أوروبا تسعى للخروج من العباءة الأمريكية.. سياسات ترامب تقود القارة العجوز للاستقلالية.. الاتحاد يزاحم نفوذ واشنطن فى آسيا باتفاقات مع الصين واليابان.. وتحركات أوروبية لرسم خريطة جديدة للقوى الدولية فى العالم

ترامب ـ اجتماع مجموعة السبع ـ زيارة مسئولى الاتحاد الأوروبى للصين
ترامب ـ اجتماع مجموعة السبع ـ زيارة مسئولى الاتحاد الأوروبى للصين
كتب - بيشوى رمزى

"لم يعد بوسعنا الاعتماد بالكامل على البيت الأبيض".. تصريح أدلى به وزير الخارجية الألمانى هايكو ماس، قبل أيام قليلة، ربما يعكس حجم الخلافات بين الولايات المتحدة وحلفائها التقليديين فى أوروبا، خاصة بعد حالة الشقاق غير المسبوق فيما بينهم، والتى ثارت على مختلف الأصعدة سواء السياسية أو الأمنية أو الاقتصادية فى الآونة الأخيرة، والتى تجلت بوضوح سواء فى قمة الناتو الأخيرة أو قبل ذلك فى قمة مجموعة السبع التى عقدت فى كندا الشهر الماضى.

إلا أن التصريح الألمانى يحمل فى طياته اعترافا ضمنيا بصفقة أمريكية أوروبية دامت لعقود طويلة من الزمن تقوم فى الأساس على قيام أمريكا بواجبها نحو حلفائها الأوروبيين بتقديم الحماية الأمنية عبر الإلتزام العسكرى والمالى للناتو من جانب، وتقديم المزايا التجارية عبر الاتفاقات من جانب آخر، مقابل أن تحتفظ الولايات المتحدة بقيادة المعسكر الغربى باعتبارها القوى الدولية المهيمنة على الساحة الدولية، إلا أن مواقف إدارة ترامب ربما جاءت لتنتهك مثل هذه الصفقة غير المعلنة، لتبدأ مرحلة جديدة قد تشهد خريطة جديدة للقوى الدولية فى العالم.

الصدمة الأمريكية.. نقطة انطلاق أوروبا

 من هنا تكمن نقطة الانطلاق لأوروبا لتغيير النهج القائم على الاعتماد على الدعم الأمريكى، هو الأمر الذى قد يساهم بصورة كبيرة فى استقلالية القرار الأوروبى، بعيدا عن سياسة التبعية التى انتهجتها أوروبا، تجاه العديد من القضايا الدولية فى المرحلة المقبلة، خاصة وأن المواقف الأمريكية التى تبنتها إدارة ترامب ربما تتعارض بصورة كبيرة مع المواقف الغربية الجماعية تجاه هذه القضايا، وهو ما يخلق فرصة جديدة لأوروبا للقيام بدور أكثر بروزا فى تلك القضايا وبالتالى توسيع نفوذها فى العديد من المناطق بالعالم.

فعلى الرغم من أن القرارات الأمريكية المتعارضة للمواقف الأوروبية، تجاه بعض القضايا الدولية التى لطالما شهدت إجماعا أمريكيا أوروبيا، كانت صادمة للجانب الأوروبى، وعلى رأسها القضية النووية الإيرانية وموقف مدينة القدس، بالإضافة إلى الموقف من قضية كوريا الشمالية وروسيا، إلا أنها فى واقع الأمر فتحت الباب أمام استقلالية القرار الأوروبى تجاه تلك القضايا، لحماية مصالحها فى المقام الأول، كما أنها وضعت اللبنة الأولى فى بناء النفوذ الأوروبى لتتحول أوروبا إلى قوى دولية جديدة يمكنها المشاركة بفاعلية فى قيادة العالم فى السنوات القادمة.

زيارة أوروبية لآسيا.. أوروبا تتحرك لمزاحمة النفوذ الأمريكى

ولعل الزيارة التى قام بها رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ورئيس المجلس الأوروبى دونالد توسك إلى آسيا هذا الأسبوع، تمثل فى حقيقتها تحرك أوروبى مستقل لتقوية العلاقات بين القارة والقوى الآسيوية البارزة، وعلى رأسها الصين واليابان والتى توترت علاقتها بصورة كبيرة مع الإدارة الأمريكية فى الأشهر الماضية، على خلفية القرارات التجارية الأمريكية بالإضافة إلى التجاهل الذى أبداه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للمخاوف اليابانية أثناء لقاءه مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون فى سنغافورة فى شهر يونيو الماضى.

الزيارة الأوروبية لآسيا تلامست بوضوح مع الجرح التجارى الذى تسببت فيه إدارة ترامب لكلا الطرفين، خاصة وأنها شهدت توقيع اتفاقات تاريخية للحفاظ على النظام التجارى القائم، وهو ما يمثل تعويضا، ولو جزئيا، عن الأضرار الاقتصادية التى تتكبدها كلا من القوى الأوروبية والآسيوية جراء التعريفات الجمركية التى فرضتها الإدارة الأمريكية على الواردات القادمة إليها من الخارج.

إلا أن القيمة الرمزية للزيارة تبدو أعمق من ذلك، خاصة وأن تزامنت مع تصريحات ترامب المثيرة للجدل، والتى وصف فيها أوروبا بـ"الخصم التجارى"، قبيل لقاءه مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، حيث تعكس الزيارة أن أوروبا تحركت بمفردها ليس فقط نحو إيجاد بديل تجارى للشريك الأمريكى، وإنما أيضا لدحض الخطط والرؤى الأمريكية وبالتالى تقديم نفسها كبديل للقوى الأمريكية فى ضوء انكماش نفوذ الولايات المتحدة فى المنطقة على خلفية قلق حلفائها جراء التقارب الأمريكى الكورى الشمالى فى الآونة الأخيرة وما قد يترتب عليه من نتائج.

الحاجة للتقارب.. سياسات ترامب تخلق معسكر مناوئ لأمريكا

ولكن ربما يبقى التساؤل حول ما إذا كانت أوروبا مؤهلة للقيام بهذا الدور فى المرحلة الراهنة، فى ظل حالة من الانشقاق التى تشهدها القارة العجوز فى الداخل، خاصة مع صعود اليمينيين فى العديد من دول القارة، والخلافات حول بعض القضايا وعلى رأسها الهجرة والموقف من روسيا، بالإضافة إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى.
 
 

الحاجة للتقارب بين دول القارة الأوروبية ربما هى الحقيقة التى أكدها وزير الخارجية الألمانى هايكو ماس، فى تصريحاته لصحيفة "فونكة" الألمانية هذا الأسبوع، حيث أكد أن السياسات الأمريكية أكدت أن هناك حاجة ملحة إلى للتقارب أكثر فى أوروبا.

إلا أن السياسات الأمريكية ربما سوف تساهم بصورة كبيرة فى خلق معسكر جديد مناوئ للولايات المتحدة،  سوف تتقارب فيه أطراف دولية أخرى مع أوروبا، فى ظل حالة العزلة الراهنة التى تعيشها إدارة ترامب، بالإضافة إلى إدراك الأطراف الأخرى أهمية التعاون والمشاركة، وهو ما بدا واضحا فى الزيارة الأوروبية للصين والتى جاءت ربما لتكرس مرحلة جديدة فى العلاقات بعد سنوات من الانتقادات الأوروبية للصين على خلفية القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان والديمقراطية.  

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

غدا.. المحكمة الدستورية تفصل فى دعوى عدم دستورية قانون الإيجار القديم

بعد 34 يوماً من الرحيل عن الأهلى.. غموض مصير على معلول

وظائف جديدة بمرتبات تصل 13 ألف جنيه فى قطاع الكهرباء.. التفاصيل

شعار سوريا الجديد يشعل ضجة بين الرافض والمؤيد.. فماذا تعرف عنه؟

بالتصفيق.. استقبال مؤثر لجثمانى جوتا وشقيقه فى البرتغال.. صور


ارتفاع أسعار الذهب عالميًا ليصل إلى 3329.67 دولار للأوقية

صفقة قوية.. تطورات جديدة فى ملف انتقال وسام أبو على إلى الريان

تحذير عاجل من الأرصاد.. ارتفاع جديد فى الرطوبة تقترب من 100%

صفقة محمد شريف تفتح أبواب الرحيل مُجدداً أمام وسام أبو على من الأهلى

طريق الموت ينهى رحلة جوتا نجم ليفربول.. تقرير يفضح كارثة الطريق الأخطر بإسبانيا


الهلال يواجه فلومينينسي لمواصلة الحلم العربى فى مونديال الأندية الليلة

أجواء شديدة الحرارة رطبة.. تفاصيل حالة الطقس والظواهر الجوية المتوقعة اليوم

ارتفاع درجات الحرارة يؤدى إلى نشوب حرائق المخازن.. اقرا التفاصيل

طقس اليوم الجمعة 4-7-2025.. أجواء شديدة الحرارة وشبورة ورطوبة مرتفعة

8 أندية من 6 دول و33 جنسية.. كأس العالم للأندية 2025 يدخل مراحل الحسم

محمد حسن يوافق على تجديد تعاقده مع الإسماعيلى موسمين

تفاصيل التحقيق مع خادمة بتهمة سرقة مبالغ مالية من شقة بالمعادى

قدم الآن.. 1787 فرصة عمل بمشروع الضبعة النووى بمرتبات تصل لـ11 ألف جنيه

مواعيد مباريات اليوم الجمعة 4 - 7 - 2025 والقنوات الناقلة

من الصحراء إلى السوق.. النعام مشروع متكامل يعزز القيمة المضافة.. ثروة غذائية واقتصادية تنتظر الاكتشاف فى مصر.. يعيد تشكيل مفهوم الإنتاج الحيوانى.. ويفتح أبوابا استثمارية جديدة مع لحوم صحية وريش مطلوب عالميا

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى