نعم ولكن .. نريد مدارسا لعلم الحفظ أو الأرشيف

ماهر المهدى
ماهر المهدى
بقلم : ماهر المهدى
لعقود كثيرة من السنين ونحن نضحك ونؤلف الأفلام والمسرحيات القائمة على السخرية والتندر من أقسام حفظ الملفات أو الأرشيف ، وخاصة فى الهيئات الحكومية والعاملين فيها، بل وصرنا نلقى إلى تلك المهنة كل من لا يفلح فى عمل وكل غير مؤهل وكل معاقب وكل من لا يروق لنا مهنيا أو شخصيا.
 
 وصارت مهنة الحفظ معيبة وعلامة على الفشل وعلى الإقصاء ورمزا من رموز الضحك الجاهل والمضلل بفضل كل من سوق لفكرة أن العمل فى مجال حفظ الملفات هو إنسان فاشل أو يدعو إلى الرثاء أو إلى الضحك، ولم يخدم مصر كل من سوق لهدم مهنة حفظ الملفات أو الأرشفة أبدا ، سواء عن قصد أو عن عمد . 
 
وقد مضت عقود طويلة الآن، وليس لدينا متخصصون فى الأرشفة أو حتى من هم راغبون في العمل في تلك المهنة الهامة والأساسية في كل موقع من مواقع الحياة .
 
 ولا يعقل الآن ، ونحن على أعتاب مرحلة جديدة تماما ومليئة بالتغير وبالجهد الرامي الى الارتقاء في سلم الحضارة والمدنية ، وخاصة خلال السنوات الأربعة الماضية التي ملأها الرئيس عبد الفتاح السيسي حراكا وأملا وانعاشا ، أن نواصل طريقنا سادرين فيما نحن فيه من تجاهل مهنة الحفظ أو الأرشفة . فكثير من دوائرنا الحكومية وغير الحكومية – حتى داخل الجهة الواحدة  – على غير اتصال ببعضها البعض ، ولا يعلم بعضها ما يدور في بعضها اللآخر ، ولا يتوفر فيها كلها اسلوب مطور للحفظ أو أناس مخصصون للحفظ فقط وملمون بمهاراته الحرفية ، ولا يتوافر لدى أي من هذه الدوائر والمصالح حفظ جيد ـ إلا فيما ندر وبالاستعانة بشركات خاصة . 
 
إن الاستعانة بشركات خاصة لإجراء عمليات حفظ سريعة ، وخاصة لأطنان من الملفات المتراكمة عبر سنوات طويلة من الماضي ، قد لا يقدم إلينا سوى حل سريع وجزئي لمشكلة عظيمة وآخذة في التعاظم وتحتاج إلى معالجة وتدخل قريب ومدروس ومحكم لكي تبدأ المشكلة فى السيولة والهبوط والتراجع عن هذا التضخم المستمر، ناهيك عن التكلفة العظيمة ماليا للاستعانة بتلك الشركات الخاصة، وناهيك عن اضطرارك لفتح ملفات كافة الجهات لتلك الشركات لكي تقوم بمسحها وحفظها وما قد يترتب على ذلك من أضرار محتملة، فليس يغفل عن أحد ما لغياب مهنة الأرشفة من نتائج وخيمة وخطيرة على حياة الفرد وعلى حياة المجتمع ككل . 
 
إن كل الحقوق تتعلق بحفظ جيد . الأعمال تتعلق بحفظ جيد ، والقضاء يتعلق بحفظ جيد ، والدراسة تتعلق بحفظ جيد ، والتاريخ يتعلق بحفظ جيد ، والأدب يتعلق بحفظ جيد ، وكافة العلوم والمهن تتعلق بحفظ جيد لبداياتها ومراحلها وسكناتها وحركاتها ، والا تعرضت لسقطات وفلتات قد تعيقها عن الاستمرار وعن تحقيق أهدافها المنشودة . فالحفاظ يتوفون والمجيدون لأعمالهم ومهنهم في كل منحى من مناحي الحياة يرحلون الواحد تلو الآخر حاملين معهم ما يعرفون من اسرار مهنهم ودقائقها التي استغرقتهم سنين أو عقودا ليفقهوا كنهها أو يتعلمونها ثم يتقنونها . وقد سرقت أجزاء كبيرة من تراثنا القيم في مختلف المجالات وبيعت وتسربت عن قصد أحيانا وعن جهل أحيانا ، لأن أحدا لم يبد اهتماما ، ولأن ما ظهر منا تجاه الحفظ واهله قد لا يخرج عن الضحك والفكاهة والتندر على هولاء المساكين التافهين قليلي القيمة الذين ألقوا الى قاع الحياة الوظيفية كنفايات وظيفية لا حاجة للعمل بها ولا عازة اليهم ولا كرامة لما يؤدنه من مهمة جليلة .
 
 وباتت بعض الدول وبعض الاشخاص الآن يحتكمون على أرشيف كامل لبعض مما يخصنا في مجالات معينة ولا يخصهم ، ولكنهم نجحوا في الوصول اليه بالتودد وبالمجاملة وبالحيلة وبرشوة موظفين بسطاء ولكنهم قائمون – بلا قدرات مهنية ولا دراية علمية ولا تلقين حرفي – على حفظ ما لا يقدر بثمن أحيانا ، ولا يتقاضون سوى الفتات الذي لا يكفي أحدا ولا يملء عينا . بل ولا يطل عليهم أحد للمراجعة أو الاطمئنان أو التفتيش أو الفحص الفني لما هو محفوظ وحالته من الجودة أوالسوء ، ليترك الباب للخبثاء من صيادي كل قيم ونفيس  ليجدوا طريقهم مفتوحا ميسرا الى ما يشتهون ومقابل ملاليم من المال .
 
إن علم الحفظ ومهنة الحفظ هامان ومؤثران في حياة كل المجتمعات ولهما كل التبجيل والتقدير ، ويلزم أن يحظيا بكل ما هو مطلوب من اهتمام مؤسسي وأكاديمي وفني وثقافي ، وينبغي أن يكون محطا للاحترام وليس مصدرا للفكاهة والسخرية . واذا أحسنا صنعا ، فقد يكون من الملائم دراسة امكانية افتتاح مدارس متخصصة في علم الحفظ وفي تخريج الفنيين في مجال الحفظ ، وحث الجهات الأكاديمية والبحثية على تكريس بعض من جهودها ومن أقسامها لمهنة الحفظ ، وادراج مهنة المتخصص في الحفظ في مؤسساتنا العامة والخاصة ، لننقذ أنفسنا من الوقوع في أزمة أو كارثة كبيرة لاحقا بالاكتفاء باسناد حفظ كل شىء الى موظف معاقب أو غير راض أو لا يصلح أو مثير للمشاكل  . حفظ الله مصر دولة مدنية يتساوى الجميع فيها في الحقوق والواجبات ، وحفظ رئيسها ووفقه الى الخير  .                                                                                                   
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الإسكندرية ضمن التأمين الصحى الشامل قريبا.. استعدادات تنفيذية مكثفة لإسراع الانضمام للمنظومة.. المحافظ: تشمل 169 قرية ونجعا.. والتأمين الصحى يؤكد: نستهدف رفع جودة الخدمات الطبية ودمج القطاعين العام والخاص.. صور

مواعيد مباريات اليوم الخميس 21 - 8 – 2025 والقنوات الناقلة

موعد مباريات اليوم الخميس 21 – 8 – 2025 في الدورى المصرى

بحضور 3 سفراء دول أفريقية.. نجاح إنزال فندق سياحى فى مياه بحيرة ناصر بأسوان.. إنهاء صيانة الباخرة العائمة بعد 6 شهور من الجهد.. ومحافظ أسوان: إضافة كبيرة لدعم نشاط السياحة.. فيديو وصور

محمد علي بن رمضان يؤكد جاهزيته للمشاركة مع الأهلي أمام غزل المحلة


سوهاج على الخريطة السياحية.. المرسى الجديد بالكورنيش الغربى خطوة نحو مستقبل واعد.. تكلف 6 ملايين جنيه ويستقبل مراكب السياحى من الأقصر وأسوان.. والمحافظ سوهاج مخزن آثار مصر وبها كنوز تمثل كل العصور.. فيديو وصور

اسم مطار برج العرب يتغير إلى الإسكندرية الدولى 4 سبتمبر.. مركز رئيسى على خارطة السفر الدولية.. زيادة الطاقة الاستيعابية إلى 6 ملايين راكب سنويا.. واستخدام الطاقة الشمسية ليصبح أول مطار صديق للبيئة.. صور

محمود سعد: وضع أنغام الصحى صعب وفقدت الكثير من وزنها (فيديو)

خطوة واحدة تفصل هارفي إليوت من الانضمام إلى لايبزيج

تعنت تل أبيب المفضوح.. أحزاب وخبراء قانون دولى: المقترح المصرى القطرى بشأن غزة طوق النجاة وتعنت إسرائيل يكشف غياب رغبتها في السلام.. ويؤكدون: رفض الاحتلال للمبادرة يفضح نواياه وجرائمه وعدوانيته أمام العالم


صحتك بالدنيا.. فوائد العيش البلدى من تخميره لخبزه.. ابتكار دعامة دقيقة تزرع داخل العين للحد من المياه الزرقاء.. نصائح لعلاج دور البرد فى الصيف.. 7 أعشاب مهمة لمرضى السكر.. وطرح عقار جديد لعلاج الملاريا

ساعات غامضة لا تعرض الوقت تنتشر بين لاعبى الأهلى.. إيه هي؟!

تفاصيل سرقة شقة أحمد شيبة بالإسكندرية.. أحد المتهمين ارتدى نقابا وعدسات لاصقة للهروب من كاميرات المراقبة واستعان بأخته وصديقته.. صعد إلى الشقة بعد علمه بوجود المطرب فى الساحل الشمالى.. واستغرق فى السرقة 4 ساعات

حتى لا ننسى.. التاريخ الأسود للإخوان.. كيف حولت الجماعة الإرهابية الجامعات المصرية إلى بؤر للعنف؟.. الطلاب والطالبات تحولوا لأذراع في خدمة التنظيم.. وهكذا سقطت المؤسسات التعليمية في فخ التطرف.. فيديو

اللى منى مزعلنى.. المتهمون بسرقة شقة المطرب أحمد شيبة أقاربه

المنظمة العربية لحقوق الإنسان: مصر وضعت مقترحا بالغ الأهمية لوقف إطلاق النار والتوصل لتهدئة دائمة فى قطاع غزة.. علاء شلبى: جرائم الاحتلال موثقة بتقييد تدفق المساعدات.. ومصر وفرت جدار صد جوهرى ضد التهجير

سرقة شقة المطرب أحمد شيبة فى بيانكى.. وأمن الإسكندرية يضبط المتهمين

الرئيس السيسى يؤكد لماكرون موقف مصر الثابت والرافض لأى محاولة تهجير للفلسطينيين

دونجا وربيع "غياب" عن الزمالك أمام مودرن سبورت

301 مليون شكراً لقراء "اليوم السابع".. ثقة غالية ووعد بصحافة متجددة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى