صلاح فضل: الدمج الثقافى سلاح الدعم للقوى الناعمة لـ عرب 48 ضد إسرائيل

الدكتور صلاح فضل
الدكتور صلاح فضل
كتب بلال رمضان

قال الناقد الكبير الدكتور صلاح فضل، إن ما فعلته إسرائيل مع الفنانة الفلسطينية دلال أبو آمنة، وادعائها بأنها تمثل إسرائيل فى مهرجان القلعة للموسيقى، هو أمر ليس بجديد منذ تأجج الصراع العربى الصهيونى، مؤكدا على أن الدمج الثقافى هو سلاح الدعم للقوى الناعمة فى عرب 48 فى ظل صمودهم وحفاظهم على هويتهم.

وأوضح صلاح فضل فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أنه على اختلاف مراحل الصراع العربى الصهيونى كانت العواصم العربية وخاصة القاهرة هى المتنفس الذى يعلن فيه المبدعون الخاضعون لعمليات التجريد والتفتيش والقمع وكبت الهوية من عرب 48 يلجأون إلى القاهرة، ليعلنوا هويتهم ومقاومتهم ويتمسكوا بعروبتهم المطحونة، وعرفنا ذلك منذ جاء الشاعر محمود درويش واحتفى به المثقفون العرب فى مصر وعلى رأسهم مكتشف شعريته رجاء النقاش، وبدأت موجة شعر المقاومة الفلسطينى التى شاركه فيها سميح القاسم، وغيرهم، ثم حدثت انعطافة خطيرة بعد اتفاقية كامب ديفيد وانتعش الأمل لدى إسرائيل أن تفرض بالقوة تطبيعيا ثقافيا يتوازى مع التطبيع السياسى الذى نجم عن الاتفاقية.

وتابع صلاح فضل: زارنا فى هذه الفترة إيميل حبيب فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، وحاول أن يدعو المفكرين والمبدعين فى مصر لكى يمدوا أيديهم لإنقاذ إخوانهم فى فلسطين المحتلة، لكننا حينئذ كنا نخوض معركة عنيفة لتنحية الأستاذ ثروت أباظة عن رئاسته لاتحاد الكتاب نظرا لدعمه لهذا التطبيع وانصياعه لرغبة الرئيس السادات، قمنا مع سعد الدين وهبة وبهاء طاهر وآخرين بإحداث انقلاب فى اتحاد الكتاب لتصحيح الوضع وبنى المصريون على وجه التحديد جدارا معنويا صلبا ضد التطبيع اشتركت فيه جميع النقابات المهنية من مهندسين وأطباء ومعلمين وغيرهم ووضعوا سدا عظيما أمام التطبيع الإسرائيلى.

وأضاف صلاح فضل: ولازلت أذكر مثلا عندما أرسل مناحم بيجن طائرة خاصة لتقل كوكبة من المثقفين المصريين لتناول العشاء معه شخصيا فى تل أبيب، وكيف أحرج فاروق حسنى، وجابر عصفور الذى كان أمينا عاما للمجلس الأعلى للثقافة من هذا الطلب، وانضممت إليهم لأقوى عزيمتهم فى الرفض الكامل لهذه الدعوة، وعادت الطائرة فارغة لا تحمل سوى شخص أو شخصين، ومازلت أذكر أيضا أنه فى هذه الأثناء حدث أن اختفى البيض  من المجمعات الاستهلاكية لمدة أسبوع مثلا، ثم غمر الأسواق دفعة واحدة، فهبت ربات البيوت لشراء كراتين البيض لأطفالها، فى الوقت ذاته الذى انتشر فيه شائعة أن هذا البيض جاء من إسرائيل، فألقت كل ربة بيت بالبيض على الأرض، وتحنت شوارع القاهرة بالبيض الذى أشيع أنه إسرائيلى وفضلت ربات البيوت حرمان الأطفال من البيض المشبوه بنكهة إسرائيلية.

وقال صلاح فضل: هذه الأمثلة أسوقها لكى أبرهن على أن المناعة المصرية ضد التطبيع والرفض الحقيقى لكل مظاهره أصبح جزاء حميما من تاريخنا الثقافى المعاصر، وأصبحت عادة القاهرة أن تحتضن كل إخوتها من الفلسطينيين دون أن تذهب إلى أرضهم المحتلة ما دامت تعبر أمام كشك الحدود الإسرائيلى.

وأضاف صلاح فضل: حاول البعض أن يكسر هذا الحصار فلم يستطع، ولحقه رزاز العار، مثل على سالم، وذلك لأمر بسيط، هو أننا فى ضميرنا القومى، لا نعادى السلام على الإطلاق، لكن الصهاينة منذ مولد دولتهم حتى الآن لم يتخلوا أبدا عن شعارهم الذى أعلنوه أن دولتهم لابد أن تمتد من النيل إلى الفرات أرضك الموعدة يا إسرائيل، وتسببوا بذلك فى تجميد معاهدات السلام وتفريغها من معناها الحقيقى، ولازالوا حتى اليوم، عندما أصدروا بالأمس القريب قانون الهوية اليهودية يصرون على مشروعهم فى محوا الشخصية الفلسطينية وتصفية قضيتها والاستمرار فى العداء التاريخى مع العروبة وجميع الأقطار العربية.

ورأى صلاح فضل أن هذه المناورة التى يصنعها الإعلام الإسرائيلى، لكى يجعل من زيارة فنانة فلسطينية عربية إلى القاهرة، وشدوها فى رحاب القلعة مظهرا للتطبيع فاشلة ولا جدوى منها، ولن تستطيع على الإطلاق أن تنزع من قلب كل مصرى وطنى وعربى قومى عداءه للصهيونية التى تحاربه، فإسرائيل قتلت بالأمس أكبر عالم سورى الدكتور إسبن رئيس مجموعة البحث العلمى لتطوير الصواريخ البالستية، وهى التى قتلت من قبل علماء الذرة المصريين، ودمرت المفاعل الذرى العراقى، وتتبع سياسية ممنهجة فى تقليم أظافر العرب العلمية والإبداعية والعسكرية ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، لكى تظل هى الدولة المهينة تحت جناح راعيتها الكبرى الولايات الأمريكية المتحدة على أقدار العالم العربى بأكلمه، ولا يمكن لأى جيل يأتى ويدرك هذه الأبعاد أن يستسلم لمسعاها فى إلغاء هويته، ومحو شخصيته والخضوع الذليل للهيمنة الصهيونية.

وقال صلاح فضل: أما فيما يتصل بالمبدعين العرب تحت الاحتلال الصهيونى، وقد امتدت مساحتهم الآن من منطقة 48 إلى الضفة الغربية بأكملها تقريبا، أن نعزز مقاومتهم الباسلة، ونؤكد صمودنا معهم لتغيير وجه التاريخ المفروض علينا معا، ونستقبل بكل ترحاب من يأتى إلينا منهم، لكننا نعزف تماما عن أن نكون أداة للتطبيع مع العدو الإسرائيلى أو إضفاء المشروعية على التهامه للقدس كعاصمة موحدة له، أو غض النظر عن افتراسه للحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى المناضل.

وحول طريقة الإدماج الثقافى، فرأى صلاح فضل أنها تتمثل فى احتضانهم والترحيب بهم عندما يجيئون وتزويدهم بكل ما يحتاجون إليه عن بعد وليس بالزيارة أو التطبيع من أسلحة مادية ومعنوية خاصة ما تتسم به القوى الناعمة الفكرية والأدبية والفنية حتى يظلوا محتفظين بهويتهم لا تزيدهم التحديات إلا إصرارا وصلابة.

وأشار صلاح فضل إلى أنه يسخر كثيرا من بعض الجهلة بالتاريخ ممن يقلون مثلا بأن يهود خيبر كانوا يعيشون فى المدينة المنورة، وأن المسلمين كانوا يتعايشون معهم، فليس عداؤنا مع اليهود على الإطلاق لأننا نحترم الأديان، لكن العداء الأساسى كان مع المشروع الصهيونى الذى أصبح واقعا استعماريا استيطانيا يقفأ عين العالم كلها، وانتهى به الأمر لتشكيل المجتمع الإنسانى الوحيد، على وجه الكرة الأرضية الآن المتسم بالعنصرية الكريهة وهو إلى زوال بكل تأكيد مهما كانت الظروف فى المستقبل.

وختم صلاح فضل تصريحاته قائلا: نحن الآن فكريا بصدد تجديد وتنمية مفهوم العروبة لكى يتم تحديث الفكر القومى بطريقة عصرية ملائمة تحفظ للأمة هويتها، وتتجاوز عن أخطائها التاريخية السابقة وتبنى مستقبلها على أساس الديمقراطية والتعددية والسلام.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الكيس تحول لخراج.. قلق جمهور أنغام على حالتها الصحية بعد التطورات الأخيرة

أيمن يونس: التحكيم المصري يستعيد الهيبة والكرامة والشخصية القوية أخيرا

تعليم الجيزة: البكالوريا نظام تعليمى مجانى مثل الثانوية العامة

رغم أحزانه.. محمد الشناوى يظهر فى مران الأهلى الجماعى

فحص طبى ينتظر أحمد حمدى اليوم فى الزمالك لتحديد مصيره من مباراة فاركو


كاتس: وافقنا على خطط الجيش للقضاء على حماس وإخلاء السكان فى غزة

قطع المياه 6 ساعات بين الهرم وفيصل من المساحة وحتى ابن بطوطة مساء اليوم

جريمة قتل تقلب حياة نجلاء بدر وسط صراعات عائلية فى مسلسل أزمة ثقة

هل يستحق المستأجر تعويض حال انتهاء المدة الانتقالية بقانون الإيجار القديم؟

24% من مقاعد انتخابات نقابة الأطباء تحسم بلا منافسة.. التزكية تغلق باب السباق الانتخابى بـ6 فرعيات ومقعدين بالعامة بإعلان فوز المرشحين.. تراجع أعداد مرشحى "العامة" و"تحت السن" تسجل انخفاضا 50% مقارنة بـ2023


ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي.. محمد صلاح يتحدى هالاند

3 مواجهات قوية اليوم في افتتاح دورى المحترفين.. السكة والترسانة الأبرز

النني وإبراهيم عادل يبحثان عن الفوز الأول مع الجزيرة في الدوري الإماراتي

"إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها".. موضوع خطبة الجمعة اليوم بمساجد مصر

أحمد سامي يدرس استمرار صبحي سليمان على حساب جنش في حراسة عرين الاتحاد

هل ينجح لبنان فى معركة "حصر السلاح"؟.. حزب الله يتمسك بسلاحه ويهدد باحتجاجات فى الشوارع.. إيران تجدد الدعم.. جلسة لمجلس الوزراء فى نهاية أغسطس لمناقشة الجدول الزمني للتنفيذ.. وضغوط إسرائيلية تزيد المشهد تعقيدًا

حكاية مقبرة "نى كاعنخ" مشرف القصر أو مشرف المدن الجديدة فى الدولة القديمة.. نحتت على هيئة مصطبة صخرية بهيكلها 16 تمثالا لصاحب المقبرة وعائلته.. ولها بابان وهميان فى جدارة الغربى ونحت خلفهما بئران عموديان.. صور

موعد مباراة الأهلي ضد غزل المحلة فى الدوري والقناة الناقلة

غدا أخر فرصة للتقديم.. فرص عمل فى السعودية بمرتبات 80 ألف جنيه شهريا

آدم كايد: سعيد بالفوز أمام مودرن سبورت وجماهير الزمالك فاجأتني بحبها

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى