خالد صلاح يكتب: مصر تحتاج إلى "أرياف"

الكاتب الصحفى خالد صلاح
الكاتب الصحفى خالد صلاح

الريف المصرى

تتوسع مصر عمرانيا على محاور متعددة، مدن صناعية جديدة، عاصمة إدارية حديثة ومتطورة، مدينة جديدة فى العلمين، خلق مجتمعات سكنية حضرية فى سيناء وعلى خط القناة، مدن صناعية وسكنية فى محافظات الصعيد،  التوسع الحضرى يتضاعف بقوة ومرشح للزيادة فى حين أن الاستثمار فى خلق مناطق ريفية لا يسير بنفس هذه الزيادة فى المدن الحضرية.

مصر تحتاج إلى وجود (أرياف) بنفس قدر حاجتها إلى وجود مناطق حضرية، صحيح أننا نتوجه للاستثمار أكثر فى المناطق الصناعية وفى التوسعات العمرانية لاستيعاب الزيادة السكانية، وصحيح كذلك أن التوجه الحضرى له الأولوية فى استيعاب الزيادة السكانية، وفى شغل المناطق الصحراوية خارج الوادى الضيق، لكن الصحيح أيضا أن هذا النوع من التوسعات الحضرية ترسخ ثقافة تعتمد على المدن أكثر مما تعتمد على وجود قرى ونجوع وريف ومجتمعات زراعية كتلك التى صنعت مجد مصر عبر التاريخ.

القرية هى جزء أساسى من نسيج التاريخ المصرى، والقرية بما تشمله من مجتمع عمالة زراعية هى عماد الاقتصاد الغذائى فى البلاد، والقرية هى مكون رئيسى فى خريطة التنمية، وإذا كنا نحلم باستكمال مشروع المليون ونصف المليون فدان فإننا نأمل بأن هذا الأفدنة المليونية يرتبط بها مشروع لاستعادة مفهوم الأرياف فى التاريخ الاجتماعى والثقافى والاقتصادى المصرى، لا أن تكون هذه الأفدنة مجرد ساحات لعمل المزارعين الذين ينتقلون إليها من الدلتا، أو الوادى للعمل، ثم يعودون لاحقا إلى قراهم البعيدة.

نحتاج فى ظنى إلى مشروع للتوسع القروى والريفى، جنبا إلى جنب مع مشروعاتنا فى التوسع الصناعى والحضرى والسكانى حتى نسترد حالة التوازن الناتج عن الخلل الديموجرافى والثقافى الذى صنعته هجرات المزارعين إلى المدن، وهجرة الفلاحين للأرض بحثا عن عمل  فى وظائف غير إنتاجية فى العاصمة أو المدن الرئيسية،  أو الهجرة للعمل فى الخارج .

 هذه الثقافة الزراعية وهذا المنطق الريفى وهذا التوسع القروى يمكن أن يساهم فى استرداد قيمة الزراعة فى عقول وضمائر الجيل الجديد من شباب القوى العاملة فى مصر، وأعمال الفلاحة والإنتاج الزراعى بتنوعاته المختلفة يمكن أن يساهم فى إثراء الاقتصاد المصرى على أصعدة متعددة، وخلق مجتمعات سكانية جديدة تستوعب الزيادة السكانية من جهة، وتشكل خلايا إنتاجية مهمة من جهة أخرى.

أغلب العاملين فى مشروعات التوسع الزراعى الحالى فى البلاد لا يسكنون الأراضى التى يزرعونها، وكثير منهم يعتبرون أن هذه المشروعات الزراعية، وهذه الأفدنة التى يشاركون فى زراعتها لا تمثل لهم شيئا أكثر من كونها مصدرا للرزق، لا أرضا للحياة، لأنهم فى النهاية يسكنون مناطق بعيدة عن هذه الأراضى، أو قرى فى قلب الوادى والدلتا يعودون إليها فى نهاية النهار، أو فى نهاية الأسبوع حسب ظروف كل عامل زراعى، ومن ثم فإن خلق المجتمع الريفى، والتوسع فى بناء القرية المصرية، ونقل سكان إلى هذه القرى الجديدة لا يقل أهمية بأى حال عن التوسع الصناعى والسكنى فى البلاد، ومشروعات الإنتاج الفلاحى من زراعة وحصاد ومواشى وإنتاج حيوانى، لا تقل أهمية عن المشروعات الصناعية المتوسطة أو الصغيرة، أو حتى العملاقة والقومية.

نحتاج أن نتأمل فكرة عودة الأرياف إلى مصر، ونحتاج لأن ندرس تأثير التوسع الحضرى على حساب التوسع الريفى والزراعى، هذا التأثير الذى لا ينعكس اقتصاديا فحسب، لكنه كذلك قد ينعكس اجتماعيا ويؤثر على توجهات الشباب والأسر فى سوق العمل، وعلى مستقبل مصر بيئيا وزراعيا واجتماعيا وأخلاقيا أيضا.

والله أعلى وأعلم

مصر من وراء القصد

مليون فدان

 

العاصمة الإدارية
 

 

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

أرقام ريبيرو مع الأهلى قبل مواجهة غزل المحلة اليوم.. إنفو جراف

جريندو وصنداي يقودان هجوم غزل المحلة أمام الأهلي فى الدوري

الداخلية تضبط المتهمين بالتعدى بالضرب على المواطنين بدراجة نارية

محمد الشناوي فى حراسة المرمى وجراديشار يقود هجوم الأهلي أمام غزل المحلة

إنجاز تاريخي لـ إبراهيم عادل لاعب منتخب شباب الطائرة فى بطولة العالم


واشنطن وتل أبيب تجريان محادثات أولية بشأن زيارة ترامب لإسرائيل ديسمبر المقبل

رفض استئناف علياء قمرون على تجديد حبسها 15 يوما بتهمة غسل الأموال

وزيرا خارجية مصر والعراق يؤكدان رفضهما لسياسة تجويع الفلسطينيين فى غزة

وضع ترتيبات معسكر المنتخب المشارك فى كأس العرب ومواجهة تونس وديًا

الرئيس السيسى يوجه بمواصلة تطوير شبكة الموانئ لتحقيق التكامل مع البنية التحتية


آسر ياسين يرتدى الحلق والسبب دوره فى فيلم ويجز الجديد "وتر واحد".. صور

وصية مريم أبو دقة لنجلها: ادعيلي ولما تتزوج وتجيب بنت سميها مريم

بدء التصويت فى جولة الإعادة بانتخابات الشيوخ بمقر السفارة المصرية بالمغرب

اعترافات التيك توكر أوتاكا: غسلت 12 مليون جنيه فى السيارات لمنحها صبغة شرعية

ميرتس يدعو إلى انتخاب امرأة لمنصب رئيس جمهورية ألمانيا

تنسيق المرحلة الثالثة.. القوائم المُحدثة لمؤسسات التعليم العالي المُعتمدة فى مصر

تنسيق المرحلة الثالثة.. غدا إتاحة تسجيل الرغبات بحد أدنى 50% لجميع الشعب

تنسيق المرحلة الثالثة.. ما القواعد الواجب مراعاتها في التنسيق الإلكتروني؟

تنسيق المرحلة الثالثة.. كيفية التعامل مع موقع التنسيق وتسجيل الرغبات

وزير الطيران: مشروع "مبنى 4" بمطار القاهرة يستوعب 30 مليون مسافر سنويًا

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى