إرهاب «النوستالجيا» يهدد مستقبل الدولة

محمد الدسوقى رشدى
محمد الدسوقى رشدى
الحنين المزيف خطر، وانتقال حالة الحنين إلى الماضى أو النوستالجيا من ساحتها الاجتماعية إلى ساحة السياسة خطأ، العودة إلى ذكريات الثمانينيات والتسعينيات بأغنية أو إعلان أو صورة ربما يكون أمرا رائعا ولكن مايجره معه سياسيًا هو الخطر بعينه، الذى يمكنك أن تلمحه فى محاولة البعض مقاومة التغيير، الذى يريد إحداثه الدكتور طارق شوقى، وزير التعليم، كما يمكنك أن ترصده فى حالة التململ، التى يمارسها البعض تجاه خطوات الدولة الإصلاحية والسريعة فى بعض المجالات المختلفة، خاصة المجال الاقتصادى. 
 
ستسأل حتمًا وماعلاقة هذا بذاك، ماعلاقة «النوستالجيا الثمانيناتى والتسعيناتى» بالاقتصاد والسياسة وقرارات الدولة ووزير التعليم ؟، الحنين إلى الماضى يستقر فى وجدان البعض بشكل مترابط، يشعر بامتنان لذكرى شخصية سعيدة بسبب أغنية قديمة، فيربط ذلك بإحساس الاستقرار والهدوء، الذى كان يعيشه فى التسعينيات، وهو استقرار مزيف بلاشك لدولة كانت تعيش على المسكنات حتى ظن البعض أنها العلاج ثم عشنا جميعًا صدمة الآثار السلبية لتلك المسكنات على جسد الدولة، الذى ظهر ضعفه وارتباكه فى سنوات مابعد 2011.
 
تترك هذه الحالة من الحنين أثرًا مزيفًا فى نفوس البعض الذين يعشقون مقارنة الهروب، دون أن يخبره أحد أن مانعيشه من إجراءات صعبة الآن فى مختلف المجالات هو الحصاد الحقيقى لسنوات عشناها بوهم الاستقرار وماكان استقرارها إلا عملية ممنهجة لتأجيل وتصدير المشاكل للمستقبل، الذى أصبح حاضرنا الآن. 
 
حالة «النوستالجيا الثمانيناتى والتسعيناتى» تخرج عن قضبانها وتتوحش، وتتوغل وتنتشر وتتسرب، التسعينيات بأجوائها تطاردك فى كل «سنتيمتر» من حياتك، لم يعد الأمر مقصورًا على صورة قديمة، أو إعلان يتجرع حنين الماضى.. الأجواء الآن غلاف من الحنين إلى الماضى القريب بكل تفاصيله، التى أوهمنا البعض وقتها أنها كانت هادئة.
 
فى هذا الحنين سم قاتل، تذوقه على مهل، حن إليه بتعقل، استدع ما تشاء من ذكريات، وأتبعها بعبارات الحنين مثل «الله، فاكر، كانت أيام.. إلخ»، ولا تستدع الزمن ذاته، فى استدعاء الزمن ذاته خسارة فادحة، هم يريدونها وأنت ستعانى، إن تحقق مرادهم، لأن العودة إلى الوراء مرة، ستعيدك إلى سيرتك القديمة، سيرة المواطن السائر فى ظل «الحيط»، والسلطة التى تعالج كل أزماتك ومشاكلك بسياسة «شيلنى وأشيلك» وعلاجات المنح والعلاوات وفتح أبواب التعيين فى الحكومة بشكل حول الشعب إلى جيش من الموظفين العاطلين، دون مواجهة مشاكل الاستثمار والصناعة والاقتصاد بحلول جذرية ومشروعات تستغل موارد الدولة وتوفر حلولا طويلة الأمد. 
 
فى تعريفهم للنوستالجيا يقولون: إنه مصطلح يونانى يشير إلى ألم المريض بسبب الرغبة فى العودة إلى بيته وموطنه، ولاحقًا تطور المصطلح ليصبح مجرد تعبير عن حالة مرضية، وشكل من أشكال الاكتئاب.
 
الخوف من أحداث الحاضر المضطربة وغياب نمط الاستقرار الذى اعتاده البعض، يجعلان من الهروب إلى الماضى خيارًا نفسيًا أوليًا للراغبين فى اتقاء تبعات العيش فى الحاضر، والتخوف من المستقبل.
 
إنهم يعزون فكرة استدعاء الماضى إلى أجواء الحاضر الذى نعيشه، رغبة مشتركة بين رموز تريد استعادة مجد نظام سابق سيطر على وطن لا يتكلم، وبين مواطنين أصابهم الملل من الوضع، فقرروا أن يبحثوا عن ضالتهم فى ذكريات ليست بعيدة، وشركات دعاية ووسائل إعلام تتكاسل عن الابتكار باجترار الماضى فى إعلانات تستدعى أرواحًا ماتت بدلا من أن تقدم لهم ماينفخ الروح فى المستقبل.
 
الكل دون أن يدرى قرر العودة إلى التسعينيات، بعضهم ذهب إليها دون وعى، وآخرون ذهبوا إليها اشتياقًا، بينما فئة ثالثة تذهب إليها متعمدة تحقيقًا لمصالح، كل المشهد «التسعيناتى» يتجلى أمامك الآن بتفاصيله الفكرية والرياضية والفنية والإعلانية بمعاركه الفكرية، التى عادت لتطل علينا مثل البخارى والحجاب وعذاب القبر، والثعبان الأقرع، وصفقات الأهلى والزمالك، وبدلا من خلق طموح يحقق لك تطورا فى الفكر الدينى أو العلمى يغرقونك فى تفاصيل الماضى، هذه الأجواء ضد المستقبل، تعطل استيعابك لأى فكرة تغيير أو أى إنجاز حقيقى فى منظومة إعادة ضبط مؤسسات الدولة المصرية الأجواء فاحذرها، احذر وجبة النوستالجيا لأن حلاوة حنينها يحتوى على سم قاتل.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

أول جلسة لمعارضة نجل محمد رمضان على حكم إيداعه فى دار رعاية 19 يونيو

الاحتلال يطلق النار على وفد دبلوماسى من السفراء بمخيم جنين بالضفة الغربية

ذكرى رحيل الفنانة نادية عزت.. تركت إرثًا فنيًا متنوعًا بين الشر والأمومة

محامى نجل محمد رمضان يتقدم بمعارضة على حكم إيداعه فى دار رعاية

دقة وتقلية وبيزود "ورد".. وجبة كشرى لمستشار ترامب أثناء زيارته للقاهرة.. فيديو


الأهلي يستقر على خوض ودية لتجهيز لاعبيه قبل موقعة حسم الدوري

أول تعليق لـ مها الصغير بعد إعلان السقا طلاقهما: واصبر حتى يحكم الله

القوات المسلحة السودانية تنشر خريطة حديثة توضح مواقع سيطرتها على الولايات

الأهلى يفاوض زد لإعارة كريستو أو رضا سليم ضمن صفقة العش

كراسة شروط حجز سكن لكل المصريين 7 لمتوسطى الدخل


أحمد السقا ومها الصغير من شائعات الانفصال إلى الطلاق الرسمي

التشكيل المتوقع لمباراة توتنهام ومان يونايتد فى نهائى الدورى الأوروبى

المطالب المالية تبعد بوزوق عن صفقات الزمالك

من مصر إلى المدينة المنورة.. الحجاج فى ضيافة بعثة من طراز رفيع.. تسكين إلكترونى واحتفالات لاستقبال ضيوف الرحمن.. تنظيم زيارات للروضة الشريفة وفرق لمساعدة الحالات الإنسانية.. وعيادات طبية تتابع أحوالهم الصحية

غدا.. انتهاء تقييمات أولى وثانية ابتدائى ترم ثان وبدء إجازة نهاية العام

أحمد السقا يعلن انفصاله عن زوجته مها الصغير بعد 26 سنة زواج

عمر مرموش ضمن أغلى 15 صفقة في مشوار جوارديولا

طرح فيلم "روكى الغلابة" بطولة دنيا سمير غانم ومحمد ممدوح 30 يوليو

قائمة أعلى أجور لاعبي الدوري الإنجليزي.. شاهد ترتيب محمد صلاح ومرموش

مواعيد القطارات على خط القاهرة أسوان والعكس اليوم الأربعاء 21- 5- 2025

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى