سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 10 مارس 1949.. إسرائيل تحتل أم الرشراش بتواطؤ بريطانى أمريكى لقطع اتصال مصر البرى بالمشرق العربى

«بدا الحدث فى حينه للكثيرين مجرد اعتداء إسرائيلى على قرية فلسطينية للصيادين، فالكثير من الأحداث الكبرى التى شهدتها المنطقة، ترتبت على احتلال إسرائيل لهذه القرية التى تقع على خليج العقبة».
 
هكذا يستهل «محمود رياض» فى الجزء الثانى من مذكراته «الأمن القومى العربى- بين الإنجاز والفشل» عن «دار المستقبل العربى- القاهرة» شرحه لقصة احتلال إسرائيل لقرية «أم الرشراش» يوم 10 مارس «مثل هذا اليوم» عام 1949، و«رياض» شغل منصب وزير خارجية مصر من عام 1964 إلى 1972، ثم أمين عام جامعة الدول العربية من 1972 حتى استقالته فى مارس 1979 على خلفية السلام بين مصر وإسرائيل، وحسب مذكراته فإنه كان أثناء احتلال «أم الرشراش» رئيسا لوفد مصر فى لجنة الهدنة المشتركة التى أسفرت عن إقرار هدنة دائمة بين مصر واليهود يوم 24 فبراير 1949، ويقول فى الجزء الأول من مذكراته «البحث عن السلام.. والصراع فى الشرق الأوسط»، إنه بتوقيع اتفاق الهدنة خرج بانطباع شخصى بانتهاء النزاع المسلح بين إسرائيل والدول العربية، وزاد يقينه بتوقيع الأردن ولبنان وسوريا على اتفاقات مماثلة، وتبدد هذا الانطباع حين احتلت إسرائيل أم رشراش.
 
اللافت فى سرد «رياض» لقصة احتلال «أم رشراش»، قوله نصا: «قرية فلسطينية للصيادين تقع على خليج العقبة»، وهذا عكس الخطاب الإعلامى الشائع فى مصر بأنها «مصرية»، وينقل رياض رواية رئيس وزراء الأردن توفيق باشا أبوالهدى لقصة احتلالها، أمام مؤتمر رؤساء الحكومات العربية فى يناير 1955، لإثبات أن أحد أهداف قيام إسرائيل هو فصل عن المشرق العربى، يقول رياض: «قال توفيق الباشا، إن القوات اليهودية عندما تقدمت جنوبا فى اتجاه خليج العقبة فى مارس 1949 لاحتلال أم رشراش، قال له الوزير المفوض البريطانى فى عمان، إن حكومته ترى ضرورة استمرار المواصلات البرية بين مصر والدول العربية، وتقترح إرسال كتيبة بريطانية إلى مدينة العقبة لتمنع اليهود من الوصول إلى خليج العقبة، وأوضح توفيق الباشا أن تواجد كتيبة بريطانية فى ميناء العقبة، كان يتطلب موافقة الحكومة الأردنية حسب الاتفاقية العسكرية بين البلدين، ووافق هو فورا على الاقتراح، وكانت الحكومة البريطانية ترغب فى الاحتفاظ بخطوط مواصلاتها بين قواتها فى قناة السويس وقواعدها فى الأردن والعراق والخليج، ووصلت الكتيبة فعلا إلى ميناء العقبة الأردنى، على أن تتحرك فى الوقت المناسب لوقف التقدم اليهودى، لكنها ظلت فى ميناء العقبة دون تحرك، بينما استمرت القوات اليهودية فى تقدمها حتى احتلت أم رشراش، وذكر أبوالهدى، أنه استدعى القائد الإنجليزى، واستفسر منه عن سبب عدم وقفه للزحف اليهودى، فأجاب بأن التعليمات لديه، هى عدم التعرض للقوات اليهودية إلا إذا اعتدت على الحدود الأردنية».
 
يواصل رياض: «استدعى أبوالهدى الوزير المفوض البريطانى مستنكرا، وطلب تفسيرا للموقف البريطانى، وفى اليوم التالى وصلته رسالة من «بيفين» وزير خارجية بريطانيا، يبلغه فيها أن الحكومة الأمريكية، ضغطت عليه لتغيير سياسته والسماح لإسرائيل باحتلال أم رشراش».
 
يستخلص رياض من ذلك، أنه كان هناك تواطؤ أمريكى يهودى لقيام إسرائيل وتحقيق أهدافها للوصول إلى خليج العقبة، ويقول: «كل ما سمعته من رئيس وزراء الأردن فى ذلك اليوم كان جديدا تماما على، وفسر لى الأحداث التى عاصرتها عند احتلال أم رشراش، فعندما وقعت مصر اتفاقية الهدنة فى 24 فبراير 1949 سارعت أمريكا بتقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن فى 4 مارس بقبول عضوية إسرائيل فى الأمم المتحدة، وفى اليوم التالى مباشرة حركت إسرائيل قواتها جنوبا لاحتلال مناطق حيوية فى النقب ضاربة عرض الحائط بقرارات مجلس الأمن، التى تحول دون تحرك عسكرى للحصول على مكاسب إقليمية».
 
يؤكد رياض، أنه فى 7 مارس تحركت القوات الإسرائيلية جنوبا لاحتلال منطقة العقبة، وبعد أن تأكدت أن القوات البريطانية لن تعترضها بناء على التدخل الأمريكى، وأن مجلس الأمن الدولى لن يتحرك اندفعت لاحتلال أم رشراش، ويكشف، أنه حين احتج إلى الجنرال رايلى الأمريكى الجنسية، وطالبه بعودة قوات إسرائيل إلى مواقعها، اضطر «رايلى» أن يدين فقط طريقة إسرائيل فى احتلال «أم رشراش»، لكنه لم يدينها لاحتلالها ولم يطالبها بالانسحاب.
 
يقطع رياض، بأن احتلال إسرائيل لأم رشراش، كان له «دلالة بالغة فى وقت مبكر، فالوصول إلى خليج العقبة كان هدفه قطع أى اتصال برى بين مصر والمشرق العربى، والحصول على منفذ على البحر الأحمر لتيسير اتصالها بالقارة الأفريقية والشرق الأقصى، وفى سبيل تحقيق هذا الهدف، لم يتردد الإسرائيليون لحظة أن يضربوا عرض الحائط بميثاق الأمم المتحدة وقراراتها وبالاتفاقات التى يوقعونها.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الداخلية تضبط قائد سيارة نقل جماعى يسير عكس الاتجاه في مدينة نصر

رويترز: رد حماس إيجابى ويساعد فى التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة

الصور الأولى من زفاف ابنة محمد فؤاد.. وهانى رمزى أول الحاضرين

زد يترقب موقف الأهلي من إعارة أحمد عبد القادر موسما خلال ميركاتو الصيف

تنسيق الجامعات 2025.. قائمة كليات يشترط القبول بها اجتياز اختبارات القدرات


إبراهيم عادل يتلقى عرضا من الدورى الفرنسى

أشعة جديدة تنتظر طاهر محمد طاهر فى الأهلي بسبب شد منشأ العضلة الأمامية

موعد مباراة فلومينينسي ضد الهلال فى ربع نهائى كأس العالم للأندية

حادث خطير فى غزة.. تفاصيل كمين يستهدف 30 جنديا إسرائيليا فى الشجاعية

احنا الملوك.. شاهد كيف قدم الزمالك فارسه الجديد يانيك فيريرا مديرا فنيا


الأهلى يسعى لإفساد مُخطط أحمد عبد القادر بالانتقال للزمالك

المصرى يعلن تجديد عقد الجزائرى عبد الرحيم دغموم.. فيديو

مركز الجزيرة "2" ينظم مهرجانا للألعاب المائية وينضم لمبادرة تمكين الشباب.. صور

وفاة سائق قطار 43 سنة تعرض لنوبة قلبية بعد توقفه بمحطة التحرير بالبحيرة

موجة شراء إسرائيلية لعقارات قبرص تثير القلق.. والأحزاب تحذر: قد نفقد بلادنا

وفاة الفنانة الإماراتية رزيقة الطارش عن عمر ناهز 71 عامًا

الهروب الكبير.. هجرة اليهود إلى أوروبا.. ارتفاع أعداد المهاجرين من إسرائيل لعدم الاستقرار الأمنى.. فرار جماعى عبر البحر هربا من الجحيم.. آلاف الإسرائيليين ينزحون داخليا وخارجيا.. 78مليار خسائر تل أبيب فى 20شهرا

غدا.. المحكمة الدستورية تفصل فى دعوى عدم دستورية قانون الإيجار القديم

الكشف الطبى يحدد مصير آدم كايد مع الزمالك

شعار سوريا الجديد يشعل ضجة بين الرافض والمؤيد.. فماذا تعرف عنه؟

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى