د. محمد سعيد حسب النبى يكتب: الغرس الطيب

محمد سعيد حسب النبى
محمد سعيد حسب النبى

دخل الوالد غرفة ابنه الصغير وهو يحمل فى يده زجاجة صغيرة بداخلها ثمرة برتقال كبيرة، تعجب الطفل وهو يحاول إخراج البرتقالة من الزجاجة، وسأل أباه مندهشاً كيف دخلت البرتقالة فى هذه الزجاجة ذات الفوهة الصغيرة؟!

أخذ الوالد ابنه إلى حديقة المنزل، وجاء بزجاجة فارغة، وربطها بغصن شجرة برتقال حديثة الثمار، ثم أدخل فى الزجاجة إحدى الثمار الصغيرة وتركها، ومرت الأيام وإذا بالبرتقالة تنمو وتكبر حتى استعصى خروجها من الزجاجة ، حينها عرف الطفل السر وزالت عنه علامات التعجب ، فقال له والده: يا بنى سوف تصادف فى حياتك الكثير من الناس، ورغم ما ستراه من مستوى تعليمهم وثقافتهم؛ إلا أنهم يسلكون طرقاً لا تتفق وهذا التعليم وتلك الثقافة، فهم يمارسون عادات لا تناسب أخلاق مجتمعهم وقيمه، لأن تلك العادات غُرست فى نفوسهم صغاراً ونمت فيهم كباراً وتعذر تخلصهم منها مثلما يتعذر إخراج البرتقالة الكبيرة من فوهة الزجاجة الصغيرة.

إننا فى تربيتنا لأطفالنا علينا أن نُعد التربة الصالحة للزراعة والإنبات ، وعلى الزُّراع أن يستجيدوا البذور، ويستكملوا الوسائل حتى يحصدوا غراسهم كما شاء الله له نقاءً وجمالاً. وعلينا أن ننتبه لكل تشويه يعترض الفطرة السوية، فهو بمثابة اعوجاج ينبغى أن يشذَّب ويهذَّب، لا أن يترك ويسكت عليه، فالمعلولون من أبنائنا، وذوو الأفكار المختلة هم فى الواقع ضحايا النشأة المعوجة، إنهم كالثمار المعطوبة فى عالم النبات خرجوا عن جادة الفطرة السوية، ولا يجوز أن نطمئن إلى أفكارهم وسلوكياتهم ، ومنهم يجب أن نحذر على أنفسنا ومستقبلنا .  

إن فقدان البصيرة التربوية الواعية واللماحة هو فى الواقع حجاب حاجز طامس.. يعيق فهم قواعد التربية وتفهمها ، وقد رأيت آباء وأمهات حظهم من التعليم قليل ، ومحفوظهم من القواعد التربوية لا يُذكر ، ومع ذلك فقد كان وعيهم الفطرى هادياً ومرشداً ، ولعل هؤلاء أحسن حالاً وأرجى مآلاً من أناس مُكنوا من القواعد التربوية تمكيناً كاملاً، وبدلاً من أن يرتفعوا بأبنائهم هبطوا بهم.

والعجيب أن كتلاً كثيفة من الآباء والأمهات لا يسلكون فى تربيتهم لأبنائهم طريقاً واضحة، وإنما يخوضون مع الخائضين إباحة وزجراً، قبولاً ورفضاً، منحاً ومنعاً. وليس يصعب على من له أثارة من علم التربية أن يرى هذا التناقض الواضح فى تربية بعضنا لأبنائه حتى فى السلوك الواحد.

إن تبديد غيوم التربية غير الواعية والتى خيمت على كثير من أسرنا أمر واجب لا محيص عنه، وهو ليس ترفاً يمكن الاستغناء عنه، وإنما هو إصلاح لسلوكيات شاعت بيننا لن يرقى المجتمع الإنسانى إلا إذا عالجها وقوّم عوجها.

 

 

 

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تغيير الفلنكات بموقع سقوط حاويات فارغة من أعلى قطار بطوخ.. مباشر

انهيار سد فى ولاية واشنطن.. والسلطات الأمريكية تصدر أوامر إخلاء للسكان

محافظ القليوبية: المنازل المجاورة للسكة الحديد لم تتأثر بسقوط الحاويات

مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 16 - 12- 2025 والقنوات الناقلة

موعد مباراة مصر ونيجيريا الودية قبل انطلاق بطولة أمم أفريقيا والقناة الناقلة


سقوط حاويات فارغة من أعلى قطار بجوار طريق الإسكندرية الزراعي دون إصابات

حالة الطقس اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر.. انخفاض بالحرارة وأمطار بعدة مناطق

موعد مباراة المغرب والأردن في نهائي كأس العرب 2025

اصطدام قطار بسيارة نقل على خط مطروح بدون إصابات وخروج عربة عن القضبان

الأرصاد تتوقع فرص سقوط أمطار على القاهرة الكبرى وتحذر من سيول بهذه المناطق


طلاق المخرج حسام الحسينى وزوجته رسميا بعد 21 عاما من زواجهما

الأردن يفوز على السعودية ويواجه المغرب فى نهائى كأس العرب 2025

دخل علينا غرفة النوم.. تفاصيل اقتحام أتوبيس مدارس شقة سكنية فى بدر.. صور

ابنة شقيقة طارق الأمير: دكتور حسام موافى طلب من الأطباء تركيب جهاز لتنظيم ضربات القلب لخالى

حقيقة تصنيف مواليد الثمانينيات ضمن كبار السن في منظمة الصحة العالمية

شرط وحيد من الأهلى للموافقة على رحيل مصطفى شوبير للاحتراف الخارجى فى يناير

ملخص وأهداف المغرب ضد الإمارات 3-0 اليوم فى نصف نهائى كأس العرب

صور الأقمار الصناعية.. تدفق السحب وتوقعات أمطار بهذه المحافظات تصل للسيول

الأرصاد تحذر: تدفق السحب الممطرة وأمطار على هذه المحافظات الساعات المقبلة

بعد عام من الغموض.. اتهام زوج ملكة جمال سويسرا بتقطيع جثتها وطحنها فى الخلاط

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى