"أوروبا الجديدة".. كيف تواجه القارة العجوز مخطط التقسيم إلى دويلات على غرار الشرق الأوسط؟.. اليمين يسعى لاختراق "المناطق الرخوة" لإحياء النزعات الانفصالية.. ومخطط دولى لتقسيمها لإقصائها من صدارة المشهد الدولى

كيف تواجه القارة العجوز مخطط التقسيم إلى دويلات على غرار الشرق الأوسط؟
كيف تواجه القارة العجوز مخطط التقسيم إلى دويلات على غرار الشرق الأوسط؟
تحليل يكتبه: بيشوى رمزى

مظاهرات متواترة شهدتها العديد من العواصم الأوروبية، فى الأشهر الماضية، مع صعود التيارات اليمينية المتطرفة، ليكتمل المشهد فى المرحلة الراهنة بالقارة العجوز، بين مشاهد ثورية يقودها النشطاء، عبر الاحتجاجات، والتى انطلقت من فرنسا، تحت قيادة حركة "السترات الصفراء"، من جانب، وأخرى انتخابية، تمرد فيه المواطنون على الأنظمة الليبرالية التى تصدرت المشهد السياسى فى العديد من دول الغرب الأوروبى، لصالح تيارات اليمين الشعبوى، ربما استلهاما للنجاح الأمريكى، خاصة على الصعيد الاقتصادى بقيادة الرئيس دونالد ترامب، والذى كان فوزه فى انتخابات الرئاسية بمثابة اللبنة الأولى فى انهيار الخط الموحد الذى ساد العالم، منذ عقود طويلة من الزمن، فى مشهد جديد يعيد إلى الأذهان مخطط إدارة أوباما وحلفائها فى الشرق الأوسط، إبان حقبة "الربيع العربى".

التزامن بين المشهد الثورى، والتمرد الانتخابى فى أوروبا ربما تجلى فى أبهى صوره، مؤخرا فى ألمانيا، مع صعود حزب البديل من أجل ألمانيا من تحقيق نتائج مبهرة فى ولاية تورينجن، بشرق ألمانيا، فى الوقت الذى حقق فيه نتائج غير مسبوقة فى ولايتى ساكسونيا وبراندنبورج، فى نفس المنطقة فى انتخابات برلمانية أجريت فى شهر سبتمبر الماضى، بينما تسود حالة من الغضب فى الداخل جراء السياسات التى تبنتها حكومة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والتى فتحت الباب أمام تدفق الملايين من المهاجرين، وهو ما وضع البلاد فى مأزق حرج، بسبب التهديدات الأمنية الصريحة التى شهدتها البلاد من جانب، بالإضافة إلى حصول المهاجرين على فرص اقتصادية على حساب المواطنين، من جانب آخر.

محاولات أخرى.. اليمين يقتحم المناطق الرخوة

إلا أن المشهد الملتبس فى ألمانيا لا يمكن قراءته بعيدا عن الأوضاع فى القارة بأسرها، فلو نظرنا إلى أسبانيا، نجد أن هناك محاولات من قبل التيارات اليمينية للتسلل إلى أروقة السلطة عبر دعم كاتالونيا، وهو ما بدا فى الاحتجاجات التى قادها اليمينيون فى العاصمة الأسبانية مدريد تضامنا مع انفصاليى كاتالونيا، كما أن الأمر لا يبدو مختلفا إلى حد كبير فى المظاهرات الفرنسية، والتى تسعى فيها التيارات اليمينية للاختباء خلف ما يمكننا تسميته بـ"ثورة" السترات الصفراء، للفوز بمزيد من الدعم فى الشارع على حساب الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، على اعتبارها الحركة الأكثر تأثيرا على المواطنين فى باريس منذ عقود طويلة من الزمن، وهو ما أتى بثماره فى العديد من الفعاليات الانتخابية، وأخرها النتائج الكبيرة التى حققها حزب الجبهة الوطنية اليمينى، والذى تقوده السياسية الفرنسية البارزة مارين لوبان، والمعروفة بطموحاتها لدخول قصر الإليزيه، خاصة وأنها كانت المنافس الأبرز للرئيس الحالى فى الانتخابات الأخيرة، والتى أجريت فى أبريل 2017.

النزعات الانفصالية فى أوروبا شبح يهدد بإعادة تقسيمها
النزعات الانفصالية فى أوروبا شبح يهدد بإعادة تقسيمها

وهنا يمكننا القول إن الاحتجاجات التى تشهدها العواصم الأوروبية أصبح من شأنها إضافة المزيد من النقاط السياسية التى تصب فى صالح التيارات اليمينية الطامحة فى الوصول إلى سدة السلطة فى دولهم، إلا أن محاولاتهم لاقتحام قصور السلطة فى بلدانهم عبر ما يمكننا تسميته بـ"المناطق الرخوة"، على غرار ألمانيا الشرقية، قبل توحيدها مع ألمانيا الاتحادية، بعد سقوط حائط برلين، مع بداية التسعينات من القرن الماضى، لتكتب نهاية الحرب الباردة، وانهيار الكتلة الشرقية بقيادة الاتحاد السوفيتى، وبالتالى استئثار الولايات المتحدة بقمة النظام الدولى، هو المشهد الذى يمثل تكرارا لمحاولات اليمين الأسبانى لإيجاد دور له على الساحة السياسية عبر انفصاليى كاتالونيا.

نموذج بريكست.. انهيار الاتحاد الأوروبى يحيى صراعات أوروبا القديمة

ولعل التزامن بين التحركات الثورية مع المواقف السياسية فى المرحلة الراهنة تمثل خطرا غير مسبوق على مستقبل القارة العجوز، فى ظل انهيار حالة التوحد الأوروبى، ليس فقط على مستوى الداخل فى كل دولة، وإنما أيضا على المستوى الجمعى، فى إطار استلهام قطاع كبير من المواطنين الأوروبيين لمسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى "بريكست"، وهو ما بدا واضحا فى مطالبات المتظاهرين الفرنسيين باتخاذ الخطوة نفسها، بتأييد واضح من قبل التيارات اليمينية، والتى تناهض السياسات الأوروبية الموحدة، على اعتبارها تتنافى مع الخصوصية السياسية والثقافية التى تحظى بها كل دولة، وبالتالى فهناك مخاوف كبيرة جراء تداعيات الخروج البريطانى المرتقب، حيث يعتبره قطاع كبير من المتابعين والمحللين بمثابة القشة التى قد تؤدى إلى نهاية الكيان القارى الأقوى فى العالم.

صراع ميركل وماكرون على الهيمنة فى أوروبا
صراع ميركل وماكرون على الهيمنة فى أوروبا

وتكمن خطورة الانهيار المحتمل للاتحاد الأوروبى فى كونه سببا رئيسيا فى إحياء الصراعات التاريخية بين القوى الأوروبية الرئيسية، وهو ما تجلى فى الصراع السياسى الراهن بين فرنسا الساعية لاستعادة أمجادها الدولية على حساب ألمانيا، والتى كانت بمثابة القائد الفعلى للكيان المشترك لسنوات طويلة، خاصة فى ظل الدعم الذى تلقته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة باراك أوباما، بالإضافة إلى إحياء ما يمكننا تسميته بـ"الجروح القديمة"، والتى التأمت بفضل أوروبا الموحدة، كمسألة السيادة على منطقة جبل طارق، بين بريطانيا وفرنسا، والتى أثارتها الحكومة الإسبانية قبل شهور، بالإضافة إلى تنامى النزعات الانفصالية فى المملكة المتحدة، مع الحديث المتواتر من قبل دعاة الانفصال فى أيرلندا الشمالية واسكتلندا.

ولكن فى الوقت الذى تمثل فيه بريطانيا ملهما لدول القارة فى مسألة الانفصال عن الاتحاد الأوروبى، ربما تبقى النزعات الانفصالية فى كاتالونيا هى الأخرى ملهمة لمناطق أخرى فى القارة العجوز، وهو ما يثير مخاوف أمنية كبيرة فى المرحلة المقبلة، خاصة مع تصاعد أعمال العنف غير المسبوقة فى العديد من الاحتجاجات التى شهدتها القارة العجوز، وهو ما بدا فى الاشتباكات العنيفة بين المتظاهرين، وقوات الشرطة، على غرار المشهد فى كاتالونيا، أو اعتداء المتظاهرين على ممتلكات المواطنين، كما حدث فى ذروة مظاهرات باريس، لتصبح المدن الأوروبية الأرقى فى العالم فى مواجهة حالة من الفوضى غير المسبوقة، التى ربما تثير حالة استمرارها شبح الحرب الأهلية.

نظرية المؤامرة.. واشنطن وموسكو لا يرغبان فى أوروبا قوية

إلا أن ما تشهده القارة العجوز ربما لا يبتعد عما يسمى بـ"نظرية المؤامرة"، والتى قد تتبناها القوى الدولية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا، واللذان يتنافسان بقوة لإقصاء أوروبا عن الصراع على صدارة المشهد الدولى فى الآونة الأخيرة، وهو ما بدا فى التخلى الأمريكى المباشر عن الحلفاء الأوروبيين، سواء فيما يتعلق بالاتفاقات التجارية أو حتى التعاون العسكرى، أو الموقف الروسى المعروف بمناهضته لأوروبا الغربية ومؤسساتها باعتبارها الخصم التاريخى لموسكو، الذى طالما سعى لحصارها سواء عبر توغل الناتو أو الاتحاد الأوروبى إلى مناطقها.

ترامب أكبر مناوئى أوروبا

ترامب أكبر مناوئى أوروبا

ولم تتوقف الضغوط الأمريكية الروسية على أوروبا على مجرد الضغط عبر دعم التيارات اليمينية، وإنما امتدت إلى التلويح بضرورة استعادة عناصر داعش، وهو الأمر الذى يمثل ضغوطا أمنية جديدة فى المرحلة الراهنة، مع زيادة المخاوف بامتداد التهديدات التى يشكلها التنظيم المتطرف، فى ظل رغبته فى الانتقام بعد مقتل زعيمه أبو بكر البغدادى فى غارة أمريكية فى الأيام الماضية.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

رسمياً.. البنك الأهلى يتعاقد مع أحمد متعب 3 مواسم.. صورة

تعرف على توقعات أسعار الفائدة فى اجتماع البنك المركزى اليوم

وصول جثمان المخرج سامح عبد العزيز لمسجد الشرطة بالشيخ زايد

هنيدى وروبى ومحمد لطفى يصلون جنازة المخرج سامح عبد العزيز

الحبس سنة لمتهم فى قضية تزوير عصام صاصا وشقيقه محررا رسميا


روبى تنعى المخرج سامح عبد العزيز: اللهم ارحمه واغفر له

زيزو يوجه رسالة لمنتقديه: "مفيش حاجه علي أرض الواقع بتتغير بعد الشتيمه دي"

الهيئة الوطنية تعلن غلق باب الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ رسميا

سامح عبد العزيز أبو البنات.. تزوج مرتين وأنجب حبيبة ودليلة وجميلة وطيبة

الأهلي يفتح المزاد على بيع أشرف داري في الميركاتو الصيفي


تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل اختبارات القدرات وحالات اعتبار الطالب غير لائق.. فيديو

2000 جنيه و30 جرام ذهب.. أسرة تحتفل بابنتها بعد امتحانات الثانوية العامة

بعد ظهوره باكيًا.. تفاصيل أزمة نفقة تسببت فى حبس إبراهيم سعيد

الأهلي يتلقى هدية فرنسية في كأس العالم للأندية

تنسيق الجامعات 2025.. طريقة سداد رسوم اختبارات القدرات

البلوجر نور تفاحة.. فيديوهات مخلة تحرض على الفسق من أجل الربح أهم أسباب محاكمتها

تنسيق الجامعات 2025.. إتاحة موقع التنسيق للتقدم لاختبارات القدرات السبت

جوارانى يشترط 700 ألف دولار لبيع أوجستين منصور إلى الأهلى

الأهلى يدرس التراجع عن ضم ظهير أيمن.. والقرار النهائى لـ ريبيرو

الزمالك يربط بقاء دونجا بتخفيض راتبه مع اقتراب نهاية عقده

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى