فنزويلا والبرازيل.. عندما تفشل دولة غنية وتنجح دولة فقيرة

 أكرم القصاص
أكرم القصاص
بقلم - أكرم القصاص
فى السياسة والاقتصاد لا تكفى النية الحسنة للنجاح، ونجاح أى تجربة سياسية واقتصادية مرهون بخلق توازن دقيق بين الدولة ورأس المال والمجتمع والقوى الإقليمية والدولية. وفيما يتعلق بتجربة فنزويلا، والبرازيل، هما تجربتان فى أمريكا اللاتينية تختلفان فى الشكل والنتائج، وتقدمان دروسا مختلفة فى أن العالم تغير، وأن ما كان يصلح فى السابق لم يعد نافعا اليوم. انطلقت البرازيل، بينما غرقت فنزويلا فى الديون والفقر والجوع والإفلاس. بالرغم من أن فنزويلا أغنى بالبترول والموارد.
 
تمتلك فنزويلا على الساحل الشمالى لأمريكا اللاتينية بالإضافة للنفط ثروات طبيعية وتعدينية، قمم جبال الأنديز المغطاة بالثلوج فى الغرب، وغابات الأمازون فى الجنوب، وصولاً إلى شواطئ الكاريبى فى الشمال. ويعيش فى فنزويلا 30 مليون نسمة، منهم قرابة 1.6 مليون من أصول عربية. وتمتلك أكبر مخزون من النفط فى العالم، وكميات كبيرة من الفحم والحديد والذهب، ومع كل هذه الثروات يواجه الشعب مجاعة وفقرا وتدهورا اقتصاديا واجتماعيا متصاعدا منذ خمس سنوات.
 
الرئيس الفنزويلى وحزبه يحملان المعارضة والولايات المتحدة المسؤولية حيث تفرض أمريكا حصارا على فنزويلا منذ عام، فضلا عن توتر منذ تولى الرئيس السابق هوجو شافيز السلطة، وإعلانه الحرب على الشركات الأمريكية والمستثمرين وتوقفت أمريكا عن استيراد نفط فنزويلا مؤخرا. وبالطبع تتحمل واشنطن جزءا من المسؤولية، لكن النظام الحالى والسابق يتحملان مسؤولية الفشل.
 
تولى الرئيس الحالى نيكولاس مادورو منصب الرئيس بالنيابة بعد وفاة شافيز فى مارس 2013، وفاز فى الانتخابات الرئاسية، وسار على سياسات شافيز. رافضا تعديل السياسات الاقتصادية التى حولت فنزويلا إلى دولة فاشلة.
 
هوجو شافيز بعد توليه السلطة عام 1998. أعلن مساندة الفقراء وخصص الجزء الأكبر من عائدات النفط لبناء مساكن لسكان عشش الصفيح. وبرامج التنمية الاجتماعية لكنه لم ينخرط فى تنمية صناعية وزراعية. وبالرغم من إعجابه بتجربة عبدالناصر فى مصر لم يعرف أن التجربة الناصرية كانت فى عصر القطبية ثم أن عبدالناصر ركز بجانب مساندة الطبقات الفقيرة على التصنيع ودعم الفلاحين والتوسع فى التعليم، فضلا عن أن التأميم والقطاع العام كانا ضمن مفردات العصر حتى فى دول أوروبا الغربية. ونجح فى العمل ضمن نظام الأقطاب بل دفع دول العالم الثالث لإنتاج منظماتها ومنها عدم الانحياز التى نجحت فى تشكيل قوة معتبرة ضمن النظام الدولى. وترك عبدالناصر مؤسسات صناعية وتنموية استمرت لعقود وساهم فى توسيع الطبقة الوسطى وخفض الفقر.
 
فى المقابل خاض هوجو شافيز حربا متعددة الأطراف مع الولايات المتحدة ومع رجال المال ما دفع إلى هروب الأموال خارج فنزويلا وتوقف الاستثمارات. وأنفق العائدات الضخمة على برامج إسكان ومعونات للفقراء لم تخرجهم من الفقر ولا ساهمت فى خفض البطالة ومع الوقت انتهت السياسات إلى تراجع التنمية وتضاعف البطالة. وتراكم الديون.
 
وعلى العكس فإن تجربة لولا دسيلفيا فى البرازيل اتفق مع البنك الدولى وحصل على قروض ودعم الاستثمارات والقطاع الخاص واجتذب استثمارات خارجية، وأقام بنية تحتية من الطرق والطاقة والمؤسسات التعليمية ونجح فى سداد القروض فى مواعيدها، وشجع الاستثمار فى الزراعة والصناعة والإنتاج الحيوانى. وراكم على إنجازات وضعها سابقوه.
 
على العكس فى فنزويلا حاول شافيز تطبيق النظام الاشتراكى بطريقة قديمة، حيث ضاعف من المعونات للفقراء من دون تنمية ولم يراع فروق التوقيت وأن ما كان يصلح فى الستينيات، ومنذ سقوط الاتحاد السوفيتى لم تعد هناك توازنات قوة تسمح بالحماية السياسية، وحتى دولة اشتراكية مثل الصين تحولت إلى اقتصاد مفتوح يركز على العمل والتنمية وليس على المعونات الاجتماعية أو على النفط فقط وبالرغم من أن هوجو شافيز بعد انتخابه عام 1998 وضع دستورا جديدا وأعلن تطبيق النظام الاشتراكى تراجع الفقر قليلا، لكنه لم ينته وبعد تولى نيكولاس مادورو تفاقمت الأزمة بسبب هبوط أسعار النفط وتضاعف معدل التضخم وارتفعت الأسعار واختفت السلع. واندلعت المظاهرات وانتشرت عصابات النهب والفوضى، ويواجه مادورو معارضة تتجاوز الأغنياء ورجال أمريكا إلى الطبقات الوسطى.
 
أنصار الرئيس مادورو يرون أن فنزويلا تواجه حربا اقتصادية وحصارا أمريكيا منذ وصول هوغو شافيز للحكم، وأن أمريكا ساندت انقلابا فاشلا ضد شافيز عام 2002 وأن المعارضة تستغل الأزمة لركوب السلطة. بينما تفتقد السلطة لأى دعم حتى من الفقراء الذين يفترض أنهم استفادوا من عوائد التنمية لأنهم عادوا للفقر ويعانون من الجوع والفوضى.
 
المعارضة ترى أن مادورو فشل ولم يعترف بخطأ السياسات الاقتصادية القائمة على إنفاق عائدات النفط من دون تنمية. ويرى محللون أن شافيز أخطأ عندما أعلن العداء للولايات المتحدة ورجال المال والمستثمرين من دون بدائل ولم يراع توازنات القوة والسلطة. ثم إن الفقراء ظلوا فقراء وابتلع الفساد الثروة، بينما التنمية يفترض أن تخفض الفقر وتوسع الطبقة الوسطى وهو مالم يحدث فى فنزويلا وحدث فى البرازيل. ولم يراع تحولات السياسة والتوازنات فى السلطة والاقتصاد التى اجتاحت العالم، حيث المنافسة والإنتاج هى السبيل للصمود فى نظام اقتصادى معقد.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

صفقات الأهلى فى الميزان بعد المونديال.. زيزو يلمع وبن رمضان يبدع وتريزيجيه تحت الضغط

السودان يستغيث.. أمين الأمم المتحدة: الوضع الإنساني متردي للغاية والناس يتضورون جوعا.. تقرير لمجلس الأمن: 80% من المرافق الصحية متوقفة عن العمل بعد تعرضها لـ 540 هجمة.. ومسئولة أممية تحذر من اتساع دائرة الحرب

مانشستر سيتي ضد الهلال.. معركة المال والنجوم تشعل مونديال الأندية

اعترافات لصوص الهواتف المحمولة بالقاهرة: نفذنا 4 جرائم بأسلوب المغافلة

منتخب الشباب يستقر على مواجهة الكويت ودياً 17 و20 يوليو


أغنيتان من ألحان عمرو الخضرى في ألبوم رامي صبري الجديد

استخراج جثة سيدة بعد تقطيع السيارة إثر سقوط ونش عليها بطريق الأوتوستراد

أحمد حسام: هعرف أثبت نفسى فى الزمالك.. ومابلولو وماييلى أصعب مهاجمين

وزير الخارجية يزف بشرى للمصريين بالخارج: بحث تجديد مبادرة استيراد السيارات

سامح مهران رئيس مهرجان المسرح التجريبى يلقى رسالة اليوم العربى للمسرح 2026


وزير الخارجية: الرؤية المصرية أن تدير السلطة الوطنية الفلسطينية قطاع غزة

وزير الخارجية يكشف للميس الحديدي بعضا من ملامح اتفاق غزة المرتقب

مصرع سيدة سقط عليها ونش أثناء تواجده داخل سيارته فى طريق الأوتوستراد.. صور

الأهلى يقرر تعديل عقد وسام أبو على وضمه للفئة الأولى المميزة

الجمارك تحبط محاولة تهريب 3 آلاف دولار داخل "شبشب" فى طرد قادم من المغرب

رؤساء الهيئات القضائية الجدد يؤدون اليمين أمام الرئيس السيسي.. تكريم القضاة السابقين بوسام الجمهورية تقديرًا لعطائهم في صون العدالة وترسيخ دولة القانون.. والرئيس يؤكد على استقلال القضاء

كايروكى في أقوى حفلة باستاد القاهرة بحضور أكثر من 60 ألفًا.. فلسطين حاضرة بقوة برسائل دعم وصور الشهداء.. غناء أكثر من 26 أغنية منها أغانٍ منذ 12 عامًا.. أمير عيد: إحنا بسببكم عملنا أكبر حفلة بمصر

باريس سان جيرمان يعزز تقدمه أمام إنتر ميامى بهدف ثان للنجم نيفيس

اتحاد الكرة يعلن نظام المسابقات والصعود والهبوط بالموسم الجديد

صراع الكبار فى مونديال الأندية 2025.. باريس سان جيرمان وإنتر ميامي فى لقاء نارى.. ميسي فى مواجهة التحدى والذكريات أمام إنريكي.. وملحمة أوروبية لاتينية بين بايرن ميونخ وفلامنجو لخطف بطاقة ربع النهائى

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى