محمود حمدون يكتب : " حق الرجوع "

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

 كنت بصحبته , أو كان يصحبني , لست أدري متى أو كيف التقينا , الوقت مجهول , المكان كأني ولجته من قبل , معلوم لدرجة الغموض , مررت به لكن تفاصيله تختلف عمّا بذاكرتي  .

أجزم أنيّ أعرفه , بسمته الصبوح , عينيه الغائبتين عن الحاضر , فلا تعرف أن كان يراك من ماضيه , أو ينظر لمستقبلك الفائت !, حيرتي بحضرته تزداد كلما اقتربت , كم من قربى تزيد لوعة النفس .. قطع صمتي بصمت أشد:

طريق طويل , مستعد له؟

-         نعم , هل أملك خياراً آخر؟

-         لك حق الرجوع في أي وقت شئت. لكنيّ أعلم شغفك , منذ صغرك و عقلك يدور كطاحونة لا تستقر على حال..

 -         لماذا أنا ؟

-          بغضب :تعاني من بقايا خيلاء لا تليق بك الآن , حمل حقيبته و كاد ينصرف .

-         تشبثت به كطفل يقبض على يد أبيه خشية الرحيل: أعتذر إليك فالشك يعصف بيّ منذ زمن بعيد .

مشينا بطريق مترب , معتم , يتلوّى , صعدنا مرتفع فكنّا نستنشق الهواء بألم , ثم هبطنا منحدر شديد , و قلوبنا أوشكت أن تنخلع من صدورنا , انتهينا لممر ضيق بيم جبلين , بنهايته بناية متوسطة الحجم , كئيبة المنظر , على بابها الوحيد ثلاثة نفر غلاظ , أشدّاء , يمتشق كل منهم سلاح ناري , يتخفّون وراء " نظارات " سوداء , فزادت حيرتي أكثر , لفّتني مسحة من ضيق.. لصعوبة العودة بعد أن نظرت خلفي , اعتصمت بصمت مرغم ..

 

-         أرى حيرتك قد بلغت عنان السماء , ندّت عنه ضحكة صافية بدّدت عتمة النفس ..

-         قلت : لا أخفيك , أشعر بضيق كأنما أصّعد إلى السماء , لا أجد نسمة هواء أو ما يبلّ الريق.

-         ربت على كتفي مطمئناً: هوّن عليك , فالأمر يسير , كدنا نصل لمرادنا .

دخلنا لبهو فسيح , إضاءة بيضاء , هواء بارد انزاحت أمامه موجة الرطوبة الخانقة التي كانت تصحبنا , حجرات عديدة , مغلقة الأبواب , أخذني من يدي برفق , دلفنا لواحدة منها , أثاثها بسيط , في استقبالنا شخصين غريبين , استقر بعقلي أني رأيتهما من قبل , أزحت ذلك الهاجس بعيداً , رحّبا بيّ دونما التفاتة للشيخ , على طاولة خشبية أمامهما , يستقر إناء نحاسي , رفع أحدهما غطائه : ثم غرف من سائل لزج القوام , " بمغرفة " طويلة اليد , ناولني إيّاها راجيا بودّ أن أشرب منها

فعلت بتردد . طعمه حلو المذاق , لم أحسه من قبل , شربة صغيرة , فلمّا استطعمته , أخذت " المغرفة " من يده , أكملت ما بها سعيداً هانئاً , حبور على وجه الغريبين ارتسم .

عدم ارتواء سيطر عليّ , ربما لطول المشوار , ووعورة الطريق , فأخذت " غرفة " ثانية .. تجرّعتها لآخرها , فماج وجهيهما بألم , تنبّهت , فاعتذرت : طعم الشراب حلو , لم أملك مقاومة له ..

-          لا تعتذر فما وصلت إلى هنا إلى بقدر , و ما أعددنا هذا الشراب إلاّ إليك .

-          فلما الوجوم على وجهيكما ؟

أتاني صوت من لا مكان : فرارك من مقام الحيرة بشربة واحدة , فإن زدت ذهب شيخك مع الذاهبين, فهنيئاً لك .

 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

رحلة الحج على جدران المنازل فى الأقصر.. شباب الرسامين يزينون منازل الحجيج بلمسات فنية من التراث الشعبى.. وأبناء الفنان الراحل محمد السنوسى وفنانى البر الغربى يبهجون الأهالى برسومات الكعبة وكتابة الأدعية.. صور

طبيبة أطفال فلسطينية تستقبل أطفالها الـ7 أشلاء متفحمين نتيجة القصف الإسرائيلى

هتقفل المادة.. نموذج استرشادى فى الفلسفة والمنطق لطلاب الثانوية العامة 2025

محمود الخطيب يتلقى عزاء شقيقته فى قنا

حسام المندوه: نثق فى أيمن الرمادى لقيادة الزمالك للتتويج بكأس مصر


مصرع شخص إثر سقوط شجرة عليه فى الشرقية

صراع شرس بين عاشور ومنسى وفيصل على لقب هداف دوري nile

الرمادى: الزمالك يحتاج إلى بطولة هذا الموسم والجهاز الطبي برىء من الإصابات

الثلاثاء ميلاد هلال ذى الحجة والأربعاء أول أيامه فلكيا وهذا موعد عيد الأضحى

سكاى سبورت: لولا محمد صلاح ما فاز ليفربول بلقب الدورى الإنجليزي


زلزال بقوة 3.8 درجة على مقياس ريختر يضرب المغرب

ضبط سائق سيارة نقل محملة بأحجار ضخمة دون غطاء بالإسكندرية.. فيديو

شاهد أبرز الفرص المهدرة بالجولة السابعة من المرحلة النهائية لدورى nile

فيفا يحارب "كوبرى" انتقالات اللاعبين قبل ميركاتو الصيف وكأس العالم للأندية

إنذار شديد اللهجة.. ترامب يتوعد "أبل" بـ25% رسوم جمركية.. اعرف السبب

تاريخ مواجهات الأهلي والزمالك في نهائي الكؤوس الأفريقية لليد

ريفيرو يحضر ودية الأهلى من مدرجات التتش لإستكشاف كتيبة النحاس

أنشيلوتي: لست حزينا وحاولت بذل قصارى جهدي مع ريال مدريد

موعد مباراة الزمالك وبتروجت فى الدورى المصرى والقناة الناقلة

غرة ذى الحجة وأول أيام عيد الأضحى.. جمعية الإمارات للفلك تكشف

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى