خالد صلاح يكتب: هل انتصر ترامب على الصحافة؟

الكاتب الصحفى خالد صلاح
الكاتب الصحفى خالد صلاح
 
«الصحافة أسقطت الرئيس الأمريكى الأسبق نيكسون»
 
 
هذه الكلمة كانت بمثابة التعويذة السحرية لحرية الصحافة فى الولايات المتحدة، كانت الصحافة أقوى من نواب الكونجرس ومن السيناتورز فى مجلس الشيوخ، وأقوى من الـcia والـfbi، ومن البيت الأبيض، ولم يكن أمام رؤساء الولايات المتحدة مهمة قاسية أكثر من التعامل مع الصحافة والصحفيين، رغبا ورهبا، وكان المواطنون الأمريكيون يؤمنون بهذا الشعار الكبير الذى تتبناه صحيفة واشنطن بوست المرموقة، شعار الصحيفة يقول «الديمقراطية لا تنمو فى الظلام»، فى إشارة إلى أن دور الصحافة فى الديمقراطية العريقة هو إنارة الطريق أمام الناس، ومراقبة أداء السلطة فى كل وقت وفى أى وقت.
 
 
الأمر مختلف الآن جذريا.. لم تعد هذه الأفكار العملاقة راسخة فى أعظم ديمقراطيات الأرض، كان كل ذلك قبل أن تختار هذه الديمقراطية العظيم دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية.. ثم والأهم فى الحقيقة أن كل هذه الأفكار الكبيرة كانت قبل أن يتم «اختراع تويتر وفيس وبوك»!!
 
الصحافة الأمريكية فى أسوأ حالاتها على الإطلاق، ولا يخفى عليك أن انعكاسات هذه الحالة تنتشر حتما فى جميع ربوع العالم..
 
ترامب استطاع أن يضرب الصحافة الأمريكية بقوة، بعد أن جعل المعركة معها علنية، وليست فى الغرف المغلقة، كما كان يفعل نيكسون من قبل، ترامب لم يعد الآن فى حاجة إلى وسيلة ليصل صوته إلى الناس، تويتر يغنيه عن كل شىء، وعن أى شىء، ولم يعد البيت الأبيض يفكر كثيرا فى البيانات الصحفية ليرسلها إلى الصحف، أملا فى أن يرضى عنها رؤساء التحرير، ترامب كسر كل هذه القواعد، يكتب فورا ما يفكر فيه، وربما لا يفكر من الأساس قبل أن يكتب ما يشعر به، ويناقش الناس مباشرة على تويتر، ثم لا تجد الصحف الأمريكية مفرا من أن تنقل عن تويتر أصداء تغريدات الرئيس الأمريكى.
 
ترامب استطاع كذلك، عبر تغريداته المتواصلة، أن يضرب مصداقية الصحافة الأمريكية، «بعض الصحف الأمريكية تكذب طبعا وساعدته على ذلك بسهولة»، وحين ظهر مصطلح الـ«fake news» استغله ترامب بقوة، رغم أن المصطلح ظهر من البداية فى أعقاب الاتهامات التى تخص علاقة الحملة الانتخابية لترامب مع روسيا، وارتبط المصطلح بالدور الذى لعبته الأخبار الكاذبة على السوشيال ميديا فى تسويق ترامب على حساب غريمته اللدود هيلارى كلينتون، لكن ترامب جعل من المصطلح سيفا مسلطا على رقبة الصحافة، ونجح عبر تغريداته وتصريحاته المستمرة لقناته المفضلة «فوكس نيوز» فى أن يجعل صحفا عريقة مثل نيويورك تايمز وواشنطن بوست فى خانة الدفاع دائما، ومطاردة بمصطلح الـfake news.
 
أضف إلى كل ذلك أن عمالقة شركات التكنولوجيا التى تحتكر كل شىء على الإنترنت، فيس بوك وتويتر وجوجل، هم بالأساس ينافسون الصحافة ويسطون على مقدراتها الإعلانية، وجعلوا من أنفسهم «ناشرين» بديلا عن النشر الصحفى، وتشكو الصحف الأمريكية اليوم من تراجع عائداتها الإعلانية نتيجة المنافسة مع هؤلاء العمالقة المحتكرين.
 
الضربة من السياسة..
 
والضربة اقتصاديا..
 
والضربة فى مساحة التأثير على شبكات التواصل..
 
هل تعتقد أن السلطة فى الولايات المتحدة انتصرت نصرا حاسما لمصلحتها فى هذه الحالة؟
 
قد يرى أنصار ترامب أن النتيجة لصالحهم حتما، وأنهم لا يحتاجون إلى الصحافة بعد اليوم، وأنهم قادرون على صنع إعلامهم الخاص، والوصول إلى الناخب الأمريكى عبر شبكات التواصل، وأن أعداءهم فى نيويورك تايمز وواشنطن بوست قد ذهبوا إلى غير رجعة..
 
لكن هؤلاء السياسيين فى البيت الأبيض لم يفكروا فى شىء واحد فى تقديرى، فماذا لو احتاجت الأمة الأمريكية وحدة الصف، وتشكيل تيار رئيسى لدى المواطنين لمواجهة تحديات أمنية أو سياسية أو اجتماعية؟
 
هل يصلح هذا الموزاييك المشتت الذى تصنعه السوشيال ميديا فى الناس أن ينتج مجتمعا موحدا واعيا مثقفا قادرا على مواصلة النمو، يتشارك قيما واحدة وأفكارا وطنية ثابتة؟
 
الصحافة وحدت أفكار الناس، وخلقت تيارات سياسية وثقافية متجانسة فى المجتمعات، حتى لو تعارضت الأفكار والمصالح، الصحافة صنعت قيما ورسخت مفاهيم، حتى لو عاندت السياسيين بعض الوقت، السوشيال ميديا لا تستطيع أن تقوم بهذا الدور، سيكون على الرئيس الأمريكى أن يتكلم مع كل مواطن على انفراد، حتى يصل إلى تجانس ووحدة صف.
 
ربما لن يدفع الرئيس الأمريكى الحالى الثمن الآن، لكن أمريكا، والعالم أجمع، سيدفع هذا الثمن يوما ما؟
 
• انتبهوا.. يا أصحاب هذه الديمقراطية العظيمة.. انتبهوا..
 
 
 
مقال-خالد-صلاح

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

فان دايك: العقلية والروح الجماعية أساس دفاع ليفربول عن لقب البريميرليج

أرقام ريبيرو مع الأهلى قبل مواجهة فاركو الليلة.. إنفو جراف

عودة أسود الأرض.. العلمين الجديدة وصلاح يزينان بوستر ليفربول بافتتاح بريميرليج

تيك توكر جديدة فى قبضة الأمن لنشرها فيديوهات منافية للآداب العامة

الأهلى يتحدى فاركو لإستعادة الانتصارات بالدوري المصرى الليلة.. ريبيرو يبحث عن الفوز الأول مع الكتيبة الحمراء.. 11 لاعب يغيبون بقيادة العش وعمر كمال وزيزو موجود بالتشكيل المتوقع.. السداسية شعار المواجهة الأخيرة


خطبة الجمعة بالمسجد الحرام: حر الصيف يذكرنا بعذاب النار

إعلان نتيجة الالتحاق برياض الأطفال فى القاهرة على هذا الرابط

انتحار نقيب من قوات الكوماندوز الإسرائيلية بسبب الحرب فى قطاع غزة

الأرصاد: انخفاض تأثير الكتل الهوائية شديدة الحرارة شمال البلاد اليوم وغدا

من خصام الأخ إلى حضن النهاية.. القصة الكاملة لخلاف هدى سلطان ومحمد فوزى


قرار جديد من النيابة بشأن المتهم بإصابة 4أشخاص وإتلاف 3سيارات بكوبرى أكتوبر

مصير المطلقة المتمكنة من شقة "إيجار قديم" بعد إقرار القانون الجديد

البريد أبرزها.. 3 طرق لتلقى طلبات حجز وحدات بديلة لمستأجرى الإيجار القديم

أخيرا.. موعد انكسار الموجة شديدة الحرارة وانخفاض الدرجات

بعد تأكد غيابه عن لقاء المقاولون.. الزمالك يجهز أحمد ربيع لمواجهة مودرن سبورت

أصاب 4 أشخاص وأتلف 3 سيارات.. تفاصيل محاولة هروب قائد سيارة حادث أكتوبر

حسام حسن يستقر على 25 لاعبًا لمباراتي إثيوبيا وبوركينا فاسو

ليفربول يبدأ رحلة الدفاع عن لقب الدوري الإنجليزي ضد بورنموث الليلة

منتخب الشباب يلاقي المغرب في الودية الثانية اليوم استعدادا للمونديال

آخر فرصة.. محافظة القاهرة تغلق باب التحويلات المدرسية اليوم

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى