جميل راتب الذى لم نعرف ديانته إلا بوفاته

وائل السمرى
وائل السمرى
كتب وائل السمرى
«لست سعيداً ولكننى راضى، فحياتى التى عشتها أحببها، لكن حياتى التى أعيشها الآن راضى عنها»، هكذا عبر الفنان الكبير جميل راتب الذى رحل أمس، عن موقفه من الدنيا فى زمن تكالبت عليه أمراض الشيخوخة، وتزاحمت من حوله أقراص الدواء، لكنه مع هذا كان قادرا على الضحك والإضحاك، لا يتردد فى ذكر النكات، تخبرك ملامحه بأنه «جميل» حقا، راضيا مرضيا، فيلسوفا كامنا، له وجه نظر فى الحياة، ويطبقها، له موقف من الصراعات والأزمات والاشتباكات، لكنه لا يحب الدخول فى غمارها، رجل جميل من زمن جميل، جميلا عاش وجميلا مات، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
 
فى حياته كان مستقلا عن التعصبات والانحيازات العمياء، سخر من داخله عندما تساءل الناس عن ديانته حينما كان الإعلان عن الديانة أشبه بإقرارات محاكم التفتيش، رفض ذلك الضغط المجتمعى للإعلان عن الدينا، مؤكدا أن ديانته الإنسان هى سلوكه، رفض أن يتاجر بإعلان ديانته ليكسب جماهيرية هنا أو شعبية هناك، رفض أن يكون مثل الراقصة التى تستعد لجنى «النقوط» بلحم فخذيها بينا الـ«ما شاء الله» تهتز بين نهديها، رفض أن يتحول إلى أحد أفراد القطيع الذين يحملون راية الدين، وهم فى الحقيقة أبعد ما يكونون عن روحه وسماحته وفضائله.
 
مات جميل راتب وشيعت جنازته من الجامع الأزهر، وعرف الجميع أنه «مسلم»، لكنه كان يعرف الإسلام فى داخله تعريفا خاصا ينبع من نصوص الإسلام ومكارمه، فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمسلم هو المسالم المؤمن الراضى، والمسلم هو الجميل العفوف الرحيم الرؤوف، والمسلم هو المجتهد الحالم والمناضل المستكفى، والمسلم هو الشجاع فى وقت يجبن فيه الآخرون، والقابض على مبادئه فى وقت يبيع فيه الآخرون، والمخلص لأحلامه وأحبابه فى الوقت الذى يخون فيه الآخرون، وهكذا هو جميل راتب، وهكذا عاش وهكذا مات.
 
بموت جميل راتب ماتت قطعة من تلك العبقرية الإنسانية التى تكتفى بإنسانيتها عن تعصباتها وتحيزاتها، رحلت قيمة من قيم الاستقلال النفسى والوجدانى التى لا تخضع لضغط ولا تستجيب لابتزاز، رحلت روح طيبة تكفى خيرها شرها، وتوقن من أن جمالها ينبع من سماحتها فحسب.
 
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تصويت المصريين بالخارج فى انتخابات مجلس الشيوخ.. ببطاقة الرقم القومى أو جواز سفر سار

جامعة القاهرة الأهلية تُطلق صفحتها الرسمية على فيسبوك وموقعها الإلكترونى

بعد التصالح فى واقعة نجل الفنان محمد رمضان.. سيناريوهات جلسة المعارضة غدا

اعتقال 7 جنود إسرائيليين بتهمة "انتهاكات جنسية" ضد زملائهم

بن أفليك يوجه تحذيرًا صادمًا لحبيب جينيفر لوبيز الجديد


الحكومة تعفى المهرجانات ذات الطابع القومى من ضريبة الملاهى

مدبولى: الرئيس السيسى وجه بتشكيل لجنة للوقوف على أسباب حريق "سنترال رمسيس"

رئيس الوزراء: حريصون على وضع تصور واضح لمستأجرى "القانون القديم"

الأهلى يُخطر وسام أبو على بموعد الاستعداد للموسم الجديد لحين حسم العروض

صوت من وسط الدخان داخل حريق سنترال رمسيس.. وائل مرزوق لم يخرج من مكتبه لكن بقيت قصته.. تفاصيل آخر مكالمة لموظف الموارد البشرية مع زميلته تكشف لحظات الوجع: "مش عارف أخرج.. إحنا كده خلاص".. صور


هل يستطيع ترامب شل حركة "إف-35" فى أوروبا؟.. تقارير: مخاوف متصاعدة من "زر أمريكا"

شاطئ خاص وسينما.. تفاصيل فيلا محمد صلاح الفاخرة فى تركيا

مصدر بالاتحاد المنستيرى: الزمالك فاوضنا لضم محمود غربال.. وهذا موقفنا

"تسجيلات مسربة" ترامب يهدد بقصف روسيا والصين و قمع الجامعات.. التفاصيل

حسام وإبراهيم حسن يطمئنان على مروان عطية

مواعيد الامتحانات بنظام البكالوريا ورسوم التحسين

نتيجة الدبلومات الفنية برقم الجلوس 2025.. مراجعة الدرجات وتجميعها

مواعيد مباريات اليوم.. قمة باريس سان جيرمان ضد ريال مدريد في مونديال الأندية

تجهيز نتيجة الدبلومات الفنية 2025 وإتاحتها إلكترونيا للطلاب

سجل سلبي يطارد مبابي أمام باريس سان جيرمان قبل موقعة مونديال الأندية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى