د. محمد سعيد حسب النبى يكتب: الشجرة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

 

انتقل الصغير الذي لم يكد يبلغ عامه الخامس بعدُ إلى قرية صغيرة تكثر فيها الأشجار الباسقات ذات الغصون الملتفة ، ولم يكن الصغير معتاداً على مايماثل هذه الطبيعة ويحاكي لفائف أشجارها ، وكان متلهفاً لتسلقها جميعاً. وبالفعل شرع بتسلق إحدى هذه الأشجار، وأخذ ينتقل من فرع إلى فرع كعصفور لاهٍ وهو يسشعر الإثارة خاصة عندما وصل إلى أعلى مكان فيها. ولما هَمَّ بالهبوط نظر إلى الأسفل فأصيب بفزع شديد زاد من تشبثه بالأغصان، وصرخ بأعلى صوته يستنجد بأمه قائلاً: النجدة.. النجدة..لا أستطيع الهبوط .

جاءت أمه تهرول مسرعة تبصر ما أصاب ابنها الصغير، ولما شاهدت مكانه خفق قلبها وغلت دماؤها في عروقها، واستحالت نفسها تنور نار يفور ويتأجج خوفاً وكمداً!ولكن ما لبثت أن كظمت حنقها،ممسكة بفؤادها،وربطت جأشها،وقالت في هدوء : يا بني إنك تتشبث بقوة بأغصان الشجرة ، وهذا أمر  جيد ، ولقد استطعت أن تصعد الشجرة بمفردك ، ولاشك أنك قادر على هبوطها دون عون من أحد . شعر الصغير بالاطمئنان لسماع كلمات الثقة من أمه، وأحس بالقدرة والكفاءة، فقد تسلق وحده الشجرة حتى بلغ قمتها، والتحدي الآن يكمن في العثور على طريق يقوده لأسفلها، وبالفعل بدأ بتلمس خطاه ببطء وحذر حتى بلغ أديم الأرض آمناً.

لاشك أنه من الصعوبة بمكان أن نتماسك أمام صدمة مباشرة من صدمات الحياة المعتادة وخطوبها التي تتوارد علينا ليل نهار، والتي قد يصاحبها استجابة قانطة تطيح بنا وتستتبع ندماً وتحسراً وأسفاً. والقدرة على التحكم في الذات في أثناء الصدمة وحسن التصرف حيالها أشبه ما يكون ببناء منزل في أثناء ثورة زلزال. ولكن إذا حالفك النجاح وقمت ببناء ذاك المنزل متماسكاً.

والعجيب في الأمر أن تلك اللطمات تُدخر كمخزون خِبْري، يتراكم يوماً بعد يوم في سلسلة لا تنتهي من الخبرات، وخاصة تلك المواقف التي يتغلب فيها المرء على أزمة من أزمات حياته ؛ خُلّي بينه وبينها ليبحث بنفسه عن انفراجة لها ، مما يُكسب المرء ثقة تجعله يؤثر في الأحداث التالية بطريقة إيجابية. وهذا ما حدث مع الطفل الصغير عندما التحق بالمدرسة وواجه مهاماً كان الجميع يراها صعبة ؛ إلا أنه سرعان ما يتذكر الشجرة ؛ فيدرك أنه قادر على اكتشاف الأشياء وفهم كنهها فيواصل المحاولة تلو المحاولة ، والإنجاز تلو الإنجاز مغالباً الصعاب حتى يحقق النجاح الذي كان يراه في ارتقاء الشجرة والهبوط لأصلها سالماً ، وكل نجاح يبلغه يتحول إلى تأكيد إضافي على قدرته على الفوز والانتصار.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مسيرة فنية كبيرة.. 19 عاما على رحيل النجم عبد المنعم مدبولى

بي اس جي ضد الريال.. مشوار عملاقي أوروبا إلى نصف نهائي كأس العالم للأندية

الطقس اليوم الأربعاء 9-7-2025.. أجواء شديدة الحرارة على أغلب الأنحاء

محاولات أهلاوية لإعارة محمد ياسر في الدوري المحلي ..اعرف التفاصيل

"إنت الوحيد".. أغنية من كلمات وألحان تامر حسني في ألبومه بتوقيع شريف مكاوي


المتهمان بسرقة الشقق: بنسرقها بأسلوب التسلق

قطار الثانوية العامة يصل محطته الأخيرة.. الطلاب يؤدون غدًا امتحان الأحياء والإحصاء والرياضيات التطبيقية.. و"التعليم" توجه بتدقيق البيانات بورقة الإجابة.. وتطمئن طلبة علمى بتسليمهم مفاهيم اختبار الأحياء باللجان

منة القيعى بين "يا بخته" مع الهضبة و"كلام فارغ" مع أصالة

بعد ملاحقة إبراهيم سعيد للحجز على ممتلكاته.. اعرف المستندات اللازمة للدعوى؟

التشكيل المتوقع لموقعة بى إس جى ضد الريال فى نصف نهائى كأس العالم للأندية


322 مليون دولار عالميا لفيلم Jurassic World: Rebirth

قبل ما تشغل التكييف.. 9 نصائح تحميك من كارثة حريق مفاجئة

بيلينجهام: مواجهة سان جيرمان صعبة.. وفخور بالمائة مباراة مع ريال مدريد

مناقشة كتاب "عن المسرح سألونى" لـ عصام السيد بمكتبة مصر العامة

تفاصيل اتفاق الزمالك مع شيكو بانزا لاعب امادورا البرتغالى

هدوء ما قبل الإعلان.. آخر تطورات نتيجة الدبلومات الفنية 2025

كيف أنقذت مصر نفسها من كارثة بيولوجية بعد إحباط تهريب 300 كائن حى نادر فى مطار القاهرة؟.. الأنواع المضبوطة شديدة الخطورة وتنشر أمراض وفيروسات وبكتيريا غريبة لا نملك أمصال لها.. وتسبب خسائر فى الثروة الحيوانية

الاهلى يستقر على تمديد وتعديل عقد أليو ديانج في معسكر تونس

ردود فعل إيجابية لـ فيلم Superman مع العروض الأولى

وزير الإتصالات: سنترال رمسيس لم يعد صالحا فى الوقت الحالى حتى تتم أعمال التبريد

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى