ذات يوم 7 يناير 2012.. وفاة إبراهيم أصلان.. شاعر القصة القصيرة.. ومبدع «مالك الحزين» التى كتبها مضطرا

إبراهيم أصلان
إبراهيم أصلان
تمكنت نزلة برد من الكاتب المبدع إبراهيم أصلان، فتناول أدوية أثرت على قلبه الذى خضع من قبل لجراحتين لتغيير الشرايين.. الأولى عام 1992 فى لندن، والثاية عام 2007، وبعد أسبوع من مرضه الأخير رحل يوم 7 يناير«مثل هذا اليوم 2012»، وعمره 77 عاما «مواليد 3 مارس 1937».
 
أسلم روحه فى شقته بالمقطم الذى سكنه فى سنواته الأخيرة، بعد أن عاش عمره منذ طفولته فى إمبابة، فحصل على زاد لا ينضب فى الخبرة بالبسطاء الذين أحبهم فبادلوه الحب، وانحاز إليهم دون ضجيج أيديولوجى وانتماء حزبى.. يتذكر الكاتب سعيد الكفراوى لحظة نهايات صديق العمر، قائلا فى العدد الخاص الذى أصدرته «أخبار الأدب» بعد رحيله: «كان يجلس على كرسيه الهزاز فى صالة الشقة التى تطل على حديقة صغيرة.. انحنيت أفحصه، وأربت على بدنه الذى نحل بشدة، وأحاول أن أسمع دقات قلبه.. تأملت وجهه، كان غاضبا ومتألما، وأنا واقف أحصى سنينى وأيامى، ودورات الزمان من أول العمر حتى اللحظة الراهنة».
 
رحل «أصلان» بعد أن حقق أمنيته بأن يكون كاتبا، يتذكرها فى كتابه «شىء من هذا القبيل»: «عدت إلى السنوات البعيدة ورأيت أننى أردت دائما أن أكون كاتبا.. رغبة هائمة، إلا أنها ثابتة، أو أننى على الأقل، لم أشأ أبدا أن أكون شيئا آخر».. يتذكر أنه قال لمدربه «سعد» بهيئة البريد حين بدأ العمل بها: «أريد أن أكون كاتبا»، فنصحه مدربه: «أى إنسان مادام عنده موهبة، ويريد أن يكون كاتبا، فإن عليه أن يقرأ ويقرأ، وكل الكتاب الذين تسمع عنهم، يفعلون ذلك».. يؤكد: «منذ تلك اللحظة البعيدة، لم أتوقف أبدا عن القراءة».
 
قرأ بشغف، وهو الحاصل فقط على الابتدائية، وعمل موظفا فى البريد بها.. قرأ فى الشعر القديم وتاريخ المسرح ونصوصه، وأعمال تشيكوف القصصية، وما إن قرأ قصة «موت موظف» حتى أيقن أن هذا بالتحديد الإطار الذى يلائمه.. يؤكد «الإطار الذى مكننى أن أودعه كل ما حلمت به، أياكانت قيمة هذه الأحلام، أو الأوهام.. آمنت تماما بأننى لست سوى كاتب للقصة القصيرة، ليس أكثر من ذلك، ولاأقل».. يكشف الظروف التى جعلته يكتب الرواية فيما بعد بعد: «كان العم الكبير نجيب محفوظ مهتما ومتابعا لما أنشره فى ذلك الوقت، كنا نلتقى كل يوم جمعة بمقهى ريش ونتحدث حولها، وفى ذلك الوقت كنت أعمل بهيئة المواصلات بنظام الورديات، الأمر الذى جعلنى أنقطع أحيانا عن لقاء الجمعة، وهو عندما عرف بطبيعة عملى تكرم بكتابة رسالة يزكينى فيها لمنحة تفرغ من وزارة الثقافة. أيامها لم يكن عليك أن تتقدم بنفسك لهذه المنحة، وسمعت الدكتور لطيفة الزيات بالأمر فكتبت تزكينى هى الأخرى، وكذلك فعل الشاعر صلاح عبد الصبور، وحصلت فعلا على تفرغ لمدة عام قابل للتجديد، ونشر الخبر باعتبارى حصلت على التفرغ لكى أكتب رواية، وعندما قلت إننى لا أكتب روايات، ولكن قصصا قصيرة، علمت أن التفرغ زمان لم يكن يمنح إلا لكتابة الرواية أو المسرحية الطويلة أو البحث، قلت: خلاص. نكتب رواية.. هكذا كانت «مالك الحزين».
 
كتب «مالك الحزين» وتحولت إلى الفيلم الشهير «الكيت كات» سيناريو وإخراج داود عبدالسيد وبطولة محمود عبد العزيز، وفيها أكد على سماته المتفردة منذ مجموعته الأولى «بحيرة المساء» وباقى إبداعاته «يوسف والرداء»، «وردية ليل»، وروايات: «مالك الحزين»، «عصافير النيل»، «حجرتان وصالة»، وكتابات أخرى «خلوة الغلبان»، «حكايات فضل الله عثمان»، «شىء من هذا القبيل»، «انطباعات صغيرة حول حادث قديم»، «صديق قديم جدا». فى سماته المتفردة، يحملنا مع أبطاله إلى أمكنة وأزمنة نشعر أننا نراها لأول مرة حتى لوكنا نعيش فيها، وتلك حالة صدق فريدة تنفذ إلى قلب القارئ مباشرة، بجمال لغتها، الذى يصفه بهاء طاهر فى «أخبار الأدب»: «أظن أن أى إنسان يقرأ اللغة العربية ولا يشعر بجمال لغة إبراهيم أصلان لابد أن يكون فيه خطأ ما، فهى لغة تنفذ إلى القلب مباشرة، ولهذا كنت أسميه فى حياته، وكان يسعده ذلك القول بشاعر القصة القصة القصيرة، لأن نثره بالفعل يصل إلى درجة التكثيف والموسيقية التى يحققهما الشعر».. ويعتبره محمد المخزنجى: «فى الرهافة قوة مدهشة، وهى سمة أدبه القليل الكثير، الذى كان يبوح باقتصاد محكم، فيفجر بسخاء كتابته كتابة موازية فى وجدان القارئ، هو على وداعته لم يكن إلا مغامرا جريئا، فمن «بحيرة المساء» ذات النفس الإنسانى العام، واللمسة التى تذكرنا بتقنية همنجواى، إلى «مالك الحزين» ذات الروح المصرى الخاص، ومن بعدهما تلك القصص النادرة التى مزجت ما بين العمومية الإنسانية والخصوصية الشعبية المصرية باختزال تعبيرى متقن، وحوارات طليقة مقتصدة، وسخرية كيت كات قاهرية حلوة».
 
تذكر الناقدة عبلة الروينى فى مقالها «قلب أصلان» بأخبار الأدب: «نصحه يوما الشاعر عبدالوهاب البياتى بأن يحتفظ بمسافة مأمونة بينه وبين الواقع، حتى لا ينكسر قلبه..لم يسمع إبراهيم النصيحة، لم يحتفظ بالمسافة المأمونة.. لم يحتفظ بأى مسافة لينكسر قلبه مرات ومرات، لينكسر قلبه دائما، فالناس هم عالمه وحكاياته، يعيش فيهم ويعيش بهم.. كل شخصياته يعرفهم واحدا يتابع مصائرهم داخل القصة وخارجها أيضا..شخصيات حقيقية وصادقة ومن فرط صدقها وحقيقتها تخالها غير حقيقية».

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

صحيفة: واشنطن تخطط للضغط على وزير الشئون الاستراتيجية الإسرائيلى لإنهاء حرب غزة

صفقات الأهلى فى الميزان بعد المونديال.. زيزو يلمع وبن رمضان يبدع وتريزيجيه تحت الضغط

السودان يستغيث.. أمين الأمم المتحدة: الوضع الإنساني متردي للغاية والناس يتضورون جوعا.. تقرير لمجلس الأمن: 80% من المرافق الصحية متوقفة عن العمل بعد تعرضها لـ 540 هجمة.. ومسئولة أممية تحذر من اتساع دائرة الحرب

منتخب الشباب يستقر على مواجهة الكويت ودياً 17 و20 يوليو

الذكرى الـ12 لثورة 30 يونيو.. نقطة تحول فارقة أعادت مصر إلى مسارها الوطني.. الجبهة الوطنية: جسدت إرادة شعب واستعادت هوية مصر واستقرارها.. ورئيس الحزب الناصري: عبرت عن وعي شعب لا يُخدع ووطن لا يُكسر


موعد مباراة باريس سان جيرمان ضد بايرن ميونخ فى ربع نهائى مونديال الأندية

شبح التسريح فى يوليو يهيمن على الخارجية الأمريكية.. واشنطن بوست: غضب بين الموظفين بعد الاستعانة بهم ساعات إضافية عند ضرب إيران.. ومطالبة السفارات بمشاركة صور سعيدة لحفل عيد الاستقلال تكشف ازدواجية إدارة ترامب

حامد حمدان لاعب بتروجت على رادار المصرى فى الميركاتو الصيفى

جورجينيو يعيد الأمل لـ فلامنجو ضد البايرن ويقلص الفارق إلى 2-3.. فيديو

حتى لا ننسى.. "الإرهابية" استغلت الأطفال والسيدات في اعتصامي رابعة والنهضة.. تصدروا الصفوف الأمامية لتكوين صورة "سلمية" تخدم رواية المظلومية.. والجماعة استخدمتهم دروعا بشرية أثناء فض الاعتصام بشهادات داخلية


أحمد حسام: هعرف أثبت نفسى فى الزمالك.. ومابلولو وماييلى أصعب مهاجمين

إبراهيم عادل يحتفل بزفافه وسط نجوم الكرة.. صور

وزير الخارجية يزف بشرى للمصريين بالخارج: بحث تجديد مبادرة استيراد السيارات

حبس مالك سيارة حادث الإقليمي بالمنوفية لتمكينه السائق من قيادتها دون رخصة

اشتعال الأحداث فى السودان.. الجيش السودانى يقصف مواقع للدعم السريع فى نيالا بجنوب دارفور ويعيد فتح طريق حيوي بعد معارك عنيفة مع "الشعبية".. والأمم المتحدة تكشف: الدعم السريع تُجنّد مقاتلين داخل أفريقيا الوسطى

بعد منافسة شرسة..بيع ممتلكات نابليون بمزاد دار سوثبى بـ 9.6 مليون دولار.. جواربه وملابسه الداخلية تتخطى 155 ألف دولار وقبعته بـ416 ألف.. بيع لوحة بونابرت مقابل مليون دولار.. وكرسى مطلى بالذهب يحقق 470 ألف دولار

الجمارك تحبط محاولة تهريب 3 آلاف دولار داخل "شبشب" فى طرد قادم من المغرب

الأهلي يتفق مع رضا سليم على تسديد راتبه خلال "الإعارة"

مودرن سبورت يعلن ضم عماد حمدى لاعب الإسماعيلي

منى زكى تروج لفيلم الجواهرجى مع محمد هنيدى قبل طرحه فى السينمات 30 يوليو

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى