بياصة الشوام .. رواية التطهر بالألم

أحمد إبراهيم الشريف
أحمد إبراهيم الشريف
أحمد إبراهيم الشريف
يمكن لنا الآن بكل يسر القول بأن أحمد الفخرانى يملك تصورا خاصا للعالم، لكنه لا يضن بهذا التصور يريد منا أن نعرفه، لذا يقدمه إلينا، مستخدما خيالا يخصه ويخص عالمه، وهذا ما نجده فى روايته الأخيرة "بياصة الشوام" الصادرة عن دار العين.
 
أكثر الذى يلفت انتباهى فى عالم أحمد الفخراني، إدراكه التام لمنطق العالم الذى يتحدث عنه، وإحاطته الشاملة بتفاصيل شخصياته، تلك التى يأخذ بأيديها إلى مصائرها، ومع قدرته تلك لا يعامل قارئه باستهانة أبدا، بل بشركه معه فى تأويل هذا المصائر والبحث عن مضامين الشخصيات.
 
تحكى الرواية عن منطقة بياصة الشوام فى الإسكندرية، لكنه ليس حكيا عاديا، بل يروى عن عالمها الخفي، وأبطالها الغرائبيين، وعن ليلها المثقل بالتحولات وعن سعيد، الفنان الباحث عن حلمه، اليتيم، المقهور، المهمش، الراغب فى الوصول، المثقل بالأسئلة.
 
الرواية حمالة أوجه، لكل منا أن يقرأها كما يشاء، ومن وجهة نظرى فإن الحدث الجوهري، الذى أشعل كل شيء، هو موت أم سعيد محترقة بعدما أشعلت فى نفسها النار، فقد كان سعيد يجلس على المقهى بعدما نهر أمه وأغلق النافذة التى تطل منها على العالم، لكن ما حدث بعد ذلك زلزله إلى الأبد يقول "كبلنى الكبر ورماد الغضب والجبن، ثم سمعت صراخ النسوة، ورأيت نور حريق على السطح، جسد أمى، تسمرت مكانى من المفاجأة".
 
وفى ظنى أن ما حدث لـ سعيد جعله ثابتا فى مكانه لم يتحرك حتى انتهت الرواية، كل شيء دار فى عقله، الانتصارات والهزائم، قدرته على اختراق العالم الخفى لبياصة الشوام وأن يصبح ذا حظوة عند البامبو وثريا وأن يظهر لنا ملك السمان ضعيفا وأن تكون لديه القدرة على الخلق مثل معلمه إدريس.
 
نعم، سعيد لم يغادر مكانه، لكنه عقله تحرك كى يكشف عالما مغلقا بالنسبة له ولنا، يريد أن يتطهر بالألم يرى أن الجميع مجانين، ليست أمه فقط، التى يعيرها الناس بجنونها، فالجنون كامن داخل كل واحد منا سيخرج يوما ما وسيصيب الكل مس منه، سيحرقون أنفسهم ويحلقون من علٍ.
 
لم يغادر سعيد، الذى يشبه بشكل أو بآخر سعيد مهران بطل رواية اللص والكلاب للعظيم نجيب محفوظ، مكانه من على المقهى، والنار لا تزال تشتعل فى جسد أمه بينما بدأ هو بحثه عن القدرة، بتصوراتها المختلفة، بصراعها الوحشى بين النبى والدعي، بين الحق والباطل، وفى رحلته العقلية كسب أشياء وخسر أشياء، ونحن أيضا خضنا الرحلة كاملة باحثين عن خلاص مستنيرين فى طريقنا بلغة صوفية مشعة بالمعانى والدلالات والإحالات حرص عليها أحمد الفخراني، وصارت تمثل معجمه ونقطة متميزة فى إبداعه.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

وزيرا خارجية السعودية وإيران يبحثان جهود تحقيق الاستقرار في المنطقة

إصابة 3 أشخاص فى مشاجرة بالأسلحة النارية بقنا

السجن 15 عاما للسائق المتسبب فى وفاة 19 ضحية على الطريق الإقليمى بالمنوفية

سجل بياناتك لتصلك نتيجة الثانوية العامة 2025

وزارة الرياضة تعلن موافقة مجلس النواب على تعديلات قانون الرياضة


البنك يحتفظ بخدمات محمود الجزار بعد انضمام ياسين مرعي للأهلي

خطوات اختيار الرموز الانتخابية للمرشحين فى انتخابات مجلس الشيوخ .. صور

النيابة العامة تعاين حريق سنترال رمسيس للكشف عن أسباب اندلاعه

باختصار.. أهم الأخبار العربية والعالمية حتى الظهيرة..استشهاد 13 فلسطينيا فى قصف إسرائيلى استهدف منازل بغزة..ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات تكساس لأكثر من 100 شخص.. البنك المركزى الأسترالى يثبت سعر الفائدة عند 3.85%

وزارة النقل تغلق الدائرى الإقليمى فى هذه المناطق


5 فئات لتذاكر حفل تامر حسنى بمهرجان العلمين فى دورته الثالثة

الحسابات الفلكية: الصيف يستمر 92 يوما و39 ساعة وهذا موعد بداية فصل الخريف

مصرع شاب إثر تعرضه للدغه ثعبان سام بالغربية

الزمالك يستعين بكهربا ومعتز إينو والشناوى فى شكوى زيزو لاتحاد الكرة

طلب خاص من وسام أبو على للأهلى لإنهاء شرط العشرة ملايين دولار

فرص عمل فى الإمارات براتب يصل إلى 24 ألف جنيه شهريا.. التقديم لمدة 4 أيام

النيابة العامة تباشر التحقيق فى أسباب حريق سنترال رمسيس.. صور

النيابة تصرح بدفن ضحايا حريق سنترال رمسيس

مواعيد مباريات اليوم.. فلومينينسي مع تشيلسي فى كأس العالم للأندية

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 8 يوليو 1972.. إسرائيل ترتكب جريمة اغتيال المناضل والكاتب الفلسطينى غسان كنفانى الذى أخلص لمقولته: «كن رجلا تصل إلى عكا فى غمضة عين»

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى