خالد صلاح يكتب من باريس: بيعوا الشمس لأوروبا

خالد صلاح
خالد صلاح
 
 
حذرنى صحفى فرنسى شاب، وهو يصطحبنى فى جولة على بعض المؤسسات الإعلامية فى باريس، من أن أنسى مظلتى، لأن المطر لن ينقطع اليوم فى العاصمة الفرنسية الجميلة، قضيت يومين حتى الآن دون أن أرى شعاعا واحدا للشمس، «أنا لا أحب شتاء أوروبا».. قلت ذلك على استحياء وبصوت خافت للصحفى الشاب، بينما أجابنى هو بضحكة عالية وصوت صاخب، لا أحد فى أوروبا يحب شتاء هذه القارة الباردة، نحن نكره الشتاء ونتلوى من البرد ونفتقد الشمس لأشهر طويلة، رغم أن فرنسا أسعد حظًّا كثيرًا من البلدان الواقعة فى أقصى شمال أوروبا كالمجموعة الإسكندنافية، يقصد هنا «فنلندا والنرويج والدنمارك والسويد وأيسلندا»، بعض هذه البلدان تتزايد فيها معدلات الانتحار بين المراهقين فى فصل الشتاء، «هذه المعلومة قالتها لى صحفية دنماركية تشرف على أحد مراكز التدريب فى كوبنهاجن».
 
الشمس مصدر تفاؤل ودفء ونور وحياة وبهجة ومرح، كيف إذن تركز عمليات تسويق السياحة المصرية على الآثار أكثر مما تركز على خطط واسعة لبيع الشمس للبلدان الباردة؟
 
الرد المتعجل على هذا السؤال من موظفى وزارة السياحة «كما أتصور» أننا نسوق مصر سياحيا بالفعل فى فصل الشتاء، وأن مدينتى الغردقة وشرم الشيخ هما «قبلة الشمس والشواطئ» فى موسم الشتاء، ورأيى أن هذا الرد متعجل، إذ إننا نسمى هذه السياحة «سياحة شاطئية»، وأكثر ما نسوقه فى الخارج هو شرم الشيخ والغردقة كشواطئ دافئة فى فصل بارد فى الشمال، ولكننا لا نسوق شمسنا كمفهوم متكامل ومشروع شامل، نتعامل مع الشمس وهى تشرق على الشاطئ فقط، ولكننا لا نتعامل معها كثروة فى ذاتها، نحن نسوق أرضنا المشمسة كقبلة للزوار والسائحين فقط، وليس كفرصة للحياة والاستثمار والتوسع العقارى ونقل الصناعات والشركات والمؤسسات الدولية إلى بلادنا.
 
الأوروبيون كانوا يتركون قاراتهم الباردة ليعيشوا فى المستعمرات، فى الهند ومصر وأفريقيا، وكان كبار رجال الدولة آنذاك يفضلون الحياة خارج أوروبا، ويستوطنون هذه الأرض الدافئة التى احتلتها جيوشهم الغازية، وكانت كبرى الشركات الأوروبية قائمة فى الهند، وفى غيرها من المستعمرات. أوروبا أقامت مملكة فى القدس وساحل المتوسط فى العصر الصليبى، الرومان والبطالمة استوطنوا جنوب البحر المتوسط وكان الملوك يفضلون الإسكندرية عن سواها من مدن أوروبا الباردة.
 
الشمس ثروة فى ذاتها، ليس فى ارتباطها بالشواطئ فقط، ولكن بمفاهيم الدفء والحياة والطاقة.
 
نحن نستطيع ابتكار أساليب استثمارية وتسويقية وسياحية وصناعية اعتمادا على هذا المفهوم.
 
خذ مثلا.. أوروبا التى تتحدث عن الطاقة الشمسية النظيفة لا يمكنها إنتاج هذه الطاقة إلا إذا أسست محطات عملاقة فى الصحراء الغربية المصرية، وربط هذه الكهرباء مع أوروبا من خلال كابلات بحرية «ها هى الشمس تتحول إلى ثروة».
 
هل تتخيل لو تم بناء هذه المحطة الشمسية العملاقة فى الصحراء الغربية، كم مصنعا سيتطلع إلى نقل استثماراته بجوار مصدر دائم للطاقة على هذا النحو؟
 
كم مدينة يمكن أن نبنيها على ساحل المتوسط لاستقبال الاستثمارات المرتبطة بشمس الطاقة وشمس الدفء؟ كم منتجعا سياحيا شتويا يمكن تأسيسه على ساحل المتوسط، وكم مشروعا عقاريا يمكن تسويقه للأوروبيين؟
 
نحن نستطيع بيع الشمس لو فكرنا على هذا النحو، ونستطيع أن نجعل من صحرائنا ثروة، ومن الشواطئ المرتبطة بالصحراء ثروة أخرى، ومن المدن وتسهيلات التملك والمناطق الحرة فى شمال غرب مصر ثروة أخرى.
الشمس أكبر كثيرا من السياحة الروسية فى شرم الشيخ والغردقة. 
وشواطئ مصر أعظم كثيرا من أن تقتصر على نوع واحد من التسويق. 
لست خبيرا اقتصاديا، وما أقوله ليس مشروعا علميا، ولكنه مجرد حلم، حلم قد يجد من يحوله إلى مشروع، ويضيف له الكثير من الملامح.
والله أعلم
 مصر من وراء القصد.
 
 
 

 

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

فلومينينسي ضد الهلال.. الفريق البرازيلي يتقدم بهدف أول فى الدقيقة 40

الصور الأولى من زفاف ابنة محمد فؤاد.. وهانى رمزى أول الحاضرين

منافذ التحصيل ومكاتب البريد.. أماكن سداد مصروفات العام الدراسى 2026

الفصل فى دعوى عدم دستورية طرد المصريين وغير المصريين بقانون 1977

تنسيق الجامعات 2025.. قائمة كليات يشترط القبول بها اجتياز اختبارات القدرات


أمطار غزيرة وفيضانات مميتة تجتاح ولاية تكساس الأمريكية.. فيديو

51 شهيدا فى غارات إسرائيلية على قطاع غزة منذ فجر اليوم

إعلام عبرى: خناقة وصراخ بين نتنياهو وزامير بسبب وقف إطلاق النار فى غزة

احنا الملوك.. شاهد كيف قدم الزمالك فارسه الجديد يانيك فيريرا مديرا فنيا

الأهلى يسعى لإفساد مُخطط أحمد عبد القادر بالانتقال للزمالك


الأهلى يفتح المزاد على وسام أبو على لعدم تكرار خطأ وليد أزارو

رويترز: محادثة مهمة جرت بين الرئيسين ترامب وزيلينسكى

فات الميعاد الحلقة 16.. هل ستقع أسماء أبو اليزيد فى حب أحمد صفوت؟

أنغام تتجاوز أزمتها الصحية بحفل افتتاح مهرجان العلمين فى دورته الثالثة

وسام أبو على لصفقة الزمالك المنتظرة من المطار: أراك قريباً

إصابة 16 شخصا فى حادث انقلاب سيارة ميكروباص بأسيوط

الهروب الكبير.. هجرة اليهود إلى أوروبا.. ارتفاع أعداد المهاجرين من إسرائيل لعدم الاستقرار الأمنى.. فرار جماعى عبر البحر هربا من الجحيم.. آلاف الإسرائيليين ينزحون داخليا وخارجيا.. 78مليار خسائر تل أبيب فى 20شهرا

غدا.. المحكمة الدستورية تفصل فى دعوى عدم دستورية قانون الإيجار القديم

بعد 34 يوماً من الرحيل عن الأهلى.. غموض مصير على معلول

شعار سوريا الجديد يشعل ضجة بين الرافض والمؤيد.. فماذا تعرف عنه؟

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى