سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 30 أغسطس 2006.. وفاة نجيب محفوظ سيد الرواية العربية.. الحائز على «نوبل» وإجماع وطنى على إبداعه باستثناء الإرهابيين الذين حاولوا اغتياله

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ
سقط نجيب محفوظ فى الشارع يوم 19 يوليو 2006 فأصيب بجرح غائر فى الرأس تطلب جراحة فورية، وظل فى العناية المركزة بالمستشفى بعد أن أصيب بهبوط مفاجئ فى ضغط الدم وفشل كلوى، وفى يوم 30 أغسطس «مثل هذا اليوم» عام 2006 توفى على أثر إصابته بقرحة نازفة، وفقا لصحيفة الأهرام فى عددها الصادر يوم 31 أغسطس 2006.
 
توفى «محفوظ» وعمره 94 عاما وثمانية أشهر و19 يوما، وبهذا العمر فإنه عاش عمرا مديدا عاصر فيه ملوكا ورؤساء وتحولات سياسية واجتماعية واقتصادية عميقة فى مصر، تركت بلا شك تأثيرا عميقا عليه وعلى إبداعه، وحسب قوله لرجاء النقاش فى «صفحات من مذكرات نجيب محفوظ»: «مولدى فى حى سيدنا الحسين وتحديدا يوم 11 ديسمبر عام 1911، وهذا المكان يسكن فى وجدانى، وعندما أسير فيه أشعر بنشوة غريبة جدا، أشبه بنشوة العشاق، كنت أشعر دائما بالحنين إليه لدرجة الألم، والحقيقة أن ألم الحنين إليه لم يهدأ إلا بالكتابة عن هذا الحى».
 
توفى «محفوظ» وهو «سيد الراوية العربية بلامنازع» بتعريف الروائى العربى عبدالرحمن منيف فى لقائى معه بالعاصمة السورية دمشق عام 1996، والأديب العربى الوحيد الذى حصل على جائزة نوبل للآداب عام 1988، بما يعنى أنه أحد أرفع سادة فن الرواية فى العالم عبر التاريخ، وفى حياته الشخصية، وبعد رحيله، وعمره الأدبى الذى بدأ بروايته «عبث الأقدار» عام 1939، وتواصل إنتاجه ليصل إلى أكثر من 50 رواية، تتجدد أسئلة حوله أبرزها: لماذا بقى الإجماع عليه كقيمة عابرة للخلافات السياسية، وتُغفر له آراؤه السياسية فى بعض القضايا والمواقف؟ وبطبيعة الحال فإن هذا القول مطروح منه تكفيريون وإرهابيون حاولوا اغتياله بسكين يوم 14 أكتوبر 1994 بفتوى من مفتى الجماعة الإسلامية عمر عبدالرحمن، وسلفيون يعبر عنهم «السلفى» عبدالمنعم الشحات: «أدب محفوظ يحض على الرذيلة وينشر المخدرات ويدور معظمه فى مناطق تسودها بيوت الدعارة وتنشر فيها المخدرات».. «فضائية النهار - 1 ديسمبر 2011».
 
فى هذا السياق يحضرنى قصة لقاء له مع الدكتور مهندس خالد جمال عبدالناصر، قمت بترتيبه أنا والكاتب الراحل جمال الغيطانى، والكاتب يوسف القعيد أطال الله عمره، فى منتصف يونيو عام 1999، وجاء بعد عاصفة هبت بهجومه ضد جمال عبدالناصر فى «صفحات من مذكرات نجيب محفوظ» لرجاء النقاش، وسبق اللقاء نشر جريدة «البيان» الإماراتية حوارا مطولا أجريته مع خالد عبدالناصر، وسألته عن رأيه فى هذا الهجوم، فأجاب: «حين يكتب نجيب محفوظ فى الأدب له كل التعظيم، أما حين يتحدث فى السياسة بالشكل الذى تحدث به فى مذكراته، نقول له: نحن نختلف معك يا أستاذ نجيب، وأنا كابن لجمال عبدالناصر أقول له: إن كل ما قلته فى حق الوالد أنا أغفره لك».
 
أضاف خالد: «نجيب محفوظ أديب كبير، أنا لا أتعامل معه أو مع آرائه بوصفه حاصلا على جائزة نوبل للآداب، وإنما ورثت حب أدبه من الوالد الذى كان يحب أدبه كثيرا، وكان قارئا لإنتاجه الروائى الجديد، بالإضافة إلى مشاهدة الأفلام السينمائية لرواياته.. وحين نجا من محاولة اغتياله الآثمة وتم نقله إلى المستشفى كنت من أوائل الناس الذين توجهوا إليه للاطمئنان على سلامته، لم أنس مشهده حين أبلغه الطبيب بقدومى، هب بصوته: «ابن الزعيم.. ابن الزعيم».. كان فرحا بزيارتى إليه، وكنت فرحا بنجاته فهو قيمة لمصر لا تعوض».
 
بعد نشر هذا الحوار، تلقيت اتصالا من «الغيطانى» يخبرنى فيه بأن الأستاذ نجيب يريد إبلاغ خالد شكره على ما قاله فى حقه، وقال لى: «يوسف القعيد قرأ له الحوار، وتأثر جدا بما قاله خالد.. نقلت تحية «الأستاذ» إلى خالد الذى بادر بالقول: «أنا عايز أزور الأستاذ نجيب فى أى مكان»، ودارت العجلة وتم اللقاء.
 
كانت الساعة السادسة والنصف مساء الثلاثاء 15 يونيو 1999 حين توجهت أنا والصديق أمين إسكندر مع الدكتور خالد إلى مراكب راسية على شاطى النيل بالقرب من السفارة الروسية بالدقى.. جلجل نجيب محفوظ بالضحك محتضنا خالد قائلا: «أهلا، أهلا، شرفتنى قوى ياغالى يا ابن الغالى». عانقه خالد بحرارة، وطبع على رأسه أكثر من قبلة وهو يردد: «إزيك يا أستاذ، إزى صحتك، إنت اللى غالى عندنا، وإحنا كلنا بنحبك».. شهدت الجلسة كثيرا من الحكايات ذكرتها فى كتابى «ذكريات عشناها وأحلام مشيناها» منها قول خالد لمحفوظ: «إنت يا أستاذ ملك مصر كلها، ولا يستطيع أى تيار سياسى واحد ادعاء أنك تابع له، أنت فوق كل الأحزاب، وفوق التيارات السياسية، وأقوى بأعمالك الأدبية التى يخلدها التاريخ، ورواياتك هى الباقية، لا تستطيع أى حكومة أو أى جهة سياسية أن تشطبها».
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

خوان ألفينا رجل مباراة الزمالك وموردن سبورت بالدورى

تنفيذ الإعدام بحق المتهم الرئيسى فى جريمة اغتصاب سيدة أمام زوجها بالإسماعيلية

خالد منتصر: أنغام ليست مصابة سرطان وألمها بدون تفسير بعد جراحة بالروبوت

بيانات الكيان الصهيونى تفضح مجازر الاحتلال.. 83% من شهداء غزة "مدنيين"

الزمالك يتقدم على موردن سبورت 2-1 بعد مرور 60 دقيقة.. فيديو


الونش يسجل الهدف الأول لـ مودرن سبورت بالخطأ فى مرمى الزمالك

13 عرضًا عربيًا فى الدورة الـ32 لمهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى

برازيلي واسمر برقصه سامبا.. شاهد هدف خوان ألفينا للزمالك في مرمى مودرن

الزمالك يبحث عن الهدف الثانى أمام مودرن سبورت بعد مرور 30 دقيقة

عمر مرموش يُفاجئ الجميع بأصعب مدافع واجهه فى الدورى الإنجليزى


شكوى ضد الزمالك في اتحاد السلة بسبب مستحقات محمد يونس وحازم المشد

زفاف بعد السبعين.. فريد وفاطمة يتحديان السن ويدخلان عش الزوجية فى المنوفية

الآن نتيجة الدور الثانى للشهادة الإعدادية لمحافظة سوهاج بالاسم ورقم الجلوس

آخر فرصة للتقديم على وظائف فى الأردن برواتب تصل إلى 24 ألف جنيه

الإسماعيلي يشكر فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي لصدور قانون الرياضة الجديد

الرئيس السيسى يصل مطار نيوم بالسعودية والأمير محمد بن سلمان فى استقباله

إلغاء انتخابات أندية بلدية المحلة والمنصورة والشمس والترسانة بعد تعديلات قانون الرياضة

موعد مباراة الأهلي وغزل المحلة فى الدوري المصري والقناة الناقلة

قانون الإيجار القديم 2025.. بند جديد يمنح المالك حق الإخلاء الفورى دون إنذار

تفاصيل بلاغ أرملة جورج سيدهم ضد منتحلى شخصيتها لجمع تبرعات باسمها

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى