نظرية الافتقار النسبى

د. أيمن رفعت المحجوب
د. أيمن رفعت المحجوب
بقلم : د. أيمن رفعت المحجوب
حاول أصحاب المدرسة الاشتراكية الحديثة، والتى نشأت فى فرنسا، أن يعالجوا استحالة التوفيق بين مبدأ البؤس الدائم، مطرد الزيادة، وبين الواقع العملى، من تحسن حال العمال مع تطور العالم الرأسمالي.
 
فقد أرجعوا ذلك إلى أنه ربما فعلاً قد يكون صواباً أن مستوى حياة العمال قد ارتفعت بدلاً من أن تنخفض ، إلا أن هذا لا يعدوا في الأساس كونه استثناء محلياً مؤقتاً يعود إلى القاعدة العامة القائلة بأن الرأسمالية كنظام عالمي لا بد وأن تنبع بؤساً مطرد الزيادة ، إذ أنه من المسلًم به أن ذلك البؤس هو فعلاً ما حققته في حياة مئات الملايين من البشر الذين استبعدتهم في محمياتها ومستعمراتها الاقتصادية ، والدول التابعة للبلدان الرأسمالية الكبرى حول العالم. حيث أن الأرباح الفاحشة الكبيرة الناتجة عن استغلال ثروات تلك الدول التابعة ، هي وحدها التى مكنت الدول الرأسمالية الكبرى (وحتى اليوم في دول مثل بلاد النفط في الخليج والزراعة في أفريقيا وجنوب أمريكا) من رفع مستوى حياة عمال بلادهم فقط في الغرب ، على حساب باقي عمال وفلاحين العالم من تلك البلاد المغلوبة على أمرها في درك البؤس والحرمان.
 
(انظر إلى الوضع في ليبيا واليمن والعراق وسوريا والسودان والصومال وأثيوبيا ونيكارجوا وبورتوربكو وكوبا ودول اخرى) .
 
إلا أنه يمكن الطعن والرد على الفكر الاشتراكى الحديث أيضاً ، بأنه ما من شك في أن هذا الاستعمار الاقتصادى الجديد من خلال الشركات الكبرى عابرة القارات بشكل عام قد ساعد الدول الرأسمالية المتقدمة مساعدة كبيرة ، إلا أن الأرقام لا تشير إلى أن ذلك كان العامل الوحيد ، أو الأساسى فى رفع مستوى حياة عمال تلك الرأسماليات قد تخلت الآن، طوعاً أو كرهاً ، عن الأقسام العظمى من إمبراطورياتها الاقتصادية ، إما لأصحاب البلاد الأصليين أو إلى شرق أسيا. ورغم هذا كله لم تنعكس نتائج وبيلة على مستوى حياة شعوبها وعمالها على الإطلاق ، إلا في ارتفاع طفيف موسمى فى معدلات البطالة.
 
وقد وضع لنا الجيل الثانى من مدرسة الاشتراكية الحديثة فى أواخر القرن العشرين، وبخاصة فى النمسا، حيث حاولوا مجدداً إعادة النظر فى القضية على ضوء الكيفية التى صار إليها التطور الحقيقي فى توزيع الدخل القومى، فطلعوا بمبدأ "الافتقار النسبى" وهو يتلخص فيما يلي: صحيح أن مستوى حياة العمال في الدول الرأسمالية الكبرى قد ارتفع كثيراً بدلا من أن ينخفض ، إلا أن حصتهم من مجمل الناتج المحلى الإجمالى العام فى بلادهم قد تقلصت ، فإذا لم يكن العمال أسوا حالاً اليوم بصورة مطلقة ، فهم كذلك نسبياً.
 
وهذا ما يتركنا بسؤالين هامين وهما؛ أولا: هل ارتفع مستوى أجور العمال ورواتبهم ومتمماتها من الخدمات الاجتماعية والصحية ؟ وثانياً: هل تمت إعادة النظر في توزيع الدخل القومي لمصلحة الفئات العاملة ، بما يحقق العدالة الاجتماعية؟!  
 الأمر الذي يتطلب  فرد مقال أخر للإجابة على هذه الأسئلة.   
 
• أستاذ الاقتصاد السياسي والمالية العامة –  جامعة القاهرة .
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

المغرب والإمارات في صدام ناري بنصف نهائي كأس العرب 2025

مواعيد مباريات الجولة الثانية في كأس عاصمة مصر

تعرف على أرقام جروس مع الزمالك فى ذكرى عودته لخوض الولاية الثانية

مواجهة مونديالية بين السعودية والأردن في نصف نهائي كأس العرب 2025

موعد مباراة الزمالك ضد حرس الحدود فى كأس عاصمة مصر والقناة الناقلة


مواعيد مباريات اليوم الإثنين 15-12-2025 والقنوات الناقلة

تعرف على بدائل يزن النعيمات لتدعيم هجوم الأهلى فى يناير

مصرع طفلة عقب وصلة تعذيب على يد والدها بكفر الشيخ

محاميه طلب البراءة.. الجنايات تكشف سبب عقوبة المعتدى على الطفل ياسين؟

حالة الطقس اليوم الإثنين 15 ديسمبر.. انخفاض بالحرارة وأمطار غزيرة بهذه المناطق


تراجع عدد دقائق مشاركة عمر مرموش يثير التساؤلات حول مستقبله مع مانشستر سيتى

وزارة التعليم تحدد ممنوعات داخل المدارس بعد وقائع التعدى على الأطفال

عمر متولى ينعى والدته ويطالب الجمهور بالدعاء لها

صور نادرة لـ إيمان شقيقة الزعيم عادل إمام وأرملة الراحل مصطفى متولى

تعرف على مصير أحمد الأحمد البطل الأسترالي مُنقذ ضحايا هجوم سيدني

7 معلومات عن شقيقة عادل إمام أرملة مصطفى متولى

ترامب يشيد بالبطل الأسترالي أحمد الأحمد: أنقذ أرواحا كثيرة في هجوم سيدني

عصام إمام لـ اليوم السابع باكيا: موعد جنازة شقيقتى لم تحدد وادعوا لها

وفاة شقيقة الزعيم عادل إمام أرملة الراحل مصطفى متولى

سيراميكا يستعيد 5 لاعبين قبل مواجهة الأهلى فى كأس عاصمة مصر

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى