سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 4 يونيو 1964.. قافلة بمائة جمل تحمل خمسين طن سلاح بقيادة الصحفى جمال حمدى لتسليمها إلى ثوار جنوب اليمن

جمال عبد الناصر
جمال عبد الناصر
رفعت المخابرات المصرية تقريرها إلى الرئيس جمال عبدالناصر عن عمليتها فى الشطر الجنوبى من اليمن، مؤكدة نجاحها، والعملية كان بطلها الصحفى جمال حمدى المراسل العسكرى لمجلة روز اليوسف من اليمن، ويصفه يوسف الشريف فى كتابه «اليمن وأهل اليمن» عن «دار الشروق- القاهرة»: «شخصية عذبة، طموحة، مغامرة، شارك فى النضال الوطنى ضد الملكية والاستعمار البريطانى لمصر، سبق اعتقاله بتهمة العيب فى الذات الملكية وعمره 13 عاما، خريج قسم الصحافة دفعة 1960، بطل الجامعة فى الملاكمة فى الوزن الثقيل، ممثل فى عدة أفلام سينمائية ومخرج لعدة أفلام تسجيلية، فضلا عن كونه مصورا بارعا».
 
ذهب «حمدى» إلى اليمن مراسلا عسكريا، بترشيح من «إحسان عبدالقدوس» رئيس تحرير روز اليوسف، لمتابعة دور القوات العسكرية المصرية التى سافرت تلبية لنداء قادة ثورة 26 سبتمبر 1962، وحسب الشريف، فإنه فور وصول حمدى إلى صنعاء، اختار الذهاب إلى «جنوب اليمن» المحتل من بريطانيا، لتقصى الحقائق عن الثورة التى اندلعت شرارتها يوم 27 يناير 1963 عبر كمين نصبه الثوار لدورية من الجيش البريطانى، وبالفعل نجح فى دخول «عدن» ببطاقة صحفية بدون صورة للصحفى السودانى «محمد ميرغنى»، لكن سلطات الاحتلال كشفت أمره فأعادته إلى صنعاء.
 
فى صنعاء التقى بالعقيد عبدالمنعم خليل، الضابط فى الجيش المصرى، ووفقا للشريف، فإنه لما أدرك إصراره على الدخول إلى عدن مهما كلفه الأمر، وجهه للسفر إلى تعز ومقابلة ضابط المخابرات المصرية «فخرى عامر»، وكان عامر قائدا لـ«العملية صلاح الدين» التى أنشأتها المخابرات المصرية للإسهام فى دعم ومساندة قوى الثورة فى اليمن الجنوبى، ونصحه «عامر» بإطلاق لحيته وإتقان اللهجة اليمنية، وفعل «حمدى»، وبقى على هذا الحال شهرا خضع فيه لاختبارات أمنية ونفسية دون أن يفهم السبب.
 
فى نهاية الشهر، كشف له «فخرى»، أنه سيقوم بمهمة إدخال سلاح وذخيرة وعتاد تبلغ حمولتها 50 طنا إلى منطقة «ردفان» التابعة لمحافظة «لحج» جنوب اليمن لإمداد الثوار بها، ويصف «حمدى» حالته ليوسف الشريف فور إبلاغه بهذه المهمة: «ابتهجت ونمت ليلتى لأول مرة قرير العين»، وكانت قافلة من مائة جمل هى التى ستنقل السلاح، وهو من مخلفات القوات البريطانية بعد انسحابها من قاعدتها العسكرية فى قناة السويس عام 1956، وهذا النوع من السلاح كانت ميزته أنه إذا قدر للإنجليز ضبطه، تستطيع القاهرة إنكار صلتها به لأن الجيش المصرى أصبح تسليحه شرقيا بزعامة الاتحاد السوفيتى، أما اختيار «جمال حمدى» للمهمة فميزته أنه مدنى وصحفى، مما يعطى الفرصة لإعلان القوات المسلحة المصرية أنها ليس لها علاقة به فى حال اعتقاله.
 
انطلقت القافلة يوم 4 يونيو «مثل هذا اليوم 1964» حسب تأكيد «الشريف» مضيفا، أن قوامها كان «مائة جمل» محملة بالأسلحة والذخيرة، وفيها 300 يمنى يقودهم «حمدى» مرتديا العمامة والفوطة «الكشيدة» وهو الزى الشعبى لجنوب اليمن، وكانت القافلة تسير فى مجموعات متباعدة بعد غياب الشمس، ثم تتوقف عند مطلع الفجر وتدخل الكهوف الجبلية، وأثناء الرحلة اكتشف «حمدى» أن أحد الأدلاء يتعمد السير بهم فى طريق معين غير الطريق الذى يسلكه الثوار، فرفع البندقية فى وجهه وأصابعه على الزناد، لينهار منحنيا على قدمى «حمدى» يقبلها، ثم أفضى بما لديه من معلومات بأن هناك كمائن لعملاء الإنجليز فى الطريق، وأسفر ذلك عن تغيير مسار الرحلة.
 
وصلت القافلة إلى ردفان بعد 18 يوما، بتأكيد «الشريف»، مضيفا: «ناخت الجمال بحمولتها من السلاح والذخيرة فى قرية «السووق»، وحمل الأهالى جمال حمدى وسط التقبيل والأحضان والهتافات بحياته»، وفيما يذكر «الشريف» أن قوام القافلة كان «مائة جمل»، تقول جريدة «الميثاق» اليمنية أنها 120، مؤكدة على موقعها الإلكترونى «29 نوفمبر 2010» بعنوان «مذكرات صحفى مصرى»، أنها حصلت على وثائق جديدة من الصحفية نرمين القويسنى زوجة جمال حمدى، فيها أن المخابرات المصرية بعثت بتقرير إلى الرئيس جمال عبدالناصر حول العملية، مؤكدة أنها تمت تحت إشراف جهاز «عملية صلاح الدين» الذى يربط بين الثورة المسلحة والتنظيمات السياسية بعدن.
 
وحين عاد إلى القاهرة نشر سلسلة من التحقيقات حول ما فعله، ومما رواه فيها استسلامه للبكاء عندما شاهد آلاف المشردين من جراء قصف الطيران البريطانى لقرى ردفان، وكان الجوع تمكن من أجسامهم الهزيلة، بينما عشرات الأطفال تحولوا إلى هياكل عظمية، وكتب نماذج من المقاومة اليمنية الجنوبية الفذة للاحتلال الإنجليزى، فحكى عن «نور ناصر» المرأة الثائرة التى حصدت سبعة جنود بريطانيين، عندما هاجمت القوات البريطانية قرى قبيلة «البكرى» واقتحمت منزلها وقتلت زوجها محسن يحيى البكرى أمامها، فهجمت بشراسة على أحد الجنود وخطفت منه بندقية وأطلقت النيران على الجنود فقتلت سبعة، وتم القبض عليها لتلقى التعذيب فى السجن حتى ماتت.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

القطار السريع يحقق المعادلة الصعبة.. ساعتان من العين السخنة للإسكندرية بسرعة 250 كم وتجربة استثنائية للسفر.. وعربات بطابقين في القطار الإقليمي لأول مرة في البلاد.. وجرار البضائع يصل مصر قريبا.. صور

ملخص وأهداف مباراة النصر ضد الأهلى فى نهائى كأس السوبر السعودى

بعد إعلان رؤية هلال ربيع الأول.. تعرف على موعد المولد النبوى الشريف 1447

بعثة يد الأهلى تصل القاهرة بعد المشاركة فى البطولة الدولية الودية بالبوسنة

ريم مصطفى تعود للسوشيال ميديا وتظهر بإطلالة طبيعية


الأهلي يرفع كأس السوبر السعودي وسط حسرة رونالدو.. فيديو

الجيش السوري ينفى تسمم وزير الدفاع مرهف أبو قصرة

إيرادات فيلم الشاطر لـ أمير كرارة تتخطى الـ 88 مليون جنيه منذ عرضه

أهلى جدة بطلا لكأس السوبر السعودى على حساب النصر بركلات الترجيح

النصر ضد الأهلى.. ركلات الترجيح تحسم كأس السوبر السعودي " فيديو "


روديجر يعود إلى قائمة ريال مدريد لمواجهة ريال أوفييدو في الليجا

خست 16 كيلو.. طفلة فلسطينية تحول جسدها لهيكل عظمى ووالدتها تناشد بسرعة علاجها

محمد صلاح ضمن أفضل هدافى القرن الحادى والعشرين عالميًا.. ميسي يتصدر

سيدة تطالب بتعويض 20 مليون جنيه من الزمالك لظهور رقمها في إعلان "الدباغ"

سقوط أوراق التين رواية تبحث عن مواجهة الشر.. مينا عادل جيد: لا أخشى الموضوعات الشائكة.. وطيف "دون كيخوته" ملمح أساسي في أعمالي.. صغت لغة أقرب للترجمات عن القبطيّة للعربية.. وفكرتي هي خلق النظام في وجه الفوضى

الأهلى يستعد للإعلان عن تعيين أسامة هلال فى رئاسة لجنة التعاقدات

صفقة إيزاك إلى ليفربول تعجل برحيل 4 لاعبين من الريدز

"شكراً مصر".. متطوعو مبادرة "الأشقاء" الجنود المجهولة فى مساعدة العائدين لوادى النيل.. مصريون وسودانيون يتنافسون لخدمة المسافرين للسودان على محطة السكة الحديد بالسد العالى.. توفير خدمات طبية وكراسى متحركة مجانا

سيحا حارس الأهلي يتعرض لحادث سيارة ويعلق: الحمد لله على فضله

مواعيد مباريات اليوم.. مان سيتي أمام توتنهام وليفانتى مع برشلونة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى