"الجبل المقدس"

كريم خالد عبد العزيز
كريم خالد عبد العزيز
بقلم : كريم خالد عبد العزيز
إنه بقعة مقدسة على أرض مباركة، يطل على صحراء يهوذا من ناحية الشرق وعلى جبال القدس من ناحية الغرب، فيعتبر المنطقة الفاصلة بين الموت والحياة، الموت الذى ترمز إليه الصحراء القاحلة، والحياة التى ترمز إليها ينابيع المياه وأشجار الزيتون.. إنه طور زيتا أو جبل الزيتون المقدس الذى يطل على أورشاليم المباركة، ومنه ترى ساحة المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة.
 
هذا الجبل يعتبر واحداً من أهم المقدسات اليهودية.. لأن العهد القديم من الكتاب المقدس يذكر أن الرب ظهر لحزقيال النبى فى رؤياه على هذا الجبل، وظهر لزكريا بروح النبوة واقفاً على هذا الجبل شافعاً فى شعبه، ويذكر الكتاب أيضاً أن النبى داود صعد على هذا الجبل عارى القدمين باكياً وهارباً أمام ابنه أبشالوم الذى ثار ضده وأحدث انقلاباً على مملكته بجيش كبير ليأخذ منه الحكم.. وحسب المعتقد اليهودي فإن هذا الجبل هو المكان الذي سوف يبدأ الله منه بإقامة الموتى فى نهاية الأيام، لذلك فإن اليهود طلبوا أن يدفنوا هناك فى أعالى الجبل، ومن أيام التوراة إلى يومنا هذا استخدم الجبل كمقبرة للعديد من اليهود.
 
أما فى المسيحية فيعتبر هذا الجبل من أهم البقاع المقدسة أيضاً، لأن السيد المسيح كان يتردد عليه مع تلاميذ ويكرز بالإنجيل هناك، وبحسب الأناجيل المسيحية كان يسوع يصلى ويبكى للآب على هذا الجبل قبل مجيء ساعة صلبه فى الجلجثة خارج أسوار أورشاليم، وكان هذا الجبل المكان الذى صعد منه المسيح بعد قيامته إلى السماء أمام التلاميذ ومن هناك أمرهم بأن يكرزوا بالإنجيل لجميع الأمم، ولذلك بنت الملكة هيلانة فوقه الكنيسة المعروفة بكنيسة الصعود، وهناك العديد من الكنائس والأديرة هناك.
 
فى الإسلام أيضاً يعتبر هذا الجبل من البقاع المقدسة، فلقد أقسم الله به فى القرآن الكريم ليميزه عن غيره من بقاع الأرض: "وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3)" التين هو مسجد دمشق، والزيتون هو طور زيتا أى جبل الزيتون، وطور سينين هو جبل الطور بسيناء حيث كلم الله موسى، وهذا البلد الأمين مكة المكرمة.
 
وبعد الإسلام بزمن قصير ارتبط هذا الجبل بأحداث دينية وروحانية عديدة، فعليه عسكر الجيش الإسلامي عندما جاء لتحرير بيت المقدس من أيدي الرومان، وفيه أقام الخليفة الثانى عمر بن الخطاب، وفيه دفن جماعة من شهداء المسلمين، ومنهم الصحابي المشهور سلمان الفارسى، ولما قدمت صفية زوجة النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس صعدت عليه وصلت به.. وبين أشجار الزيتون التي تغطيه عرفت رابعة العدوية الأسعدية "أم الخير" ربها وتعبدت في زهد تام لسنوات عديدة، وعاشت علاقة حب مع الله، وكانت تكتب شعرا ومديحا لله، كأنه الحبيب الذى تناجيه كل ليلة، وأسست مذهب تصوف إسلامى وهو مذهب الحب الإلهى، حتى توفيت فى الثمانين من عمرها، ودفنت فيه فى مقبرة خاصة على رأسه.
 
ما أجمل هذا الجبل الذي يوحد الديانات السماوية الثلاثة في الاتفاق على قدسيته، وما أروع تلك المدينة التى توحد مقدسات اليهودية والمسيحية والإسلام على أرضها المباركة.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

انطلاق امتحانات الثانوية العامة للدور الثانى السبت 16 أغسطس بالعربى والدين.. وزارة التعليم تكلف الملاحظين وتشكل غرفة عمليات لمتابعة الاختبارات.. وتؤكد: الأسئلة بنفس مواصفة الدور الأول.. وتشدد على مكافحة الغش

ناشئو اليد أمام النرويج فى تحديد مراكز بطولة العالم

"فتح" تحمل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة الأسير مروان البرغوثى

الأهلى يبحث عن تصحيح المسار الليلة أمام فاركو بالدوري المصري

الطقس اليوم.. شديد الحرارة ورطوبة مرتفعة والعظمى بالقاهرة 38 وأسوان 49


هداف الدوري الإنجليزي التاريخي.. محمد صلاح خامس العظماء

مصر تعود لقلب أفريقيا.. تخصيص 5 آلاف فدان لمزارعين مصريين فى كينيا.. اتحاد العمال يطلق مشروعا زراعيا مصريا ضخما فى نيروبى.. عيد مرسال يكشف: تسهيلات لسفر العمال وتأمينهم ومتابعتهم دون أى عائد مادى للنقابة

القوى والفصائل الفلسطينية : الأولوية في الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي ورفع الحصار عن قطاع غزة

لمسة الأبطال.. محمد صلاح ضمن قائمة ملوك الحسم في تاريخ الدوري الإنجليزي

المصرى يغرد فى صدارة الدورى.. بيراميدز يحقق الانتصار الأول.. ومودرن يواصل الانتفاضة


مدرب شيكو بانزا السابق: اللاعب إضافة قوية للزمالك وقادر على التألق فى مركز الجناح

سنة دون مبرر.. غلق الوحدة السكنية يوجب إخلاءها فى قانون الإيجار القديم

أخبار الرياضة المصرية اليوم الخميس 14 – 8 – 2025

عبد الرحيم دغموم رجل مباراة المصري وطلائع الجيش بالدوري

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى