الساعة بـ70 جنيه والحسابة بتحسب.. تجربة داخل أول غرفة مخصصة للفضفضة فى مصر.. تكلم مع شخص غريب دون الكشف عن هويتك.. أصحابها يعلنون: لسنا أطباء لكننا مستمعون جيدون.. واستشاريو الطب النفسى يعلقون: كارثة وشغل مصاطب

جلسات الفضفضة "صورة أرشيفية"
جلسات الفضفضة "صورة أرشيفية"
كتبت سارة درويش

"نحتاج بين الحين والآخر أن نبوح بأوجاعنا لشخص غريب كى يحملها ويرحل، وأنا بحاجة لأن أحكى أوجاعى لشخص غريب فى قطار" عبارة ينشرها الشباب على مواقع التواصل الاجتماعى بحماسة مصحوبة بأمنياتهم أن تتاح لهم الفرصة ليفعلوا ذلك، لكن ماذا إذا أتيحت لهم الفرصة ليفعلوا ذلك؟

قبل أيام أعلنت واحدة من صفحات ترشيحات الأماكن الترفيهية فى مصر عن افتتاح مكان جديد فى القاهرة، يسمح لك بالفضفضة لشخص غريب عنك، مع إمكانية إخفاء ملامحك بقناع ترتديه خلال الجلسة، مقابل 50 جنيها لجلسة مدتها نصف ساعة و70 جنيهًا للساعة. موضحين أن من يسمعونك ليسوا أطباء نفسيين ولا هو مكان للعلاج وإنما مساحة لـ"الفضفضة" دون قيود أو ملل.

لم تحمل تعليقات الشباب على الفكرة الحماسة نفسها التى يتبادلون بها العبارة السابقة، فقد رحب البعض بالفكرة ورأوها "لطيفة" إلا أن النصيب الأكبر من التعليقات كان بانتقادها، بين من كتبوا أسماء أصدقائهم المقربين طالبين منهم أن يشكروهم لأنهم يسمعونهم طول الوقت دون مقابل، ومن تحدث عن شكوكه بشأن الحفاظ على سرية هذه المعلومات ومخاطر التعرض للابتزاز بالمعلومات التى يتم الإدلاء بها خلال الجلسات.

 

3229156-2097026764

 

انتقدت بعض التعليقات أيضًا أن الشخص الذى يسمع الشكاوى أو الفضفضة ليس متخصصًا وأبدوا تخوفهم من الآراء التى يمكن أن يقدمها شخص غير متخصص.

هذا الجدل حول الفكرة دفعنا للاقتراب منها أكثر، خاصة أنهم أعلنوا افتتاح المكان بالفعل يوم 4 مايو، تواصلنا مع مؤسسى المكان إلا أنهم طلبوا تأجيل التصوير أو إجراء مقابلات صحفية بعد إتمام إعداد المكان بالكامل، ولكن حين تواصلنا معهم عبر "واتساب" باعتبارنا زبائن نريد حجز جلسة فى أقرب وقت ممكن. تم تحديد الموعد خلال يومين وتوجهنا لزيارة المكان بالفعل فى فيلا بمنطقة الشيخ زايد، واخترنا أن تسمعنا فتاة.

تحمل الفيلا من الخارج لافتة تعلن عن المكان، وتجد نفسك بعد خطوات بسيطة أمام الباب الذى يجاوره عدد من أقنعة الحفلات التى علقوها إلى جوار الباب لتستخدم أحدها قبل الدخول، أن أحببت أن تحتفظ بخصوصيتك أو كنت تخجل من الفكرة، ولكن نظرًا لأن العاملين بالمكان كانوا يقفون بالخارج لم أجد جدوى لاستخدامه لأنهم رأونى بالفعل باعتبارى أحد زبائنهم.

بعد الدخول من الباب يمكنك الوصول بسهولة إلى غرفة الفضفضة، وهناك أمامك خيارين إما الجلوس مع الشخص الذى يسمعك فى مكان واحد أو يجلس كل منكما فى مكان منفصل مع جدار بينكما لتحكى دون أن يراك أو تراه. اخترت الجلوس وجهًا إلى وجه مع إحدى الفتيات ووصلت خلال دقائق من دخولى إلى الغرفة حاملة عبوة مشروب غازى وابتسامة لطيفة.

وعلى كرسى "بين باج" مريح كانت البداية صعبة بعض الشيء خاصة حين تحاول الحكى دون أن تكشف عن شخصيتك، فيما كانت الفتاة تبتسم بلطف من وقت لآخر للتشجيع على "الفضفضة" مع التأكيد على أنها "تفهم" ما أقول.

وحين التقطت هاتفها وقربته إليها أكدت أنها لا تسجل الجلسة ولكنها تريد أن تنتبه إليه لو تلقت اتصالاً من أسرتها.

خلال النصف ساعة تبادلنا الحديث، بدأت بالحكى وطلبت منها إبداء رأيها فى ما أقول وأن تخبرنى بما تفعله لو كانت فى مثل هذا الموقف وكانت تحاول الإجابة بالتصرف الذى تراه صحيحًا ويمكن أن تقوم به لو كانت فى هذا الموقف.

بعد الجلسة سددت تكلفة النصف ساعة، غادرت المكان بعد أن سألونى عن أية ملاحظات أريد إبدائها عن المكان.

فى وقتٍ لاحق تواصلنا من جديد مع أصحاب المكان الذين أكدوا أنهم بصدد إجراء تعديلات عليه، وأنهم يحاولون التواصل مع أخصائيين نفسيين يستمعون إلى العملاء بدلاً من الأشخاص العاديين.

انتهت التجربة ولكن ظلت لدينا الكثير من التساؤلات حولها، تحديدًا تساؤلات للمتخصصين فى علم النفس حول جدوى مثل هذه الجلسة وفكرة التخفى خلف قناع للتعبير عن أنفسنا والحديث عن مشكلاتنا.

 

images

نقلنا التجربة إلى الدكتورة هالة حماد استشارى الطب النفسى التى اعترضت بشدة على الفكرة وقالت "دا نظام مصاطب" وأضافت: هذه عشوائية فى الطب والعلاج النفسى وانتشاره يسبب لنا مشاكل أكبر مما عندنا بالفعل فى المجتمع.

تابعت: عندما استعين برأى شخص فى مشكلة واجهتها فى حياتى يحتاج معلومات كاملة عنى تساعده على تكوين فكرة صحيحة عنى، فكيف يكون هذا الشخص الذى يسمعنى فكرة صحيحة من دون معلومات كاملة؟ هذا إلى جانب جهلى بالشخص الذى يتحدث معى، لا أعرف هل هو شخص ذو حكمة وخبرة أم لا؟ ما هى دراسته؟ وماذا قرأ عن علم النفس. هذه مهاترات تضر أكثر مما تنفع لأن تعليقات هذا الشخص الذى يسمعنى قد تدفعنى لاتخاذ قرارات لا نضمن أن تكون صائبة.

وتساءلت: ما الفرق بين هذا المكان وبين مجموعات الفضفضة على فيسبوك؟ فى الحالتين هويتنا نخفيها ومن يرد علينا غير متخصصين.

كذلك الدكتورة أسماء عبدالعظيم، استشارى العلاج النفسى استنكرت الفكرة وقالت "هذه كارثة وفكرة مرفوضة تمامًا" وأوضحت: عندما نحكى مشكلاتنا لشخص غير مؤهل لتقديم النصيحة يسبب فجوة فى حل المشكلات ويتسبب فى تفاقمهما. وأشارت إلى أن الحديث لشخص لا نعرفه غير مفيد على الإطلاق لأن العلاقة بين الطبيب والمريض وثقة المريض فى الطبيب تؤثر بنسبة 40% على نجاح العلاج، حتى فكرة صديق القطار تكون مبنية على رؤية الشخص لجاره فى القطار وشعور بالراحة تجاهه، فنحن لا نحكى لكل شخص نجلس أمامه فى القطار وإنما نحكى لمن يحدث بيننا وبينه قبول أو تعارف.

استنكرت أيضًا استخدام أقنعة للحديث عن المشاكل وقالت: هذه الطريقة تعلم الهروب وعدم المواجهة، لا يمكن أن نرتدى قناعًا كلما يحدث لنا موقفًا سخيفًا نريد الحديث عنه، والمعالج النفسى يدرب من يلجأ له على مواجهة المشاكل وليس الهروب منها، بالتالى هذه الطريقة تجعلنا أشخاصا انسحابيين ليس لدينا قدرة على المواجهة ونعتاد دور الضحية.

 

الفضفضة
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

موسم صيد الإخوان.. مطاريد الشرق والغرب.. انتفاضة عالمية فى مواجهة شرور الجماعة الإرهابية.. وحلفاء الماضى يستفيقون على مخاطر وألاعيب عصابة حسن البنا.. صيحات دولية تؤكد: لا مكان لا مكان للإخوان فى مجتمعاتنا

أنقذها القومى للطفولة مرتين.. نجاة فتاة أبو المطامير من الزواج بعمر 16 عاما

ترامب: أريد رؤية الصحفيين يحصلون على حق الوصول إلى غزة

أصاب 4 أشخاص وأتلف 3 سيارات.. تفاصيل محاولة هروب قائد سيارة حادث أكتوبر

اليوم.. صرف تكافل وكرامة عن شهر أغسطس من الصراف الآلى


موسم صيد الإخوان.. أوروبا تنتفض.. «ساعة الحظر» ما تتعوضش.. مصابيح حمراء تضوّى فى العواصم الكبرى وفرصة مثالية للتحرك وإحباط المؤامرة.. القارة العجوز تبدأ مواجهة متعددة الجبهات مع الوجود الإخوانى

فيريرا يرفع شعار المفاجآت قبل مواجهة المقاولون في دوري Nile

كل ما تريد معرفته عن المعهد الشرطى الصحى.. الشروط والمجموع المطلوب للتقديم

الأهلى يبحث عن تصحيح المسار الليلة أمام فاركو بالدوري المصري

24 عاما على أصحاب ولا بيزنس.. إضافة الانتفاضة الفلسطينية بعد التأثر بالحلم العربى


ترتيب الكرة الذهبية بعد السوبر الأوروبي.. محمد صلاح يطارد ثنائي باريس

أحمد العطار يعود للساحة الفنية بكليب "تعالى" بعد غياب سنوات

مروان عطية ينتظم فى تدريبات الأهلي خلال 10 أيام بع جراحة "الفتاق"

مصر تعود لقلب أفريقيا.. تخصيص 5 آلاف فدان لمزارعين مصريين فى كينيا.. اتحاد العمال يطلق مشروعا زراعيا مصريا ضخما فى نيروبى.. عيد مرسال يكشف: تسهيلات لسفر العمال وتأمينهم ومتابعتهم دون أى عائد مادى للنقابة

الإمارات تدين تصريحات نتنياهو بشأن "رؤية إسرائيل الكبرى" وتصفها بـ"الاستفزازية"

البرازيلي خوان ألفينا يترقب الظهور الأول مع الزمالك

للأزواج.. ماذا تفعل حال ملاحقة زوجتك لك لسداد قائمة منقولات بقيم مبالغة؟

منتخب مصر للناشئات يواجه غينيا خارج الأرض 19 سبتمبر المقبل

عمر مرموش يتصدر أغلى اللاعبين الأفارقة في الدوري الإنجليزي الموسم الجديد

أشرف زكى يصدر قرارا بمنع الفنانين الحديث عن أزمة بدرية طلبة بأى وسيلة إعلامية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى