سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 3 أغسطس 1925.. «العقاد» يتقدم اجتماعاً لسياسيين وصحفيين للدفاع عن اجتهاد الشيخ على عبدالرازق فى كتاب «الإسلام وأصول الحكم»

على عبد الرازق
على عبد الرازق
تقرر محاكمة الشيخ على عبدالرازق أمام «هيئة كبار العلماء»، بسبب كتابه «الإسلام وأصول الحكم»، فعقد أدباء وسياسيون وصحفيون اجتماعًا للدفاع عنه، وكان المفكر عباس محمود العقاد فى طليعة هؤلاء، وحسب الدكتور راسم محمد الجمال فى كتابه «عباس العقاد فى تاريخ الصحافة المصرية»: «عقد هذا الاجتماع فى 3 أغسطس «مثل هذا اليوم عام 1925» بمكتب صالح جودت المحامى، لتبادل الرأى فى الأمر، وتمخض الاجتماع عن تقديم عريضة إلى الملك وقع عليها العقاد، تستنكر محاكمة الشيخ على عبدالرازق»، ونصت العريضة على أن «محاكمة مؤلف عالم وهو فوق ذلك قاض، لنشره بحثًا علميًا حوى آراءه الخاصة، لهى مصادرة لحرية الفكر المكفولة بدستورنا المصرى، والمقدسة لدى جميع الأمم المتمدينة، ورجوع بمصر إلى عهد الظلمة، وهى فى عصر العلم والنور، ثم إن محاكمته تأديبيًا أمام لجنة تصطبغ بالصبغة الدينية أمر مناف للمبادئ الدستورية التى نسخت ما قبلها من الأوضاع المناقضة لها، ومخالف للتقاليد التى جرت عليها حكومتنا المصرية حتى الآن، ولا يتفق مع روح النظام الاجتماعى الحاضر، ولا مع طرق التقدم العلمى القائمة على المناقشة والمناظرة لا على التأديب والمحاكمة، ومن شأنه أن يحول دون الرقى والإصلاح بإرهاب رجال القلم والباحثين، وأن يجعل السيطرة لطائفة من الأمة تتحكم فى الضمائر والعقول، وهو ما ننزه عنه نظام الشرع الإسلامى المؤسس على الحرية والعلم»، واختتمت العريضة بالتماس عدم محاكمة صاحب الكتاب صيانة للدستور.
 
سبق حضور العقاد لهذا الاجتماع تصديه بالكتابة دفاعًا عن على عبدالرازق وكتابه، ففى جريدة «البلاغ» الوفدية كتب بتاريخ 20 يوليو سنة 1925: «رجعنا إلى الكتاب الذى أقاموا حوله هذه الضجة فما وجدنا فيه مسوغًا لشىء من هذا الذى يجترئون على طلبه، وما وجدنا فى الكتاب إلا أن صاحبه يرى فى الخلافة رأيًا يستند فيه إلى الأحاديث النبوية ومأثورات الصحابة وأقوال الفقهاء، وليس يعنينا هنا أخطأ فى الاستناد والتخريج أو أصاب، وإنما يعنينا أنه صاحب رأى يباح له أن يعلنه كما يباح لغيره أن يرد عليه ويفنده، أما أن يتعرض للمحاكمة أو يتم إرغامه على ترك رأيه، لأنه خالف بعض العلماء أو غير العلماء، فهذا ليس من روح الحرية التى تحمينا جميعًا، وليس من روح الدين الذى يغارون عليه ويشنون هذه الغارة باسمه». 
 
حمل موقف العقاد، بما فى ذلك حضوره مع أدباء وسياسيين وصحفيين اجتماع 3 أغسطس، دلالات كثيرة، أكدت أنه «فى موقفه من هذه القضية كان مفكرًا شجاعًا يدافع عن حرية الفكر بلا خوف ول اتردد»، حسبما يذكر رجاء النقاش فى مقاله «بين العقاد والشيخ المطرود من الأزهر»، «الأهرام 5 فبراير 2006»، ويضيف النقاش أنه فى هذا الوقت كان العقاد ينتمى إلى حزب الوفد القديم، وكان مقربًا جدًا من الزعيم الوطنى سعد زغلول، بينما كان الشيخ على عبدالرازق هو وعائلته من الأنصار بل ومن المؤسسين الكبار لحزب الأحرار الدستوريين، وهو الحزب المعارض للوفد القديم وزعيمه سعد زغلول. وكانت الخصومة بين الحزبين شديدة وعنيفة، ومما يزيد الأمر صعوبة أمام العقاد أن سعد زغلول كان له موقف صريح ضد الشيخ على عبدالرازق، وكان مؤيدًا لقرار طرده من الأزهر.
 
وعبر سعد عن رأيه فى القضية بجريدة «البلاغ» يوم 23 يوليو 1925، بقوله: «من حق هيئة كبار العلماء طرد الشيخ على عبدالرازق من زمرتها، وإن المحاولة التى يبذلها أصدقاؤه لجعله ضحية لحرية الرأى فى القرن العشرين، إنما هى مظاهرة مفتعلة يراد بها تضليل الجهود فى حق تملكه الجامعة الأزهرية، وتقرها جميع الهيئات»، ويقول رأيه فى الكتاب: «كم وددت أن يفرق المدافعون عن الشيخ بين حرية الرأى وقواعد الإسلام الراسخة التى تصدى كتابه لهدمها».
 
وفى تقدير النقاش، فإن العقاد عندما يدافع عن الشيخ على عبدالرازق إنما يخالف حزبه، ويقف فى موقف معارض لزعيمه سعد زغلول، ومع ذلك لم يتردد العقاد فى موقفه، فاختار أن يدافع عن حرية الفكر، ويطالب بأن يكون الرد على الرأى بالرأى، وليس بالمصادرة والمحاكمة وتلفيق الاتهام للناس بالباطل.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

أيمن الشريعى: عبد الناصر محمد رغبته الاستمرار معنا.. وهنلعب بـ11 ناشئا

الدفاعات الجوية الروسية تسقط 6 مسيرات أوكرانية كانت متجهة نحو موسكو

المستشار بهاء أبو شقة يوضح الأساس الدستوري لاستقالة النواب المرشحين لمجلس الشيوخ: لا يجوز الجمع بين المجلسين.. والتقدم بأوراق الترشح يُعد تنازلا ضمنيا عن عضوية النواب.. والاستقاله تؤمن مبدأ مساواة جميع المرشحين

ضبط مسجل حاول استدراج طفل للتعدى عليه فى الشرقية

الاتحاد السكندرى يترقب رد الأهلى على طلب استعارة عبد الله ضمن صفقة مروان عطية


أردا جولر يتصدر التشكيل المثالى فى ربع نهائى كأس العالم للأندية 2025

العالم هذا المساء.. نتنياهو: أرسلت وفدا للتفاوض ونقترب من تحقيق الهدف.. يديعوت أحرونوت: حماس ستطالب بالإفراج عن أسماء بارزة في صفقة الهدنة.. البيت الأبيض: إرسال كل الموارد المتاحة إلى "تكساس" عقب الفيضانات

نيمار يرزق بابنته الثانية من برونا بيانكاردي ويطلق عليها اسم "ميل"

عبد الناصر محمد: أعمل بكامل طاقتى مع الزمالك ولا أعلم مغزى تصريحات رئيس إنبى

الداخلية تضبط سائق سيارة عرض حياة المواطنين للخطر باستعراضات فى شوارع الجيزة


بوتين: دعمنا استقلال أمريكا وزودناهم بالمال والأسلحة

أحمد السقا ضيف برنامج كلام كبير مع مها الصغير على قناة ON E.. فيديو

غلق اتجاه القادم من تقاطع الإقليمي مع إسكندرية الصحراوي حتي طريق السويس أسبوعا

تفاصيل مفاوضات الأهلي مع مصطفى محمد.. زيزو وعاشور يُعرقلان الصفقة

بايرن ميونيخ يعلن رسميًا إصابة موسيالا بكسر في الكاحل وغيابه لفترة طويلة

ميركاتو الأهلى..7 راحلين و8 صفقات جديدة والقوس لا يزال مفتوحا

الأهلي يدفع 8 آلاف دولار لمكتب محاسبة أمريكي ومفاجآة سارة بشأن الضرائب

مجلس النواب يطمئن المواطنين: لا مساس بنظام الثانوية العامة فى تعديلات قانون التعليم الجديد.. و"البكالوريا" نظام بديل اختيارى مجانى مدته 3 سنوات.. والمستشار محمود فوزى: القانون يمثل إصلاحًا تعليميًا حقيقيًا

9 آلاف دولار للفرد بإجمالى 5 مليارات.. شركة أمريكية تضع تكلفة تهجير الفلسطينيين

الداخلية تضبط 48 سائقا لتعاطيهم المخدرات على الطريق الإقليمي

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى