ذكريات الكبار.. قراءة فى حوار عمره 27 سنة.. جابر عصفور ونصر حامد أبو زيد وهدى وصفى فى حضرة متى المسكين ومناقشات حول الله والرمز والأناجيل والمسيح.. والأب: لست صوفيا والمسلمون أخطأوا عندما تخلوا عن الاجتهاد

الاب متى
الاب متى
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مرة أخرى عاد اسم الأب متى المسكين (1919 – 2006) ليتصدر الحديث فى الأوساط، وذلك بعد الأحداث الأخيرة التى جرت فى دير الأنبا مقار بوادى النطرون، حيث كان متى المسكين رئيسا لهذا الدير حتى رحيله، وعاد الحديث مرة عن مدرسته الفكرية وأفكاره، وأفضل طريقة، من وجهة نظرنا، فإن حوارا عمره 27 عاما سوف يكشف لنا الكثير.

 

  

 

 
متى المسكين
 

"حين توجهنا فى صيف ١٩٩١ لعقد هذا الحوار مع الأب متى المسكين لم نكن نظن أن الحوار سيتشعب ويمتد هذا الامتداد الأفقى والرأسى، فأفقيا حدثنا الأب عن تجربته الروحية فى خطها التطورى منذ اختار طريق الرهبنة وهجر الصيدلة سنة ١٩٤٨ حتى عزلته الحالية فى دير الأنبا مقار على الساحل الشمالى، مرورا بالصعوبات التى تعرض لها من الكنيسة، والصعوبات التى مرت ﺑﻬا الكنيسة ذاﺗﻬا نتيجة الخلافات التى شجرت بين الأنبا شنودة والرئيس السادات. ورأسيا ساعدنا الرجل، بكل السماحة والحب، على القيام برحلة داخل وعيه بدءا من وعيه الدينى وانتهاء بوعيه بمشكلات العالم المعاصر، وفى القلب منه مصر والعالم العربى، مرورا بآليات الشرح والتفسير وتأويل الرموز الدينية فى الكتب المقدسة.." هذا جزء من المقدمة التى كتبها الدكتور الراحل نصر حامد أبو زيد لمقدمة الحوار الذى أجراه ثلاثة من كتاب المفكرين المصريين هم جابر عصفور ونصر حامد أبو زيد وهدى وصفى، مع الراهب المفكر متى المسكين.

نصر حامد أبو زيد
 

يقول نصر حامد عن هذا الحوار الذى نشر فى مجلة ألف فى العدد الثانى عشر، وهو العدد الذى خصصته اﻟﻤﺠلة عن المجاز فى العصور الوسطى، من حق الرجل علينا أن نشهد له بأنه محاور من الطراز الأول، يجيد الاستماع والإنصات بالقدر الذى يجيد به التعبير عن نفسه ﺑﻬدوء وثقة وتواضع فى الوقت نفسه. إنه تواضع العلماء وثقة الواصلين وهدوء أهل اليقين. لقد أبدى صبرا وتفهما لما قلناه نحن أهل الظاهر والجزئى والنسبى، واستمع إلينا وتفاعل معنا طامحا أن يصل بنا إلى عالمه، ويرتفع بأرواحنا إلى ذرى يقينه. لقد كان سعينا للحوار مع الرجل نابعا من احترام عميق لشخصه ومن إدراك لأهمية إنجازاته الفكرية التى توّجها بشرحه لإنجيل يوحنا فى مجلدين كبيرين. وكانت عودتنا بعد الحوار عودة الظافرين بحصاد لم نكن نحلم به، فقامة الرجل شخصا وإنجازا وتواضعا أعلى من كل تصوراتنا.

 
جابر عصفور
 

وجاء الحوار حول شرح إنجيل يوحنا الذى قدمه الأب متى المسكين، وحول معضلة التفسير والتأويل، وقراءة الرموز.


ومن أجواء الحوار: 

نصر أبو زيد: بالنسبة لمسألة الإلهام، هل أنت من المتصوفة؟

متى المسكين: لا، لست صوفيًا.

نصر أبو زيد: هناك قول شائع ومستقر مؤداه أن كل كلمة وكل حرف فى القرآن له ظاهر وباطن، وله حد وله مطلع، أربعة مستويات فى التفسير، هل توجد هذه المستويات الأربعة فى تفسيرك؟

متى المسكين: أنا أتكلم عن الباطن، فأنا أرى المسلم المتمكن من الروح الإسلامية الذى يتقن العبادة والتقوى عنده قدرة على دخول باب الاجتهاد، وهذا مُنع، وأنا فى الحقيقة آخذ ذلك على المسلمين، فكيف يغلق باب الاجتهاد بعد محمد عبده

والأفغانى. لماذا؟

جابر عصفور: لأسباب سياسية معروفة، وعند بعض اﻟﻤﺠموعات فحسب.

نصر أبو زيد: فى الحقيقة، إن باب الاجتهاد مغلق منذ زمن طويل، والذى حاوله محمد عبده أنه وارب الباب قليلا، ثم أغلق مرة ثانية.

متى المسكين: لماذا؟

نصر أبو زيد: كما يقول الدكتور جابر، لأسباب سياسية.

متى المسكين: أتعرف أن ذلك هو الذى فرقنا، هو الذى فرق الإسلام عن المسيحية.

نصر أبو زيد: هذا أكيد.

متى المسكين: حتى المسيحية حين انقسمت إلى كاثوليكية وبروتستانتية وأرثوذكسية، تركت الوعى العالى ونزلت إلى الوعى العقلى، فحين يرتفع المسلم فى باب الاجتهاد ويتلامس مع الروح، سوف يتلامس معى بلا شك، ولكن حين نترل على الأصول فقط، سيكون لك بيت ولى بيت، لا تزورنى ولا أزورك.

جابر عصفور: هذه النقطة، لو أذنت لى، نريد أن نتوقف عندها قليلا، الذى فهمته الآن أن هناك ما يسمى بالروح الكلى وهذا هو المستوى الأعلى، وهناك ما يسمي بالوعى الجزئى، أى الوعى المتصل بالعالم، وهناك النص، ثم هناك أنت كقارئ، وسؤالى هو: هل يستلزم فهم النص نوعا من الاتحاد الوجدانى بينك وبين الروح الجزئي الذى يجعلك تتصل مباشرة بالروح الكلى؟

 
هدى وصفى
 

هذا الحوار، بالشكل الذى رأينا جزءا منه، يحتوى الكثير من آداب الحوار الفكرى، القائم على المعلومة، والذى يفتح بابا أمام التأويل، ومن الملاحظ، أن الأب متى المسكين كان واعيا تماما لما يقوله، ويعرف توجهاته ومقصده، لذا ناقش أفكارا فلسفية وعقدية مهمة، يمكن للمتابع أن يعرف أنها تؤدى إلى تقارب الأفكار الدينية المختلفة عند الأديان.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الرمادى: محمد السيد من مصلحته التجديد للزمالك.. وفتوح لا يستحق البيع

جهات التحقيق تستجوب متهم بالنصب على المواطنين بزعم توفير فرص عمل لهم بالخارج

أخبار 24 ساعة.. تفاصيل وموعد أول أيام شهر رمضان 2026 فلكيًا

ولى عهد الأردن يعيد تفعيل نظام "خدمة العلم" وسط تحديات إقليمية

الفحص الطبى يكشف إصابة دونجا بكدمة شديدة فى الركبة


إخلاء سبيل التيك توكر علاء الساحر في تهمة احتجاز شخص والاعتداء عليه

شاب يختلق واقعة تعرضه لعملية سطو من أجل إقناع خطيبته بالصلح فى الهرم

علا الشافعى تحضر حفل ياسين التهامى بمهرجان القلعة

وزارة النقل تشغل القطار الخامس لتسهيل العودة الطوعية للأشقاء السودانيين.. صور

تحقيقات "فتيات الواحات".. سائق النقل يكشف تفاصيل مهمة عن الحادث


تفاصيل وموعد أول أيام شهر رمضان 2026 فلكياً

محمود سعد: أنغام تعانى من ألم شديد والأكل فى تراجع ومفيش كلام عن موعد خروج

مصور واقعة "مطاردة فتيات الواحات" يكشف كواليس لم ترصدها كاميرا هاتفه

محافظ الجيزة يقود أعمال إزالة 6 أبراج مخالفة بشارع اللبيني فى الهرم.. صور

الداخلية تكشف تفاصيل تعدى شخص على زوجة شقيقه فى الزقازيق بالشرقية

تكثيف الجهود لكشف ملابسات العثور على سيدة بها أكثر من 30 طعنة بالدقهلية

إيهاب توفيق يلتقى بجمهور مهرجان القلعة الأربعاء المقبل

سفير الهند لـ"اليوم السابع": تعامل مصر مع غزة وأزمات المنطقة محل تقدير كبير

موعد المولد النبوى الشريف 2025.. ذكرى ميلاد خير البشرية

مى فاروق بعد حفلها بمهرجان قرطاج: الجمهور التونسي عظيم أنتم الأسطورة الحقيقية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى