وتلاميذه

السيطرة على حريق محدود في فرع الأهلي بمدينة نصر

سماع أسرة الزوج وفحص هواتف..تحقيقات موسعة فى مقتل لاعبة الجودو دينا علاء

شباب إسرائيلى رافض لحرب غزة: لن نلتحق بجيش يرتكب إبادة جماعية

ورثة عبد الحليم حافظ: منزل العندليب ليس للبيع ولا نقبل تبرعات


هدير عبد الرازق أمام حكم بالحبس فى 9 سبتمبر بتهمة الفيديوهات الخادشة.. تفاصيل

هدير عبد الرازق تعلق على فيديوهاتها المتداولة عبر مواقع التواصل

إصابة علي معلول تثير قلق جماهير الصفاقسي التونسي

الأهلى يعلن تفاصيل إصابة ياسين مرعى ومحمد شكرى قبل مواجهة المحلة

الكليات المتاحة بمسار الآداب والفنون بنظام البكالوريا المصرية


نتيجة تقليل الاغتراب.. مكتب التنسيق: تطبيق الـ10% لقبول تحويلات المتقدمين

مجلس الزمالك يجتمع اليوم برئاسة حسين لبيب

موعد إجازة المولد النبوى الشريف 2025.. عطلة رسمية للقطاعين العام والخاص

نتيجة تقليل الاغتراب.. رابط موقع التنسيق للحصول على النتيجة فور اعتمادها

حريق بمحرك طائرة ركاب يونانية يدفعها لهبوط اضطرارى فى إيطاليا.. فيديو

طلبة علمى هيدرسوا تاريخ.. المواد الدراسية للصف الثانى الثانوى العام 2026

وزير الخارجية لنظيره الهولندى: مستاؤون بشكل بالغ من الاعتداء على سفارتنا

مواعيد مباريات اليوم.. الريال مع أوساسونا والنصر أمام اتحاد جدة

المصري يتحدى بيراميدز فى قمة الأسبوع الثالث بالدورى الممتاز الليلة

منتخب مصر يبحث عن حلول لأزمة الدفاع قبل مباراتىّ إثيوبيا وبوركينا

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى