خالد صلاح يكتب: اندفاعات الإسلام السياسى ..كيف ضيعنا بناء نظرية إسلامية للإدارة والحكم؟

الكاتب الصحفى خالد صلاح
الكاتب الصحفى خالد صلاح
داعش (2)
 
الانحراف الفكرى بالشريعة والدين، وتفسيرات النص المقدس على أيدى جماعات التطرف والإرهاب، لم يدفع الأمة نحو العنف والدم والتخريب فقط، لكنه جرف الأفكار العظيمة للإسلام نحو مقبرة إجبارية، وعطل العقل الإنسانى فى العالم عن قراءة القيم الأساسية فى التشريع والحكم والإدارة لهذه الرسالة الخالدة عبر الحقب المتتالية التى تحولت فيها النظرية الإسلامية إلى تطبيق عملى فى بلدان الخلافة وما بعدها. 
 
كان باستطاعة هذه الأمة أن تبرهن على «صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان»، ليس باستنساخ وتقليد ما جرى فى الماضى، لكن باستلهام قيم الحكم وقواعد الإدارة فى المنظومة الإسلامية الأولى، ودمجها الطبيعى مع العصر الذى تحياه الأمة اليوم أو غدا أو بعد غد. 
 
 صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان هى حقيقة لا تقبل الجدال، نصا وعقلا فى إيمانى الراسخ، لكن الشك فى هذه الصلاحية من زاوية الحكم أتى على أيدى جماعات التخلف التى ظنت أن باستطاعتها البرهنة على صلاحية الإسلام للحكم بالقوة والبطش، واستخفت بالمعنى العقلى والقيمة الفلسفية والسياق الزمنى لهذه الصلاحية.
 
 تلك القوى الجاهلة التى اختصرت منظومة شاملة فى القيم والإدارة والاجتماع والسياسة والحكم والشورى والعمل العام وإدارة أموال الدولة وبناء الجيوش وقيادة الحروب وإدارة بلدان الفتوحات، اختصرتها جميعا بتاريخها النابض بالحيوية وابتذلتها جميعا بتجلياتها الزمنية المختلفة، ولخصتها فى تطبيق حدود قطع يد السارق أو رجم الزانى والزانية. 
 
 هكذا بكل بساطة اعتبرت هذه القوى الجاهلة أن أى حكم آخر للجرائم المنصوص عليها «حرفيا» انحراف بالشريعة، وإقصاء للنص المقدس من قوانين البلاد، هكذا بكل سذاجة صارت الحدود هى الشريعة، وصار قطع يد السارق هو الحدود، واختفت القيم الأكبر والأهم، والفلسفات والنظريات الأعمق والأشمل من دوائر الحوار ومن أفق الرؤية، فخسرنا وخسرت الأمة قدراتها على بناء نظرية إسلامية للحكم والإدارة، فعلية، وجادة، وإنسانية، وقابلة للتطبيق عبر الأزمنة، أى «صالحة لكل زمان ومكان». 
 
 أسألك: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان؟ 
 
الإجابة: نعم بكل تأكيد 
 
لكن لا يمكن حتى للمؤمنين مثلى أو مثلك أن يستقبلوا هذه الإجابة ببساطة، ويتكئوا على أريكة وثيرة ليتركوا القوى السلفية أو جماعات التطرف أو داعش ليقولوا لنا كيف تكون هذه الصلاحية، وكيف يمكن تأسيس نظرية إسلامية عالمية وعصرية وعابرة للأزمنة فى الحكم والإدارة، هؤلاء لم يقرأوا تاريخ هذا الدين، لكنهم قرأوا كتاب الغزوات وحده، هؤلاء لم يعرفوا موقع المرأة من النص المقدس، ولا دورها فى بناء الدولة، لكنهم عرفوها من وراء حجاب حرة، أو فى الفراش زوجة أو ملكة يمين، التراث وتاريخ أمة الإسلام تقرأها عيون تضع عينها على «ثروات بيت مال المسلمين» أملا فى ثراء كهذا الذى اكتنزه بنو أمية، أو تضع عينها على مقبض السيف طمعا فى إمبراطورية كتلك التى أسسها «بنو العباس»، لكن لا أحد، وأكرر لا أحد، قرأ النص المقدس وأحكامه فى سبيل هذا الدين، ولغاية أصلها «صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان».. 
 
فقدنا هذه المنحة الربانية، فقدناها بأيدينا، ودفن السفهاء منا تاريخ هذه الأمة السياسى والفكرى والإدارى والتنظيمى دون أن يضعوا شاهدا على الضريح، أبى السفهاء منا إلا أن يقرأوا ما ترتضيه أهواؤهم من التاريخ، لكن هؤلاء الذين لا يبتغون إلا وجه الله وسمو هذه الرسالة، يعلمون أن الإسلام لم يغلق بابا للفكر الحر، ولم ينعزل عن عصره، ولم يرفض فكرة من أمم الأرض، آمنت أم لم تؤمن، ولم يقطع طريقا نحو التعلم، ولم تتصلب شرايينه لتجرى فيه دماء كل الفلسفات والأفكار ونظم الحكم والسياسة، هذه هى عبقريته الأصلية، أنه يقدم للأمة، أى أمة، قيما أساسية للعدل والرفاهية، ويترك أبناء كل عصر يتكلمون لغة عصرهم، ويعيشون ثقافة زمنهم، ويحكمون بما تقبله طبائع الناس التى تغيرها الجغرافيا ويبدلها التاريخ. 
 
الإسلام يصلح حيث تستقيم مصالح الناس. 
 
والله أعلى وأعلم. 
 
 مصر من وراء القصد.
 
الاخوان
 
داعش (1)
 
اليوم السابع
 
 
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

هل ينجح لبنان فى معركة "حصر السلاح"؟.. حزب الله يتمسك بسلاحه ويهدد باحتجاجات فى الشوارع.. إيران تجدد الدعم.. جلسة لمجلس الوزراء فى نهاية أغسطس لمناقشة الجدول الزمني للتنفيذ.. وضغوط إسرائيلية تزيد المشهد تعقيدًا

قصة أغنية الأيام لـ ويجز قبل غنائها فى مهرجان العلمين

شباب الطائرة في مواجهة تايلاند ببطولة العالم بالصين

هالاند يقود تشكيل الجولة الثانية فى لعبة فانتازى الدورى الإنجليزى

جمعوا 100 مليون دولار.. غانا تسلم أمريكا "النصابين الثلاثة".. ما القصة


تفاصيل التحقيقات مع متهم بالنصب على المواطنين بزعم تسفيرهم للخارج

من قطع الرؤوس إلى طعن التلاميذ.. حوادث تقشعر لها الأبدان فى 2025.. المكسيك تشهد أسوأ الجرائم 20 جثة مشوهة معلقة فى جسر بسينالوا.. نهاية مفزعة لملكة جمال سويسرا بعد طحن جثتها بالخلاط.. وعنف السكاكين يعبث بأوروبا

أسعار اشتراكات المترو لكل الفئات وموعد فتح اشتراك الطلبة وأماكن المكاتب

محمود فوزى: نظام البكالوريا مجانى ومتعدد ويقضى على شبح الثانوية العامة

تنفيذ الإعدام بحق المتهم الرئيسى فى جريمة اغتصاب سيدة أمام زوجها بالإسماعيلية


المستشار محمود فوزي: دعوا الوقت يثبت جدية الحكومة فى تطبيق قانون الإيجار القديم

"أنس الشريف أيقونة غزة".. شقيقه الأكبر في أول حوار صحفى لـ"اليوم السابع": آخر مكالمة أكد عدم مغادرته شمال القطاع حتى لو نزح الجميع.. كان يتمنى أداء الحج مع زوجته ووالدته.. تلقى عرضا للسفر قبل 5 أيام من استشهاده

عمر مرموش يُفاجئ الجميع بأصعب مدافع واجهه فى الدورى الإنجليزى

موسيالا: الإصابة لن توقفني.. ومونديال 2026 محطة خاصة

زفاف بعد السبعين.. فريد وفاطمة يتحديان السن ويدخلان عش الزوجية فى المنوفية

مى القاضى طليقة أحمد فهمى فى مسلسل 2 قهوة والعرض قريباً

القصاص من سفاح الإسماعيلية.. فصل رأس عامل عن جسده فى وضح النهار.. ارتكب جريمته أمام المارة فى الشارع.. تنفيذ الحكم بإعدامه بعد انتهاء درجات التقاضى.. وتسليم جثمانه لذويه ودفنه فى حضور عدد محدود من الأهالى

الآن نتيجة الدور الثانى للشهادة الإعدادية لمحافظة سوهاج بالاسم ورقم الجلوس

محمد صلاح يحقق إنجازًا تاريخيًا غير مسبوق في الدوري الإنجليزي

رسميا.. الزمالك يناشد رئاسة الجمهورية للتدخل بعد سحب أرض أكتوبر

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى