خالد صلاح يكتب : كارنيجى من مؤسسة للفكر إلى منصة تغريدات وبوستات متناقضة

الكاتب الصحفى خالد صلاح
الكاتب الصحفى خالد صلاح
 
 
تقرأ أنت ما تكتبه مراكز الدراسات الأمريكية عن الأوضاع فى مصر وتضرب كفًّا بكف، كيف يا أخى تحولت مراكز ومؤسسات بحثية، كانت مرموقة فى الماضى، إلى منصات تغريدات وآراء وانطباعات متضاربة ومتناقضة ومثيرة للشفقة من فرط الجهل وسقوط مناهج التحليل العلمى المحترمة؟!
قرأت أنا ما يكتبه الباحثون فى مؤسسة كارنيجى عن انتخابات الرئاسة المصرية، وعن الحرب فى سيناء، وعن الأوضاع الاقتصادية، وعن مستقبل إقليم الشرق الأوسط، ولا أرى فى كل ما قرأت سوى حقيقة واحدة وهى خضوع الباحثين السياسيين لتأثيرات بوستات وتغريدات السوشيال ميديا، فما يسمونه فى كارنيجى دراسة أو بحثًا أو ورقة علمية، ليس أكثر من «بوست كبير على فيس بوك»، أو تغريدة طائشة على تويتر، يكتبها هواة لا يرقى ما يجمعونه من معلومات وما يصلون إليه من نتائج إلى أى مستوى من العلمية أو المنهجية أو حتى التحليل الصحفى فى جريدة يومية محدودة التأثير وضيقة الأفق، ولا تشعر أن هدف الكاتب أو الباحث هو «الحقيقة ولا شىء سوى الحقيقة» لكن الأهداف صارت تقاس بمنطقة «التشيير على السوشيال ميديا»، بحجم الصدى وردود الفعل الغاضبة أو المؤيدة التى تحدثها الدراسة، إننا أمام مانشيتات صارخة وبوستات ساخنة وتغريدات قوية، ولسنا أمام حالة علمية حقيقية يمكن الاستناد إليها أو التناصح بها على مستوى رجال الدولة، أو على مستوى العلاقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة.
تندهش مثلا يا أخى..
كارنيجى كان ينتقد مبارك لأنه كان يؤخر الإصلاح الاقتصادى وتحرير الصرف ورفع الدعم عن الطاقة واعتبر باحثو المؤسسة أن هذه القرارات المتأخرة سببا فى تأخر مصر.
ثم تفاجأ أن باحثى نفس المؤسسة «كارنيجى» ينتقدون الرئيس السيسى لأنه سارع بالإصلاح الاقتصادى وتحرير سعر العملة ورفع الدعم المتدرج عن الطاقة!!
كارنيجى كان ينتقد الأوضاع الأمنية فى مصر، ويعيّر البلد بالإرهاب، ويعتبر أن المؤسسات الأمنية غير قادرة على المواجهة الشاملة، ويعيب على بعض السياسات الدينية فى زمن مبارك.
ثم كارنيجى نفسه، وياللعجب، ينتقد ما طرحه الرئيس السيسى بشأن الخطاب الدينى الجديد، ويستغرب باحثوه من المواجهة الشاملة مع الإرهاب، فى حين أن دول الغرب نفسها أسقطت أممًا ودولًا بالكامل فى إطار حربها على الإرهاب!!
الباحثون فى كارنيجى يحذرون من أن غياب الاستقرار والأمن لن يسمح لمصر بأن تحقق أهدافها الاقتصادية، وأن التوترات المتتالية فى البلاد تحول دون عودة السياحة وتحبط شغف المستثمرين بالاقتصاد المصرى.
ثم الباحثون فى كارنيجى أيضا ينتقدون سياسات استعادة هيبة الدولة والاستقرار الأمنى والسياسى ويعتبرون أن الإفراط فى الحذر الأمنى يؤدى إلى تراجع الحريات، ويربطون الحريات بشغف المستثمرين بالاقتصاد المصرى.
من أنتم؟
إنهم ينتقدون الإجراءات التى كانوا يطالبون مصر بها من قبل، ويعتبرونها أساسًا لأى عملية نمو، إنهم ينتقدون الشىء ونقيضه، والدراسات المتاحة على موقعهم على الإنترنت نفسها تؤكد هذه الحقيقة، ولا نتيجة نستخلصها هنا سوى أن المطلوب هو الاشتباك وليس العلم، والمطلوب هو التجريح والضغط وليس مصلحة الدول أو استقرار الشعوب.
هل هناك من يراجع هذه الأوراق «العلمية البحثية» ويضبطها على ميزان العدل والحق، أو على الأقل يمنع تناقضها المفرط فى الوقت الذى تصدر فيه عن مؤسسة واحدة، من المفترض أن لها تاريخ فى الفكر والبحث وتنوير العالم كله بقضايا السلام والتعاون الدولى.
هل هناك رجل رشيد فى كارنيجى يمنع انحراف هذه المؤسسة العملاقة من أن تنحرف بعيدًا عن العلم، وتهوى فى دائرة البوستات والتغريدات العبثية والمتناقضة.
خسارة والله.
خسارة أن تتفوق ثقافة «الشير» على العلم والمعرفة والحقيقة.
خسارة فعلًا.
 
 
 
 
مقال خالد صلاح (2)

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

الأكثر قراءة

بعد 34 يوماً من الرحيل عن الأهلى.. غموض مصير على معلول

وظائف جديدة بمرتبات تصل 13 ألف جنيه فى قطاع الكهرباء.. التفاصيل

شعار سوريا الجديد يشعل ضجة بين الرافض والمؤيد.. فماذا تعرف عنه؟

جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن انتهاء عملية "عام كلافي" ضد إيران

ارتفاع أسعار الذهب عالميًا ليصل إلى 3329.67 دولار للأوقية


صفقة قوية.. تطورات جديدة فى ملف انتقال وسام أبو على إلى الريان

طريق الموت ينهى رحلة جوتا نجم ليفربول.. تقرير يفضح كارثة الطريق الأخطر بإسبانيا

الهلال يواجه فلومينينسي لمواصلة الحلم العربى فى مونديال الأندية الليلة

سلمى أبو ضيف تكشف سر تقديم فيلم "إن شالله الدنيا تتهد"

خلال 24 ساعة.. ترامب يتوقع إعلان رد حماس على مقترح وقف إطلاق النار


بالميراس ضد تشيلسى فى مواجهة ثأرية بمونديال الأندية

مفاوضات فى الأهلى لإنهاء أزمة أحمد عبد القادر

عبد المجيد عبد الله يحيى حفلا غنائيا فى أبو ظبى 11 أكتوبر

وزارة التعليم تتوعد المتورطين فى الغش بامتحانات الثانوية العامة 2025.. وتؤكد: غرفة العمليات ورؤساء اللجان رصدوا مخالفات أثناء الاختبارات.. ورسوب من صور الأسئلة والأجوبة.. والكنترولات تواصل التصحيح

مى كساب تبدأ تصوير مسلسل أبطال الجمهورية الأحد المقبل

الإمارات تدين تصريحات وزير العدل الإسرائيلى بشأن "فرض السيادة" على الضفة الغربية

قدم الآن.. 1787 فرصة عمل بمشروع الضبعة النووى بمرتبات تصل لـ11 ألف جنيه

ترامب: أريد الأمان لشعب غزة لقد مروا بالجحيم

الأسئلة المتوقعة.. مراجعة ليلة الامتحان فى الجيولوجيا لطلاب الثانوية 2025

أحمد سامي يطالب الاتحاد السكندري بضم "ربيعة"

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى