تملى فى قلبى ياحبيبى.. محمد فوزى جميل الروح العابر للزمن والأجيال.. مبدع "الفرانكو آراب" كان أيقونة للموسيقى العالمية بلحن أغنية "يامصطفى"..أسس أول شركة مصرية لإنتاج أسطوانات الموسيقى,, وكان سندا لكل فنانى جيله

محمد فوزى
محمد فوزى
زينب عبداللاه
سر غريب هذا الذى يجعله رمزا للسعادة حتى وإن كانت نهايته حزينة، سر يجعله يعبر الزمن والأجيال لتتسلل محبته إلى قلوب لم تره أو تعاصره، وعلى الرغم من أنه ظهر بين عمالقة الفن والطرب والموسيقى الذين تعلقت به قلوب الملايين، إلا أنه يبقى لاسم جميل الروح محمد فوزى وقع ومكانة مختلفة فى القلوب.
 
جمال الروح هو سر بقاء فوزى ومحبته ومكانته، جمال الروح الذى ميز فنه وألحانه وتمثيله وغناءه، جمال الروح الذى يبقى بعد تعب الجسد وغيابه، روح نقية كأرواح الأطفال الذين غنى لهم فكان أصدق وأجمل من عبر عنهم، روح تحمل محبة عاشق صادق تستطيع أغانيه وألحانه الوصول إلى قلوب كل العاشقين والمحبين بلا حواجز، عاشق للوطن يغنى له بقلب ولسان فدائى فلا يمجد اسما غيره، لذلك بقيت أغانيه تتردد حتى فى أوقات المحن والشدائد «وطنى أحببتك ياوطنى حبا فى الله وللأبد»، وبنفس الروح كان أقدر من لحن شعر مجاهدى الثورة الجزائرية لتصبح نشيدا وطنيا للجزائر يتردد حتى الآن، وأمر الرئيس الجزائرى عبدالعزيز بوتفليقة بإطلاق اسمه على المعهد الوطنى العالى للموسيقى بالجزائر، فضلا عن منحه «وسام الاستحقاق الوطنى» بعد وفاته.
 
فوزى هذا الطيف الجميل الذى زار الدنيا سنوات قليلة لم تتجاوز 48 عاما ورحل عن عالمنا منذ أكثر من نصف قرن فى مثل هذا اليوم الموافق 20 أكتوبر من عام 1966، ولكنه سبق عصره وعصورا بعده، وخلد اسمه ليبقى بيننا رغم الغياب باقيا رغم الرحيل، يعيش إبداعه وتعشقه كل الأجيال حتى قيام الساعة. 
 
عبقرى التلحين والغناء الذى أبدع فى كل ما غنى ولحن، لا تصدق أن من لحن وغنى «وطنى أحببتك يا وطنى حبا لله وللأبد» هو نفسه من جعل كل الأطفال يرددون «ماما زمانها جاية، وذهب الليل»، وغنى للمحبين «تملى فى قلبى يا حبيبى، وحبيبى وعنيا، ومال القمر ماله، وتعب الهوى قلبى».
 
 إبداعات وروائع لا تعد ولا تحصى لفنان فوق العادة، عبقرى استطاع أن يلحن حتى بدون آلات موسيقية، فيكفى أن تسمع أغنية «كلمنى طمنى» التى لحنها فوزى دون أى آلة موسيقية وتحدى فيها نفسه لتكون أول لحن فى التاريخ ولعله اللحن الوحيد الذى استبدل أصوات الآلات بأصوات البشر.
 
هذا الجميل العبقرى محمد فوزى عبدالعال الحو الذى ولد فى 15 أغسطس 1918 فى قرية كفر أبو جندى بمركز قطور محافظة الغربية، الابن الحادى والعشرين من أصل خمسة وعشرين ولداً وبنتاً، منهم المطربة هدى سلطان، عشق الفن والموسيقى منذ صغره وتعلم أصولها على يد محمد الخربتلى أحد أصدقاء والده، الذى كان يصحبه للغناء فى الموالد والليالى والأفراح، وهجر بلدته الصغيرة وجاء إلى القاهرة هائما فى عشق الموسيقى رغم رفض والده، وعانى الفقر والجوع، تنقل بين الملاهى والفرق حتى وصل إلى صالة بديعة مصابنى، وهناك تعرف على فريد الأطرش، ومحمد عبد المطلب، ومحمود الشريف، واشترك معهم فى تلحين الاسكتشات والاستعراضات.
 
 تقدم فوزى وهو فى العشرين من عمره إلى امتحان الإذاعة ونجح ملحنا بينما رسب كمطرب، وتعرض لعدد من الإحباطات فى بداية حياته، حتى سنحت له الفرصة للتمثيل فى أول أدواره عندما ساعدته الفنانة عقيلة راتب للمشاركة معها ومع العملاق يوسف وهبى فى فيلم «سيف الجلاد»، وظهر فوزى فى هذا الفيلم لأول مرة دون أن يغنى، وبعدها عرفت عقيلة راتب بمواهبه فى التلحين والغناء فرشحته أمامها لبطولة فيلم «عروس البحر»، وغنى معها فوزى أول دويتو فى حياته فى أغنية «صيد العصارى»، وقام بتلحين أغانى الفيلم. 
 
وخلال ثلاث سنوات استطاع فوزى التربع على عرش السينما الغنائية والاستعراضية، وقام ببطولة عشرات الأفلام، وأسس شركة للإنتاج السينمائى، وأذيعت أغانيه فى الإذاعة التى رفضت إجازته من قبل، وفرض نجاحه عليها بأغانيه المتنوعة التى حققت جماهيرية واسعة.
 
دخل فوزى القلوب بطلته وابتسامته وخفة روحه كممثل، وأبدع فى كل ألوان الغناء والتلحين، مزج بين البساطة والإبداع، اليسر والعبقرية، قدم السهل الذى يصل إلى كل القلوب ويرسخ فى الوجدان، الممتنع الذى يستعصى على غيره تقديمه، أحب فوزى كل ما قدمه فأهدانا أعمالا ممزوجة بروحه ومحبته وعبقريته وبساطته، الوطنى والعاطفى والدينى وأغانى المناسبات ومنها «هاتوا الفوانيس يا ولاد» و«إنتى يا أمى»، كما أبدع فى أغانى الفرانكوآراب ومنها لحن «يا مصطفى» الذى أصبح أيقونة فى الموسيقى العالمية وتم استخدامه فى أغانٍ كثيرة بكل أنحاء العالم، ولحن عشرات الألحان التى حققت نجاحا واسعا لزملائه من عمالقة الطرب، ومنها ساكن فى حى السيدة لعبدالمطلب.
 
فوزى هذا الراقى الخلوق جميل الروح الذى لا يعرف سوى الحب، فلا يحقد ولا يكره ولا يتآمر، يعشق الفن فيشجع الموهوبين ويساعدهم ويؤثرهم على نفسه، هكذا فعل مع بليغ حمدى فآثره على نفسه وقدمه لأم كلثوم حين سمع منه لحن «حب إيه»، وزكاه مرة ثانية ليلحن لها أغنية «أنساك» التى كان مقررا أن يلحنها فوزى لكوكب الشرق ولكنه حين سمع بليغ يدندن بها رشحه مرة ثانية ليلحنها لأم كلثوم بدلا منه، ومات جميل الروح دون أن يحقق حلمه بالتلحين لكوكب الشرق. 
 
أسس عبقرى التلحين والغناء شركة مصرفون لإنتاج الأسطوانات، وهى أول شركة أسطوانات مصرية، وكان تأسيسها ضربة قاصمة لشركات الأسطوانات الأجنبية التى كانت تبيع الأسطوانة بتسعين قرشاً، بينما كانت شركة فوزى تبيعها بخمسة وثلاثين قرشاً، وأنتجت شركته أغانى كبار المطربين فى ذلك العصر مثل أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وغيرهما.
 
 
كانت الضربة القاصمة لفوزى والتى ربما كتبت نهاية حياته، عندما تم تأميم شركة مصرفون عام 1961، وتعيينه مديراً لها بمرتب 100 جنيه، الأمر الذى أصابه باكتئاب حاد كان مقدمة رحلة مرضه الطويلة، حيث أصيب بمرض سرطان العظام الذى لم يكن معروفا وقتها وسمى باسمه «مرض فوزى»، وعانى معاناة شديدة مع المرض حتى نقص وزنه بشدة من 90 كيلو إلى 37 كيلو.
 
كان فوزى متصالحا بسيطا حتى فى التعامل مع آلامه المبرحة، متصالحا حتى مع الموت فكتب قبل وفاته بساعات، كتب فوزى كلمات يودع فيها، وكتب رسالة يقول فيها: «منذ أكثر من سنة تقريبًا وأنا أشكو من ألم حاد فى جسمى لا أعرف سببه، بعض الأطباء يقولون إنه روماتيزم والبعض يقول إنه نتيجة عملية الحالب التى أجريت لى، كل هذا يحدث والألم يزداد شيئا فشيئا، وبدأ النوم يطير من عينى واحتار الأطباء فى تشخيص هذا المرض، كل هذا وأنا أحاول إخفاء آلامى عن الأصدقاء إلى أن استبد بى المرض ولم أستطع القيام من الفراش وبدأ وزنى ينقص، وفقدت فعلا حوالى 12 كيلو جرامًا، وانسدت نفسى عن الأكل حتى الحقن المسكنة التى كنت أُحْقَن بها لتخفيف الألم بدأ جسمى يأخذ عليها وأصبحت لا تؤثر فىّ، وبدأ الأهل والأصدقاء يشعروننى بآلامى وضعفى وأنا حاسس أنى أذوب كالشمعة»، وودع فوزى جمهوره ومحبيه، مستسلما للموت راضيا مرضيا، ليقول: «إن الموت علينا حق إذا لم نمت اليوم سنموت غدًا، وأحمد الله أننى مؤمن بربى، فلا أخاف الموت الذى قد يريحنى من هذه الآلام التى أعانيها، فقد أديت واجبى نحو بلدى وكنت أتمنى أن أؤدى الكثير، ولكن إرادة الله فوق كل إرادة والأعمار بيد الله، تحياتى إلى كل إنسان أحبنى ورفع يده إلى السماء من أجلى، تحياتى لكل طفل أسعدته ألحانى، تحياتى لبلدى، أخيرا تحياتى لأولادى وأسرتى».
 
 وطلب دفنه صباح اليوم التالى الذى كان موافقا يوم جمعة، وبالفعل توفى فوزى بعد ساعات من كتابة هذه الرسالة فى 20 أكتوبر 1966، عن عمر ناهز 48 عامًا.
 
رحم الله المبدع جميل الروح الذى أمتعنا وكان كشمعة ذابت لتضىء سماء الفن.
 
p.12
 

 

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

سيحا حارس الأهلي يتعرض لحادث سيارة ويعلق: الحمد لله على فضله

ثلاثة أفلام جديدة فى الطريق.. سلمى أبو ضيف تنتعش سينمائيا

مواعيد مباريات اليوم.. مان سيتي أمام توتنهام وليفانتى مع برشلونة

الطقس اليوم.. ارتفاع طفيف ومؤقت فى درجات الحرارة والعظمى بالقاهرة 38 درجة

تفاصيل رسالة ريبيرو لنجوم الأهلي بعد "هوجة" الغيابات فى مباراة غزل المحلة


هل تفلت هدير عبد الرازق من الحبس.. تعرف على موعد الحكم عليها

سيف الإسلام القذافي يعلن دعمه لتشكيل حكومة جديدة في ليبيا

تغير المناخ يعصف بأوروبا.. احتراق أكثر من 2 مليون فدان فى أسوأ موسم حرائق فى تاريخ القارة.. بعد صيف لاهب توقعات بشتاء قارس ويناير 2026 الأبرد.. انتشار أمراض غير مسبوقة ينقلها البعوض.. وانبعاثات الكربون كارثية

ختام موسم حصاد القمح بالوادى الجديد .. توريد 568 ألف طن قمح للصوامع بنسبة 109% وزيادة 65 ألف طن عن العام الماضى.. تنفيذ 1200 حقل إرشادية بأفضل أنواع التقاوى وإجمالى المساحة المنزرعة 343 ألف فدان

تعرف على مباريات الإسماعيلى حتى نهاية أغسطس فى الدوري


مواعيد القطارات على خط القاهرة أسوان والإسكندرية أسوان والعكس اليوم السبت

محمود ناجى يدير مباراة السنغال وأوغندا اليوم في ربع نهائي أمم افريقيا للمحليين

الإضرابات عرض مستمر فى بريطانيا.. عمال مترو لندن يبدأون إضراباً فى سبتمبر.. العاملون بإيرباص يقررون الإضراب للمطالبة بزيادة الأجور.. وتحركات مرتقبة من الأطباء والممرضين.. والخسائر قد تصل إلى ربع مليار استرلينى

مدحت صالح يتألق بأغانى حبيبى يا عاشق وزى المليونيرات فى الليلة قبل الختامية من مهرجان القلعة ويعلق: أجمل يوم فى السنة اللى باجى فيه هنا‎.. نسمة عبد العزيز تمتع الجمهور بأجمل المعزوفات

ويجز يغنى أيام حياتى من الألبوم الجديد فى مهرجان العلمين.. صور

أهم الأخبار الفنية على مدار الساعة.. حسام حبيب ينفى عودته لشيرين.. 3 أفلام جديدة تقتحم شاشات السينما المصرية تباعا حتى أكتوبر.. إيرادات فيلم درويش تتجاوز الـ20 مليون جنيه خلال 9 أيام عرض بالسينمات

تضامن عربى مع لبنان.. جامعة الدول تجدد دعمها لاستقرار وسلام بلاد الأرز.. السفير حسام زكى: ندعم بسط الدولة اللبنانية سلطتها على جميع أراضيها وقرار حصر السلاح.. وعلى الجميع وأد الفتنة.. عون: ملتزمون بتطبيق القرار

اليوم غلق باب التقديم على فرص عمل فى السعودية بمرتبات 80 ألف جنيه شهريا

الإمارات تدين الاستيطان والتصعيد العسكرى الإسرائيلى فى غزة

ويجز يشعل حفل مهرجان العلمين بأغنية "خسرت الشعب".. صور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى