أدهم العبودى يكتب: مصطفى منير المهموم بالفقر والوطن وأشياء أخرى

أدهم العبودى
أدهم العبودى

علاقتى بالكاتب "مصطفى منير" بدأت عبر صفحات التواصل الاجتماعى، كنتُ قد أبديت رأيًا فى بعض كتاباته، ففاجئنى بطلب مشورة، وقتها كان يكتبُ ما أطلقَ عليه "تخاريف"، وأرسل لي معظمها للإطلاع وما إذا كانت تصلُح لضمّها بين دفتى كتاب من عدمه، قلتُ له فورًا بالطّبع، فكانت تخاريفه –التي اشتغل عليها مرّة أخرى- عبارة عن كتاب "حانة الفوضى".

قبل هذا الكتاب، كانت ثمّة تجربتان روائيتان لـ"مصطفى"، "باب" و"رهف"، وهما تجربتان إلى حدّ ما يُمكن أن نزعم أنّهما من تجارب البدايات، لم يكن قد قبض على مشروعه الحقيقى، وهو عن الفقر والوطن، الذى استكمله بـ"حانة الفوضى"، ثمّ روايته الأحدث والأنضج "قيامة الظّل" الصّادرة مطلع هذا العام.

كان دافعه الأصيل للكتابة هو وفاة والدته، التى توفاها الله وهو لم يزل في عامه الثّاني بكليّة "الألسن"، فضلاً عن اختياره للكاتب "سلمان رشدى" كى يكتب عنه بحثًا مطوّلاً فى أحد مشاريع الكليّة، وكانت والدته تتنبأ له دومًا بأنّه إمّا سيصير كاتبًا أو صحافيًا كبيرًا، هو بالفعل يخطو نحو هذه المكانة، في دأب وتطوّر مستمر، من عمل لعمل، ومن عام لآخر، فى الوقت الذى بدأ يكتسب فيه شريحة محترمة من القرّاء، يتابعون ما يكتب، ويقتنون أعماله، وهو من عمل لآخر، ومن رواية لأخرى، يسعى حثيثًا لمنح نفسه –قبل القارئ- الرّضا التّام عمّا يقدّم، وإن كان هذا الرّضا عامرًا بالتساؤلات الدّائمة، دلالة على الحيرة التي كثيرًا ما يمتلئ به وجدان الكاتب المثابر البّاحث عن التطوّر دومًا، الكاتب غير المستقرّ على شكل مألوف لكتابته، أو شكل مُعتاد كلاسيكي، هكذا حال المُبدع، تستنزفه التساؤلات بين وبين، وتشتّته المعايير، ويبدو هذا جليًّا في صُلب كتابة "منير"، مرّة هو يكتُب عن "الخوف" في رواية "باب"، ثمّ مرّة يكتُب عن "نفسية الأنثى الممّزعة" في رواية "رهف"، ليبدأ حيرته الحقيقية وتساؤلاته الجدلية حول الكتابة ومعاييرها ودور المثقّف الحقيقي ومواقفه تجاه السُلطة والشّارع في كتابه "حانة الفوضى"، والذي عنونه عنوانًا جانبيًا: "رقصات تعانق رصاصات"، وفيه صنع تصوّرًا عن مقابلات وهمية مع كتّاب عُرفوا عبر مواقفهم التي خلّدتهم، "أمل دنقل" و"يحيى الطّاهر عبد الله" و"رضوى عاشور" و"غسّان كنفاني" وغيرهم، هؤلاء اجتمعوا معه في حانة أطلق عليها "حانة الفوضى"، وبينها وبين الشّوارع مسافات، وبينها وبين الحقيقة مسافات، أين الحقيقة في نهاية الأمر؟.

في أحدث رواياته، "قيامة الظّل"، وعنوانها الفرعى: "الذى كان على حق"، يختلق "مصطفى" عالمًا عبثيًا، يفتتحه قائلاً:

(تساءلتُ هل ظلّي يعجبه كونه ظّلى؟

أيتمرّد حين أغفو ويركض هاربًا من جحيمِ ألوانى؟

أيعشق فتاةً هي ثورته؛ ترقص وتتمايل على صوتِ أنّاتِه؟

أنا واثقٌ أنَّ مقولةَ: "كن أنت لا ظلًّا" تزعجه كثيرًا!).

 في رواية "قيامة الظّل"، يراوغ "مصطفى منير" القارئ، يدخل عالمًا مجهولاً، ويُحكم سيطرته على أدواته، بل يعرف كيف ومتى ينتزع من القارئ المشاعر على تناقضها، فلا تدرى هل أنت أمام "ديستوبيا" متخيّلة مستقبلية نسجها "مصطفى" باقتدار أم أمام "ديستوبيا" تحدث الآن؟ ربّما تحدث في مُحيطك، أو في مُحيط عالمك، تراها بعينيك، إنّه يتنبأ فتكاد تشعر أنّه لا يخونه هذا التنبؤ، أنت أمام "أجل يحدث بالفعل"، مع متغيّرات الواقع المتسارعة، ومع اختلاف مستويات الوعي العام، "أجل هذا يحدث بالفعل"، في هذه الرّواية رموز مغايرة، ولغة متمايزة، طرح جديد وسرد مختلف، استطاع عبره "مصطفى" أن يقبض على لحظات بعينها، لحظات شعورية، ودقائق ما يعانيه شخوص الرّواية، استطاع أن يقبض على تفاصيل لعلّنا نمرّ أمامها مرور كرام، ولكنّها لا تستوقفنا، ولا حتّى لمجرّد الانتباه الخاطف.

"قيامة الظل" هى قيامة ضمائرنا إن استطعنا، فماذا لو تحكمت الظلال فى أصحابها؟! ماذا لو انسلخت عن البشر ومضت تبني عالمها الخاص بها؟! ماذا لو أنها قرّرت في لحظة أن تسيطر على البشر وتقبض على مصائرهم؟!

"مصطفى منير" كاتب من طراز إنسانى، له خصوصيته، هو قادم بقوّة، وخلال سنوات قليلة آتية سيصبح واحدًا من أهمّ الرّوائيين المصريين.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

وزير التموين :تخفيض أسعار اللحوم والدواجن 10% بمناسبة ذكرى ثورة 30 يونيو

تفاصيل التعاقد مع يانيك فيريرا والجهاز المعاون يضم 5 مساعدين أجانب

حماس تعلن استشهاد أسير في مستشفى "سوروكا" الإسرائيلي

المحكمة الإسرائيلية تستدعى ابن نتنياهو لحصوله على جواز سفر دبلوماسى دون حق

الزمالك يجهز بيانًا لتوجيه الشكر لأيمن الرمادى والجهازين الإدارى والطبى


تعرف على البلجيكى يانيك فيريرا المدير الفنى الجديد للزمالك

رئيس "التنظيم والإدارة" يعلن مسابقة لتعيين 14031 معلم مساعد لغة عربية

تركى آل الشيخ يعلن إحياء تامر حسنى حفل بطولة العالم للرياضات الإلكترونية 11 يوليو

النيابة العامة تتيح 3 خدمات إلكترونية لقضايا الأسرة المقيدة قبل 2023

الأهلى يطلب من ريبيرو حسم موقف نجم الفريق الشاب بسبب عرض زعيم الثغر


حزن يخيم على تونس.. 20 غواصًا يبحثون عن الطفلة مريم فى قاع البحر

المتهم بالتعدى على ابنه فى الشرقية: "كنت بأدبه".. فيديو

رسائل مهمة لرئيس مجلس النواب بشأن قانون الإيجار القديم.. حنفى جبالى: نحن أمام تحدى جديد ضمن تحديات سبق أن اجتازها هذا المجلس بعزيمة وثبات وحكمة شهد بها الجميع.. وأزمة الإيجار القديم لم يكن لأى منا يد فى صناعتها

انفجار ناقلة نفط تحمل مليون برميل قبالة سواحل ليبيا

موعد مباراة الإنتر ضد فلومينينسي فى ثمن نهائى كأس العالم للأندية

زلزال بقوة 4.5 درجة يضرب قرب سلسلة جزر توكارا اليابانية

نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 فى جميع المحافظات بالاسم ورقم الجلوس الآن

سيسكا موسكو يترقب الإعلان عن مدرب الزمالك قبل طلب حسام عبد المجيد رسميًا

جمهور الزمالك يترقب الإعلان عن المدير الفني الجديد

تحدٍ من نوع خاص بين مرموش وبونو فى قمة مان سيتي والهلال بمونديال الأندية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى