خالد صلاح يكتب: هل قدمت بلاغا للنائب العام اليوم؟

الكاتب الصحفى خالد صلاح
الكاتب الصحفى خالد صلاح
دار القضاء العالى
 
تبقى واحدة من أخطر الأزمات التى تواجه منظومة العدالة فى مصر، هى فى الطريقة التى نبتذل بها أحيانا هذه المنظومة بالكامل.
 
المصريون يلجأون للقضاء، ثقة فى العدالة ونيل الحقوق، لكن تراكم البلاغات والقضايا فى المحاكم يبلغ حدا مخيفا تنوء عن حمله قاعات المحاكم، وتعجز عن التصدى له البنية التحتية لمؤسسات القضاء بالكامل، ويفوق الطاقة الكلية لعدد جميع أعضاء الهيئات القضائية والنيابات العامة.
 
أضف إلى ذلك أن بعضا من المواطنين، وفئة من المحامين يدمنون تقديم البلاغات للنائب العام ضد كل ما يعكر مزاجهم صباح كل يوم «خبر فى صحيفة، تصريح لمحافظ، مشكلة مع جيرانه، لقطة فى مسلسل، مشهد من فيلم».
 
كل هذه الأشياء العادية تتحول «بقدرة قادر» إلى بلاغات فى النيابة العامة، وتطبق النيابة كل القواعد القانونية على هذه البلاغات، التزاما بالقانون وانحيازا للعدل وحتى تكون عند حسن ظن كل من يلجأ إليها، لكن فى الوقت نفسه تشغل هذه البلاغات مساحات واسعة من الوقت والجهد لدى مكاتب التحقيق، الأمر الذى يضاعف من تعقيدات الأزمة داخل أروقة مؤسسة القضاء.
 
الحل السريع هنا هو أن تتوقف مظاهر ابتذال منظومة العدالة، عبر إجراءات لوقف هؤلاء الذين يقدمون البلاغات بلا حساب أو يحركون الدعاوى القضائية المدنية سداحا مداحا بلا رقيب ودون أن يسددوا فاتورة هذا الإهلاك والإنهاك لمنظومة القضاء فى البلاد.
 
وأتصور أنه يمكن فرض رسوم إضافية على البلاغات المقدمة للنيابة العامة فى بعض الملفات والقضايا الشكلية، كهؤلاء الذين يقدمون بلاغات فى مسلسلات رمضان مثلا، ويفضلون مكتب النائب العام عن المجلس الأعلى للإعلام، تعرف أنت أن المسار الطبيعى هنا أن تذهب الشكاوى إلى المجلس الأعلى للإعلام بدلا من اللجوء للنائب العام شخصيا ولأجهزة النيابة التى تتصدى لقضايا أكثر أهمية وأعظم نفعا للعدل وللبلد.
 
ويمكن فرض رسوم مرتفعة أيضا على هؤلاء الذين يتعاملون مع بلاغات النيابة العامة كوسيلة للشهرة من خلال تقديم بلاغات لا معنى لها بالتحقيق فى قضايا ثقافية، وإعلامية، ويعتمدون على أساطير وخرافات فى صياغة هذه البلاغات، والنتيجة تنتهى بالحفظ غالبا، لكن النيابة تبذل كل الجهد مع كل بلاغ اتساقا مع ما تؤمن به من قيم وما تتبعه من نصوص القانون.
 
يجب أن نمنع هذا النوع من البلاغات من أن يكون عصا تعطل عجلة العدالة، على الأقل يجب أن نتأكد من جدية مقدم البلاغ، عبر رفع الرسوم المقررة على قضايا بعينها، فإذا كان المبلغ جادا وصادقا مع نفسه فسيقوم بسداد الرسوم فورا، أما إذا كان المبلغ من النوع المبتذل الذى يدمن تعطيل المراكب السائرة، وشغل رجال العدالة بالتفاهات، فلن يجرؤ على تقديم البلاغ إذا اضطر لأن يسدد قيمة مالية محددة للتأكد من الجدية.
 
أما الحل الشامل والجامع والمانع..
 
هو أن نعيد النظر فى التشريعات المتعلقة بالتقاضى بالكامل، بحيث نضمن قيام الأطراف المتخاصمة باللجوء إلى حلول أخرى تحكيمية قبل الوصول إلى ساحة المحكمة، بعض البلدان لا تسمح مثلا لقضايا الأسرة والمواريث والخلافات الزوجية وقضايا الحضانة وكثير من القضايا المدنية بالوصول من الأساس إلى المحكمة، وتعمل مكاتب تابعة لوزارة العدل والهيئات الحكومية على حل هذه المشكلات بالتسوية والتصالح والتحكيم دون أن تشغل القضاء بمشكلات يمكن حلها على المقهى.
 
العدالة هى أساس الحكم والملك، وحماية منظومة العدالة من تعقيداتها الطويلة هى واحدة من أهم الخطوات التى يجب أن نفكر فيها الآن وبعمق، وحمايتها من صور الابتذال هى خطوة أولى ضرورية على الطريق، لكنها الخطوة الأهم التى ستوفر صداعا فى رأس جهات التحقيق، ووقتا طويلا ضائعا فى ساحات المحاكم، لفئة تعرف أنها تحصل على خدمات مجانية للشهرة والتشهير.
 
والله أعلى وأعلم.
 
 مصر من وراء القصد
 

النائب العام

العدالة
خالد صلاح
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

القانون الكبير الجميل ينذر بمعركة شرسة فى انتخابات 2026.. ترامب يصف التشريع بالأكثر شعبية فى التاريخ.. قلق بين الجمهوريين من تأثيره فى معركة التجديد النصفى.. وهجوم حاد من الديمقراطيين على تقليص برامج الرعاية

اندلاع حرائق واسعة فى غابات الساحل السورى.. صور

انتشال جثة شاب غرق فى نهر النيل بمنشأة القناطر

انطلاق قطار انتخابات الشيوخ من محطته الأولى.. الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن انتهاء اليوم الأول من فتح باب الترشح دون أى معوقات.. إقبال متوسط من المرشحين بالنظام الفردى واستفسارات عن القوائم

الكنيسة القبطية تحتفل بعيد الرسل 12 يوليو.. صوم رسولى قديم يعود إلى بدايات الخدمة والانطلاق.. من الدرجة الثانية ويُاكل به الأسماك.. طقس اللقان يحيى طقوس التهيئة.. ومواصلة على خُطى بطرس وبولس


سر غياب محمد صلاح وكريستيانو رونالدو عن جنازة جوتا

مصابو حادث الطريق الإقليمى: السواق كان بيجرى بسرعة جنونية وبيعمل غرز.. فيديو

انهيار زوجة جوتا ورفاقه فى ليفربول أثناء تشييع جنازة الأخوين فى البرتغال.. صور

أوناش المرور تنتهى من رفع حطام تصادم سيارتين ميكروباص بالطريق الاقليمى

الرئيس السيسى يستقبل عقيلة صالح.. ويؤكد أهمية الحفاظ على سيادة ليبيا ووحدة أراضيها (إنفوجراف)


أمن الجيزة يكشف غموض العثور على جثة فتاة في أبو النمرس

بمشاركة 24 فرقة من 8 دول.. شينجيانغ تستضيف مهرجانا دوليا للرقص يضم 52 عرضا

المعاينة: اختلال عجلة القيادة وراء حادث تصادم سيارتين بالطريق الإقليمى

تطورات ملف رحيل وسام أبو علي.. أخر 3 عروض وموقف الأهلي واللاعب

بعد 43 عاما من اختفائهم.. إيران تحمل إسرائيل مسئولية اختطاف دبلوماسييها الأربعة

اختبارات القدرات 2025.. موعد إتاحة موقع التنسيق الإلكترونى للتقدم للاختبارات

وظائف أمن فى المترو برواتب تصل لـ10 آلاف جنيه.. وزارة العمل تعلن عن فرص عمل

ليفربول يواصل صرف رواتب جوتا حتى 2027 ويؤسس صندوقًا لدعم وتعليم أطفاله

أول قرار من يانيك فيريرا مع الزمالك.. تأجيل انطلاق فترة الإعداد 24 ساعة

الأهلى يتمسك باستمرار إمام عاشور ويرفض عرض الأخدود السعودى

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى