د. داليا مجدى عبد الغني تكتب:غُربة النفس

داليا مجدى عبد الغني
داليا مجدى عبد الغني
كثيرًا ما نشعر أننا فقدنا أنفسنا ، ولا نجدها بين خلجاتنا، أو بين ثنايا ضلوعنا، وكأنها شخص آخر انفصل عنا، ولا نعرفه، وربما لم نلتقيه من قبل ، فأسوا ما في النفس أن تهرب من صاحبها وتغادره، فيشعر أنه قد تحول إلى امرئٍ آخر لا يُعرف منه إلا شكله الخارجي فقط، والذي غالبًا ما يتغير؛ لأن الملامح لها قدرة فائقة على التأثر بالنفس والروح، والسؤال هو، ما الذي يدفع النفس أن تغيب عن صاحبها وتتركه ؟! السبب باختصار أن الإنسان حينما يتحرر من أحلامه ومبادئه، ويسعى للتكيف مع مجتمع غريب عنه محاولاً الاندماج مع طقوسه الغريبة عنه، راغبًا في الامتزاج بكل ألوانه والتجانس معها، حتى لو كان بعيدًا كل البعد عنه، ولا يمت له بصلة، فهنا تشعر نفسه المتمثلة في وجدانه وكيانه وسلوكه بالرغبة في الهروب والابتعاد عنه ؛ لأنه يُصبح غريبًا عنها نقيضًا لها، فإذا أردت أن تبحث عن ذاتك، فابحث عنها بداخلك، في ثنايا ضمير ، بين طيات مبادئك .
أتساءل دائمًا ، لماذا لدينا القدرة على تغيير جلودنا بسرعة رهيبة ، فكلما واتتنا الفرصة للتغيير لا نتوانى عن الإقدام عليه دون تفكير، فكم من مرة نُغير أسلوبنا في الحوار، ظنًا منا أن هذا هو التمدين، فبِتنا نتحدث بلغة غريبة علينا، ونستخدم مصطلحات منفرة، لا ترتقي إلى الذوق، وأيضًا هرولتنا نحو عمليات التجميل، والتي بها بدلنا ملامحنا بدعوى "الموضة"، وكأن ما خلقه الله لا يتماشى مع طبيعة حياتنا، وكذلك أحلامنا باتت باهتة، فهي أحلام روتينية، ليس فيها إبداع أو ابتكار، أليس في كل هذا أسباب لهروب النفس عن صاحبها، فهي أصبحت لا تعرفه، حتى ملامحه أضحت غريبة عليها . 
فالنفس البشرية رغم أنها جزء لا يتجزأ عن صاحبها، إلا أنها دائمًا تلعب دور "الطيف" في حياته، فهي تحاوره وتنقده وتؤمِّن كثيرًا على أفكاره، وأيضًا تهرب منه حينما يبتعد عنها، وينفر منها ويسعى إلى تغييرها، فإذا أردنا أن نتناغم مع أنفسنا، علينا أن نرضى بها ونحبها كما هي، وإذا سعينا إلى تقويمها فلابد أن نغيرها إلى الأفضل ، فلو امتلكنا القدر اللازم من الثقة في النفس ما كنا تبدلنا مع كل موسم حسب الطراز السائد فيه، ولو ركزنا قليلاً، سنكتشف أن أسوأ غربة يعاني منها الإنسان هي غُربته عن نفسه ، فالغُربة في حد ذاتها قاسية، سواءً كانت غُربة الوطن أو الأصحاب والأحباب، فما بالنا بغُربة النفس، ما أصعبها حينما تغادرنا وتتركنا تائهين لا نعرف من نكون؟ وإلى أين نحن ذاهبين؟ فهذه هي قمة غُربة النفس.
 
 
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تصويت المصريين بالخارج فى انتخابات مجلس الشيوخ.. ببطاقة الرقم القومى أو جواز سفر سار

موعد مباراة بي اس جي ضد ريال مدريد في كأس العالم للأندية والقناة الناقلة

المصرى للشؤون الخارجية: زيارة لى تشيانج لمصر تمهد الطريق نحو آفاق جديدة للتعاون

ألوان مائية ونوتة موسيقية ومأكولات.. هدايا ماكرون للملك تشارلز بزيارته لبريطانيا

مدبولى: الرئيس السيسى وجه بتشكيل لجنة للوقوف على أسباب حريق "سنترال رمسيس"


"جنة السياحة في تركيا".. كل ما تريد معرفته عن مدينة محمد صلاح المفضلة

رئيس الوزراء: حريصون على وضع تصور واضح لمستأجرى "القانون القديم"

كواليس 3 ساعات رعب فى طائرة ريال مدريد قبل مواجهة باريس سان جيرمان

صوت من وسط الدخان داخل حريق سنترال رمسيس.. وائل مرزوق لم يخرج من مكتبه لكن بقيت قصته.. تفاصيل آخر مكالمة لموظف الموارد البشرية مع زميلته تكشف لحظات الوجع: "مش عارف أخرج.. إحنا كده خلاص".. صور

هل يستطيع ترامب شل حركة "إف-35" فى أوروبا؟.. تقارير: مخاوف متصاعدة من "زر أمريكا"


مصدر بالاتحاد المنستيرى: الزمالك فاوضنا لضم محمود غربال.. وهذا موقفنا

"تسجيلات مسربة" ترامب يهدد بقصف روسيا والصين و قمع الجامعات.. التفاصيل

جينيفر أنيستون تجد شريك حياتها بعد سنوات من الخلافات العاطفية

نتيجة الدبلومات الفنية برقم الجلوس 2025.. مراجعة الدرجات وتجميعها

أحمد فهمى: فيلمى مع السقا تجربة صعبة وأحمد نادر جلال قدم مجهودا كبيرا

تجهيز نتيجة الدبلومات الفنية 2025 وإتاحتها إلكترونيا للطلاب

بعد ملاحقة إبراهيم سعيد للحجز على ممتلكاته.. اعرف المستندات اللازمة للدعوى؟

التشكيل المتوقع لموقعة بى إس جى ضد الريال فى نصف نهائى كأس العالم للأندية

طائرة الريال تهبط فى نيويورك بعد تأخرها بسبب العاصفة وإلغاء مؤتمر ألونسو

قبل ما تشغل التكييف.. 9 نصائح تحميك من كارثة حريق مفاجئة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى