سحر الحكايات فى رمضان.. حكاية الملك يونان والحكيم رويان (1)

سحر الحكايات
سحر الحكايات
كتب بلال رمضان
حكاية الملك يونان والحكيم رويان، من حكايات ألف ليلة وليلة، التى تعد من أكثر الطقوس التى ارتبطت فى ذاكرتنا بشهر رمضان المبارك، ونقدمها فى سلسلة سحر الحكايات فى رمضان.
 

ألف ليلة وليلة.. حكاية الملك يونان والحكيم رويان

 
قال الصياد: اعلم أيها العفريت، أنه كان فى قديم الزمان وسالف العصر والأوان فى مدينة الفرس وأرض رومان ملك يقال له الملك يونان وكان ذا مال وجنود وبأس وأعوان من سائر الأجناس، وكان فى جسده برص قد عجزت فيه الأطباء والحكماء ولم ينفعه منه شرب أدوية ولا سفوف ولا دهان ولم يقدر أحد من الأطباء أن يداويه.
 
وكان قد دخل مدينة الملك يونان حكيم كبير طاعن فى السن يقال له الحكيم رويان وكان عارفًا بالكتب اليونانية والفارسية والرومية والعربية والسريانية وعلم الطب والنجوم وعالمًا بأصول حكمتها وقواعد أمورها من منفعتها ومضرتها. عالمًا بخواص النباتات والحشائش والأعشاب المضرة والنافعة فقد عرف علم الفلاسفة وجاز جميع العلوم الطبية وغيرها، ثم إن الحكيم لما دخل المدينة وأقام بها أيام قلائل سمع خبر الملك وما جرى له فى بدنه من البرص الذى ابتلاه الله به وقد عجزت عن مداواته الأطباء وأهل العلوم.
 
فلما بلغ ذلك الحكيم بات مشغولاً، فلما أصبح الصباح لبس أفخر ثيابه ودخل على الملك يونان وقبل الأرض ودعا له بدوام العز والنعم وأحسن ما به تكلم وأعلمه بنفسه فقال: أيها الملك: بلغنى ما اعتراك من هذا الذى فى جسدك وأن كثيرًا من الأطباء لم يعرفوا الحيلة فى زواله وها أنا أداويك أيها الملك ولا أسقيك دواء ولا أدهنك بدهن.
 
فلما سمع الملك يونان كلامه تعجب وقال له: كيف تفعل، فو الله لو برأتنى أغنيك لولد الولد وأنعم عليك، ما تتمناه فهو لك وتكون نديمى وحبيبي. ثم أنه خلع عليه وأحسن إليه وقال له أبرئنى من هذا المرض بلا دواء ولا دهان؟ قال نعم أبرئك بلا مشقة فى جسدك. فتعجب الملك غاية العجب ثم قال له: أيها الحكيم الذى ذكرته لى يكون فى أى الأوقات وفى أى الأيام، فأسرع يا ولدي؛ قال له سمعًا وطاعة، ثم نزل من عند الملك واكترى له بيتًا حط فيه كتبه وأدويته وعقاقيره ثم استخرج الأدوية والعقاقير وجعل منها صولجانًا وجوفه وعمل له قصبة وصنع له كرة بمعرفته.
 
فلما صنع الجميع وفرغ منها طلع إلى الملك فى اليوم الثانى ودخل عليه وقبل الأرض بين يديه وأمره أن يركب إلى الميدان وأن يلعب بالكرة والصولجان وكان معه الأمراء والحجاب والوزراء وأرباب الدولة، فما استقر بين الجلوس فى الميدان حتى دخل عليه الحكيم رويان وناوله الصولجان وقال له: خذ هذا الصولجان واقبض عليه مثل هذه القبضة وامش فى الميدان واضرب به الكرة بقوتك حتى يعرق كفك وجسدك فينفذ الدواء من كفك فيسرى فى سائر جسدك فإذا عرقت وأثر الدواء فيك فارجع إلى قصرك وادخل الحمام واغتسل ونم فقد برئت والسلام.
 
فعند ذلك أخذ الملك يونان ذلك الصولجان من الحكيم ومسكه بيده وركب الجواد وركب الكرة بين يديه وساق خلفها حتى لحقها وضربها بقوة وهو قابض بكفه على قصبة الصولجان، وما زال يضرب به الكرة حتى عرق كفه وسائر بدنه وسرى له الدواء من القبضة.
 
وعرف الحكيم رويان أن الدواء سرى فى جسده فأمره بالرجوع إلى قصره وأن يدخل الحمام من ساعته، فرجع الملك يونان من وقته وأمر أن يخلو له الحمام فأخلوه له، وتسارعت الفراشون وتسابقت المماليك وأعدوا للملك قماشه ودخل الحمام واغتسل غسيلًا جيدًا ولبس ثيابه داخل الحمام ثم خرج منه وركب إلى قصره ونام فيه.
 
هذا ما كان من أمر الملك يونان، وأما ما كان من أمر الحكيم رويان فإنه رجع إلى داره وبات، فلما أصبح الصباح طلع إلى الملك واستأذن عليه فأذن له فى الدخول فدخل وقبل الأرض بين يديه وأشار إلى الملك بهذه الأبيات:
زهت الفصاحة إذا ادعيت لها أبًا
وإذا دعت يومًا سواك لها أبى
يا صاحب الوجه الذى أنواره
تمحوا من الخطب الكريه غياهبا
ما زال وجهك مشرقًا متهللًا
فلا ترى وجه الزمان مقطبا
أوليتنى من فضلك المنن التي
فعلت بنا فعل السحاب مع الربا
وصرفت جل الملا فى طلب العلا
حتى بلغت من الزمان مآربا
فلما فرغ من شعره نهض الملك قائمًا على قدميه وعانقه وأجلسه بجانبه وخلع عليه الخلع السنية.
ولما خرج الملك من الحمام نظر إلى جسده فلم يجد فيه شيئًا من البرص وصار جسده نقيًا مثل الفضة البيضاء ففرح بذلك غاية الفرح واتسع صدره وانشرح، فلما أصبح الصباح دخل الديوان وجلس على سرير ملكه ودخلت عليه الحجاب وأكابر الدولة ودخل عليه الحكيم رويان، فلما رآه قام إليه مسرعًا وأجلسه بجانبه وإذا بموائد الطعام قد مدت فأكل صحبته وما زال عنده ينادمه طول نهاره.
فلما أقبل الليل أعطى الحكيم ألفى دينار غير الخلع والهدايا وأركبه جواده وانصرف إلى داره والملك يونان يتعجب من صنعه ويقول: هذا داوانى من ظاهر جسدى ولم يدهننى بدهان، فو الله ما هذه إلا حكمة بالغة، فيجب على لهذا الرجل الإنعام والإكرام وأن أتخذه جليسًا وأنيسًا مدى الزمان. وبات الملك يونان مسرورًا فرحًا بصحة جسمه وخلاصه من مرضه.
فلما أصبح الملك وجلس على كرسيه ووقفت أرباب دولته وجلست الأمراء والوزراء على يمينه ويساره ثم طلب الحكيم رويان فدخل عليه وقبل الأرض بين يديه فقام الملك وأجلسه بجانبه وأكل معه وحياه وخلع عليه وأعطاه، ولم يزل يتحدث معه إلى أن أقبل الليل فرسم له بخمس خلع وألف دينار، ثم انصرف الحكيم إلى داره وهو شاكر للملك.
فلما أصبح الصباح خرج الملك إلى الديوان وقد أحدقت به الأمراء والوزراء والحجاب، وكان له وزير من وزرائه بشع المنظر نحس الطالع لئيم بخيل حسود مجبول على الحسد والمقت. فلما رأى ذلك الوزير أن الملك قرب الحكيم رويان وأعطاه هذه الأنعام حسده عليه وأضمر له الشر كما قيل فى المعنى: ما خلا جسد من حسد. وقيل فى المعنى: الظلم كمين فى النفس القوة تظهره والعجز يخفيه. ثم أن الوزير تقدم إلى الملك يونان وقبل الأرض بين يديه وقال له: يا ملك العصر والأوان: أنت الذى شمل الناس إحسانك ولك عندى نصيحة عظيمة فإن أخفيتها عنك أكون ولد زنا، فإن أمرتنى أن أبديها أبديتها لك.
فقال الملك وقد أزعجه كلام الوزير: وما نصيحتك؟ فقال: أيها الملك الجليل: قد قالت القدماء من لم ينظر فى العواقب فما الدهر له بصاحب، وقد رأيت الملك على غير صواب حيث أنعم على عدوه وعلى من يطلب زوال ملكه وقد أحسن إليه وأكرمه غاية الإكرام وقربه غاية القرب، وأنا أخشى على الملك من ذلك.
 
فانزعج الملك وتغير لونه وقال له: من الذى تزعم أنه عدوى وأحسنت إليه؟ فقال له: أيها الملك إن كنت نائمًا فاستيقظ فأنا أشير إلى الحكيم رويان. فقال له الملك: إن هذا صديقى وهو أعز الناس عندى لأنه داوانى بشىء قبضته بيدى وأبرانى من مرضى الذى عجز فيه الأطباء وهو لا يوجد مثله فى هذا الزمان فى الدنيا غربًا وشرقاً، فكيف أنت تقول عليه هذا المقال وأنا من هذا اليوم أرتب له الجوامك والجرايات وأعمل له فى كل شهر ألف دينار ولو قاسمته فى ملكى وإن كان قليلًا عليه. وما أظن أنك تقول ذلك إلا حسدًا كما بلغنى عن الملك يونان ذكر والله أعلم.
 
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح، فقالت لها أختها: يا أختى ما أحلى حديثك وأطيبه وألذه وأعذبه فقالت لها: وأين هذا مما أحدثكم به الليلة المقبلة إن عشت وأبقانى الملك. فقال الملك فى نفسه: والله لا أقتلها حتى أسمع بقية حديثها لأنه حديث عجيب. ثم أنهم باتوا تلك الليلة متعانقين إلى الصباح. ثم خرج الملك إلى محل حكمه واحتبك الديوان فحجم وولى وأمر ونهى إلى آخر النهار، ثم انفض الديوان فدخل الملك عصره وأقبل الليل وقضى حاجته من بنت الوزير شهرزاد.
 

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

توروب يجري تعديلات على تشكيل الأهلي أمام سيراميكا بكأس عاصمة مصر

الطقس اليوم.. أجواء شتوية أمطار واضطراب بالملاحة والصغري بالقاهرة 13 درجة

5 معلومات عن مباراة مصر ونيجيريا الودية استعداداً لـ أمم أفريقيا

ذكرى رحيل ماجدة الخطيب.. رحلة فنية صاخبة بين النجومية والمحن الشخصية

قانون التأمينات يحدد 4 حالات تُقطع فيها معاشات المستحقين أول الشهر


الفوز الأول.. كأس عاصمة مصر تفتح باب الحلم لسيراميكا أمام الأهلي

موعد بداية كأس أمم أفريقيا ومواعيد مباريات منتخب مصر.. إنفوجراف

موعد مباراة الزمالك وحرس الحدود بكأس عاصمة مصر

محافظ القليوبية: المنازل المجاورة للسكة الحديد لم تتأثر بسقوط الحاويات

غرامة تصل لـ 5 ملايين جنيه عقوبة نشر أخبار خاطئة عن الطقس


حالة الطقس اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر.. انخفاض بالحرارة وأمطار بعدة مناطق

موعد مباراة المغرب والأردن في نهائي كأس العرب 2025

اصطدام قطار بسيارة نقل على خط مطروح بدون إصابات وخروج عربة عن القضبان

إخلاء سبيل سائق الأتوبيس المتسبب في تهشم شقة مدينة بدر

الأرصاد تتوقع فرص سقوط أمطار على القاهرة الكبرى وتحذر من سيول بهذه المناطق

الأردن يفوز على السعودية ويواجه المغرب فى نهائى كأس العرب 2025

دخل علينا غرفة النوم.. تفاصيل اقتحام أتوبيس مدارس شقة سكنية فى بدر.. صور

ابنة شقيقة طارق الأمير: دكتور حسام موافى طلب من الأطباء تركيب جهاز لتنظيم ضربات القلب لخالى

مشاجرة بين 4 ممرضات داخل مستشفى بسبب الحضور والانصراف

حقيقة تصنيف مواليد الثمانينيات ضمن كبار السن في منظمة الصحة العالمية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى