"الغَيرة (1)"

الأنبا إرميا
الأنبا إرميا
بقلم : الأنبا إرميا
أحد انحناءات طريق الحياة التى يعبر بها البشر من حين إلى آخر، والتى تحدد معالم طرقهم ووجهاتهم يكمن فى اختيار الإنسان: إما أن يتغلب على مشاعر الغَيرة السلبية، وإما أن يستسلم لها فتلقى بظلالها بين الآن والآخر على مسيرة حياته. 
 
وتتعدد أسباب الغَيرة في حياة البشر: فمنهم من تنتابه عندما يجد نفسه لا يملِك ما يحوزه الآخرون على المستوى الماديّ أو الإمكانات والمواهب الشخصية أو النجاحات أو غيرها، ومنهم من يحاول مزجها بمفهوم المحبة.
 
 إلا أننا يجب أن ندرك خطر مشاعر الغَيرة على ملامح الحياة التي نرغب أن نحياها إذ تؤثر تأثيرًا عظيمًا في مسيرتنا وسعادتنا، وما يمكننا أن نحققه من إنجازات؛ إنها تقود إلى التيه في دُروب الحياة. أتفق بدرجة كبيرة مع كلمات الكاتب والفيلسوف الروسيّ "فيودور دوستويفسكي": "لنعترف بأن الغَيرة عاطفة جامحة، بل لنقُل أكثر من ذٰلك: إنها كارثة حقيقية!". ولٰكن، لماذا هي كارثة حقيقية؟! 
أولًا: الغَيرة تملأ مشاعر الإنسان وقلبه بنبضات سلبية تجاه نفسه والآخرين؛ وهٰذه بدورها تؤثر في أسلوب تفكيره فتملؤه بالفوضى؛ يقول "ماريو بارغاس يوسا" الكاتب الصحفيّ السياسيّ في دولة "بيرو": "الغَيرة تشوش العقل، ولا تسمح بالتفكير المتعقل..."؛ ومن ثَم لا تُفضي إلا إلى سلوك غير متوازن، يفقد فيه الإنسان صواب الرؤية والحكم؛ فيؤتي أفعالًا قد تؤول إلى تدمير حياته أولًا قبل أن تؤثر سلبًا في الآخرين. 
 
وهنا أتذكر أول غَيرة مع بَدء التاريخ الإنسانيّ والتي تتسببت في أول جريمة قتل: عندما غار "قابيل" من أخيه "هابيل" وظلت تتفاقم مشاعره وأفكاره السلبية في داخله دون أن يقاومها أو يعدّلها حتى امتدت يداه لتُجهز على أخيه فأضحت غَيرته جريمة شنعاء؛ ومن تلك اللحظة ظل القاتل هائمًا على وجهه دون أن يعرِف معنى السلام أو الراحة. 
 
ثانيًا: الغَيرة تضلل عن تبصر الأمور على حقيقتها؛ هناك مثل أرﭼنتينيّ: "متى دخلت الغَيرة إلى القلب خرجت الحقيقة من الرأس!"؛ إذ كيف لإنسان تملؤه مشاعر الغيرة أن يقيّم نفسه والآخرين بأسلوب موضوعيّ سليم، وهو منشغل بتركيز رؤيته في شخص ما دون سواه ومن جانب واحد فقط؟!! كيف سيرى إيجابياته وسلبياته؟! وكيف سيحكم بالعدل على ما يمارسه من أفعال، وهو يسير مغمض العينين بمشاعر وأفكار سلبية؟! أمّا الأمر الأكثر صعوبة، فهو رفض ذٰلك الإنسان الاعتراف بغَيرته وبذا يغلق أبواب الأمل في اجتيازه شعوره السلبيّ؛ بل على النقيض يضع التبريرات لما يعتقده ويشعر به مثل المحبة والخوف على الآخرين وغيرهما؛ وهٰذه أبعد ما يكون عن الحقيقة كما يقول المثل القبرصيّ: "الغَيرة تشل الحب.". 
 
ثالثًا: الغَيرة تُعيق الإنسان عن الانطلاق نحو عمله وتحقيق أهدافه إذ ينشغل بالآخرين متناسيًا رسالته في الحياة و... وللحديث بقية. 
• الأُسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأرثوذكسيّ.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الأهلى يطارد مصطفى محمد.. ونانت يضع شرطًا مكلفًا لبيعه

أسماء ضحايا حريق سنترال رمسيس من موظفي المصرية للاتصالات

وزير الاتصالات: عودة الخدمات بشكل تدريجى خلال 24 ساعة

ريبيرو يستفسر عن تطورات الصفقات الجديدة فى الأهلي قبل التحضير للموسم الجديد

ميسي vs رونالدو.. هل يعود الصراع التاريخى عبر بوابة الدوري السعودي؟


هبة عبد الغنى تتلقى عزاء والدتها فى مسجد الحامدية الشاذلية مساء اليوم

بدء غلق مؤقت للطريق الإقليمي لمدة أسبوع بدءا من اليوم

إمام عاشور يبدأ جلسات العلاج الطبيعي في الأهلي

أسرع قطارات السكة الحديد.. اعرف مواعيد قطار تالجو اليوم الثلاثاء

محمد حماقى يُحيى سهرة غنائية بمهرجان جرش بداية أغسطس


أرسنال يرسم خارطة طريق التتويج بالدوري الإنجليزي عبر ميركاتو ناري

مواعيد القطارات على خط القاهرة أسوان والإسكندرية أسوان والعكس اليوم الثلاثاء

مقتل 5 جنود إسرائيليين وإصابة 10 آخرين في "كمين كبير" بغزة

إصابات خطيرة بين جنود الاحتلال في شمال غزة

ياسين مرعى صفقة الأهلى الثامنة فى الميركاتو الصيفى

شاهد مران الإسماعيلى الأول تحت قيادة الجزائرى ميلود حمدى

إسرائيل تعلن إصابة 10 جنود في انفجار عبوة ناسفة بقوة عسكرية شمال قطاع غزة

المصرية للاتصالات: فصل التيار خلال الحريق سبب تأثر الخدمة.. وتعويض المتضررين

الصحة تنشر أرقاما للرعاية الحرجة والعاجلة بديلا عن 137 بعد حريق السنترال

الصحة تعلن أرقاما بديلة للإسعاف فى بعض المحافظات بعد تعطل الخط الساخن 123

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى