خالد عبد الحميد يكتب : الأقوياء هم الضحايا

خالد عبد الحميد مدرب تنمية بشرية

الإثنين، 09 يوليو 2018 08:00 م

فى كل مكان يظهرون للعيان ولايخفون على أحد لهم مشية مهيبة عسكرية..لهم وقفة تدل على السيطرة ..لهم نظرة هائلة ترهب الجميع....ما يحركهم هى مبادئهم فقط..يثمنون الأشخاص وفق قيمتهم لا وفق مدى الاستفادة منهم...دون أن تتحدث معهم تعرف أنهم ينتمون إليها ..إلى قبيلة الأقوياء .

وقد لا تصدق يا عزيزى أن الأقوياء هُم أكتر الناس حاجة إلى الاختباء تحت ذراع الحب، هم من يحتاجون للعطف والتعاطف أكثر من أى أحد..أنت لن تصدق ذلك..لن تصدق أن ذلك الجدار الصلب يخفي خلفه هشاشة طفل يود لو أن أحدهم يربت على رأسه .

هم ياعزيزى يخفون دموعهم ويخجلون منها خشية ردود أفعال من حولهم الذين اعتادوا على رؤيتهم جبالا، جبروتا وآلهة..الجميع يختبئ خلفهم ..الجميع وقت الذعر،وقت الخوف يتلفتون.. بحثا عنهم..أما هم ( الأقوياء) فيتألمون بصمت، يبكون بعيدا وحدهم حيث لايراهم أحد ..هم لايمتلكون جرأة الصراخ ، ولا جرأة البوح..ولا جرأة أن يشعرون بهم أحد .

الأقوياء يا عزيزى فى الواقع هم الضعفاء .. مهما بدى لك العكس.. أنهم ينزفون فى هدوء ويتألمون فى كبرياء.. اسوأ ما فى القوة يا صديقى أن لا أحد يتصور أنك بحاجة لشئ..أنك مثلهم تخاف وتقلق..وأنك أيضا يعجزك الموت ويقهرك وتقف أمامه حائرا .. أن تكون قويا يا صديقى معناه ان تكون مستعدا لعمل شاق دائما.. كل الأعمال التى لايستطيعها الناس .. كل المواقف التى لايتحملها أحد..كل المشاكل التى ينهار أمامها الجميع .

أن تكون قويا هو أمر فى حد ذاته يحتاج لقوة .. أن تكون قويا معناه أن تبتسم مهما كان داخلك مهترئ .

أن تكون قويا معناه أن تتحمل فى صبر جرعات الألم الجبارة دون أن تستعطف أحد.. أن تتكئ على نفسك فى قمة ضعفك.. أن تقع المره تلو المره وتعاود الوقوف وحدك..أن تترنح ولاتستند على أحد.

أن تكون قويا هو أن تسمع أحدهم يشكو من جزء من مئة جزء مما تشعر به..فتعض على نواجذك إخفاءً لالمك وتبتسم له وتهون عليه .

أن تكون قويا هو أمر مروع ..لأنك تفقد تعاطف وعطف من حولك...فمهما حدث لك..لن يلتفت إليك أحد .

أن تكون قويا هو أمر ليس جيدا.. كما يظن الناس.. فلا أحد يسهر ليلك ولا أحد يتحمل ما تتحمله..ولا أحد يعرف مابك .

القوة فى زماننا هذا تماثل الألم..أن تكون قويا معناه أن تكون متألما طوال الوقت ..

أن تكون قويا معناه أن تكون استثنائيا.. تماما