نورا عبد الفتاح تكتب: مستنقع العقلاء

 ساعة يد – صورة أرشيفية
ساعة يد – صورة أرشيفية

قضيت أغلب سنوات حياتى وأنا أخشى المجانين فى الشوارع، وأخشى أن يتحدث إلى أحدهم أو يسير خلفى أو حتى ينظر إلىَّ، وأضع فى اعتبارى دائما أن المجنون هو الإنسان الوحيد على وجه الأرض الذى لن يعاقب على أذاه، حتى وإن قتل بريئًا.

والاختيارات جميعها متاحة أمامه، فهو قد يمر بجانبك كالهواء أوقد يسبك أو يضربك أو يقتلك ولا يبالى ولن يسأله أحد ماذا تفعل؟!

أذكر أننى ذات مرة، كنت أتوضأ فى أحد المساجد، فخلعت ساعة يدى حتى أنتهى من الوضوء، ونسيتها وذهبت للصلاة، وبعد أن انتهيت وانتبهت لعدم وجودها، ذهبت حيث توضأت فلم أجدها، فسألتنى بعض النساء هناك، (أنتى بتدورى على ساعتك؟)، فأجبت بنعم، فأجمعوا كلهم، على أن (المجنونة خدتها)، فسألت (مين المجنونة؟)، فأجابونى أنها فى دورة المياه، ونصحتنى بعضهن بأن أذهب للبحث فى حقيبتها ولكن على أن أحترس، لأنها قد تضربنى ولا تتفاهم على الإطلاق، فتوجهت بخلفياتى القديمة عن المجانين بخوف شديد إلى حقيبتها القذرة جدًا، أحاول البحث عن ساعة يدى، ولكنها رأتنى، فعلى صوتها بكلمات كثيرة لم أفهم أغلبها ولكنها امتلأت بالسباب.

ولكنى فوجئت وتركت حقيبتها عندما رأيتها قادمة إلى وهى شابة صغيرة  و(حامل) ، فاجأتنى بحملها الذى أراه لأول مرة فى إنسانة فاقدة للأهلية وراودتنى الأسئلة حول كيف حملت؟، هل اغتصبها أحدهم وهى عاقلة، فأصابها بالجنون؟ أم أنه اغتصبها لأنها مجنونة وهو لا يريد سوى جسد امرأة حتى ولو مريضة العقل، كما أنه لن يعاقبه أحد؟

رد فعلها نحوى كان غريبا جدا،  فعلى الرغم من أننى أنا التى فتشت فى حقيبتها، إلا أنها نظرت إلى نظرة باردة تماما، لا تنوى بها أى شر، بينما سبت وضربت النساء الأخريات اللواتى كن يضحكن ويسخرن منها، وكأنهن اللائى أجرمن بالبحث فى شئونها.

لم يضايقها البحث فى حقيبتها بقدر ما اختنقت بسخرية النساء الأخريات اللائى استحققن اللعن والضرب من وجهة نظرها، أشفقت عليها من حالها وعلى نفسى من الأذى وتركت لها أثمن وأقيم ساعة يد امتلكتها فى حياتى، وأنا أعلم أنها لا تعرف قيمتها وقد ينتهى بها الحال لعبة فى يد طفل شارع أو فى صندوق القمامة.

نعود إلى حديثنا الأول ونقول؛ إننى على صعيد آخر؛ أحترم هؤلاء المجانين جميعا، أراهم أنقى وأنظف، أجدهم أصفى من أن يتحملوا القاذورات والأوساخ التى تملأ العالم من أنانية وحقد وسوء ظن ومزايدة واستغلال، ففضلوا الجنون على الإبقاء على عقولهم وسط هذه القاذورات الكثيفة.

فنحن وأن احتججنا واستنكرنا، لا نزال نحيا داخلها ومتأقلمين وبالتأكيد قد أصابنا منها الكثير من الدنس والقبح، أما هم فلقد تركوها وفضلوا التشرد والجوع على البقاء معنا فى مستنقع العقلاء الذى أصبح بحجم العالم .

أتصور أحيانا أنه لو اجتمع اثنان من المجانين أو أكثر، فسيتفقون على أمر واحد جوهرى وأساسى وأكيد من وجهة نظرهم، هو أنهم أنزه منا وأكثر عفة، وبينما نراهم نحن مجانين مرضى يروننا هم ملوثين مرضى أيضًا.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

محمد رمضان مدافعا عن نجله: الأطفال قالوله أنت أسود زى أبوك وأتعرض لاضطهاد 11 سنة

رئيس الوزراء: المرحلة الثانية من التأمين الصحي الشامل تشمل 5 محافظات

جلسة بين الزمالك ومحمد السيد لتجديد عقده.. وموقفه من العودة للفريق الأول

شاهد.. لحظة إطلاق إسرائيل النار على وفد دبلوماسى يضم سفير مصر.. فيديو وصور

حلمي طولان وأحمد حسن يطلبان العمل تطوعيًا مع منتخب مصر في كأس العرب


زد يترقب تقرير حمادة صدقي لتحديد احتياجاته من الصفقات في الموسم الجديد

توم كروز يعلن بدء العمل على فيلم Top Gun 3

الحكومة: مد خدمة المدرسين المحالين للمعاش أثناء العام الدراسى لنهاية العام

مجلس الوزراء يوافق على استحداث آلية تمويل دراسة وتنفيذ مشروعات بدول حوض النيل

الحكومة: الدراسة بالتعليم قبل الجامعى 12سنة إلزامية منها 6 ابتدائى و3 إعدادى


موعد مباراة توتنهام ضد مان يونايتد فى نهائى الدورى الأوروبى والقناة الناقلة

صراع المليارات داخل عائلة نوال الدجوي.. قصور تُباع ببصمة مشكوك فى صحتها.. شيكات بملايين الدولارات تشعل النزاع.. فيديو غامض يقلب القضية.. وماما نوال تنتظر جلسة حجر أحفادها عليها 26 يونيو المقبل

حلمى طولان مدير فني لمنتخب مصر فى البطولة العربية بتواجد الصقر والحضرى

بيراميدز يشهد حفل الكشف عن كأس دورى أبطال أفريقيا غدا

عصام صاصا وجهاد ماهر بين شائعات الانفصال ودعم زوجها

الأهلي يبدأ مفاوضات ضم جزار المحلة لتدعيم دفاعه قبل مونديال الأندية

طلب يدها من نجاة.. كيف ثأرت السندريلا من العندليب بعد إنكاره حبهما وزواجهما؟

كراسة شروط حجز سكن لكل المصريين 7 لمتوسطى الدخل

أحمد السقا يفجر مفاجأة بشأن انفصاله عن مها الصغير بعد 26 سنة زواج.. إنفوجراف

موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025.. فاضل 16 يوما

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى