خالد صلاح يكتب: الله والكلمة

الكاتب الصحفى خالد صلاح
الكاتب الصحفى خالد صلاح
شائعات
شائعات
 
 
تأمل يا أخى قول الله تعالى فى سورة إبراهيم:
«أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِى السَّمَاءِ (24) تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِى الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)».
 
انظر كيف وصف الله تعالى قيمة الكلمة وقوتها، واقرأ فى دلالات تلك الآيات الكريمة وأثرها فى بناء الأمم أو فى هدمها، الرب فى علاه ينبه لخطورة الكلمة، فهى إما شجرة مثمرة تنعم على البشر بثمارها، وإما شجرة خبيثة لا تترك فى الأرض أثرًا إلا للدمار والخراب، الكلمة إما سحر أسود يفرق بين المرء وزوجه ويشعل الفتن بين الناس، وإما ظل ظليل يؤنس هؤلاء الذين يكافحون لإعمار الأرض.
 
هذا هو قول الله فى الكلمة، بينما يقول رسول الله، صلوات الله عليه: «هل يكب الناس على وجوههم فى النار إلا حصائد ألسنتهم»، أهكذا يا رسول الله.. الكلمة يمكن أن تطيح بك خارج دائرة الغفران الإلهى وترمى بك فى النار إلى الأبد، ما ينطق به لسانك هو الذى يحدد مصيرك فى الآخرة، لأن كل كلمة تخرج منك إما شجرة طيبة وإما شجرة خبيثة، وما تنطق من قول إلا لديك رقيب عتيد.
 
هذا هو دور الكلمة فى الفهم الإلهى وفى الرؤية المحمدية، وهذا هو تأثير الكلمة فى الدنيا وفى الآخرة، فكيف يمكن لك أن تتصور أن بناء المجتمعات، ودفع مسيرة التنمية الاقتصادية، وتحريك المجتمع نحو العمل والتقدم يمكن أن يتم بنجاح معزول عن دور «الكلمة الطيبة» أو «الكلمة الخبيثة» فى الصحف وفى الفضائيات، وفى بوستات الـ«سوشيال ميديا»، وفى تغريدات تويتر أو حتى فى جروبات الـ«واتس آب».
 
كل ما نقوله إما طيباً وإما خبيثاً، وكل طيب أو خبيث ينعكس تأثيره وفق هذا الوصف القرآنى، إما يحفز الهمم ويلهب العواطف ويضاعف من حماس الناس ويرفع سقف الأمل فى البلد، وإما خبيثاً يدنس كل فعل نبيل، ويقطع أحبال الأمل فى المجتمع، ويكسر العزائم، ويثبط الهمم، ويثير الخوف والريبة بين الناس.
 
نحن بنو البشر جنس تبنينا الكلمات، وتهدمنا الكلمات، نحن لسنا سوى حصاد كلمات طيبة أو ضحايا كلمات خبيثة، لا أقول ذلك أنا، بل يقوله الله تبارك وتعالى، ولا أدعى ذلك على علم عندى، بل يؤكده محمد النبى، صلوات الله وسلامه عليه، ثم يؤكده من بعد هذه النصوص المقدسة كل علماء النفس والاجتماع، وكل المؤرخين العظماء وكل علماء التخطيط، وكل الذين يعرفون أن الإنسان هو محور التنمية، والإنسان تبنيه كلمة، وتهدمه كلمة، ولذلك قال النبى كذلك: «فليقل خيرا، أو ليصمت».
 
أقول قولى هذا وأنا أتأمل كل ما يشغل الساحة العامة حول حرية الرأى والتعبير، أنا معلق بأستار هذه القيمة النبيلة، أعنى «حرية الرأى والتعبير»، ولكننى وأنا معلق بأستارها أتذكر قول ربى فى وصف الكلمة، وأتذكر قول سيدى وحبيبى رسول الله، صلوات الله وسلامه عليه، فى تأثير الكلمة على حياة الناس، وعلى حركة الأمم.
 
لا أظن أن الأمم يمكن أن تنمو وتتطور بدون «حرية الرأى والتعبير»، لم يعد هناك مجال لإهدار هذه القاعدة الديمقراطية الأصيلة، لكننى لا أظن أن حرية الرأى والتعبير يمكن أن تكون بديلا عن القاعدة الإلهية التى تصنف الكلمات بين الطيب والخبيث، وتحدد مصير الأمم بين هؤلاء الذين يزرعون الشجر الطيب، أو يذبحون أنفسهم ومجتمعاتهم بالشجر الخبيث، ثم يكبون أنفسهم فى النار بحصائد ألسنتهم.
 
عليك أنت أن تفكر وحدك وأنت تناضل من أجل الديمقراطية وحرية الرأى والتعبير، كيف توفق بين القواعد الإلهية فى «الكلمة والتعبير»، وبين أحلامك فى «حرية الكلمة والتعبير»؟
 
هذا الكلام لأصحاب النوايا الحسنة فقط.
 وتبقى مصر من وراء القصد.
 
 
 
مقال استاذ خالد صلاح رئيس تحرير اليوم السابع

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ميركاتو الأهلى..7 راحلين و8 صفقات جديدة والقوس لا يزال مفتوحا

كريم عبد العزيز ينفرد بصدارة نادى الـ 100 فى إيرادات السينما المصرية

ردود أفعال رائعة من الجماهير والفنانين بعد ظهور الزعيم عادل إمام

لأول مرة.. حديقة أمريكية تزرع أكبر ناب معدنى فى العالم لـ دب بنى "صور"

9 آلاف دولار للفرد بإجمالى 5 مليارات.. شركة أمريكية تضع تكلفة تهجير الفلسطينيين


"صلاح – ماني - فيرمينو" ضمن أفضل 10 ثلاثيات هجومية فى القرن الـ 21

مصدر: كاتي بيري مٌحبطة وحزينة بسبب سلوك أورلاندو بلوم بعد الانفصال

ريال مدريد ينجو من ريمونتادا دورتموند فى كأس العالم للأندية.. كيليان مبابى يقص شريط أهدافه بالمونديال.. جارسيا يكرر إنجاز رونالدو وينتزع صدارة قائمة الهدافين.. و"الملكي" ينفرد برقم تاريخي تحت أنظار الأهلى

جلسة خلال ساعات بين الزمالك وبيراميدز للتفاوض حول صفقات الصيف

إيقاف 7 مهندسين بسبب بناء جسر بزاوية 90 درجة فى الهند.. فيديو


ريال مدريد ينفرد برقم تاريخى فى كأس العالم للأندية تحت أنظار الأهلى

بعد أحمد وأحمد.. فيلما الشاطر والجواهرجي ينافسان في موسم صيف 2025

مواعيد مباريات اليوم.. نهائي مثير فى كأس الكونكاكاف الذهبية

ضجة تسونامى المزعومة.. لماذا يثير البحر المتوسط قلقاً غير مبرر؟.. الموج العالى وظهور القرش ظواهر طبيعية لا علاقة لها بالكوارث.. والنشاط الزلزالى طبيعى ولا ينذر بكارثة وشيكة.. والوعى العلمى خط الدفاع ضد الشائعات

الأهلى يرفض ضغوط وسام أبو علي للتراجع عن دفع 10 ملايين دولار للرحيل

ريبيرو يرفض صفقات تدعيم الجبهة اليمنى للأهلى بسبب هانى وعمر كمال

الطقس اليوم.. شديد الحرارة وشبورة ورطوبة والعظمى بالقاهرة 36 درجة

وصول أسئلة امتحان الرياضيات البحتة إلى لجان الثانوية العامة بالجيزة

صراع نارى على التتويج بجائزة هداف كأس العالم للأندية 2025

ميسي يقود إنتر ميامي لقلب الطاولة على مونتريال برباعية مثيرة.. فيديو

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى