محمد سعيد يكتب: ثقة

أرشيفية
أرشيفية
فى إحدى مناجم الفحم وقف صبى صغير ابن أحد العمال ينتظر فى صبر صعود المصعد وخروج مناوبة المساء؛ فرآه أحد المشرفين على العمال وسأله: أيها الصبى ماذا تفعل فى هذا المكان؟ قال الصبي: إنى أنتظر أبى. فقال المشرف: كيف ستتعرف عليه وسط مئات العمال الذين سيخرجون الآن وقد ارتدوا جميعاً الخوذات نفسها، ولهم الوجه نفسه الذى سوَّدَه غبار الفحم؟! وببراءة الأطفال وبثبات الواثق أجابه الصبي: أن كنتُ لن أعرف أبي؛ فلاشك أن أبى سيعرفنى.. فتعجب المشرف من ثقة الصبى ويقينه الذى تحدث به.
 
عجيب أمر هذا الصبى وثقته فى والده، وإنك لو تأملت مواقف أطفالنا لدُهشت من عمق إحساسهم ورحابة آفاقهم، على عكس ما يظن كثير من الآباء فى أبنائهم. أن اليقين فى وجود الله مُطلعاً علينا هو الينبوع الذى تسيل منه نُذُر الرجولة الناضجة، وتتفجر منه معانى اليقين الحى.
 
والإيمان بقدر الله يجعل المرء صلب العود لا يميل مع كل ريح ولا ينحنى مع أية كبوة، وعلى راغبى الكمال وطالبى المروءة أن يتحصنوا بيقين أن الله مُطَّلِع عليهم بعين الرحمة التى تعينهم على هزيمة الصعاب، وتجاوز المحن والانتصار فى أغلب معارك الحياة، وقد استأنس هؤلاء بربهم، وركنوا إلى قضائه وقدره، واستظهروا عونه كلما راب أمر أو أظلم أفق. 
 
وإنى لأذكر فى هذا السياق ما قاله ابن عطاء الله السكندرى فى ذلك اليقين بالله وفى لطف قدره، وقد أوجز فى بلاغة نادرة: "لا يكن تأخر أمد العطاء مع الإلحاح فى الدعاء موجباً ليأسك، فهو قد ضمن لك الاستجابة فيما يختاره لك لا فيما تختاره لنفسك، وفى الوقت الذى يريد لا فى الوقت الذى تريد".
 
إن المتشبث بالعناية العليا تنقذه مما يحلُّ به من مشاعر الضيق والارتباك، والاستسلام لها بداية لنهوض شامل فى الإرادة يطبع أعمال المرء كلها بالثبات الراسخ، ويصبغها بالأمل والصلاح. إنها تلك الصلة الروحية بين العبد وربه والتى تكسبه طمأنينة المحتسب الذى ينظر إلى ربه نظرة الشفوق المرتقب لرحمته والآمل فى عطائه ومنّته.
 
كما يتجلى هذا اليقين حال تلقى هزات الدهر وصدماته غير المتوقعة، فإن الواثق يستشعر السكينة التامة فى تلقى تلك الضربات، ويضبط إيقاع نفسه أمام ما يظهر مُحيراً أو مُروعاً منها، فإن القلق يقود حتماً إلى الغرق، والأمل يسلم إلى الأمان والسكينة والارتقاء.
 
فلنتمسك بِعُرى اليقين فى الله الذى يقودنا إلى التوفيق، إنه النهج الأقوم الذى يشقه المرء لنفسه بين دروب الحياة المتشعبة، والخط الذى نلتمس فيه النجاة بين منحنياتها المتعرجة. 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

«لا عفو» يهز البرازيل.. عشرات الآلاف يرفضون تخفيف عقوبة بولسونارو

اجتماع مرتقب بين وكيل محمد صلاح وإدارة ليفربول

شيكابالا ينشر تفاصيل تكريمه من رابطة الزمالك فى قطر.. فيديو

الأرصاد تحذر: سحب ممطرة على هذه المحافظات وتوقعات بأمطار غزيرة

النصر يواجه الفتح وديا الأربعاء استعدادا للدورى السعودى


باب الالتماسات يعيد الفرصة لطلاب لم يحالفهم الحظ فى القبول بكلية الشرطة

جامعة بنها تبدأ تدريس مقرر فن الإتيكيت لطلابها وخريجيها.. رئيس الجامعة: رصدنا سلوكا غير مرضى فى التعامل لخريجى الجامعة.. والمقرر يستهدف تزويد الخريج بإطار معرفى متين.. دراسته اختياريا على مدار تيرم واحد

الزمالك: لن نمانع رحيل عدي الدباغ فى انتقالات يناير

ترقبوا.. اليوم السابع يطلق بوابة كأس أمم أفريقيا 2025

التشكيل المتوقع لمنتخب مصر أمام نيجيريا.. الشناوي في حراسة المرمى


الأهلي يوافق على انتقال شكري وبيكهام وكمال لصفوف سيراميكا في يناير

اعرف الرابط الرسمى للتقديم على وظيفة معاون نيابة إدارية دفعة 2024

4 يناير بدء امتحان نصف العام فى المواد غير المضافة و10 للمواد للأساسية

الأهلى يدرس غلق ملف تمديد تعاقد أليو ديانج.. اعرف التفاصيل

عيد ميلاد إنعام سالوسة ومسيرة 60 عاما.. من الأكورديون إلى ليالى الحلمية

القنوات الناقلة لمباريات كأس أمم أفريقيا 2025 بمشاركة منتخب مصر

موعد مباراة الأهلى وسيراميكا فى الجولة الثانية بكأس عاصمة مصر

موعد مباراة الزمالك ضد حرس الحدود فى كأس عاصمة مصر والقناة الناقلة

مواعيد مباريات اليوم الإثنين 15-12-2025 والقنوات الناقلة

العوضى يحتفل بعيد ميلاده بتوزيع 300 ألف جنيه ويعلق: السنة الجاية مع المدام

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى