د. محمد سعيد حسب النبى يكتب: داء الإحباط

د. محمد سعيد عبد النبى
د. محمد سعيد عبد النبى
تسابقت الظباء تقفز مختالة على أطراف غابة نائية، وفجأة سقط ظبيان في بئر ماء عميقة غائرة، اجتمعت الظباء حول البئر لترى ما أصاب الظبيان، ولما شاهدت الظباء عمق البئر صاحت بالظبيين اللذين سقطا: إنكما لا محالة هالكان، فالبئر عميقة ومن المستحيل ارتقاؤها، حاول الظبيان القفز بكل ما أوتيا من قوة وطاقة وسط صياح الظباء بتوفير هذه المحاولات التى لا طائل من ورائها وليستسلما للموت فذلك أفضل.. وبالفعل رضخ أحداهما منتظراً الموت، أما الآخر فقد دأب على المحاولة جهد طاقته، والظباء لا تسكت عن النصيحة بالاستسلام، والظبي لا يأبه ويكابد مثابراً متحمساً حتى بلغ حافة البئر ليخرج منها سالماً. فما لبث أن أحاط به الظباء يسألنه عن إصراره وتجاهله النصائح التي لم تهدأ لحظة بقبول القدر والخضوع للموت، فاندهش الظبي قائلاً لهن: أنا مصاب بصمم جزئى، ولم أسمع كلامكن بوضوح؛ وإنما كنت أظن أصواتكن كلمات تشجيع لي حتى أسرع الخطو للخروج من البئر!
 
إن فى طباع الناس عللاً تعز في كثير من الأحوال على الدواء، ولست أدري أأكثر الناس معلولون بهذا الداء أم تلك قلة عكرت صفو الحياة كما يعكر عذوبة الماء حفنُ الملح؟! ذلك داء الإحباط الذي تحمله كلمات التثبيط واليأس، يبثها صاحبها فتسري في وجدان متلقيها كشوائب تتراكم يوماً بعد يوم مخلفة عللاً واضطرباً نفسياً وخوراً وضيقاً قد يسلم إلى الهلاك.
 
بينما الأسوياء الإيجابيون من الناس تراهم وقد امتد نفعهم ليكسو غيرهم قبل أن تذوقه أنفسهم، فلا يصدر عنهم إلا الجميل، ولا يتوقع منهم إلا الخير، قلوبهم مفعمة بالصدق، ولسانهم رطب بالود، وأيديهم مبسوطة بمعروف تفيء ظلاله على من يلقوه، يبذلونه بغير جهد ومشقة. إنهم مصابيح للناس في ظُلَم الحياة، يوردونهم روافد الفضل والبركة، فيكونون عوناً على تقريب كل بعيد وتذليل كل صعب.
 
ولأننا فى حظوظ الرزق مختلفون، ولأن إنفاقنا واجب وفق لون ما وهبنا؛ فالقوي ينفق من قوته، والغني ينفق من ماله، والبليغ ينفق من بيانه، وهكذا يقدم كل منا ضريبة تنفعه وينفع بها مجتمعه الذي يحيا فيه. ومن وجد نفسه في مرتبة دون هذه وتلك، فلا مال ولا بيان ؛ فعليه أن يلزم الصمت وليمسك عن كل ما يحبط ويسيء من خبث الكلام .
 
وكما يجلو الماء درن الأجساد ، كذلك الكلم الطيب الذي يشف عن طبيعة نقية، يكتسح ما في القلوب المتحجرة من غبار متراكم، ويمدها بما يُحييها فيبدل يبسها خضرة، وجفافها نداوة، وقفرها روضاً يبش له الناظرون .
 
 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

لا تجف مياهها منذ 3 آلاف سنة.. سر البحيرة المقدسة بمعابد الكرنك.. صور

تفاصيل إحالة لص الهواتف بالشرابية بأسلوب المغافلة للمحاكمة

ليبيا.. المجلس الرئاسي الليبى يعقد اجتماعا طارئا لمتابعة تطورات الأوضاع في طرابلس

جوائز بطولة كأس عاصمة مصر قبل انطلاق منافسات دور الثمانية

استشهاد 3 أشخاص بينهم طفلة في قصف للاحتلال غرب خان يونس بغزة


جدول ترتيب الدورى المصرى "دورى نايل".. الأهلى يتصدر

رويترز نقلا عن إن بي سي نيوز: إدارة ترامب تعمل على خطة لنقل مليون فلسطيني لليبيا

محامى أسرة العندليب: مستعدين تقديم خطابها لأى جهة لفحصها وبيان صحتها

مجلس الدولة الليبى يعلن سحب الشرعية من حكومة الوحدة الوطنية

جدول ترتيب "مجموعة الهبوط" فى الدورى المصرى.. الجونة يتصدر


إحالة 3 أشخاص للمحاكمة بتهمة سرقة هواتف محمولة من داخل شركة

أمريكا: لسنا ملزمين بإبلاغ إسرائيل بلقاء ترامب الرئيس السوري

إعلام عبرى عن مسئولين بجيش الاحتلال: ترامب بدأ يتخذ خطوات تضر بإسرائيل وتعزلها

بلومبيرج عن جولة ترامب الخليجية: كأنما كان فى بيته

ماكرون: الوضع فى غزة ليس مقبولا وسأبحث مع نتنياهو وترامب هذا الأمر

تعرف على نص رسالة إبراهيم سعيد من محبسه إلى الجمهور عقب أزمته الأخيرة

مديرية تعليم القاهرة تعلن جداول البث المباشر لمراجعة مواد الشهادة الإعدادية

حاملة الطائرات الأمريكية هارى ترومان فى طريقها لمغادرة الشرق الأوسط

البنك المركزى يعلن عن وظائف جديدة.. اعرف التفاصيل

الزمالك يخاطب اتحاد اليد رسميًا للمشاركة فى بطولة كأس العالم للأندية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى